ترجمة الإمام علي بن المؤيد بن جبريل

نسبه:

هو الإمام الهادي إلى الحق علي بن المؤيد بن جبريل بن المؤيد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبدالله بن المنتصر لدين الله محمد بن المختار لدين الله القاسم بن الناصر لدين الله أحمد بن الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين.

أمه الشريفة الفاضلة فاطمة بنت يحيى بن إبراهيم بن قاسم بن الحسن بن يحيى بن يحيى".

 

مولده:

في شهر محرم سنة أربع وخمسين وسبعمائة (754هـ)،

 

 

نشأته:

 نشأ عَلَيْهِ السَّلامُ على ما نشأ عليه آباؤه من السِّيادة والطهارة والزهد والعبادة، واشتغل بطلب العلوم حتى بلغ النهاية، وصار فيها إماماً امتدت إليه أعناق العلماء، وقصده من كل ناحية الفضلاء،

 

دعوته:

لما أيس العلماء من الإمام المهدي لطول حبسه وضبطه أقبل العلماء إلى الإمام علي بن المؤيد أفواجاً، وانثالوا عليه أفراداً وأزواجاً، وطلبوا منه القيام بأمر الإمامة العظمى، وقالوا قد حصل اليأس من خروج المهدي، فأوجبوا عليه القيام.

 

قال الفقيه محمد بن علي الزحيف: سمعت الإمام عزالدين عَلَيْهِ السَّلامُ ووجدته أيضاً بخطه يقول لما أُسِر المهدي عَلَيْهِ السَّلامُ في قصة معبر، وقد كان جرى عليه ما يشبه قريب من الأسر ببيت بوس وتخلص منه فراراً، وأما أسره الأخير بمعبر فقد كان وقع الإياس من خروجه، ففزع طائفة من أهل الحل والعقد إلى الإمام علي بن المؤيد، منهم القاضي العلامة محمد بن أحمد مظفر، والسيد الأفضل فقيه أهل البيت أحمد بن داود بن يحيى بن الحسين هو ووالده، وقد كانا ممن حضر قيام علي بن صلاح مع القاضي عبدالله الدواري، قال: ثم ندما فيما بلغنا وأظهرا التوبة، قال: وممن تابعه السيد العلامة محمد الداعي أحمد بن علي بن أبي الفتح، وكان آية في زمانه قد بلغ منه أنه كان يحيي الليل كله في ركعتين اثنتين يتلو القرآن كله، ومنهم محمد بن جبريل من أولاد الإمام الداعي، وله تصنيف في آيات الأحكام وغيرها.

 

ومن غير السادة الفقيه العلامة جبل العلم يوسف بن أحمد بن عثمان، والقاضي الأفضل محمد بن سليمان النجري، وكان من أعيان الزمان، والفقيه الفاضل ذو الكرامات الباهرات محمد بن صالح الآنسي، والفقيه الأجل الأوحد الأعبد محمد بن ناجي الحملاني وإخوته، وكثير من غيرهم، قال عَلَيْهِ السَّلامُ : وممن تابعه وشايعه السيدان الأخوان الهادي ومحمد ابنا إبراهيم بن علي بن المرتضى، قال: ومن شواهد ذلك رسالة أنشأها السيد المقام الهادي في تفضيله، وذكر كراماته. أولها: الحمد لله عليك من إمام أمة رفع فيها من شأنه، وقضى فيها بعلو مكانه، وكتاب كتبه السيد محمد بن إبراهيم بخط يده، رحمه الله إلى الإمام جواباً عن كتاب الإمام إليه، وفيه من التبجيل والتعظيم والثناء الجميل مالا يقدر قدره، وهو مفتتح بأبيات وقفت عليها، وقد ذهب أولها والباقي منها نصف الكتاب الوارد إليه:

فضضت ختامه فأفاض دمعي *** وفض الهم من قلب جريح

فلو قد كنت ميتاً ثم نودي *** به لأجبت من تحت الضريح

فيا عجباه من طرس بديع *** حباه الله معجزة المسيح

وآخر تلك الأبيات الرائقات:

أمير المؤمنين بقيت فينا *** على رغم العدا بقاء نوح

ولا زالت تقاد إليك طوعاً *** رقاب العاصيات من الفتوح

 

وجرى في ذلك اليوم -أي في يوم دخول الهادي والمهدي عليهما السلام صعدة- التسليم من المهدي للهادي، وأشهد على نفسه بذلك جماعة من الفضلاء منهم السيد أحمد بن علي بن داود بن يحيى بن الحسين، والفقيه محمد بن صالح الآنسي ... إلخ.

 

روى ذلك الإمام عزالدين عَلَيْهِ السَّلامُ عن حي والده السيد الأفضل الحسن بن أمير المؤمنين، وعن غيره كالإمام المطهر بن محمد بن سليمان عَلَيْهِ السَّلامُ إلا التسليم فلم يروه له المطهر وروى التواطئ عليه، أهـ.

 

قال الإمام عزالدين عَلَيْهِ السَّلامُ : فلم يزل الهادي والمهدي مصطحبين، متواصلين، متجاملين، متراحمين، تدور بينهما الكتب والمراسلات، والمهدي في ذلك كالمتنحي وإن لم يظهر ذلك، ورفع يده عن التصرفات، وترك التلقب بأمير المؤمنين، وطوى ذلك من علامته، وإذا عرض عليه أحد ممن قد أجاب الهادي عَلَيْهِ السَّلامُ وبايعه أن ينحرف إليه كره ذلك وأباه ...إلى آخر كلام الإمام.

 

قال الإمام عزالدين عَلَيْهِ السَّلامُ : وكان يعطي الوافدين، ويتفقد أحوال المجاهدين، ويسد خلات الأيتام والأرامل والمساكين، ويُوغر صدور المعاندين، حتى أتاه اليقين، فتوفى وقد حاز اللحوق من حميد سعيه بالأئمة الراشدين.

 

أولاده:

المؤيد، ومحمد، والحسن، وأحمد، وصلاح، والمهدي، وإبراهيم، وداود، وأبو القاسم، والحسين، رحمهم الله جميعاً.

 

 

وفاته:

وكانت وفاته عَلَيْهِ السَّلامُ في ليلة الجمعة صباحها يوم عاشوراء من محرم سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، ويقال أن مولده وقيامه كان مثل ذلك الوقت الذي تُوفي فيه، وأما موضع قبره فإنه دفن في يماني مسجده الذي كان ابتدأ تأسيسه بأعلى فللة، وكان شمسياً، فلما مات عَلَيْهِ السَّلامُ أكمل عمارته ولده شرف الإسلام الحسن بن أمير المؤمنين عَلَيْهِ السَّلامُ بأمر الإمام المهدي عَلَيْهِ السَّلامُ .

ولما تُوفي الهادي عَلَيْهِ السَّلامُ عزّى المهدي عَلَيْهِ السَّلامُ أولاده فيه وتألم لذهابه وكتب في أول التعزية: "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرحمن وُدًّا" [مريم:96].

 

 

 

 

ترجمة الإمام عزالدين بن الحسن

 

الإمام المؤتمن، المحيي لما اندرس من الفرائض والسنن، الهادي إلى الحق القويم عزالدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل.

أمه عَلَيْهِ السَّلامُ : هي الشريفة الطاهرة الفاضلة الكاملة مارية بنت الأمير عزالدين بن محمد بن يحيى بن علي بن حسن الملقب بعيشان.

 

مولده:

ولد عَلَيْهِ السَّلامُ بهجرة فلله يوم الإثنين لسبع ليال بقين من شهر شوال سنة خمس وأربعين وثمانمائة (845هـ).

 

نشأته:

نشأ منشأ آبائه الجحاجحة الكرام، وقفا منهاج أسلافه الأئمة الأعلام، ولم يزل عَلَيْهِ السَّلامُ منذ عقل إلى أن كمل مولعاً بالعلم مع ما رزقه الله من الفطنة الوقادة والقريحة المنقادة حتى فاز منه بالإبكار والعون، وحاز سره المكنون، وألفَّ فيه ما تنشرح له الصدور وتقر به العيون.

ابتدأ طلب العلم في وطنه ثم انتقل إلى مدينة صعدة فقرأ على شيوخها الذين من أحسنهم ذكاء وأجمعهم لفنون العلم القاضي العلامة النحرير بحر العلم الغزير جمال الملة والدين علي بن موسى الدوّاري، أخذ عنه أكثر الفنون، وصنف فيها ولم يتم له من العمر عشرون، ثم ارتحل إلى حرض، لسماع الحديث الذي ذهب وانقرض، على حي الفقيه المحدث شيخ السنة النبوية في وقته يحيى بن أبي بكر العامري، فسمع عليه سنن أبي داود وغيرها واستجاز منه أكثر مسموعاته، وكان من هذا الفقيه له عَلَيْهِ السَّلامُ من الرعاية التامة والإنصافات العامة مالا يحد ولا يحصى بعد، فلما قفل من سفره بعد قضاء وطره لم يزل يترقّى في العلوم حتى أحاط بمنطوقها والمفهوم، وميَّز بثاقب أفكاره الشريفة المجهول منها والمعلوم، قال بعض أولاده الفضلاء: لقد رأيت في الثالث من مفتاح السكاكي بخط يده المباركه فرغ من سماعه وسماع كتاب الكشاف في نيف وخمسين يوماً قراءة محققة، وكان إحرازه للعلوم في مقدار عشر سنين، "إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ"[النمل:16].

قال الزحيف رحمه الله: ولما قضى عَلَيْهِ السَّلامُ من طلب العلم حاجته تفرغ للدرس والتدريس في وطنه، وصار رحلة للقاصدين، ومنتجعاً للوافدين، يؤمه طلبة العلم من أكثر الأمصار والبوادي والحضار، وتوجهت إليه المسائل والرسائل من كل جهة، ورمقته الأعين، ونطقت بفضله الألسن، وحظي من الإقبال عليه بما لم يحظ به غيره وكثرت أرزاقه ونذوره، وازدادت به رياسة عشيرته، وأشرق منهم نوره، حتى أنِّي اطَّلعت على رسالة له أنه يدخل عليه في اليوم الواحد من النذور ما قيمته مائة أوقية فضة خالصة، وكان ينفق أكثرها مع بيوت الأموال.

دعوته:

قال: وكانت دعوته عليه السلام في يوم تاسع من شهر شوال سنة ثمانين وثمانمائة (880هـ)، وكان مولده في شهر شوال كما تقدم، وهذا من النوادر، ووقع الحافر على الحافر، ورُوِيَ مثل ذلك في حق جده الإمام علي بن المؤيد" فإنَّه ذكر إنَّ مولده وقيامه ووفاته في شهر شوال، وهذا من كرامتهما الظاهرة، واستمر عَلَيْهِ السَّلامُ بعد دعوته في إصلاح أُمَّة جده المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وفي الجهاد، وإرشاد العباد وإقامة الأحكام، وتشييد منار الإسلام.

وفاته:

فلم يزل هذا دأبه حتى وافاه الأجل المحتوم في يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رجب الأصب سنة تسعمائة، وظهر له عَلَيْهِ السَّلامُ بصنعاء الكرامة العظمى، بأن نعاه فيها إله السماء.

قال الزحيف رحمه الله: وصل جماعة من صنعاء إلى صعدة فذكروا أنَّهم سمعوا ناعياً ينعاه عَلَيْهِ السَّلامُ وصرح بإسمه، فقال: رحم الله الإمام المؤتمن، المحيي لما مات من الفرائض والسنن، أبا الحسن عزالدين بن الحسن، فتلاقوا في المدينة يسألون من أي الجهات سمع الناعي، فكل يخبر أنه سمعه من الجهة التي هو فيها، وقد خطب به على المنابر، ونوهت به الأئمة الأكابر، وقد ذكر هذا النعي مولانا المتوكل على الله شرف الدين بن شمس الدين عَلَيْهِ السَّلامُ في مرثيته التي رثى بها حي مولانا الإمام عزالدين عَلَيْهِ السَّلامُ أنشأها في آخر شهر رجب سنة تسعمائة، وأرسل بها إلى مولانا أمير المؤمنين الناصر لدين الله الحسن بن أمير المؤمنين عزالدين بن الحسن" إلى كحلان تاج الدين، وهي هذه:

هل الوجد إلاَّدون مَنْ أنت واجده *** وما الخلق إلاَّ دون من أنت فاقدُه

مصابٌ على الإسلام مُرٌ مذاقُه *** وانحت على الدين الحنيف شدائدُه

به الدهر أبكى المسلمين فثاكلٌ *** يَرنُّ وشاكٍ حر وَجْدٍ يكابده

وباكٍ بدمعٍ كالحيا فسبحه *** خفوق وترجيف الفؤاد رواعده

لفقد أمير المؤمنين تقصمت *** عرى الحق وانحلّت سريعاً معاقده

ودهده ركناً للجهاد به رسا *** ودعدع قصراً للهدى هو شائده

فيا لك من خطب عظيم وحادث ***جسيم تسوء العالمين موارده

نعاه إلينا قبل يومِ وقوعه ***بسبعٍ إلهُ الخلق والسمعُ شاهده

بذا غِنْيَةٌ عمن سواه ومن يكن ***به الله نَبّأ فهو جم محامده

أبا حسن قد كنت للخلق هادياً ***إلى الحق مهدياً عظيماً موارده

فمن ذا الذي نرجوه بعدك للورى *** إماماً فننحو نحوه ونراوده

ومن لأسود الحق يجمع شملها *** إذا ما ترامت للضلال أساوده

ومن لعظيم الظلم يشدخ رأسه ***إذا خُشيت صولاتهُ ومكائده

ومن لوفودٍ حول دارك خشع ***يعود عليهم مثل ما أنت عائده

ومن لعلوم كنت فيها مبرزاً *** تجرد ما قد أعجز الناس غامده

ومن لخطاب كنت تضحك ثغره ***بلفظ به يدنو إلى الحق جاحده

ومن لكتاب الله تحيا به الدجا ***وكيف بمحراب خلا أنت عابده

لك الله ما هذا التَّدَ لُّهُ نافعاً ***حماماً علينا قام والله قاعده

ولكن سقى قبراً به شق لحده *** أجش سماء كي تُحِنُّ رواعده

فقد فاق بطنَ الأرضِ والله ظهُرها ***به إذ ثواه واحدُ العصر ماجدُه

إذا ما بكى الباكي عليه تهلهلت ***دموع سماء كل يوم يساعده

ونسأل رب العرش أن يرأب الثائي ***بشخص جميل للأنام عوائده

يقيم منار الدين بالسيف والقنا ***وتُحمد في أمر الجهاد مشاهدهُ

وبالأمل الإنسان يخدع نفسه ***ويقطعه حتفَ حداد حدائده

ثم قال بعد ذلك: بسم الله الرحمن الرحيم

الفقير إلى الله شرف الدين بن شمس الدين بن أمير المؤمنين عفى الله عنه آمين.

الحمد لله على ما قضى وحتم، وأبرمه وألزم، ليس لما أراده صاد، ولا لما أبرمه راد، والصلاة والسلام على خير من يُتأسّى به في الموت، ولو سلم أحد لكان إياه من الفوت.

أما بعد: فإنَّهُ ورد علينا الخطب الفاجع، والسُّم الذي هو في حشا الإسلام ناقع، سك والله المسامع، وأراق المدامع، وفتَّ الأعضاد، وألهب النار في الأكباد، فيا له من ثلم في الإسلام ما أكبره، وظلام في الدين ما أكثره، والله المسئول أن يأسو هذه الرزية، ويجبر هذه القضية، لمولانا المقام الأفخم المرجو للعناية بالقيام للأمر الأعظم، شرف الدنيا والدين الحسن بن أمير المؤمنين، ولكافة الأهل ولجميع المسلمين، وربما قد حقق السيدان لمولانا ما اتفق من الكرامة لحي مولانا أمير المؤمنين والسلام.

وكتب على عجل من البريد، وأراد بالسيدين حي الإمام محمد بن علي السراجي، والسيد المرتضى بن قاسم عَلَيْهِ السَّلامُ .

ودفن الإمام عَلَيْهِ السَّلامُ في قبة جده الإمام الهادي علي بن المؤيد" لأنه أوصى بذلك.

أولاده:

الإمام الحسن، والحسين، وأحمد، والمهدي، ومريم، أمهم الشريفة المكرمة فاطمة بنت عبد الله بن صلاح بن محمد بن الحسن بن زيد، وعبدالله وفاطمة أمهما الشريفة الطاهرة بدرة بنت الحسن بن محمد بن صلاح، وصلاح وأمه شريفة من أشراف الشرف اسمها سنا بنت محمد بن أحمد العلوي، وعبدالله وصلاح لا عقب لهما.

مؤلفاته:

1- المعراج، شرح منهاج القرشي (مطبوع).

2- شرح البحر، بلغ فيه إلى الحج (خ).

3- كنز الرشاد، في علم الطريقة (مطبوع).

4- العناية التامة بتحقيق مسائل الإمامة وله في الفتاوى مجلد بالغ، رتَّبه على أبواب الفقه بعض أولاده

وله كتاب في الرسائل والجوابات.

وله ديوان شعر، وقد جمع من شعره الكثير الطيب.

 

 

ترجمة الإمام الحسن بن عز الدين

مولده:

في يوم الجمعة الموافق السابع والعشرين من شهر رمضان من سنة 862هـ ، ولد الإمام الأعظم الحسن بن الإمام عزالدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد، مولده بهجرة ضحيان.

نشأته:

ونشأ عَلَيْهِ السَّلامُ نشأة إسلامية مباركة، في ظل أسرة علوية فاضلة تحب العلم، وتشغف بمكارم الأخلاق، نشأ والفضائل تكتنفه من كل الجوانب، فوالده الإمام عزالدين بن الحسن أحد رواد الفكر الإسلامي، وأسرته من أعرق الأسر الهاشمية النبيلة، تربى في أحضانها، وترعرع في أركانها.

دراسته:

بكر إلى دراسة العلوم، فأخذ أكثرها عن والده، وعن الشيخ عبد القادر بن محمد الذماري، وشمر لدراستها حتى بلغ رتبة عالية في الاجتهاد.

اهتمام والده به:

ولما عرف والده أهليته وكفاءته أسند إليه أكثر أعمال الإمامة، وكلفه بالكثير من أمر الزعامة، وولاه (كحلان تاج الدين)، فقام فيها أحسن قيام، ورتب أمور الولاية أحسن ترتيب.

دعوته:

وفي يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رجب سنة (900هـ) توفى والده بهجرة فلله محل إقامته، فلم يصل ولده الحسن نبأ وفاته إلا يوم الإثنين، فاجتمع إليه خلق كثير من أتباعه وأشياعه، وعزوه بوفاة والده، وحزنوا عليه حزناً شديداً، وألزموا ولده الحسن بالقيام بأمر الأمة، وكشف حنادس الظلمة، لما لمسوه من كفاءته وأهليته لذلك، فلما رأى إصرارهم أعلن دعوته يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر رجب سنة 900هـ ولما سمع الناس بقيامه أسرعوا إلى مبايعته، وكان في مقدمة مبايعيه الإمام محمد بن علي الوشلي، والإمام يحيى شرف الدين، والسيد العلامة المرتضى بن قاسم، والقاضي العلامة محمد أحمد مظفر.

ثم وزعت دعوته إلى أكثر الجهات اليمنية، فلقيت ترحيباً واسعاً، ولما وصلت الأمير محمد بن الحسين الحمزي الذي كان معارضا للإمام عزالدين بن الحسن فرح بها فرحاً عظيماً، وقد كان أبرم صلحاً مع الإمام عزالدين بن الحسن لمدة عشر سنوات، وكان قد مضى منه ما يقارب خمس سنوات، فزاد فيه خمس سنوات أخرى، وأمر بإثبات الخطبة للإمام الحسن بن عزالدين، واستمرت قرابة ثمان سنوات.

قال صاحب التحفة العنبرية واصفاً الإمام الحسن بن عزالدين: (وكان يعطي الجزيل من الخيل وغيرها على الدوام، وكان كهفاً للأرامل والأيتام، وملاذاً للضعفاء والأيتام، وبراً وصولاً لذوي الفاقة والإعدام).

مؤلفاته:

وله مؤلفات متعددة تدل على غزارة علمه، وسعة باعه، ومن أهمها:

- القسطاس المقبول: شرح معيار العقول في علم الأصول - خ- فرغ من تأليفه سنة 893هـ.

- الفتاوى: اشتمل على جمل مفيدة، وضمنه فتاوى والده، وهو الذي بين يديك.

- الرسالة الفائقة الرائقة المعاني والمحكمة الألفاظ والمباني.

- جواب الإمام الوشلي  

وفاته:

وبعد حياة مليئة بالكفاح والإصلاح والتأليف انتقل إلى رحمة الله في العاشر من شعبان من سنة 929هـ، وقبره بهجرة فلله مشهور مزور في قبة عامرة بجوار مسجده المسمى (المسجد الأسفل) بهجرة فلله.

 

الترجمة مختصرة من كتاب الدر المنظوم