ملاحظات على الطبعة المصرية
هذه بعض من أخطاء الطبعة المصرية لكتاب (الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة) للشيخ أحمد بن الحسن بن محمد الرصاص (ت 621هـ) بتحقيق إمام حنفي عبد الله.
- منها: ما جاء في صفحة العنوان، وهو: «الخلاصة النافعة للإمام أحمد بن حسن الرصاص (ت 656هـ)»
فقد خلط المحقق في تاريخ الوفاة هذا بين مؤلفنا الشيخ أحمد الذي كانت وفاته سنة (621هـ) وبين ابن أخيه الشيخ أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص المعروف بـ«الحفيد» المتوفى سنة (656هـ). وهذا الخطأ في التاريخ قد جرَّ المحقق إلى أخطاء أخرى: فجعل المخطوطة المؤرخة بتاريخ (623هـ) مكتوبةً في حياة المؤلف. ثم إلى خطأ ثانٍ، فقال عنها: «ربما كانت مكتوبة بخط المؤلف نفسه». ثم إلى خطأ ثالث، فخلط في الترجمة بين اسم المؤلف وابن أخيه (الحفيد) فجعل المؤلف هو «أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص»، مناقضًا ما ذكره في العنوان وما سيذكره ص 25. ثم إلى خطأ رابع، فقال عن المؤلف: «خالف الإمام أحمد بن الحسين ..» إلخ وليس المؤلف هو المخالف بل ابن أخيه الحفيد. ثم إلى خطأ خامس، فخلط بين مؤلفات الشيخ أحمد وبين مؤلفات «الحفيد»، فأدخل في مؤلفات الشيخ أحمد كتاب (جوهرة الأصول) بينما هو لابن أخيه الحفيد، ثم أخطأ في اسم هذا الكتاب فجعله كتابين مع تحريف «الفحول» إلى «المنحول» فقال:
«3- جوهرة الأصول. 4- تذكرة المنحول في علم الأصول»
بينما الصواب أنهما كتاب واحد هو (جوهرة الأصول وتذكرة الفحول في علم الأصول). والظاهر أنه تابع عمر رضا كحالة صاحب (معجم المؤلفين) في خلطه بين مؤلفنا الشيخ أحمد وابن أخيه (الحفيد) في الاسم وتاريخ الوفاة والمؤلفات.
وأما قوله: «الإمام» فكان الأولى في رأيي أن يُراعيَ فيه عُرْفَ الزيدية، فيُقيِّدَ هذه اللفظة التي صارت في عرفهم لا تطلق إلا على أئمتهم المبايَعين بالإمامة العظمى، فلا يقال: «أئمة الزيدية» و«الإمام» وفق هذا العرف إلا لهم- فيقول مثلا: «الشيخ الإمام»، على أنه يمكن تمشية هذا؛ لعدم معرفة المحقق بالعرف السائد لديهم.
وأما اسم الكتاب فقد ذكره ناقصا وإن أورده كاملا في ص25.
- ومنها: قوله عن القاضي جعفر: «وهو أحد أئمة الزيدية الكبار». وهذا كالسابق مخالف لعرف الزيدية. ويمكن تمشيته على بُعدِهِ للسبب المذكور.
وحيث جعلَ القاضي جعفر شيخا للمؤلف، بينما الصحيح أنه شيخ أبيه الحسن بن محمد. ولعله عَنَى أنه شيخه بالواسطة. (مع احتمال إمكانية اللقاء بين القاضي جعفر والشيخ أحمد إنْ وُلِدَ الأخير في حياة الأول، غير أن المراجع لـم تذكر تلمذته على القاضي).
وحيث جعلَ القاضي جعفر «في القرن السابع الهجري»، بينما الصحيح أن القاضي من رجال القرن السادس (ت 573 هـ).
- ومنها: ما في مقدمته المعنون بـ«المصطلح عند الرصاص» (ص19) والذي جمع فيه ما استخرجه من تعريفات وحدود الكتاب الاصطلاحية، قال: «حتى يتيسر للباحثين من بعدُ المقارنة بين القاموس الأصولي عند الزيدية في هذه الفترة التي وجد فيها الرصاص وغيرها من معاجم الأصوليين من غيرهم من المعتزلة والأشاعرة». وهذا جيد، غير أن أول هذه المصطلحات غير جيد، وهو «علم الكلام: الذي يعرف به الصحيح من السقيم، ويتضح المعوج من المستقيم». وهذا ليس تعريفًا ولا حدًّا لعلم الكلام، ولا أورده المؤلف كتعريف لعلم الكلام.
- ومنها: ما ذكر ضمن هذه المصطلحات (ص21) وهو أشنع وأفحش، وهو «الصفات: أعراض قائمة بذات الباري تعالى».
وهذا وإن كان تعريفا لدى أهل صناعة الحدود إلا أنه ليس للزيدية، وهو كذب عليهم؛ إذ لـم يقل به أحد منهم، لا المؤلف ولا الذين في عصره ولا الذين سبقوا عصره ولا الذين تلوه. ومذهب الزيدية واضح لا لبس فيه هنا، وهم يفندون قول من يذهب إلى هذا القول من الفرق، وكثير منهم يكفر قائله.
- ومن ذلك: قوله عن الكتاب إنه «في عقائد المعتزلة والزيدية». وهذا خطأ منهجي وسوء فهم -عن جهل أو تجاهل- لِمَا تتميز به الفرق فيما بينها وبما به تكون مختلفةً على أرض الواقع ومن ثَمَّة يتم تصنيف كل منها كفرقة مستقلة تُفرد بالذكر في كتب المقالات بصرف النظر عن التقارب والاتفاق الواقع فيما بينها.
صحيح أن التقارب والوفاق بين الزيدية والمعتزلة كثير جدًّا، وصحيح أيضًا أنهما يمكن أن تذكرا معًا، كذكرهما تحت «العدلية»؛ لاشتراكم في القول بالعدل، أو «أهل العدل والتوحيد»؛ لاشتركهم في التوحيد والتعديل، أو «الوعيدية»؛ لاشتراكهم في القول بخلود مرتكبي الكبائر من أهل القبلة ويدخل معهم في هذا الخوارج، لكن هذا وما أشبهه تصنيف عام -وليس تصنيف فِرَقٍ ومذاهب- محكوم بالسياق الذي يُذكر فيه ذلك، لا في كل سياق؛ لأن هناك اختلافًا جوهريًّا بين الفرقتين هو ما به تَـمَيَّزَت كل واحدة منهما عن الأخرى رغم التقارب الشديد الحاصل بينهما.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالقول عن الكتاب إنه «في عقائد المعتزلة والزيدية» -إضافة لمخالفته الواقع- إشراكٌ للمعتزلة فيما ليس لهم: من تأليف وبذل جهد واستغراق وقت ونظر واستدلال وحجاج وتفنيد، وفيه عدم إ