المكتبة العراقية PDF

بعد أن تم نشر صور هذا الرادود وتشيعه بعضهم علق وأفاد وإليكم التعليق الشيخ الرادود الملّا عبد المحمد (رحمه الله)

كان (ره) طويل القامة يعتمر الكشيدة، صوته جهوريّ أجش، مخلصاً يتفاعل روحاً وجسداً مع الموقف بالقراءة والبكاء،
وهو خطيب ورادود، كان يجيد المقامات العراقية يقرأها في المواليد، ولا يفارق المقام الحسيني الحزين في رثائه، حديثه حلو يجذب سامعيه، يجيد النكتة على الرغم من مظهره الحزين، وكان لا يأخذ أجراً على القراءة .
فهو من الرموز الاجتماعية في الذاكرة النجفية فقد كانت تُثنى له الوسادة في الحسينية الشوشترية، وله الكلمة الصراح، فهو المتولي عليها، كان خيرا ديّنا، تقيًّا؛ ولكثرة تدينه قيل إن أحدهم رأى في المنام أنه ينظر الى ابي ذر الغفاري(رض)، فقيل له: انظر الى وجه الشيخ عبد المحمد ....
كان في عزّ صيف النجف الاشرف يملأ حبوب الماء في الحسينية الشوشترية في السرداب وقرب اذان المغرب في شهر رمضان يحمل الماء ليملأ الحبوب التي في باب الحسينية ليفطر الناس بها على حب الحسين ( عليه السلام) .

وهنا لابد من الحديث عن زقاق (عكد) السلام في وسط محلة العمارة في النجف الاشرف وايضا نتحدث عن الحسينية الشوشترية

سمي عكد السلام لأن المارّة يقفون في أوله أو في آخره يلقون بالسلام والتحية الى صاحب الحرم العلوي المطهر أمامهم مباشرة ؛ يبدأ العگد من قبل نهاية سوق العمارة، مقابل مقبرة الشيخ خضر شلال (ره) ، وينتهي على مقربة من رأس أربع عكود ( موضع معروف في المحلة) ، ومقابل بيت الحاج محمد باقر عبد شعبان (خادم الروضة الحيدرية)؛ طوله تقريبا 180 مترا، كانت تسقفه شناشيل الدور، وفي بدايته كان معقود السقف قرب مدرسة الخليلي، ولعل وجود الشناشيل يجعل دخول أشعة الشمس الحارقة في الصيف قليلة، فهو من العكود الباردة نسبياً، بل هو من أبرز عكود العمارة، إذ كان مسلكاً مهما للساكنين في المنطقة الغربية والجنوبية من محلة العمارة، وإطلالته على سوق العمارة يمنحه قوة الحركة، كباقي العكود المتصلة بالسوق، فضلا عن أنه طريق الحراك الطقوسي، فأغلب مواكب العزاء المنطلقة من المحلة تمرّ عليه الى الصحن المطهر، وأقواها أثرا عزاء المشاعل في الليلة الثامنة والتاسعة والعاشرة من محرم الحرام، وأكثرها مرورا في الوفيات موكب عزاء الشوشترية بزعامة عبد المحمد، ويتقدمه المشعل ذو عين واحدة كبيرة.
قال ابراهيم الحيدري في كتابه (تراجيديا كربلاء): وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ شيعة العراق ببناء الحسينيات كمؤسسات دينية ثقافية مثل التكايا لاقامة الشعائر والطقوس الدينية وبخاصة العزاء الحسيني ولذلك اتخذت اسم الحسين (عليه السلام) شعارا لها وسميت بـ (الحسينية).
واول حسينية شيدت في النجف هي الحسينية الشوشترية عام 1884م.
كانت الحسينية الشوشترية، واسعة عرضها حوالي 35 مترا على عگد السلام، وطولها يجعلها تطل على عگد مسجد أبو الريحة، من طابقين وسرداب ومقبرة معروفة، يظن القائمون عليها أن فيها الجن، وينسج حولها قصص، يصدقها البسطاء والصغار؛ فيها باحة كبيرة تقام فيها مجالس العزاء في كل المناسبات الدينية، ومجالس الفاتحة
يبدو أن الحسينية اكتسبت تسمية الشوشترية، لأنهم وضعوا اليد عليها بحكم امتهان كبّارهم فنون العمارة، وهندسة التصميمات العمارية الإسلامية، وبخاصة في الأمكنة المقدسة كالصحن الشريف والمساجد والمدارس الدينية؛ فكان لهم إدارة الحسينية واعمارها، والأسرات الشوشترية متكاتفة متآلفة، وكانوا كثيرين في محلة العمارة، حتى افتعال النظام الحاكم حوادث التسفيرات الكارثية، فأنقصتهم إلا من تكاتب مع العشائر النجفية، ودخل في ضميمتها، وكان آخر المتولين للحسينية الحاج عبد الزهرة المعمار. وهم يقيمون مآتم العزاء في وفيات أئمة أهل البيت، ويقدمون الطعام الشعبي (التمن والقيمة) .
وفي جهة الجنوب الغربي منها مكتبة عامة تزخر بالمخطوطات والكتب القيمة، أسسها الحاج عليّ محمّد النجف آبادي (ت 1332/ 1914) وكانت تضم دون عشرة آلاف كتاب، وأكثر مخطوطاتها بخط مؤسسها النجف آبادي، وكان يشرف عليها السيد محمد علي إمام الجزائري ، ودوامها صباحي. وفي زمن النظام السابق تولى عليها مانع الغراوي، اخو الشيخ هندي الغراوي، وكان يتصرف- حسب أهواء النظام ومرامه في الحسينية والمكتبة - تصرفا عبثيا، خاليا من الشعور بالمسؤولية، وأدبياتها التراثية والاجتماعية، وكانت المكتبات المنثورة على أرصفة الميدان،توجد على بعض كتبها مختومة بمهر مكتبة الحسينية؛ وكان مانع قد قتل في سنة 1986 على يد شباب من النجف آلوا على نفسهم تصفية كوادر البعث.

اما الملا عبد المحمد فكان يعمل الحبر بنفسه في محبرته المعروفة بحزامه، وفيها الاقلام، وكانت من القصب، وسئل كيف تعمل الحبر؟ فقال اجمع نسيج العناكب، [نَسْجُ العَنْكَبُوتِ اسمه: "الهَلَلُ" ]، واضيف اليه مسحوق الفحم، واخمره فترة، ثم اضعه بالدواة، وكان معه جماعة مرافقين اصغرهم المرحوم ابو تقي، كان يحفظ كل ردات الملّا، فاذا بدأ با

أراجيف جارتنا العجوز

جارتنا العجوز كانت زعلانة من والدتي بسبب أحفادها المشاغبين، أو لأسباب تافهة أخرى، فلم تكلم والدتي، ولم تسلم عليها إذا ما مرت من قربها، ولم تدخل بيتها بتاتا.
أما اليوم وبعد أن توفي أبي، دأبت تزورها كل يوم بكرة وأصيلا.
وتوصيها أن لا تخرج من بيتها قبل مضي أربعين يوما من وفاة المرحوم زوجها.
فتقول ناصحة:
أخيتي أم محمد، إياك أن تبرحي بيتك قبل مضي الأربعين!
لأن أبا محمد وفي فترة الأربعين، يزور البيت كل يوم، وإن جاء ولم يجدك، يحزن حزنا بليغا؛ وهل يرضيك أن يحزن المرحوم؟!

سعيد مقدم أبو شروق_ الأهواز

أراجيف جارتنا العجوز

اتفقنا أن لا نلبس السواد على أبينا رجالا ونساء وقد انتقل إلى رحمة الله؛
لكن جارتنا العجوز عبست وبسرت، ثم حشرت نفسها في الموضوع واعترضت:
هذا الذي تعب وشقي، ربى وعلم، هذا جزاؤه؟! أن لا تحزنوا عليه؟! ولا حتى أربعين يوما؟!
إن هذا لهو العقوق نفسه! والعاق لأبيه أو لأمه كان من الخاسرين!

سعيد مقدم أبو شروق_ الأهواز

أراجيف جارتنا العجوز (3)


جميع جاراتنا العجائز لم يقرأن ولم يكتبن، وسبب هذه الأمية يعود إلى الأنظمة السياسية، وإلى رؤساء القبائل آنذاك.
أميات لكنهن يأتين بالأحاديث والروايات المزخرفة من الشمال ومن اليمين!
ذبحنا عقيقة لوالدنا، ووزعنا اللحم على الفقراء والجيران وطبخنا بعضه، فقالت إحداهن محذرة:
عليكم أن توزعوا اللحم على الجيران، ثم تسترجعوا العظام منهم فترموها في النهر، وإياكم أن ينقص منها عظم واحد، فعندئذ كيف ينشزها الله؟!
ثم لا يستطيع الميت ركوبها يوم القيامة فيسقط في النار!


سعيد مقدم أبو شروق_الأهواز

أراجيف جارتنا العجوز (4)


والدتي تبلغ من العمر ثمانين، وقد عاشت أكثر من ستة عقود مع والدي وكان لها نعم العشير، فلها الحق إن تذكرت العشرة وحزنت أو بكت؛
ونحن بطبيعة الحال نهدئها.
لكن جارتنا العجوز وكلما دخلت عليها لطمت وجهها ورفعت صوتها بالعويل حيث يسمعها سابع جار، فأججت النار وجعلت المرأة المسكينة تبكي بحرقة!
اليوم حذرت والدتي أن لا يرى وجهها غريب، ورغم أن الحرارة في قطرنا تفوق الخمسين، أن تشد العصابة على رأسها، وتلبس الجوارب والقفازات السود، وإلا ... احترق كل عضو منها في نار جهنم إن رآه غريب!


سعيد مقدم أبو شروق_الأهواز

التاريخ الشفاهي النجفي
ترجمة النص الفارسي الى العربي
الحلقة الثانية
مقابلة للشخصيات التي عاشت حدث استشهاد السيد مصطفى الخميني
( استشهاد السيد مصطفى الخميني قدس سره) اللغة العربية
ملاحظة: من عنده ذكريات عن هذا الحدث يرسلها لنا لاجل التوثيق جزاكم الله خيرا
(محتشمي بور) (معاصر)
قبل استشهاده بأشهر قليلة ، عندما ذهب آغا مصطفى لزيارة آية الله الجزائري ، أحد علماء النجف الاشرف ، حوالي الساعة العاشرة أو الحادية عشرة ليلاً ، جاء ابن المرحوم الجزائري إلى الحاج آغا مصطفى وقال إنه جاء اثنان من الايرانيين وارادا  مقابلتك. 
قال: قل لهم أن يصعدوا.  وتحدثوا بهدوء مع الحاج آغا مصطفى الخميني وبعد ذلك قال الحاج آغا مصطفى لأصدقائه إنهم قالا إننا أعضاء في الفريق الذي أرسله السافاك وأرادوا اغتيال الإمام وهذا الفريق قد عاد بعد ان تغير راي السافاك  ، لكنهم فيما بعد قالوا يجب مراقبة الحاج أغا مصطفى ، والآن خطة اغتيالك مطروحة على جدول الأعمال.
صغرا خانم [عاملة منزل]
"كان من المفترض أن يستقبل آغا مصطفى ضيفًا الليلة الماضية. ولأن الوقت كان متأخرا ، قالوا لي: صغرا، اذهبي إلى النوم ، سأفتح الباب بنفسي.  ذهبت إلى الضريح أولاً ، وصليت ، وزرت ، ثم عدت إلى المنزل ونمت.  في الصباح ، كالعادة ، عندما حضرت إفطار السيد ، رأيت السيد منحي على كتاب الدعاء  ، ظننت أنه نام ، فناديته وقلت: سيدي ... سيدي ، لقد نمت .. عندما رأيت أنه لم يرد وتحت عينه أصبح لون التمر.  نزلت واتصلت بزوجته التي كانت مريضة وذهبت إلى الشارع بنفسي وصرخت أن أغا مصطفى مريض ، وفي ذلك الوقت رآني السيد دعائي وصعد إلى الطابق العلوي مع شخص أو شخصين آخرين ونقلوه إلى المستشفى . »
معصومة حائري [زوجة]
في نفس الليلة التي استشهد فيها الحاج أغا مصطفى ، عاد إلى المنزل في وقت أبكر من المعتاد ، لأنه كان من المفترض أن يصل الضيف الساعة الثانية عشرة وكنت مريضة بشكل خطير.  أحضر السيد دعائي ، الذي كان جارنا ، طبيباً ليفحصني.  من ناحية أخرى كان آغا مصطفى يدرس ليلاً وكان لدينا جدة اسمها "صغرا" ،
انا وصلت فوق رأسه ،رأيت يدان اقا مصطفى بنفسجية اللون و بقع بنفسجية على صدره و متنه .بدون فاصله بمساعدة اقا دعائي نقلناه الى المستشفى
و هنالك قالوا لنا اقا مصطفى تسمم و قبل ساعتان توفى
سيد محمود دعائي [صديق]
"في ذلك الصباح ، كنت قد خرجت لإعداد الخبز.  لم يكن الجو مشمسًا بعد ، رأيت نه نه صغرا ، التي كانت تحظى باحترام كبير من قبلنا ، تصرخ وتجري حافية القدمين وتضرب على رأسها.  لقد تأثرت كثيرا بهذا المشهد.  كانت المرأة العجوز تقول: اضع التراب على راسي ، يا سيدي ، أركض.  كنت خائف للغاية وخطر ببالي شيء آخر.  قلت: ماذا حدث؟  قال: السيد مصطفى مريض.  أعطيت الخبز لشخص وقلت له خذه إلى منزلي وغادرت على عجل.  رأيت أن المرحوم مستلقٍ فوق السجادة ، وفي البداية حاولت جاهدًا الاتصال بأطباء مستشفى النجف ، لكني لم أكن ناجحا والطبيب لم يكن مختصًا وموثوقًا به.  أخذته بنفسي على الفور إلى المستشفى.  لم يكونوا مستعدين بما يكفي لإرسال سيارة إسعاف ... كان هناك طالب ، قلت له: اذهب إلى منزل الإمام وأخبر أحمد أغا وأخبره بالذهاب إلى منزل أخيه على الفور.  ذهب هذا الطالب أيضًا واتصل بأحمد آغا وتمكنا من نقله إلى المستشفى بسيارة أجرة لا تكاد تصل إلى الشارع.  للأسف ، في المستشفى ، بعد الفحوصات الأولية ، شخّص الطبيب وفاته ... مع ظهور علامات على جلد الجسم ، اتضح أن الوفاة لم تكن طبيعية وناتجة عن التسمم.
سيد حسين الخميني [ابنه]
وفي المستشفى جاء الدكتور إياد علي البير لفحصه وقال: "مات للأسف ووفاته غير طبيعية".  إذا سمحت لي بتشريحه وإثبات هذه المسألة.  كان جراحا وتخرج من الجامعة الملكية في لندن.  لم يتم تشريح جثة الوالد المتوفى ؛  لأنه في ذلك الوقت كان التشريح يعتبر أمرًا سيئًا حسب العرف ، ولم تسمح به الشريعة.  خاصتا مثل موقع شخص مثل الوالد الراحل فانه قبيح ، فهذه وتعتبر شكلاً من أشكال عدم الاحترام.  كان طبيعيا ان الامام لن يسمح بمثل هذا ".
محمد افشاري [صديق]
كان هناك أشخاص من محيط السيد مصطفى متهمون بقتله ... وكان من بينهم السيد صالح قمي.  وهو نفس الشخص الذي كان مع الحاج أغا مصطفى حتى منتصف الليل ١ ونص ، وعندما انفصل عن أغا مصطفى توفي آغا مصطفى.  لم يكن سيد صالح قمي شخصا نزيها.  كانت له علاقات خاصة مع البعثيين .  هذا الشخص كان على علاقة مع سافاك وكان منحرفًا.  كان قد كتب ضد العديد من الطلاب في العراق وقبض عليهم مع البعثيين.  وبناءً على ذلك ، اعتقدوا أنه تم سكب مواد سامة في شاي أغا مصطفى.  على أي حال ، توفي هذا الشخص في عام 86 أو 87 .

بعد أن تم نشر صور هذا الرادود وتشيعه بعضهم علق وأفاد وإليكم التعليق الشيخ الرادود الملّا عبد المحمد (رحمه الله)

كان (ره) طويل القامة يعتمر الكشيدة، صوته جهوريّ أجش، مخلصاً يتفاعل روحاً وجسداً مع الموقف بالقراءة والبكاء،
وهو خطيب ورادود، كان يجيد المقامات العراقية يقرأها في المواليد، ولا يفارق المقام الحسيني الحزين في رثائه، حديثه حلو يجذب سامعيه، يجيد النكتة على الرغم من مظهره الحزين، وكان لا يأخذ أجراً على القراءة .
فهو من الرموز الاجتماعية في الذاكرة النجفية فقد كانت تُثنى له الوسادة في الحسينية الشوشترية، وله الكلمة الصراح، فهو المتولي عليها، كان خيرا ديّنا، تقيًّا؛ ولكثرة تدينه قيل إن أحدهم رأى في المنام أنه ينظر الى ابي ذر الغفاري(رض)، فقيل له: انظر الى وجه الشيخ عبد المحمد ....
كان في عزّ صيف النجف الاشرف يملأ حبوب الماء في الحسينية الشوشترية في السرداب وقرب اذان المغرب في شهر رمضان يحمل الماء ليملأ الحبوب التي في باب الحسينية ليفطر الناس بها على حب الحسين ( عليه السلام) .

وهنا لابد من الحديث عن زقاق (عكد) السلام في وسط محلة العمارة في النجف الاشرف وايضا نتحدث عن الحسينية الشوشترية

سمي عكد السلام لأن المارّة يقفون في أوله أو في آخره يلقون بالسلام والتحية الى صاحب الحرم العلوي المطهر أمامهم مباشرة ؛ يبدأ العگد من قبل نهاية سوق العمارة، مقابل مقبرة الشيخ خضر شلال (ره) ، وينتهي على مقربة من رأس أربع عكود ( موضع معروف في المحلة) ، ومقابل بيت الحاج محمد باقر عبد شعبان (خادم الروضة الحيدرية)؛ طوله تقريبا 180 مترا، كانت تسقفه شناشيل الدور، وفي بدايته كان معقود السقف قرب مدرسة الخليلي، ولعل وجود الشناشيل يجعل دخول أشعة الشمس الحارقة في الصيف قليلة، فهو من العكود الباردة نسبياً، بل هو من أبرز عكود العمارة، إذ كان مسلكاً مهما للساكنين في المنطقة الغربية والجنوبية من محلة العمارة، وإطلالته على سوق العمارة يمنحه قوة الحركة، كباقي العكود المتصلة بالسوق، فضلا عن أنه طريق الحراك الطقوسي، فأغلب مواكب العزاء المنطلقة من المحلة تمرّ عليه الى الصحن المطهر، وأقواها أثرا عزاء المشاعل في الليلة الثامنة والتاسعة والعاشرة من محرم الحرام، وأكثرها مرورا في الوفيات موكب عزاء الشوشترية بزعامة عبد المحمد، ويتقدمه المشعل ذو عين واحدة كبيرة.
قال ابراهيم الحيدري في كتابه (تراجيديا كربلاء): وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ شيعة العراق ببناء الحسينيات كمؤسسات دينية ثقافية مثل التكايا لاقامة الشعائر والطقوس الدينية وبخاصة العزاء الحسيني ولذلك اتخذت اسم الحسين (عليه السلام) شعارا لها وسميت بـ (الحسينية).
واول حسينية شيدت في النجف هي الحسينية الشوشترية عام 1884م.
كانت الحسينية الشوشترية، واسعة عرضها حوالي 35 مترا على عگد السلام، وطولها يجعلها تطل على عگد مسجد أبو الريحة، من طابقين وسرداب ومقبرة معروفة، يظن القائمون عليها أن فيها الجن، وينسج حولها قصص، يصدقها البسطاء والصغار؛ فيها باحة كبيرة تقام فيها مجالس العزاء في كل المناسبات الدينية، ومجالس الفاتحة
يبدو أن الحسينية اكتسبت تسمية الشوشترية، لأنهم وضعوا اليد عليها بحكم امتهان كبّارهم فنون العمارة، وهندسة التصميمات العمارية الإسلامية، وبخاصة في الأمكنة المقدسة كالصحن الشريف والمساجد والمدارس الدينية؛ فكان لهم إدارة الحسينية واعمارها، والأسرات الشوشترية متكاتفة متآلفة، وكانوا كثيرين في محلة العمارة، حتى افتعال النظام الحاكم حوادث التسفيرات الكارثية، فأنقصتهم إلا من تكاتب مع العشائر النجفية، ودخل في ضميمتها، وكان آخر المتولين للحسينية الحاج عبد الزهرة المعمار. وهم يقيمون مآتم العزاء في وفيات أئمة أهل البيت، ويقدمون الطعام الشعبي (التمن والقيمة) .
وفي جهة الجنوب الغربي منها مكتبة عامة تزخر بالمخطوطات والكتب القيمة، أسسها الحاج عليّ محمّد النجف آبادي (ت 1332/ 1914) وكانت تضم دون عشرة آلاف كتاب، وأكثر مخطوطاتها بخط مؤسسها النجف آبادي، وكان يشرف عليها السيد محمد علي إمام الجزائري ، ودوامها صباحي. وفي زمن النظام السابق تولى عليها مانع الغراوي، اخو الشيخ هندي الغراوي، وكان يتصرف- حسب أهواء النظام ومرامه في الحسينية والمكتبة - تصرفا عبثيا، خاليا من الشعور بالمسؤولية، وأدبياتها التراثية والاجتماعية، وكانت المكتبات المنثورة على أرصفة الميدان،توجد على بعض كتبها مختومة بمهر مكتبة الحسينية؛ وكان مانع قد قتل في سنة 1986 على يد شباب من النجف آلوا على نفسهم تصفية كوادر البعث.

اما الملا عبد المحمد فكان يعمل الحبر بنفسه في محبرته المعروفة بحزامه، وفيها الاقلام، وكانت من القصب، وسئل كيف تعمل الحبر؟ فقال اجمع نسيج العناكب، [نَسْجُ العَنْكَبُوتِ اسمه: "الهَلَلُ" ]، واضيف اليه مسحوق الفحم، واخمره فترة، ثم اضعه بالدواة، وكان معه جماعة مرافقين اصغرهم المرحوم ابو تقي، كان يحفظ كل ردات الملّا، فاذا بدأ با