لا يبعد مقام رد الشمس الا بضعة مئات من الأمتار عن منطقة باب الحسين في مركز مدينة الحلة عندها يمكنك ان تطالع من بعيد منارة المقام والزقورة المألوفة الشكل كما تستقبلك حديقة واسعة تشعرك بأنها في حاجة ماسة لمن يبعد عنها شبح الإهمال.
وقصة هذا المعلم كما سمعناها من آبائنا واجدادنا تقول ان الامام علي بن ابي طالب عليه السلام وعند عودته من معركة النهروان سنة 37 هجرية مر بمدينة بابل حيث دفن هناك ابنة عمران بن علي عليهم السلام في مكان ليس ببعيد عن مدينة بابل التاريخية ولان ارض بابل وكما تقول الروايات ارض ممسوخة مسخت مرتين ورواية تقول ثلاث وأخرى تقول تمسخ أربع وعلى هذا الاساس لا تقبل فيها صلاة ولي ولا وصي, سار الامام حتى وصل الى هذا المكان وقد قاربت الشمس المغيب ولم يكن قد صلى بعد فدعا الله ان يعيد الشمس الى كبد السماء ليؤدي فريضته فعادت بأذن الله قراب رمحين وبعد ان صلى سارت نحو الغروب فبنى هذا المشهد إكراما للذكرى وتضيف الروايات انه عليه السلام بقي في هذا المكان أربعة أيام، كما يقال ان الامام علي ( ع ) أطلق على الحلة هذا الاسم والحلة هي حلة من حلل الجنة.
روايات أخرى
كما تشير المصادر التأريخية ومنها ما يذكره الشيخ المفيد (قدس) المتوفى سنة 413 هـ انه قال لما اراد الامام علي (ع) ان يعبر الفرات انشغل كثير من اصحابه بتعبير دوابهم ورحالهم وصلى (ع) بنفسه بطائفة صلاة العصر فلم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس ففاتت الصلاة كثيرا منهم فتكلموا في ذلك فلما سمع كلامهم فيه سأل الله تعالى رد الشمس ليجمع كافة اصحابه على صلاة العصر في وقتها فدعا الله تعالى في رد الشمس عليه وكانت في الأفق على الحال الذي تكون عليها وقت العصر فلما سلم القوم غابت الشمس فسمع لها وجيب شديد هال الناس فأكثروا من التسبيح والتهليل والاستغفار والحمد لله على النعمة التي ظهرت فيهم وسار خبر ذلك في الآفاق وانتشر ذكره في الناس.
وحسب ما ورد في كتاب فقهاء الفيحاء ان هذا المكان له قدسية قبل الإسلام وبعده فأن الملك البابلي نبوخذ نصر هو الذي أقام هذا المشهد إكراما لإله الشمس (شمش) لتمارس فيها الطقوس الدينية وشاءت العناية الربانية أن يكون محل تقديس الشمس موضعا لتقديس خالق الشمس في مشهد الشمس على يد امير المؤمنين وليس إنكارها الا لدى من ينكر معاجز الأنبياء كانشقاق القمر وينفي كرامة الأولياء.
وروايات اخرى تقول ان الشمس لم ترد مرة واحدة في هذه الحادثة فقط بل ردت ايضا في مسجد الفضيخ في السعودية في حادث مماثل يجمع بين الرسول محمد (ص) والإمام علي (ع) وقد ذكر ذلك جمع غفير من المسلمين فقد ذكر سبط بن الجوزي في تذكرة الخواصل, عن اسماء بنت عميس قالت: كان رأس رسول الله (ص) في حجر علي (ع) وهو يوحى اليه فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله (ص) اللهم انه كان في طاعتك نبيك فأردد عليه الشمس قالت اسماء: فرأيتها طلعت بعد ما غربت ووقفت على رؤوس الجبال وذلك بالصهباء في خيبر.
فيما ينقل عن الحسني عن كتاب (الإشارات إلى معرفة الزيارات) لأبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي المتوفى في حلب عام 611 هجرية المطبوع في دمشق سنة 1953 قوله ان في مدينة الحلة مشهد الشمس (يقال ردت لحزقيال النبي (ع) ويقال ليوشع بن نون (ع) وقيل لعلي بن ابي طالب (ع) والله اعلم.
نهاية الأحزان
السيد عباس محمد حسن الشلاه الأمين الخاص لمقام ردّ الشمس، قال إن هذا المكان يعتبر من المزارات المقدسة حيث يقصده الزائرون من جميع انحاء العالم وخاصة من الهند وباكستان وايران للتبرك والتقرب الى الله تعالى وله زيارة مخصوصة في اخر اربعاء من صفر الذي يمثل نهاية الأحزان على استشهاد الامام الحسين عليه السلام واخيه العباس (ع) وصحبة الميامين حيث تأتي الى هذا المكان اعداد غفيرة من النساء يصل عددهن الى الاف النساء مما تضطر السلطات المحلية في المحافظة الى قطع الطريق في هذا اليوم وهذه الزيارة هي جزء من تقاليد موروثة تقوم بموجبها النساء باستبدال ملابسهن السوداء اللواتي اتشحن بها طوال الاشهر الحرم بملابس اخرى ملونة او يقومن في بعض الاحيان بجلب هذه الملابس معهن تبركا بصاحب المكان ويطلبن النذور ولا يخلو هذا اليوم ايضا من نساء اخريات اوفين بنذورهن وحصلن على مرادهن بتوزيع الحلويات والاطعمة على بقية الزوار لتكون دليلا على تحقيق أمانيهن وقد تتعدى هذه النذور الى هدايا عينية مثل الساعات والمراوح والسجاد لتكون جزءا من الاثاث الخاص بالمقام كما يشهد المقام توافد عدد اكبر من الزوار في عيد الغدير خاصة بال