إليكِ وأنا أفخرُ بأنَّني أنطقُ بكِ..
أفخرُ بأنَّني منكِ، وإليكِ..
كَيفَ أُنصِفُكِ؟! كيفَ أصِفُكِ؟!
والقَلمُ حينَ عرفَ بأنَّهُ سيكتبُ لكِ..
تلعثَمَ، وتبسَّمَ قائلًا: كيفَ أصِفُ الجمالَ بالجَمالِ نَفسه؟! إنَّني أكتبُ عنها فأجدُ الجَمالَ يجتمعُ فيها، وكأنَّ وصفي لها استمدَّ جمالَهُ منها.
كثيرًا ما أقفُ عاجزةً عن وصفِ سحرِ حروفِكِ وبهائها، أعجزُ عنِ التَّعبيرِ عن روعةِ ذلكَ الكيانِ المرسومِ على الورقِ بأكمله، الحروفُ وأشكالُها، الخطُّ وأنواعُه، الكلماتُ ومعانيها، والجملُ المُتراصَّةُ الّتي تستوطِنُ فيها المقاصد، كُلُّ هذا الجمال والبَهاء يا لُغَتي كيفَ أصِفُه؟! كيفَ أُنصِفُكِ؟!
لا أنسى حينَ احتوَتْني كلماتُكِ، وحينَ نفضتِ الحُزنَ عن قلبيِ بجميلِ عباراتكِ يا مَوْطنَ البلاغة، إنِّي لأعجزُ عن إيجادِ لُغةٍ تُحاكي سحرَكِ، تُحاكي مَتانتَكِ وقُوَّتكِ، تُحاكي ثرائكِ وغِناكِ بِما يُبهجُ الرُّوح ويفتنُها، أتساءلُ، كيفَ يتركونَ التَّعمُّقَ فيكِ وبتعابيركِ؟ كيفَ يتخلُّونَ عنكِ ويتفاخرونَ بنطقِ لُغاتِ الأعاجم؟ هل قصَّرْتِ بحَقِّهم؟! لا والله بل هُم المُقصِّرون، لا يفهمونَ أنَّكِ لُغة المَجدِ والإباء، ومجدُكِ لامسَ أعالي السَّماء، واللهُ أنعمَ علينا بِالقُرآنِ بِلَسانٍ عربيٍّ مُبين، فكُنْتِ للقُرآنِ عَروسًا يا خيرَ اللُّغاتِ في العالمِ أجمع، فكيفَ يتخلُّونَ عنكِ ويتفاخَرونَ بِلُغاتٍ لا يعرفُها القلب؟ وأنتِ سلكْتِ بسحركِ وجمالكِ ألفَ طريقٍ لقلوبِنا يا موطِنَ الجمالِ والسّحر..
- نرمين العقاد