بسم الله الرحمن الرحيم
التوضيحُ الجليّ في تاريخ قبر عون بن عليّ - رضي الله عنه -
الواقع في محافظة بابل/ قضاء الهاشميّة/ناحية المدحتيّة (الحمزة الغربيّ)/ قرية الباشيّة.
لا يخفى على المتتبع الخبير ما للمراقد والآثار المنسوبة إلى العترة الطاهرة من أهمية بالغة في نفوس الشيعة الإماميّة الاثني عشريّة - أنارَ اللهُ بُرهانَهم - خاصّة، والمسلمين عامّة، واليوم نحن بين يدي أثرٍ قديمٍ من تلك الآثار الجليلة، يستحقُّ التعظيمَ والتبجيل مِن قِبَل الناس عامّة والزائرين له بالخصوص، ألا وهو قبر عون بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام) - على ما اشتهر بين الناس قديمًا وحديثًا -، وإنّي اطّلعتُ بحكم عملي في تحقيق النصوص على أقدم مَن ذَكَرَ هذا القبر قبل (360) سنة أو أكثر - وسيأتي ذكرُ قول من ذكره -، كما أنّ القبّة الداخليّة للمرقد من الأعلى تدلّ على قِدَم بنائِها الذي يعود تاريخه إلى سبعة قرون أو أكثر، وإليك أقوال من ذكره:
1. مرتضى آل نظمي زاده البغداديّ (1033- 1136هـ)، صاحب كتاب (كلشن خلفاء)، في كتابه (تذكرة الأولياء في تراجم الأئمّة والمتصوّفة والزهّاد، وما جاورها من البلدان)، المؤلَّف في سنة 1077هـ، والمطبوع عدّة مرّات أصلُه ومنتخبُه، بتحقيق الدكتور حميد مجيد هدو، قال في الصفحة 349 ما نصّه: « عون بن عليّ بن أبي طالب، ذو الفضل الجليّ، والشرف البهيّ، عون بن عليّ - رضي الله عنه -، وكونه فرع شجرة الولاية فبهذا مقنع عن المديح وكفاية، ومرقده من ناحية بغداد في قرية تسمّى الباشيّة من مقاطعة القدس، ومقامه هناك مشهور يُزار ويُتبرّك به - رضي الله عنه - ».
وقوله: «إنّ مرقدَهُ من ناحية بغداد» لا ريبَ فيه؛ إذ أنّ الحلّة كانت حينها قصبة تابعة لبغداد، والباشيّة قرية من أعمال الحلّة.
وقد وَرَدَ ذِكر المرقد في قرار التسوية، في المادة (21) الرقم (29) لسنة 1938م حسب خارطة الكادسترو أنّه في مقاطعة العلّاق والباشيّة والقدس المرقمّة (7)، ورقم القطعة (35) من أعمال ناحية المدحتيّة.
2.وذَكرَهُ مرتضى آل نظمي زاده البغداديّ أيضًا في كتابه (جامع الأنوار في مناقب الأخيار) المؤلَّف باللّغة التركيّة، وقد رأيتُ نسخةً منه في مخطوطات بيت الحكمة في بغداد ومصوّرته في مكتبة الروضة العبّاسيّة المقدّسة، وقد عرّبه حرفيًّا أحمد بن حامد فخري زاده الموصليّ (ت 1185هـ)، وتوجد نسخة من تعريبه في مكتبة الأوقاف في الموصل، كما في فهرس المكتبة (1/182)، وقد عرَّبه وهذَّبه وزادَ عليه صفاء الدين عيسى بن جلال الدين موسى البندنيجي القادريّ (ت 1283هـ)، وسيأتي ذكرُ قوله في المرقد.
3. الشيخ مصطفى الصديقيّ الخلوتيّ الدمشقيّ (ت 1162هـ) في رحلته المسمّاة (كشط الصدأ وغسل الران في زيارة العراق وما والاها من البلدان)، التي كانت في سنة 1139هـ، والمطبوعة بعنوان (الرحلة العراقيّة) بتحقيق السيّد ميعاد شرف الدين الكيلانيّ، الذي حَذَفَ كثيرًا من نصوصِها !!؛ ولذا اعتمدنا مصوّرةَ الأصلِ الموجودةَ في المجمع العلميّ العراقيّ ببغداد. قال في الصفحة (98-99) ما نصّه: « ..إلى أن وصلنا ضحوةَ النهار حسكا، والتقى الشطّانِ لديها وبتنا بها، والخرابُ قد استولى عليها، ثمّ سِرنا منها إلى دوحة العَون، راجينَ مِن مَنِّ اللهِ العَونَ، وهو على ما يُقالُ أحدُ أولاد سيّدي عليّ بطل الأبطال - رضي الله تعالى عنهما ونفعنا بهما -، وقلت:
يا عونُ كُن عَونَ مَن وافى حِماكَ على ظهرِ الفراتِ لِيُسقى مِن حميّاكا
يا نجلَ حيدرَةَ الرّاقي السِّماكَ عَلا جُدْ بالشّفاعَةِ لي، مَولاكَ رَقّاكا
قد طالَ شَوقي وقَدرُ الحُبِّ فيكَ غَلا فاسمَحْ بِصَرفِ طَلا يدني مُعتَلاكا
ثم سِرنا إلى اللّيل نَتَرامى جَوًى على العَواذِل إلى أن وصلنا إلى العَوادِل، ومنها في الصباح سرينا ومنتصفَ النهارِ على قرية يُقال لها القدس.. ».
4. الشيخ ياسين خير الله العمريّ الخطيب الموصليّ (1157- 1237هـ) في كتابه (غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام)، المؤلَّف قبل سنة 1220هـ، والمطبوع بتقديم واعتناء الأستاذ سامي عبد الله باشعالم العمري، قال في الصفحة 35 ما نصّه: « مرقد عون ابن الإمام عليّ - رضي الله عنه - في قرية باشيّة من أعمال بغداد »، وَذُكر نفسُ النصّ في كتاب (تاريخ محاسن بغداد) و هو تهذيبٌ لكتاب (غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام) - سابق الذكر - هذّبه وحقّقه السيّد ميعاد شرف الدين الكيلانيّ البغداديّ.
5. صفاء الدين عيسى بن جلال الدين موسى البندنيجي القادريّ (حدود 1203- 1283هـ) في كتابه (جامع الأنوار في مناقب الأخيار، تراجم الوجوه والأعيان المدفونين في بغداد وما جاورها من البلاد) المؤلَّف في سنة 1077هـ، والمطبوع عدّة مرات بتحقيق أسامة ناصر النقشبدي ومهدي عبد الحسين النجم، قال في الصفحة 581 ما نصّه: « عون بن عليّ بن أبي طالب، ومنهم: عون بن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنهما - ، قال المؤلِّف: يُغني عن تعريفِه، وبيانِ توصيفِه، كونُه درّةَ صَدَفِ ذلك الب