قناة

📚قصص||روايات||منوعة📚

📚قصص||روايات||منوعة📚
23.9k
عددالاعضاء
218
Links
2,827
Files
17
Videos
767
Photo
وصف القناة
قصص و كتب pdf 💚📚 محبي القراءة في نعيم لا يدركه غيرهم... لا تشيخ أرواحهم وعقولهم ولو شاخت أجسادهم.💚 فهرس القصص👇🏻💗 @rwayattt للتواصل @Rwayate_BOT بإدارة💙✨ ⴅÂÐЄĦÂ حسابي الانستغرام💚🌿👇🏻 https://instagram.com/madeha_alyan?igshid=YmMyMTA2M2Y=
.
تنهدت وقامت بتبديل ثيابها لتستعد للنوم حين سمعت صوت الرسالة القصيرة..
لم تكمل ماكانت تفعل وهرعت إلى الحاسوب لترى رسالته يسألها فيها إن كانت لا تزال مستيقظة.. فردت بالإيجاب ثم وافقت على طلب المكالمة،لكنها وفي اللحظة الأخيرة انتبهت أنها لم تكمل ارتداء ثيابها فقفزت من أمام الشاشة بسرعة ثم عادت بعد أن ارتدت ثيابها..
" كيف حالك؟ ..لقد كنت قلقا عليك طوال تلك المدة "
ابتسمت في سرور وقالت:
- آسفة لكن حدثت أمور كثيرة منعتني من التواصل معك
بدا القلق على وجهه وقال بحذر:
" هل لخطيبك السابق يد في تلك الأمور؟ "
- لا..لكنها أمور تخص إحدى صديقاتي..
ثم أردفت:
- كما أن (سامح) لم يعد له وجود في حياتي على الإطلاق
تنهد بارتياح وتابعا الحديث لمدة ساعة كاملة لم يشعر بها أحدهما..
* * *
لم يتوقف (مصطفى) عن محاولاته للتقرب من (شيماء) مما جعلها عصبية في الآونة الأخيرة..
- لا أدري ما الذي يريده ذلك السمج؟ ..أريده أن يعرف أنني لا أطيق رؤية وجهه لكنه لا يفهم
مطت (حنان) شفتيها في ضيق وقالت:
- إنه عنيد..يريد أن يحصل عليك بأية وسيلة،ولا يريد أن يكون هو الطرف الخاسر في الموضوع
لم تعلق (شيماء) وحملت حقيبتها استعدادا للعودة إلى البيت..
وبعد أيام كانت تجلس مع (نهى) حين جاء (مصطفى) ليسلم عليها..زفرت في ضيق ولم تسلم عليه، فجذب كرسيا ليجلس معهما لتنظر له بتعجب..
كانت (نهى) هي الأخرى متعجبة مما يحدث لكنه قام بتعريف نفسه وانخرط معها في الحديث..وبعد دقائق جاءت صديقة ثالثة لهما لينظر إليها (مصطفى) مبهورا..
كانت فتاة جميلة فلم يرفع عينيه عنها طيلة الجلسة،كما أنها كانت تضحك بدلال وتضرب كفها بكفه وهم يلقون النكات..وبدا لـ (شيماء) أن (مصطفى) يتجاوز أكثر مع صديقتها ليضايقها..فهزت رأسها مشفقة عليه..ثم انتهت الجلسة بأن تبادل (مصطفى) وتلك الفتاة أرقام الهواتف وهو ينظر لـ (شيماء) بانتصار..
وروت (شيماء) ما حدث لـ (حنان) فضربت كفا بكف وهي تقول:
- إنه مجنون بالتأكيد..
ثم تابعت وهي تضحك:
- لكن مجيء (دينا) خلصك من ذلك الشخص للأبد
ضحكت (شيماء) بدورها وهي تقول:
- لم تري نظراته لي..كان يظن أنني سأصاب بالجنون عندما أراه مع أخرى
- إنه يثأر لكرامته لا أكثر..دعك منه فهو شخص تافه
وأخيرا شعرت (شيماء) بالسلام والراحة من ملاحقة (مصطفى) لها،وبدأ مزاجها يتحسن..رغم أنها كانت تراه بعض الأحيان وهو يتعمد الظهور أمامها مع (دينا) ..
ومر الوقت وبدأ فصل الصيف ليخبرها (إيفان) أنه قد قرر قضاء أسبوع في مصر كما أخبرها من قبل..
- هذا جيد
كانت تتحدث والسعادة تغمرها،فقال:
" لكني لن آتي للقاهرة "
تغيرت ملامحها وقالت:
- لماذا؟
" لأنني سأذهب إلى الغردقة.. "
امتقع وجهها وتذكرت ما حدث معها في آخر مرة مرة ذهبت إلى هناك..
" ما بك؟ هل هناك شيء ما؟ "
هزت رأسها وقالت وهي تحاول رسم البهجة على وجهها مرة أخرى:
- لا شيء..
ثم تابعت:
- أنا سأذهب إلى هناك أيضا مع عائلتي فلدي إجازة سنوية لمدة أسبوع
" متى؟ "
- في منتصف يوليو
" إذن أخبريني في أي يوم لأرتب حجز طائرتي "
نظرت له غير مصدقة..سيرتب أموره لأجلها؟! ..تسارعت ضربات قلبها وسرت رجفة لذيذة في جسدها جعلتها تبتسم وقد احمرت وجنتاها قليلا..
* * *
- كنت أعرف أنكِ لن تأتي هذه المرة أيضا
قالت (حنان) :
- بإمكاني الذهاب لكن ليس إلى الأماكن التي تذهبين إليها
تركت (شيماء) الثياب التي ترتبها في الحقيبة ووضعت يديها على خصرها وهي تقول وقد ضيقت عينيها:
- ماذا تعنين بكلامك هذا؟
ضحكت (حنان) وقالت:
- أعني الأماكن الصاخبة التي تحبينها
نظرت لها (شيماء) في شك فقالت (حنان) وهي لا تزال تضحك:
- لا تسيئي الظن بي
رمتها (شيماء) بقميص لها وتابعت ترتيب حقيبتها..
وفي الموعد المحدد سافرت مع أمها وخالها وزوجته وخالتها وزوجها وأبنائهم جميعا..وبعد أن استقروا في بيتهم في الغردقة كانت (شيماء) تنتظر مكالمة (إيفان) الذي أعطته رقم هاتفها من قبل كي يكلمها فور أن يصل..لكنه لم يتصل حتى اقترب المساء فشعرت بالقلق..
وقبيل منتصف الليل رن هاتفها وهي تجلس في شرفة البيت مع العائلة فنظرت إلى شاشته لتجد رقما غير مسجل..
اضطرب قلبها ودخلت إلى البيت ثم ردت..
" لقد وصلت إلى الغردقة منذ ساعة تقريبا "
كان صوته يكفيها لتشعر بالاطمئنان..
- حمدا لله على سلامتك
" كنت أريد أن أراك اليوم لكن الوقت قد تأخر "
ساد بينهما صمت لبعض الوقت،قطعته (شيماء) قائلة:
- إذن أراك غدا صباحا
ووصفت له أحد المقاهي ليلتقيا عندها..
وقفت أمام المقهى تفرك يديها كعادتها عندما ترتبك وهي تنظر يمينا وشمالا تنتظر قدومه..وأخيرا ظهر على أول الشارع،فغزت ابتسامة شفتيها وراحت تلوح له كي يراها..
- انتظرتِ طويلا؟
كان يمد يده لها فصافحته وهي تقول:
- لا..لقد جئت في موعدك تماما
كانت تتأمله عبر عدسات نظاراتها الشمسية وهي تشعر أنها تراه لأول مرة،خاصة عينيه..كانت تشعر أنها تنظر إلى البحر من خلالهما..
انتبهت من شرودها وقالت أخيرا:
- تعال معي كي أعرفك بعائلتي
وصلا إلى الفيل
ا أخيرا ودخلت لتجد الجميع يحتسون الشاي قبل الذهاب إلى البحر..فحثته على الدخول وقامت بتعريفه لهم..تبادلوا التحية معه ثم قالت لهم أنهما سيسبقانهم إلى البحر..
أمضيا وقتا مرحا معا،ثم انضم لهما بنت خالتها وأبناء خالها وانخرطوا في اللعب جميعا..وبعد أن عادوا أصرت والدة (شيماء) أن يتناول غداءه معهم من باب حسن الضيافة..
وقاموا بشي السمك في حديقة الفيلا وهم يتبادلون الأحاديث المرحة..وفي المساء عرض (إيفان) على (شيماء) التمشية قليلا على شاطئ البحر..
- البحر يبدوا جميلا في المساء..
أومأت (شيماء) برأسها وهي تنظر للبحر وهمهمت أن نعم..نظر إليها ثم عاود النظر أمامه وقال:
- خاصة عندما تستلقين على الرمال وتنظري إلى النجوم
هزت رأسها مرة أخرى وقالت:
- في صغري كنت أحب أن أتطلع إلى السماء وأحاول عد النجوم كنوع من التحدي لابن خالي،لكن محاولتي كانت تبوء بالفشل
ضحك (إيفان) فاجتاحت جسدها رجفة خفيفة،فشدت وشاحها الصيفي على جسدها جيدا..
- أنا كنت أحاول ربط بعض النجوم بخط وهمي لرسم صورة خيالية،وكنت أتشاجر مع أختي الصغرى لأنها لا ترى الشكل الذي أتخيله أنا
التفتت إليه وقالت في دهشة:
- هل لديك أخت؟
أومأ برأسه وقال:
- أخت وأخ أيضا.. (فاليريا) و (فلاديمير)
شعرت بغصة في حلقها وقالت:
- رغم أن لي صديقة مقربة منذ الصغر،لكني كنت أتمنى أن يكون لي أخت،فعندما كان يأتي المساء كنت أنكمش على نفسي في فراشي خائفة من الظلام،لهذا كنت أطلب من والدة صديقتي أن تتركها لتبيت عندنا،لكن هذا لم يكن ممكنا كل يوم بالطبع
سكتت قليلا لتشعر به يمسك بكفها ويقول:
- لكنك لست وحدك الآن
التفتت إليه لتجده ينظر إليها مباشرة..
أشاحت بوجهها عنه وقد شعرت بسخونة في وجنتيها..وارتجفت كفيها بين أنامله،فسحبتها بهدوء وظلا صامتين لبعض الوقت..فقطع (إيفان) الصمت وقال ليزيل خجلها:
- ما رأيك لو عاودنا هواياتنا القديمة؟
ابتسمت على الرغم منها وقالت:
- لا بأس..
ثم تابعت في مرح:
- وسأقوم بعد النجوم كلها
ضحك (إيفان) ثم استلقى على الرمال واستلقت (شيماء) بجواره وراحا يشيران إلى النجوم..وهما يتجادلان ويضحكان..
الفصل الرابع عشر
خرجت (شيماء) من الماء وراحت تجفف جسدها بالمنشفة ثم جلست تحت إحدى المظلات ووضعت نظاراتها الشمسية وهي تنتظر عودة (إيفان) الذي كان يسبح مع ابن خالها..
عاد (إيفان) أخيرا وقد بدا عليه التوتر..
- ما بك؟ هل أنت بخير؟
أومأ (إيفان) برأسه فقالت:
- سنقيم مباراة للكرة الطائرة..وأريدك أن تسحق الفريق الآخر
ضحك وقال:
- وفي أي الفريقين ستكونين أنت كي أعد الخطة
ابتسمت وهي تقول:
- في فريقك بالطبع،فأنا لن أحتمل الخسارة أمامك
بدأت المباراة وكان لعب (إيفان) جيدا،لكنه فجأة شعر بثقل في صدره،واختلال في ضربات قلبه والذي كان صوت دقاته يصم أذنيه..ثم اهتزت الرؤية أمامه وسقط على الأرض..
هرعت إليه (شيماء) وقد أصابها الذعر،لتجد شفتيه قد بدأتا تصطبغان باللون الأزرق..اتسعت عيناها ذعرا وصاحت لطلب النجدة من المتجمعين حولها..
وفي المستشفى أفاق (إيفان) ليجد (شيماء) تجلس بجواره..وفور أن رأته يفتح عينيه مسحت دموعها بسرعة وقالت:
- الحمد لله أنك بخير..لقد كدت أموت من القلق عليك
ابتسم بوهن وقال:
- لا تقلقي..أنا السبب فيما حدث
تعجبت لقوله فقال مفسرا:
- أنا أعاني من مشكلة في القلب ونسيت أن أتناول أدويتي بالأمس،كما أنني نسيتها اليوم أيضا
- كيف تنسى شيئا مهما كهذا؟
- لقد تذكرت ذلك بعدما خرجت من الماء،وكنت قد نسيت الأدوية في الفندق
تنفست الصعداء وقالت:
- المهم أنك بخير الآن
راحت تنظر إلى وجهه الشاحب وهي تتذكر تلون شفتيه على الشاطئ..لقد كاد الرعب يقتلها من ذلك المشهد..
نقلت بصرها إلى كفه وبعد تردد مدت يدها لتربت على يده،فأدار رأسه إليها لتسحب يدها بسرعة وقد علت وجهها حمرة الخجل..
لم تفارقه حتى خرج من المستشفى في المساء،وكان معها (كريم) ابن خالها،وذهبوا جميعا إلى الفندق استجابة لرغبة (إيفان) ..
بعد أن عادت (شيماء) إلى الفيلا لم يغمض لها جفن..ترددت عدة مرات في الاتصال به خوفا من أن يكون قد نام فتوقظه..فأرسلت له رسالة تطمئن عليه وانتظرت..مرت ربع ساعة فأيقنت أنه قد نام،فاستعدت للنوم هي الأخرى..ونظرت إلى (نهال) لتجدها تغط في النوم،فتدثرت بغطائها وأغمضت عينيها لتسمع أزيز الهاتف..
قفزت من مكانها وأمسكت بالهاتف لتجد رسالة منه يخبرها أنه بخير،وأنه لا يزال مستيقظا..
نهضت من فراشها وخرجت إلى الشرفة وأغلقت الباب وراءها،لتجده يتصل بها..
" مساء الخير "
ردت بصوت أقرب للهمس:
- مساء الخير
" لم أستطع النوم..فقد أحسست باضطراب في قلبي مرة أخرى "
قالت بخوف:
- ألم تتناول دواءك؟
سكت قليلا فهي لم تفهم ما يرمي إليه..تنهد وقال:
" بلى ولكنه يحتاج بعض الوقت ليظهر تأثيره "
ظلا يتحدثان لدقائق أخرى ثم أوى كل منهما إلى فراشه..
اجتاح (إيفان) شعور بالراحة..لقد رأى القلق في عينيها وهو في المستشفى،وها هو يجد القلق في صوتها أيضا..لم تتركه كما فعلت (صوفيا) من قبل عندما عرفت بمرضه.. (شيماء) تحمل قلبا ذهبيا..هكذا قال لنفسه..
* * *
آخر يوم في إجازتها أمضته مع (إيفان) منذ الصباح الباكر..وبعد الغداء ذهبا معا إلى أحد البازارات..وتذكرت العقد الذي ابتاعه لها من قبل في الأقصر،وتذكرت أيضا تناثر أحجاره على الأرض بيد قاسية..
وعادوا بسرعة لأن موعد طيارتها قد اقترب..ودعت أهلها وذهبت مع (كريم) و (إيفان) إلى المطار..
- كنت أتمنى أن تطول إجازتي أكثر من هذا
كانت تحاول التماسك وهي تقول تلك الجملة..فعانقها وهو يقول:
- قد نلتقي قريبا
للوهلة الأولى ارتجف جسدها لكنها استسلمت في النهاية،وهي تقنع نفسها أن هذه طريقته في السلام مع أصدقائه فلا بأس..وعانقها (كريم) أيضا ثم ذهبت..ذهبت وهي تشعر بضيق شديد..
واستقبلتها (حنان) في المطار وعانقتها في شوق..
- لقد شعرت أنك غبت سنة كاملة وليس أسبوعا
ضحكت (شيماء) وركبت معها السيارة..فقالت (حنان) في مرح:
- هل جاء ذلك الروسي؟
- أجل
- قصي علي ما حدث إذن
كانتا قد وصلتا إلى بيت (حنان) فأوقفت الأخيرة السيارة والتفتت إلى (شيماء) وقالت:
- (شيماء) ..تصرفاتك تلك لم تكن محسوبة..انتبهي أكثر من ذلك
ارتبكت (شيماء) وقالت:
- لا تحملي الأمور أكثر مما تحتمل..إنه أجنبي ومعتاد على ذلك،كما أنني لم أفعل شيئا في الخفاء كي أخجل منه،لقد كان أهلي هناك يعرفون ما يجري..
نظرت لها (حنان) مليا وقالت:
- ليس كل ما يوافق عليه الأهل يكون صحيحا يا (شيماء)
لأول مرة تشعر (شيماء) بالتوتر وهي تتحدث مع صديقتها..فصمتت ولم تنبس ببنت شفة،ولم تقل (حنان) شيئا آخر..وصعدتا معا إلى بيت (حنان) لتسلم (شيماء) على (سهام) وتذهب لأخذ حمام دافئ..
فتحت المرش ووقفت تحته لينساب الماء مهدئا حدة توترها..لأول مرة تشعر أنها لم تحسن التصرف..لأول مرة تلوم نفسها على تصرفاتها العفوية..هل يمكن أن تكون (حنان) على حق؟ ..لكنها عادت وأقنعت نفسها أنها لم تفعل شيئا مريبا لأن أهلها لم ينتقدوا تصرفها..
خرجت من الحمام وقد قررت أنها لن تفتح الموضوع مرة أخرى..
وفي المساء خرجت إلى الشرفة واتصلت بـ (إيفان) ..
" كنت سأتصل بكِ حالا.. "
ابتسمت وقد علت وجهها حمر
ة خفيفة..
" لقد حزمت حقيبتي وسأذهب بعد ربع ساعة إلى المطار.. "
ظلت صامتة فقال:
" (شيماء) "
- نعم
خرج صوتها مختنقا ضعيفا،وسمع (إيفان) على الجانب الآخر صوت تنفسها غير المنتظم،فتزامنت دقات قلبه مع صوت أنفاسها وقد تأكد أنه لن يعاني مرارة الفراق وحده..
تكلم الصمت بينهما وقال الكثير مما لم يقو أحدهما على البوح به..وتسلل الدمع إلى عيني (شيماء) لكنها لم تسمح له بتجاوزهما..
" سأكلمك فور أن أصل إلى روسيا "
أخذت نفسا عميقا وقالت:
- سأنتظر مكالمتك..
ثم أردفت:
- انتبه لنفسك
لم تنم (شيماء) جيدا في تلك الليلة؛فقد استيقظت عدة مرات من نومها..
جلست على الفراش لتجد (حنان) قد نامت بجوارها،فقامت من الفراش بهدوء وخرجت إلى الشرفة ليداعب نسيم الصيف خصلات شعرها لتشعر بالهدوء بعض الشيء.. (إيفان) أخذ حيزا من حياتها بشكل أو بآخر،وازداد قربها منه في هذه الزيارة،خاصة عندما اقترب من حياتها العائلية..
قطع تفكيرها صوت رنين هاتفها،فدخلت إلى الغرفة بسرعة لتجد (حنان) قد أفاقت من نومها وقالت بخمول:
- من الذي يتصل في هذه الساعة؟
أخذت (شيماء) هاتفها بسرعة وخرجت إلى الشرفة وهي تقول:
- عودي إلى نومك يا (حنان)
نظرت إلى الشاشة لتجد رقما دوليا..
- آلو!
" صباح الخير..أرجو ألا أكون قد أيقظتك من نومك "
خفق قلبها بشدة وقالت:
- أنا لم أستطع النوم..كيف حالك؟
" لقد وصلت إلى موسكو قبل قليل،ولم أستطع الانتظار حتى أصل إلى سان بطرسبرغ "
- حمدا لله على السلامة..
ثم أردفت وعلى شفتيها ابتسامة:
- لم أتوقع أن تتصل بي
ضحك ضحكة اختلج لها قلبها وقال:
" مفاجأة أليس كذلك؟ "
- بالتأكيد..
سمعته يكلم أحدهم ثم يقول لها:
" سأركب الآن الحافلة المتجهة لسان بطرسبرغ،وسأعلمك حال وصولي للبيت"
بعد أن انتهت المكالمة ظلت في الشرفة تنظر إلى لا شيء وقد شردت بذهنها بعيدا..لم يكن (إيفان) وحده من أخذ حيزا في حياته،بل هي أيضا..أصبحت تمثل له شخصا مهما،صار يعاملها كـ...
اتسعت عيناها..
لا يمكن أن يكون ما تفكر به صحيحا..لقد كانت تقنع نفسها طيلة الوقت أنه يعاملها كصديقة مثل بقية أصدقائه،لكن الحقيقة ليست كذلك..
انتزعها من شرودها صوت جرس المنبه،ثم صوت أذان الفجر من المسجد القريب..
- (شيماء) ..ألا زلت مستيقظة؟
دخلت (شيماء) إلى الغرفة وقالت:
- استيقظت منذ نصف ساعة تقريبا
قالت (حنان) وهي تنهض من الفراش:
- هيا إذن كي نصلي الفجر
وذهبت إلى الحمام كي تتوضأ،ثم تبعتها (شيماء) وهي تشعر بالخجل لعدم انتظامها في صلاتها..
خرجت من الحمام لتجد (حنان) ترفع من سجودها،فظنت أنها تصلي الفجر فراحت تبحث في الغرفة عن حجاب لتلبسه،لتسمع صوت (حنان) بعد أن انتهت من الصلاة:
- أنا آسفة نسيت أن أخرج لك ثوب الصلاة
واتجهت إلى خزانتها لتخرج ثوب صلاة إضافي وأعطته لـ (شيماء) والتي كانت مرتبكة وهي تلبسه،فساعدتها صديقتها ووقفتا بجوار بعضهما البعض..
- ألم تصلي الفجر قبل قليل؟
- نعم..بل كنت أصلي سنة الفجر
وبدأت الفتاتان الصلاة..
اقشعر جسد (شيماء) عندما سمعت صوت (حنان) وهي تقرأ فاتحة الكتاب،وترقرقت الدموع في عينيها،لكنها سارعت بمسحها وهي تشعر بغصة في حلقها وثقل في صدرها وضيق وخجل..لكنها رغم ذلك لم تستطع التركيز جيدا في صلاتها..
وبعد انتهاء الصلاة قالت (شيماء) :
- هل تصلين الفجر يوميا في هذا الوقت؟
التفتت (حنان) إليها وقالت وهي تزن كلماتها:
- هذا هو موعد الفجر،وهو يمتد حتى قبيل الشروق..
صمتت (شيماء) وقد أحست (حنان) بحيرتها فقالت:
- حاولي أن تصلي الفجر في هذا الوقت ولا تأخريه يا (شيماء)
هزت (شيماء) رأسها ودخلت إلى فراشها لتنام بعد أن أنهكها السهر..
وبعد ساعتين أيقظتها (حنان) للذهاب إلى العمل،فقامت (شيماء) وهي تشعر بالنعاس..وعندما نظرت في الهاتف وجدت رسالة من (إيفان) ..
" لقد وصلت إلى سان بطرسبرغ..ويبدوا أن الشتاء قد حل في غير موعده؛فأنا لم أعد أشعر بالدفء الذي كنت أشعر به قبل أيام "
طار النعاس من عينيها وراح قلبها يخفق بعنف..تأكدت شكوكها..إنه لا يعاملها كصديقة..لكنها حاولت إقناع نفسها أنها مخطئة لمدة شهر كامل بعد سفره..حتى وصلتها رسالة جديدة..
الفصل الخامس عشر
- ما بك؟ لماذا لا تتركين هاتفك ولو للحظات؟
وضعت (شيماء) الهاتف في حقيبتها وقالت:
- كنت أمسح بعض الرسائل لامتلاء صندوق البريد
لم تكن هذه هي الحقيقة كاملة..فقد كانت تقرأ رسالته بين الحين والآخر،حتى حفظتها عن ظهر قلب..
قبل بدء الجولة في المتحف سألت (حنان) صديقتها إن كانت تريد بعض المرطبات..
- لا بأس،ولا تنسي شراء زجاجات المياه
خرجت (حنان) وذهبت لأقرب محل لتشتري ما تريد عندما سمعت صوتا ليس غريبا على أذنيها..
- (حنان) ؟ لا أصدق؟
التفتت (حنان) لتجد فتاة نحيلة تنظر لها بدهشة وفرح معا..
- (عبير) ..كيف حالك؟
وتعانقت الفتاتان في شوق ثم قالت (عبير) :
- مبروك..لبست الحجاب أخيرا
- هل تصدقين ذلك؟ أنا نفسي لا أصدق
ضحكت (عبير) ثم ابتاعت بعض المياه الغازية والكعك،وهي تتبادل حديث الذكريات مع (حنان) ..
- هل تذكرين الدرس الأسبوعي الذي أخبرتك عنه قبل ثلاث سنوات؟
ضيقت (حنان) عينيها في محاولة للتذكر ثم قالت:
- ليس تماما..
واستدركت:
- ما به؟
- لم لا تحضرين معنا؟ ..
وقبل أن تتكلم (حنان) أخبرتها (عبير) بالعنوان ثم أعطتها رقم هاتفها وقالت:
- سأنتظرك يوم الخميس بعد صلاة العصر
وودعتها لأنها كانت على عجلة من أمرها..وعادت (حنان) إلى عملها وهي شاردة الذهن..هل تذهب؟ أم تنسى الأمر؟ ..
لكنها حزمت أمرها وقررت الذهاب..وتأهبت يوم الخميس بعد أن عادت من عملها،لكنها لم تخبر أحدا حتى (شيماء) ..
ذهبت (حنان) وهي تقدم قدما وتؤخر أخرى..حتى وصلت إلى مصلى السيدات..أخذت نفسا عميقا ثم دخلت..
* * *
بعد شهر كانت (حنان) قد تعلقت بالدرس بشدة رغم أنها لم تحضر سوى أربع مرات فقط،لكنها كانت تشعر أنها تشحن نفسها بطاقة تكفيها بقية الأسبوع..لكنها لم تخبر أحدا بذلك..لقد فضلت عدم الحديث عن الأمر تجنبا للمشاكل..
وفي غرفتها كانت تفكر في كل كلمة كانت تسمعها في الدرس..الدنيا حقا لا تساوي شيئا..وليست هي الوحيدة المضطهدة بسبب حجابها،أو بمعنى آخر بسبب طريقة لبسها للحجاب..
لكن لماذا تقف عند هذا الحد فقط؟ ..لماذا لا تأخذ خطوة بعد الحجاب؟ ..قد تخسر أناسا كثيرين وقد تخسر عملها أيضا؛فهو قرار صعب ويجب التريث فيه..
احتدم الصراع في عقلها وقررت أنها ستؤجل التفكير فيه مؤقتا..حتى جاء ذلك اليوم..
كانت خارجة من المسجد عندما لحقت بها إحدى الفتيات والتي كانت ترتدي خمارا واسعا..
- (حنان) ..هل لي بكلمة معك؟
ابتسمت لها (حنان) وقالت:
- بالطبع
- أنت لست مخطوبة أليس كذلك؟
رفعت (حنان) أحد حاجبيها وقالت:
- لست مخطوبة..لم تسألين؟
- لأن هناك من يريد أن يتقدم لخطبتك
تسمرت (حنان) في مكانها للحظات ثم قالت ببطء:
- يخطبني؟ ..تقصدين يريد أن يراني أولا
هزت الفتاة رأسها وقالت:
- أبدا..هو يريد خطبتك بالفعل
- ومن هو هذا الشخص؟ وكيف عرفني؟
- إنه أخي..كان ينتظرني الأسبوع الماضي كي نذهب سويا لشراء مستلزمات عرسي،وعندما رآك سألني عنك
احمر وجه (حنان) وقالت وهي تخفض رأسها حياء:
- أظن أنه علي إخبار والدي قبلا يا (علا)
تهللت أسارير الفتاة وقالت:
- لا بأس..لكن أعطني رقم والدك،وعندما تخبريهم اتصلي بي كي أخبر أخي
عادت (حنان) إلى بيتها وهي تشعر بسعادة مشوبة بالحذر..هل سيكون مثل (فارس) ؟ ..
دخلت إلى البيت وأخبرت والدها بما حدث..
- أي مسجد هذا الذي تتكلمين عنه؟
كانت (حنان) مستعدة للمعركة التي كانت تتوقعها فقالت:
- بدأت أحضر دروسا في أحد المساجد قبل شهر يا أبي
تبادل والداها نظرات قلقة ثم قال أبوها:
- ولماذا لم تخبرينا؟
- أنتم لم تسألوني عن سبب تأخري لا من قبل ولا الآن..ولم تسألوني من قبل أين أذهب ولمن أذهب..فما الذي يضير هذه المرة؟
قال أبوها:
- لكن الأمر هذه المرة..
وسكت ليبحث عن كلمة معبرة لكن (حنان) قالت:
- أبي..أنا لا أناقش قضية ذهابي للمسجد من عدمه،لكني أخبرك أن هناك من يريد التقدم إلي..بم أرد على الفتاة
قالت (سهام) بضيق:
- وكيف سيكون هذا الشخص؟ لا بد أنه إنسان معقد و..
قاطعتها (حنان) منهية الحديث تقريبا:
- لم أتعرض لهذا الاستجواب عندما تقدم إلي (فارس) وأنتم تعلمون أنه رآني في الشارع أيضا..
ثم وجهت كلامها لأبيها:
- بم أرد عليها؟
(حنان) كانت ولا تزال الابنة المدللة،خاصة بعد وفاة أخيها الأكبر وهي لم تكمل العامين من عمرها، ولم يرفض والداها أي طلب لها مهما كان،مما جعلها شخصية عنيدة،عندما تريد شيئا تستخدم كل وسائلها وأسلحتها للحصول عليه مهما كلف الأمر..
اتصلت (حنان) بصديقتها تخبرها بما حدث..وبعد جدال عن أمر المسجد كما كانت تتوقع (حنان) قالت (شيماء) في النهاية:
" رآك في الشارع أيضا؟ ..هل تسحرين الرجال يا (حنان) ؟ "
ضحكت (حنان) وقالت:
- كفي عن المزاح..
ثم استطردت:
- (شيماء) ..أنا أشعر بالخوف هذه المرة؛لا أريد أن تكون تجربة فاشلة كسابقتها
" لا تقلقي ولا تستدعي مخاوفك الآن..ولا تتعجلي أيضا "
في اليوم التالي جاء ذلك الرجل..لم تكن (حنان) قد رأته قبلا وقد أضاف لها هذا الأمر مزيدا من التوتر فوق توترها المضاعف بسبب جدالها مع والدتها
لوضع بعض المساحيق في وجهها..لكنها سمت الله ودخلت إلى حجرة الضيوف..
كان وحده..لكنها لم ترفع عينيها إليه حتى جلست..رحب به والداها ثم تركاها معه وحدهما تماما كما فعلا مع (فارس) من قبل مما ضايقها كثيرا..
أخيرا رفعت عينيها إليه..كان يرتدي زيا رسميا،ويضع النظارات..لكن ليس هذا ما لفت نظرها وإنما تلك اللحية التي كانت تزين وجهه..
شعرت بالقلق..هل يمكن أن يكون معقدا كما قالت أمها؟! ..
- كيف حالك يا آنسة (حنان) ؟
كان ينظر لها مبتسما،فخفضت عينيها وتمتمت أنها بخير..
- أنا أدعى (عمر) ..
هزت رأسها ولم تقل شيئا..
- لماذا تشعرين بالتوتر؟ ..نحن لسنا في محكمة
ابتسمت رغما عنها ثم قررت التحلي بالشجاعة..فرفعت عينيها إليه وقالت:
- لماذا أنا؟
أصيب بالدهشة لجرأتها،لكنه عاد ليبتسم قائلا:
- لأنني شعرت بالراحة عندما رأيتك أول مرة
- فقط؟
- بالطبع لا..لكنني سألت (علا) عنك فقالت فيك شعرا
احمر وجهها وخفضته مرة أخرى..كان (عمر) خفيف الظل وهو يتجاذب معها أطراف الحديث، ولاحظ نظرات والديها إليه،والتي لم تكن مبشرة أبدا..
- أنا لست موافقا على هذا الشخص
أصيبت (حنان) بالدهشة وقالت:
- لماذا؟ ..أنت لم تسأل عنه بعد
- ألم تري كيف كان؟ يبدوا أنه سيكمل إفساد عقلك كليا
اندفعت الكلمات من بين شفتي (حنان) بسرعة ودون أن تشعر:
- لكني موافقة عليه
اندهشت من نفسها قبل اندهاش والديها..لقد اندفعت دون تفكير..
- موافقة؟
- أجل يا أمي..موافقة
في هذه اللحظة ندم الأبوان على تدليلهما لابنتهما..ندما على إجابة كل مطالبها من قبل حتى صارت بهذا الشكل..فهاهي تلقي بنفسها في طريق مظلم على حد قول (سهام) ..
- سأسأل عنه أولا ثم نرى ماذا ستفعل ابنتك
شدت (سهام) غطاءها عليها وهي تقول:
- افعل ما شئت..لكن تذكر أنني لست راضية عن هذا الأمر من البداية
كانت (حنان) في ذلك الوقت تثرثر مع (شيماء) في الهاتف وتخبرها بكل ما جرى..
" ووافقت عليه بهذه السرعة؟ "
- لقد شعرت بالراحة له يا (شيماء)
" لكنك شعرت بذلك أيضا عندما تقدم إليك (فارس) "
- (فارس) كنت أشعر نحوه بالراحة في البداية،لكن بعد خطبتنا عرفت أننا لن نتفق أبدا
سكتت (شيماء) قليلا ثم قالت:
" وماذا يعمل؟ "
- إنه أستاذ في كلية العلوم
كانت (حنان) تشعر بالقلق والتوتر الشديدين..لقد وافقت قبل أن تفكر،ولا يمكنها التراجع الآن..
ماذا فعلت بنفسك يا (حنان) ؟ ..قد يكون شخصا معقدا بالفعل ويريك العذاب ألوانا..لكن لا يبدوا عليه ذلك،فهو شخص مرح جدا،كما أن أخته فتاة محبوبة من الكل في المسجد..ربما تكونين واهمة يا (حنان) ..
أخذت نفسا عميقا وقامت للوضوء كي تستخير ربها لتحسم الصراع الداخلي بها..
* * *
أخرجت (شيماء) هاتفها من جيبها وهي في استراحة الغداء بالعمل لتجد رسالة قد وصلتها منذ ربع ساعة..فتحتها وراحت تقرأ وعينيها تتسعان مع كل حرف تقرؤه..
" أعرف أن رسالتي هذه ستشعرك بالارتباك..لكني متأكد أن شعور السعادة سيكون أكبر..
لقد بدأت في إجراءات طلب زيارة لك،وسأخبرك فيما بعد بالأوراق المطلوبة منك كي تتمكني من المجيء إلى روسيا.. "
كانت (شيماء) تحملق في الهاتف وقد انفصلت عن العالم..
وكأنما برودة الجو هناك قد وصلتها عبر الهاتف فقد بدأت أطرافها بالارتجاف..
ثم وضعت يدها على قلبها لتوقفه عن الخفقان بهذه السرعة الشديدة التي تكاد تفقدها وعيها..
أعادت قراءة الرسالة عدة مرات كي تستوعب ما فيها..إنها دعوة للزيارة بالفعل..ما قرأته ليس وهما..اختلطت الفرحة بالصدمة داخلها، وكما قال فقد طغت الفرحة على كل شيء..
فور أن جاءت (حنان) لم تنتظر (شيماء) حتى تطلب شيئا لها وأخبرتها عن الرسالة..
- بأية صفة ستذهبين إليه؟ هل أنت قريبته أو زوجته؟ ..لقد كان ظني في محله،فقد فهم تصرفاتك بشكل مختلف
اختفت الابتسامة من على شفتي (شيماء) وقالت كاذبة:
- لم يفهم تصرفاتي بشكل مختلف؛إنه يعاملني كصديقة لا أكثر
نظرت لها (حنان) بحدة،فأشاحت (شيماء) بوجهها بعيدا وقالت بضيق:
- لقد بدأ في إجراءات الزيارة بالفعل
- طبعا..كي يضعك أمام الأمر الواقع
صاحت (شيماء) بحدة:
- ما بك يا (حنان) ؟ ألم تسافري معي أنا وأصدقائنا من قبل إلى تركيا؟ ..ألم تكوني تذهبين إلى البحر معنا وتتصرفين بطبيعتك؟ ..ما الذي دهاك؟
حاولت (حنان) امتصاص غضب صديقتها وقالت:
- أنا لا أنكر أنني كنت أفعل ذلك..لكن ذلك كان خطئا..وقد ابتعدت عن الخطأ عندما عرفت ذلك
- أين الخطأ فيما نفعل؟ ..نحن لا نفعل شيئا خفية،وكل ما يحدث بعلم أهلنا لأننا نقدرهم ولا نجرؤ على فعل شيء يغضبهم
- وقد قلت لك من قبل أنه ليس كل ما يوافق عليه الأهل يكون صحيحا بالضرورة
نظرت (شيماء) إليها بضيق ثم أسندت ظهرها إلى مقعدها وقالت:
- لقد وضعني أمام الأمر الواقع كما قلت أنت،وانتهى الأمر
ساد صمت ثقيل بينهما حتى انتهى موعد الغداء،ولم تتبادلا كلمة واحدة وهما عائدتان من العمل.. أوصلت (شيماء) صديقتها أولا ثم عادت هي إلى بيتها..
وبينما هي تتناول غداءها مع والدتها..لم تتوقف عن التفكير في كلام صديقتها..لقد كان هناك شيء
ما يحاول أن يجعلها تتوقف عما تقول..شيء ما يشعرها بالارتباك عندما تسمع كلمات (حنان) ..
أخرجها صوت (فريدة) من شرودها وهي تسألها عما بها..فرسمت على وجهها ابتسامة وهي تحاول نسيان ما حدث ثم أخبرتها بأمر الزيارة،لتجد أن والدتها مرحبة بالأمر كما توقعت تماما..فأقنعت نفسها أنها على حق..
وحاولت السيطرة على انفعالاتها وهي تكلم (إيفان) ليلا ليخبرها بالمطلوب منها..
* * *
كانت (حنان) تشعر بالضيق لما يحدث مع صديقتها،وتشعر أن الفجوة تزداد بينهما يوما بعد يوم.. وستزداد أكثر عندما تعرف بالخطوة التي ستتخذها ابتداءا من الأسبوع القادم..
وفي اليوم التالي اتصل (عمر) بوالد (حنان) للاتفاق على موعد لزيارة تعارف مع أهله لتصاب (حنان) بالصدمة..فقد كان والدي (عمر) لا يختلفان كثيرا عن والديها من حيث التحرر والانفتاح الشديد..
لكن هذا أزال الكثير من المخاوف داخلها لأن أهلها لن يصطدموا مع أهله،وبالتالي فرفضهم النفسي له سيتلاشى..كما أنه يتفهم وضعها مع أهلها لأنه متواجد في الوضع نفسه..
أحست (حنان) أن قرارها الذي أضمرته في نفسها قرار صحيح،وأنها لن تؤجله إلى نهاية الأسبوع..
وفي الصباح كان هاتف (شيماء) يرن بلا انقطاع..وكانت تنهي الاتصال كل مرة وهي تكمل ارتداء ثيابها وتتعجب من استعجال (حنان) ..
نزلت على الدرج مسرعة وركبت السيارة بجوار صديقتها وهي تقول:
- ما كل هذه العجلة؟ ..لقد كنـ ..
بترت عبارتها عندما نظرت إلى الفتاة الجالسة بجوارها..الفتاة التي يغطي وجهها غطاء بني فاتح.. ورغم ذلك فقد كانت تعرف هاتين العينين..
- ما بك يا (شيماء) ؟ وكأنك رأيت شبحا
أشارت (شيماء) إلى وجهها وهي تقول:
- ما هذا؟
أمسكت (حنان) بطرف نقابها وهي تقول:
- أليست مفاجأة؟
لم تتكلم (شيماء) ونظرت أمامها لتقود (حنان) السيارة وهي صامتة أيضا،وقد تأكدت أن الفجوة ستزداد بالفعل..لكن هذا لم يكن ليثنيها عن قرارها والذي كان رد فعل والديها عليه كرد فعل (شيماء) تماما..
توقفت السيارة لتقول (حنان) :
- لقد تقدمت بطلب استقالة من العمل
انفجرت فيها (شيماء) قائلة:
- أنت مجنونة..تتركين عملك وتدمرين مستقبلك المهني دون مبرر..أنا لن أناقشك فيما فعلته بنفسك فأنت حرة،لكن..
قاطعتها (حنان) قائلة بهدوء:
- (شيماء) ..أنا لم أدمر مستقبلي المهني،يمكنني العمل في مجالات أخرى تتناسب مع وضعي الحالي..
ثم واصلت:
- بعيدا عن هذا لقد أردت إخبارك أن خطبتي ستتم يوم الخميس..وأعرف أنه مهما كان الخلاف بيننا أنك ستحضرين
وكانت مظهر (حنان) مفاجأة صادمة لـ (عمر) نفسه..لكن الصدمة تبعها سرور بالغ ورغبة في تقريب موعد زواجهما..
ذهبت (شيماء) إلى خطبة صديقتها كأحد المدعوين..ولم تحضر مع صديقتها منذ الصباح كما فعلت في المرة السابقة،وكانت (حنان) تتوقع هذا..كان حفل الخطبة مريحا،وكانت (حنان) قد أصرت أن يكون في البيت تجنبا لأية مشكلات..
وفي المساء اتصلت (شيماء) بـ (حنان) ..
" لقد عرفت الآن من الذي أجبرك على هذا..لذا فأنا أنصحك بالتفكير في الأمر مجددا يا (حنان) "
رفعت (حنان) حاجبيها دهشة وقالت:
- من الذي أجبرني؟
" خطيبك..فبالتأكيد هو يريد فتاة تتناسب مع مظهره "
ضحكت (حنان) وقالت:
- هل ستصدقين إن قلت لك أنه صدم عندما رآني؟ ..
وأخذت نفسا عميقا ثم تابعت:
- لقد كنت أفكر في هذا الأمر منذ مدة،وعندما تقدم (عمر) لخطبتي وأحسست بالراحة له رأيت أن أفضل وسيلة أشكر بها الله عليه أن عوضني بشخص مثل (عمر) أن أرتدي النقاب مرضاة لله
لم تعقب (شيماء) ..وانتهت المكالمة وهي تتمنى لصديقتها حظا طيبا..
* * *
كان موعد زيارة (شيماء) إلى روسيا في آخر أكتوبر،واستطاعت أن تحصل على إجازة من العمل بشق الأنفس..
وبعد شهر كانت (شيماء) في الطائرة المتجهة إلى موسكو حيث ينتظرها (إيفان) الذي وصل إلى صالة الانتظار قبل ساعتين من وصول الطائرة..
كان ينظر إلى الساعة كل خمس دقائق تقريبا وهو يشعر أن الوقت يمر بطيئا ولزجا،مما زاد من توتره..
لكن أخيرا..هبطت الطائرة في موسكو..
الفصل السادس عشر
التقت عيناه بعينيها دون أن يبحث كثيرا بين المسافرين..وكان قلبه يخفق احتفالا بقدومها..
عانقها لتشعر بنفس الرجفة التي شعرت بها من قبل..
- حمدا لله على سلامتك..ومرحبا بك في روسيا
- شكرا
كانت تشعر بسخونة في وجنتيها من الخجل،وفوجئت به يأخذ حقيبتها من يدها ويدفعها أمامه وهو يشير لها لتتحرك..
- كيف كانت رحلتك؟ لا بد أنك شعرت بالضيق لطول الوقت
- بعض الشيء..لكني حاولت قتل الوقت بالنوم
كان قلبها لا يكف عن الاضطراب منذ أن رأته..رأت عينيه مرة أخرى..هذا ليس حلما..
استقلا سيارة أجرة إلى محطة القطارات،وقد كانت السيارة دافئا نوعا ما بالمقارنة بالجو خارجها والذي لم يزد على أربع درجات مئوية..
- الطريق ليس طويلا..ساعة واحدة وسنكون في محطة القطار
أحست برجفة خفيفة عندما مال على أذنها في تلك اللحظة..كانت تعجب من حالها؛فقد كانت تتصرف بحرية مع (سامح) أو أي صديق لها،لكن (إيفان) كان مختلفا..كانت بقربه تشعر بشيء غريب،لكنه محبب إلى نفسها..
لم يتحدثا كثيرا في الطريق،ثم وصلا أخيرا إلى محطة القطارات..وبعد أن أنهيا إجراءات الدخول جلسا ينتظران..
- أمامنا أقل من ساعة على موعد القطار..
ثم أردف:
- أعرف أنك متعبة من الرحلة..لكن روسيا مساحتها كبيرة كما تعرفين
ابتسمت وقالت:
- أعرف..لكن من قال أنني متعبة؟
نظر لها بود ثم استأذن منها ليعود بعد قليل بكوبين يتصاعد منهما البخار،وقال وهو يقدم لها أحدهما:
- أنت لم تعتادي على جونا البارد بعد
وجلس بجوارها فقالت وهي تمسك الكوب بكلتا يديها طلبا للدفء:
- شكرا لك..
ثم واصلت:
- لا تقلق فقد أعددت العدة لذلك
كانت الساعة تقترب من السابعة مساء،والجو يزداد برودة..ومضى الوقت في الحديث حتى جاء الموعد وركبا القطار..
- الرحلة ستكون طويلة بعض الشيء
قال (إيفان) هذه العبارة وهو يشعر بالسعادة لأنه سيقضي أكبر وقت ممكن بجوارها..ولم يكن يعلم أنها تبادله ذات الشعور..
- أشعر أنني في حلم..فأنا لم أكن أتخيل أنني سأتمكن من زيارة روسيا في يوم من الأيام
التفت إليها (إيفان) وقال متسائلا:
- لماذا؟
- عندما كنت طالبة كنت أتعلم الروسية في المركز الثقافي الروسي،وكانت هناك مسابقة جائزتها رحلة إلى روسيا لمدة أسبوع..
وسكتت قليلا ثم تابعت:
- لكنني لم أتقدم للمسابقة بسبب وفاة والدي في ذلك الوقت
شردت قليلا في ذكرياتها فقال (إيفان) بنبرة حاول إضفاء بعض المرح عليها:
- ولماذا اخترت الروسية بالذات؟
انتبهت (شيماء) من شرودها وقالت:
- كنت أريد لغة غير تقليدية،فالإنجليزية والفرنسية والإسبانية أو اللغات اللاتينية عموما صارت منتشرة..فكرت في تعلم الصينية لكني عدلت عن ذلك..وبعد بحث استقر اختياري على الروسية
- جيد أنك اخترتها..
بدأ القطار بالتحرك..ونظرت له (شيماء) مستفهمة فقال:
- لأنك لو لم تختاريها لما التقيتك..
تزايدت ضربات قلبها واحمر وجهها فخفضته وقد أصيبت بالارتباك..لكنه لم يهتم لارتباكها وواصل وهو يقترب منها أكثر:
- أنت لا تعرفين ماذا فعلتِ بحياتي منذ أن رأيتك..
تعالى صوت دقات قلبها ليصم أذنيها عن كل ما حولها إلا من صوته..
- لم أعد أرى الدنيا إلا من خلال عينيك
كانت تحملق فيه وقد أصابها الذهول..لقد صح توقعها الذي حاولت تجنب التفكير فيه من قبل.. نظراته التي أطل منها الشوق واللهفة عندما رآها فضحت ما بقلبه قبل أن يتكلم..
اعتدل في مقعده وهو يحاول السيطرة على مشاعره التي أعلنت العصيان لتفصح عن نفسها..لكن إلى متى سيظل صامتا؟ ..إلى متى؟ ..
ظلا صامتين لدقائق ثم قال (إيفان) محاولا تغيير الجو العام:
- ألا تريدين معرفة مسار جولتك السياحية؟
التفتت إليه وقد رسمت ابتسامة على شفتيها ثم قالت:
- بلى
أخرج دفترا صغيرا من جيبه ثم فتحه وراح يخبرها عن أهم المعالم التي سيذهبان إليها..
- كنت أتمنى لو أنكِ جئتِ في الصيف لتشاهدي الليالي البيضاء والاستمتاع بنزهة في النهر..
ثم نظر في عينيها مباشرة وتابع:
- لكني لم أستطع انتظار عام كامل دون أن أراك
مرة أخرى لم يستطع كبح جماح مشاعره..فواصل الحديث محاولا أن يبدوا هادئا..
مرت الساعات الأربع بسرعة بالنسبة له،لكن عزاءه أنه سيقضي أسبوعا كاملا معها تحت سقف واحد..
وصلا إلى المنزل بعد منتصف الليل وقد نام كل من بالمنزل لانشغالهم في الصباح..عدا (فاليريا) وأمها..كانتا مستيقظتين في انتظار ضيفتهم..
دخل (إيفان) إلى البيت وبعده (شيماء) ..ثم وضع الحقيبة بجوار الباب وسلم على أمه وأخته ثم قال مشيرا إلى (شيماء) :
- (شيماء) ..صديقتي المصرية..
ثم وجه كلامه لـ (شيماء) قائلا:
- هذه أمي..وهذه أختي (فاليريا) والتي ستشاركينها غرفتها طيلة إقامتك معنا
رحبت بها الأم ودعتها لتناول عشاء خفيف أعدته لهما،ثم استأذنت منهم للنوم لأن لديها عملا في الصباح..
خلعت (شيماء) معطفها لتأخذه منها (فاليريا) وتعلقه على المشجب المجاور للباب ثم تجلس معهما على الطاولة..
- حمدا لله على سلامتك
نظرت (شيماء) إلى (فاليريا) وشكرتها..كانت عينيها كأخيها تماما..اختلط فيهما الرمادي بلون ا
لسماء،وقد بدا فيهما السرور لوجودها معهم..
- ألن تذهبي للكلية في الصباح؟ ..ادخلي لتنامي
ابتسمت بخبث وقالت:
- أريد أن أريها مكان نومها في الغرفة،لذا فسأنتظر معكما
قطب (إيفان) جبينه وقال بضيق:
- أريها الغرفة الآن ثم اتركيها تأكل
ضحكت (شيماء) رغما عنها،ثم ذهبت مع (فاليريا) إلى الغرفة..
- سأنام أنا على هذا الفراش وأنت على الآخر
كانت غرفة فتاة بالفعل،فطلاء جدرانها كان ورديا،وأثاث الغرفة رقيق وبسيط..
- شكرا لك يا (فاليريا) ..أرجو أن أكون ضيفة خفيفة
- لا تقولي هذا..لقد كنت أنتظرك على أحر من الجمر؛فـ (إيفان) كان يتكلم عنك كثيرا في الآونة الأخيرة
احمر وجه (شيماء) وقالت بحذر:
- ماذا كان يقول؟
- هل انتهيت يا (فاليريا) ؟
التفتت الفتاتان لتجدا (إيفان) يقف أمام الباب،فقالت (فاليريا) بخبث:
- سأحضر حقيبتها إلى الغرفة
ودفعته بيدها دفعا خفيفا وهي خارجة من الغرفة،فهز (إيفان) رأسه وقال:
- هيا فالطعام سيبرد
خرجت معه ثم عادت (فاليريا) لغرفتها..وجلست (شيماء) إلى المائدة وبجوارها (إيفان) ..وقد كان الطعام دافئا ولذيذا..
- أعجبك؟
أومأت (شيماء) برأسها ثم قالت:
- بيتكم جميل
ابتسم ورشف من حسائه ثم قال:
- هذا هو بيتنا منذ أن ولدت
- لقد جعلتك تسهر ولن تستطيع الذهاب لعملك غدا
هز رأسه وقال وهو ينظر إليها مباشرة:
- لن أذهب للعمل فقد أخذت إجازة لمدة أسبوع
رغم الإضاءة الخافتة إلا أنها رأت في عينيه ذلك الشوق الذي رأته من قبل..فخفضت وجهها نحو صحنها وقالت وهي تعبث فيه بالملعقة:
- أنت تحصل على الكثير من الإجازات
- لا تنسي أنني صاحب العمل
ابتسمت ثم واصلت الأكل..وبعد أن انتهت شكرته على الطعام ثم قالت بعد تردد:
- ستنام؟
- هل ستنامين أنتِ؟
ابتسمت وقالت:
- لا أشعر بالنعاس
- ولا أنا
قالها وقام من على كرسيه فقالت بحرج:
- لا بد أنك متعب
- لا تقلقي علي..لقد نلت قسطا كافيا من النوم قبل أن ألقاك
كان يكذب فهو لم يغمض له جفن طيلة الليلة الماضية،وراح يتقلب في فراشه وهو يشعر بالتوتر لاقتراب موعد وصولها إلى روسيا..
- ما رأيك أن نخرج إلى الحديقة؟
- لا بأس
كادت أن تخرج خلفه لكنها فوجئت به يعترض سبيلها وهو يقول:
- ستخرجين هكذا؟ ..
لم تفهم مقصده إلا عندما وجدته يحضر معطفها ليلبسها إياه..
- لا تنسي أن ترتدي معطفك دوما قبل خروجك من البيت،فدرجة الحرارة منخفضة جدا..نحن لسنا في مصر
أزاحت يده بلطف لتكمل ارتداء معطفها وقد أصابها الارتباك..ثم خرجت من الباب ليلفح وجهها تيار من الهواء المثلج ارتجفت على إثره وهي تتبع (إيفان) إلى الحديقة..كان البيت مكونا من طابق واحد وكانت الحديقة خلف المنزل..
جلس (إيفان) على إحدى الأرائك ثم أشار لها لتجلس بجواره..جلست وهي تنقل بصرها بين أرجاء المكان وتقول:
- مكان جميل
- عندما ترينه في النهار سيعجبك أكثر..
ثم مال على أذنها وقال هامسا:
- هل تريدين معرفة ماذا كنت أقول؟
التفتت إليه وعلى وجهها علامات الدهشة وقالت:
- تقول ماذا؟!
قال بنفس الصوت الهامس:
- عندما كنت أتحدث إلى (فاليريا) عنك..
اندفع الدم إلى وجهها وشعرت بسخونة وجنتيها رغم برودة الجو،لكنه لم يلحظ ذلك بسبب الإضاءة الضعيفة،ورغم ذلك فقد أشاحت بوجهها حياء..لكنها فوجئت بيده تدير وجهها إليه وهو يقول:
- لماذا تبعدين عينيك عني؟ ..لماذا لا تريدينني أن أقرأ ما أخفيته بهما؟ ..أنا لم أنم منذ البارحة وأنا أفكر في اللحظة التي سأرى فيها عينيك
رغم سخونة وجنتيها إلا أن أطرافها كادت تتجمد..لكن ليس بسبب برودة الجو..فخفضت وجهها قليلا وقالت محاولة تغيير دفة الحديث:
- ألم تقل أنك نمت جيدا؟
خرجت الكلمات مرتجفة من بين شفتيها،وأدركت أن جسدها يرتجف هو الآخر..وقبل أن تضيف كلمة أخرى أحاط جسدها بذراعه وضمها إليه..
ازداد ارتجاف جسدها فضمها إليه أكثر،لتشعر بقلبه المضطرب كقلبها..وبدأت نبضات قلبه تبث لها الدفء فأراحت رأسها على صدره وقد انهارت مقاومتها واعترفت لنفسها أخيرا بما رفضته قبلا..
إنها تحبه..تحبه بجنون..لا تعرف متى بدأت الشرارة،لكن هذا لا يهمها فهي تشعر أنها تحبه منذ زمن طويل،ربما قبل أن تلتقيه..كانت فكرة مجنونة لكنها تصدقها..ولم تكن تدري أنه كان يشاركها الشعور ذاته..أنه أحبها منذ زمن..وقد أحس في هذه اللحظة بما تكنه نحوه من مشاعر..
مد يده الأخرى وأمسك بكفها ليدفئها،ليصبح إحساسه يقينا..إنها تحبه كما يحبها هو..لقد تسللت إلى قلبه بهدوء لتقلب حياته رأسا على عقب،فكان يفتقدها في كل مكان يذهب إليه،وفي كل عمل يقوم به.. أصبحت جزءا من حياته دون أن تشعر هي بذلك،وبعدها عنه كان يترك فراغا مؤلما لديه..
- لقد كنت أتمنى هذه اللحظة منذ زمن..أن تكوني بقربي لا يفصل بيننا شيء..لكن لو كنت تعرفين كم أحبك لما ابتعدت عني أبدا
خفض رأسه و نظر إليها ليفاجأ بأنها قد نامت..ابتسم ثم راح يمسح على شعرها وقد بدأت دقات قلبه تهدأ..تمنى لو أنها ظلت بقربه للأبد،لكنه كان مضطرا لإيقاظها كي تنام في الداخل حيث الدفء..
- (شيماء) ..
كان يربت على كتفها بلطف ففتحت عينيها
لتنتبه أنها نامت على صدره..ابتعدت عنه قليلا وهي تشعر بالخجل فقال يمازحها:
- ألم تقولي أنك لا تشعرين بالنعاس؟
ابتسمت بخمول وقامت من مكانها،ودخلا معا إلى المنزل..ثم تركته ودخلت إلى غرفة (فاليريا) بهدوء..بدلت ثيابها ثم ارتمت على الفراش لتغط في نوم عميق..