#السيرة_النبوية :فترة الفتح والتمكين
المحـ38ـاضرة: [ فتح مكة ]
∫∫ الـحـ398ـلـقـه∫∫
_
💎 #تتمة قصة إسلام أبي سفيان ودوره في فتح مكة:
ونجد أيضاً أن أبا سفيان بهذه المنحة التي أعطاها له الرسول ﷺ سيدخل إلى مكة دافعاً للناس أن يدخلوا بيوتهم، وألا يقاوموا، وفي هذا تسكين لثورة الغضب في داخل مكة المكرمة، وفي هذا تسهيل لفتح مكة المكرمة دون خسائر كبرى، إنها حكمة سياسية هائلة، وفقه دعوي على أعلى مستوى
لكن هنا ملمح مهم جداً نريد أن نقف عليه وهو أن الرسول ﷺ، بهذا القرار، وهو قرار تأمين من دخل دار أبي سفيان أو المسجد أو من لزم بيته بهذا القرار يكون قد أصدر قرار حظر تجوّل مؤقت في مكة، ومنع الناس من السير في شوارع مكة؛ لأن هذا القرار سيقصر الأمان على من دخل بيته أو بيت أبي سفيان أو المسجد، أما من لم يدخل بيته وسار في الشارع بغض النظر عما يفعله في الشارع فهو غير آمن، هذا حظر تجوّل ليمنع الناس من أي فرصة للمقاومة، وفي نفس الوقت ليمنع القتل العشوائي في أهل مكة، فهذه عملية عسكرية خطيرة جداً، ونريدها أن تتم بأقل خسائر ممكنة من الطرفين.
وهذا الفعل وإن كان يتبدى فيه الحزم الواضح من رسول الله ﷺ إلا أنه يظهر الرحمة عنده ﷺ، فهو لا يريد إراقة دماء أهل مكة، مع أن دماء المسلمين سالت غزيرة قبل ذلك.
إذاً: أخذ النبي ﷺ قرار حظر التجوّل في مكة، وهذا يشبه في زماننا قرار الطوارئ، فأحياناً يتخذ هذا القانون في ظروف صعبة خاصة تمر بها البلد، لكن الرسول ﷺ لم يطبّق هذا القانون الخاص الاستثنائي لمدة سنة أو سنتين أو عشرة أو عشرين أو خمسة وعشرين سنة، ولكن طبقه عدة ساعات فقط، وهذا دليل قوته ﷺ، ودليل قوة حكومته ومدى تجانس هذه الحكومة مع الشعب الذي يُحكم، حتى وإن كان هذا الشعب هو شعب مكة الذي حارب الرسول ﷺ سنين وسنين.
لا شك أن الرسول ﷺ كان يدرك أن طول مدة هذه الطوارئ ستترك انطباعاً سلبياً عند الشعب، يوحي بغياب الأمن والأمان في الدولة، ولهذا سارع بانتهائها.
إذاً: الرسول ﷺ خاطب أبا سفيان في البداية بالقوة والحزم، ثم بعد إسلامه أعطاه شيئاً يفخر به، ويمتلك قلبه بهذا الفخر مع عدم فقد الدولة الإسلامية لأي شيء، بالعكس فقد استخدمه ليفتح الطريق لجيوش المسلمين لتدخل مكة بغير قتال، ومع كون المشهد في ظاهره قد انتهى إلا أن الرسول ﷺ أراد ألا يترك أي فرصة للشيطان مع أبي سفيان ، وقد يكون إسلام أبي سفيان هنا إسلاماً عارضاً جداً للخروج من المأزق فقط
فأراد الرسول ﷺ أن يزلزل معنويات أبي سفيان حتى لا يبقى عنده أي أمل في المقاومة، فماذا فعل الرسول الحكيم ﷺ؟ أمر الرسول ﷺ العباس بن عبد المطلب أن يقف بـأبي سفيان عند مكان ما يشاهد فيه الجيوش الإسلامية وأعدادها وعدتها وتنوع أفرادها، وتعدد قبائلها
لقد أراد ﷺ أن يريه الأحزاب المؤمنة، فشتان بين هذه الأحزاب وبين الأحزاب التي قادها أبو سفيان قبل ذلك؛ ليعلم أبو سفيان أنه لا طاقة له فعلاً بهؤلاء
قال الرسول ﷺ للعباس : (يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها) فنفذ العباس الأمر النبوي وأخذ أبا سفيان وأوقفه عند المنطقة التي ذكرها ﷺ، ووقف أبو سفيان يشاهد العرض العسكري الإسلامي المهيب، جنود الله كما سماها الرسول ﷺ
وانبهر أبو سفيان فعلاً وفقد كل أمل في المقاومة، وانبهار أبي سفيان ليس لأنه أول مرة يشاهد فيها هذه الأعداد، لا، بل قد شاهد هذه الأعداد منذ ثلاث سنوات تقريباً في غزوة الأحزاب، رأى (10000) مقاتل، بل كان هو يرأسها جميعاً، وإنما انبهر لأمور:
📌أولاً: لأن الله عز وجل يلقي الجلال والرهبة والهيبة على جنوده سبحانه وتعالى، وفي ذات الوقت يلقي الرعب في قلوب أعداء الدين، فيرون أحد المسلمين عشرة، ويرون القوة اليسيرة من المسلمين قوة هائلة.. وهكذا.
📌ثانياً: أنه رأى في هذه الجيوش عدة قبائل كانت تربطه بهم علاقات قوية جداً، لم يكن بينه وبينها عداء يذكر، فإذا بهذه القبائل جميعاً تجتمع تحت راية رسول الله ﷺ.
📌ثالثاً: وحدة الصف التي رآها أبو سفيان ، واجتماع الجميع على قلب رجل واحد، والألفة والمودة والصلابة في مشيتهم وفي تصميمهم، وهذا الكلام كله يزلزل أبا سفيان .. مشهد يدعو إلى انبهار أي مراقب.
لا شك أن انبهار أعداء الأمة بالصف المسلم المتحد أمر لا ينكر، فكم رأينا من قوى عالمية تخشى طائفة يسيرة من المسلمين لا لشيء ولكن لقوة إيمانهم ووحدة صفهم وحسن إعدادهم، والتاريخ يتكرر.
ننتقل إلى وصف العباس رضي الله عنه لحالة أبي سفيان عند رؤية الجيوش الإسلامية.
قال العباس : ومرت به القبائل على راياتها، فكلما مرت قبيلة قال أبو سفيان : من هؤلاء؟ فأقول: سليم، فيقول: ما لي ولسليم؟ ثم تمر القبيلة الأخرى فيقول: من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة؟
وهكذا كلما مرت قبيلة سأل من هؤلاء؟ فيرد العباس بنو فلان.. وهكذا، فيقول: ما لي ولبني فلان
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55
المحـ38ـاضرة: [ فتح مكة ]
∫∫ الـحـ398ـلـقـه∫∫
_
💎 #تتمة قصة إسلام أبي سفيان ودوره في فتح مكة:
ونجد أيضاً أن أبا سفيان بهذه المنحة التي أعطاها له الرسول ﷺ سيدخل إلى مكة دافعاً للناس أن يدخلوا بيوتهم، وألا يقاوموا، وفي هذا تسكين لثورة الغضب في داخل مكة المكرمة، وفي هذا تسهيل لفتح مكة المكرمة دون خسائر كبرى، إنها حكمة سياسية هائلة، وفقه دعوي على أعلى مستوى
لكن هنا ملمح مهم جداً نريد أن نقف عليه وهو أن الرسول ﷺ، بهذا القرار، وهو قرار تأمين من دخل دار أبي سفيان أو المسجد أو من لزم بيته بهذا القرار يكون قد أصدر قرار حظر تجوّل مؤقت في مكة، ومنع الناس من السير في شوارع مكة؛ لأن هذا القرار سيقصر الأمان على من دخل بيته أو بيت أبي سفيان أو المسجد، أما من لم يدخل بيته وسار في الشارع بغض النظر عما يفعله في الشارع فهو غير آمن، هذا حظر تجوّل ليمنع الناس من أي فرصة للمقاومة، وفي نفس الوقت ليمنع القتل العشوائي في أهل مكة، فهذه عملية عسكرية خطيرة جداً، ونريدها أن تتم بأقل خسائر ممكنة من الطرفين.
وهذا الفعل وإن كان يتبدى فيه الحزم الواضح من رسول الله ﷺ إلا أنه يظهر الرحمة عنده ﷺ، فهو لا يريد إراقة دماء أهل مكة، مع أن دماء المسلمين سالت غزيرة قبل ذلك.
إذاً: أخذ النبي ﷺ قرار حظر التجوّل في مكة، وهذا يشبه في زماننا قرار الطوارئ، فأحياناً يتخذ هذا القانون في ظروف صعبة خاصة تمر بها البلد، لكن الرسول ﷺ لم يطبّق هذا القانون الخاص الاستثنائي لمدة سنة أو سنتين أو عشرة أو عشرين أو خمسة وعشرين سنة، ولكن طبقه عدة ساعات فقط، وهذا دليل قوته ﷺ، ودليل قوة حكومته ومدى تجانس هذه الحكومة مع الشعب الذي يُحكم، حتى وإن كان هذا الشعب هو شعب مكة الذي حارب الرسول ﷺ سنين وسنين.
لا شك أن الرسول ﷺ كان يدرك أن طول مدة هذه الطوارئ ستترك انطباعاً سلبياً عند الشعب، يوحي بغياب الأمن والأمان في الدولة، ولهذا سارع بانتهائها.
إذاً: الرسول ﷺ خاطب أبا سفيان في البداية بالقوة والحزم، ثم بعد إسلامه أعطاه شيئاً يفخر به، ويمتلك قلبه بهذا الفخر مع عدم فقد الدولة الإسلامية لأي شيء، بالعكس فقد استخدمه ليفتح الطريق لجيوش المسلمين لتدخل مكة بغير قتال، ومع كون المشهد في ظاهره قد انتهى إلا أن الرسول ﷺ أراد ألا يترك أي فرصة للشيطان مع أبي سفيان ، وقد يكون إسلام أبي سفيان هنا إسلاماً عارضاً جداً للخروج من المأزق فقط
فأراد الرسول ﷺ أن يزلزل معنويات أبي سفيان حتى لا يبقى عنده أي أمل في المقاومة، فماذا فعل الرسول الحكيم ﷺ؟ أمر الرسول ﷺ العباس بن عبد المطلب أن يقف بـأبي سفيان عند مكان ما يشاهد فيه الجيوش الإسلامية وأعدادها وعدتها وتنوع أفرادها، وتعدد قبائلها
لقد أراد ﷺ أن يريه الأحزاب المؤمنة، فشتان بين هذه الأحزاب وبين الأحزاب التي قادها أبو سفيان قبل ذلك؛ ليعلم أبو سفيان أنه لا طاقة له فعلاً بهؤلاء
قال الرسول ﷺ للعباس : (يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها) فنفذ العباس الأمر النبوي وأخذ أبا سفيان وأوقفه عند المنطقة التي ذكرها ﷺ، ووقف أبو سفيان يشاهد العرض العسكري الإسلامي المهيب، جنود الله كما سماها الرسول ﷺ
وانبهر أبو سفيان فعلاً وفقد كل أمل في المقاومة، وانبهار أبي سفيان ليس لأنه أول مرة يشاهد فيها هذه الأعداد، لا، بل قد شاهد هذه الأعداد منذ ثلاث سنوات تقريباً في غزوة الأحزاب، رأى (10000) مقاتل، بل كان هو يرأسها جميعاً، وإنما انبهر لأمور:
📌أولاً: لأن الله عز وجل يلقي الجلال والرهبة والهيبة على جنوده سبحانه وتعالى، وفي ذات الوقت يلقي الرعب في قلوب أعداء الدين، فيرون أحد المسلمين عشرة، ويرون القوة اليسيرة من المسلمين قوة هائلة.. وهكذا.
📌ثانياً: أنه رأى في هذه الجيوش عدة قبائل كانت تربطه بهم علاقات قوية جداً، لم يكن بينه وبينها عداء يذكر، فإذا بهذه القبائل جميعاً تجتمع تحت راية رسول الله ﷺ.
📌ثالثاً: وحدة الصف التي رآها أبو سفيان ، واجتماع الجميع على قلب رجل واحد، والألفة والمودة والصلابة في مشيتهم وفي تصميمهم، وهذا الكلام كله يزلزل أبا سفيان .. مشهد يدعو إلى انبهار أي مراقب.
لا شك أن انبهار أعداء الأمة بالصف المسلم المتحد أمر لا ينكر، فكم رأينا من قوى عالمية تخشى طائفة يسيرة من المسلمين لا لشيء ولكن لقوة إيمانهم ووحدة صفهم وحسن إعدادهم، والتاريخ يتكرر.
ننتقل إلى وصف العباس رضي الله عنه لحالة أبي سفيان عند رؤية الجيوش الإسلامية.
قال العباس : ومرت به القبائل على راياتها، فكلما مرت قبيلة قال أبو سفيان : من هؤلاء؟ فأقول: سليم، فيقول: ما لي ولسليم؟ ثم تمر القبيلة الأخرى فيقول: من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة؟
وهكذا كلما مرت قبيلة سأل من هؤلاء؟ فيرد العباس بنو فلان.. وهكذا، فيقول: ما لي ولبني فلان
قناة 📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
؏ التليجرام'.-
https://t.me/gghopff55