إنجاز «فهرس مخطوطات مكتبة راغب باشا» في إسطنبول، خالد عزب (السبت، ١٣ فبراير/ شباط ٢٠١٦ جريدة الحياة)
عندما زرت معرض الكتاب في القاهرة سنة 2010، لفت انتباهي «فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مجموعة السليمانية» في إسطنبول، وكتبت عن ذلك الفهرس بملحق التراث - في «الحياة» في 22/5/2010.
ولما زرت معرض القاهرة هذا العام، زرت جناح «دار المنهاج» السعودية، فلفت انتباهي «فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة راغب باشا» الملحقة بمكتبة السليمانية في اسطنبول، إعداد الباحث الأكاديمي محمود السيد الدغيم، ومنشورات «سقيفة الصفا العلمية» سنة 2016.
حسبت «فهرس مكتبة راغب باشا» مثل «فهرس مكتبة السليمانية» السابق ذكره، ولما تصفحته اتضح لي أن الفهرس الماضي شكل أساس مدرسة جديدة للفهرسة، وهذا الفهرس الثاني أكمل بناءها، ومن يطّلع على الفهرسين يكتشف ما فيهما من إبداعات وإضافات، لا مثيل لها في الفهارس الكلاسيكية الأخرى.
يقع هذا الفهرس في عشرة مجلداتٍ فاخرة، حافلة بالتجديد والتطوير، فقد تمّ تخصيص المجلدين الأول والثاني للمقدمات وتوابعها، وصور المخطوطات المختارة.
فالمجلد الأول يقع في (848 صفحة)، وفيه: صور قديمة وحديثة لمكتبة راغب باشا، يليها فهرس محتويات المجلدات العشرة، وبعده مدخل، ثم كلمة شكر وإهداء من «مؤسسة سقيفة الصفا العلمية» المسجلة في (لبوان – ماليزيا)، يلي ذلك تقديم عمر قوزكون مدير مكتبة السليمانية في اسطنبول، وتلي ذلك المقدمة التي كتبها الباحث محمود السيد الدغيم (ص: 43 – 215).
وتضمّنت المقدّمة إيضاحاً لسبب اختيار»مكتبة الصدر الأعظم راغب باشا» الذي عمل كاتباً في القصر السلطاني العثماني، ثم والياً عثمانياً في حلب ودمشق ومصر والرقة، وعمل في بغداد وآذربيجان، وكان حريصاً على جمع المخطوطات النفيسة (العربية والعثمانية والفارسية) إذ كان يتقن اللغات الثلاث ويكتب الشعر والنثر بتلك اللغات، واستمرت هواية جمع المخطوطات وتدقيقها عند راغب باشا حتى بعد وصوله إلى وظيفة الصدر الأعظم، فبعد توليه الصدارة العظمى، استقطب بعض العلماء والشعراء والأدباء والخطاطين؛ وضمّهم إلى حاشيته، وشاركهم شخصياًّ بتدقيق المخطوطات والمقابلة بين نسخها المتعددة.
وقد أضيف إلى الفهرس الورقي فهرسٌ إلكتروني على قرص مدمج (.D.V.D) وهو موضوع في جيب خاصّ ملصق بالغلاف، وهذا هو الفهرس الثاني - في تاريخ الفهرسة - الذي يتضمّن مع الفهرس الورقي فهرساً إلكترونياًّ، فقد اتبّعت «سقيفة الصفا العلمية» هذا الأسلوب في فهرس السليمانية الأمّ سابقاً، وها هي تكرره في فهرس راغب باشا، ووجود الفهرس الإلكتروني يتيح للباحثين الاطلاع على جميع صور بدايات المخطوطات ونهاياتها التي يتضمّنها الفهرس، وعددها أكثر من (20000) صورة إلكترونية، بالإضافة إلى نصوص الفهرس بصيغة وثيقة «وورد» تمكّن الباحث من البحث في محتويات الفهرس. كما توجد نسخةٌ من الفهرس الورقي بصيغة (بي دي أف PDF) موزّعة وفق توزيع مجلدات الفهرس الورقي العشرة.
وقد أوضح معدّ الفهرس مسيرة عمله في فهرسة المخطوطات إذ قال في المقدمة: «وبعد نصف قرنٍ قضيته في رحاب الكتب والمكتبات؛ اكتشفت وتأكّدت أنّ الفهارس مفاتيح للمكتبات، ووجدت بعد البحث المستفيض إنّ طرق فهرسة تراث الإسلام والمسلمين متخلّفةٌ عن الرّكب العالميّ المعاصر، وما أنجز من الفهرسة كان تجارياًّ – غير أكاديمي - لا يصلح لفتح أقفال رتج المكتبات المغلقة منذ قرونٍ من الزّمن، وما أنجز من الفهارس لا يشمل إلّا جزءاً قليلاً من التّراث الإسلاميّ المخطوط الذي ما برح مجهولاً قابعاً في مكتبات العالم الإسلامي، أو في مخازن الدول غير الإسلامية، ولم يفهرس بعد.