تنهدت وقامت بتبديل ثيابها لتستعد للنوم حين سمعت صوت الرسالة القصيرة..
لم تكمل ماكانت تفعل وهرعت إلى الحاسوب لترى رسالته يسألها فيها إن كانت لا تزال مستيقظة.. فردت بالإيجاب ثم وافقت على طلب المكالمة،لكنها وفي اللحظة الأخيرة انتبهت أنها لم تكمل ارتداء ثيابها فقفزت من أمام الشاشة بسرعة ثم عادت بعد أن ارتدت ثيابها..
" كيف حالك؟ ..لقد كنت قلقا عليك طوال تلك المدة "
ابتسمت في سرور وقالت:
- آسفة لكن حدثت أمور كثيرة منعتني من التواصل معك
بدا القلق على وجهه وقال بحذر:
" هل لخطيبك السابق يد في تلك الأمور؟ "
- لا..لكنها أمور تخص إحدى صديقاتي..
ثم أردفت:
- كما أن (سامح) لم يعد له وجود في حياتي على الإطلاق
تنهد بارتياح وتابعا الحديث لمدة ساعة كاملة لم يشعر بها أحدهما..
* * *
لم يتوقف (مصطفى) عن محاولاته للتقرب من (شيماء) مما جعلها عصبية في الآونة الأخيرة..
- لا أدري ما الذي يريده ذلك السمج؟ ..أريده أن يعرف أنني لا أطيق رؤية وجهه لكنه لا يفهم
مطت (حنان) شفتيها في ضيق وقالت:
- إنه عنيد..يريد أن يحصل عليك بأية وسيلة،ولا يريد أن يكون هو الطرف الخاسر في الموضوع
لم تعلق (شيماء) وحملت حقيبتها استعدادا للعودة إلى البيت..
وبعد أيام كانت تجلس مع (نهى) حين جاء (مصطفى) ليسلم عليها..زفرت في ضيق ولم تسلم عليه، فجذب كرسيا ليجلس معهما لتنظر له بتعجب..
كانت (نهى) هي الأخرى متعجبة مما يحدث لكنه قام بتعريف نفسه وانخرط معها في الحديث..وبعد دقائق جاءت صديقة ثالثة لهما لينظر إليها (مصطفى) مبهورا..
كانت فتاة جميلة فلم يرفع عينيه عنها طيلة الجلسة،كما أنها كانت تضحك بدلال وتضرب كفها بكفه وهم يلقون النكات..وبدا لـ (شيماء) أن (مصطفى) يتجاوز أكثر مع صديقتها ليضايقها..فهزت رأسها مشفقة عليه..ثم انتهت الجلسة بأن تبادل (مصطفى) وتلك الفتاة أرقام الهواتف وهو ينظر لـ (شيماء) بانتصار..
وروت (شيماء) ما حدث لـ (حنان) فضربت كفا بكف وهي تقول:
- إنه مجنون بالتأكيد..
ثم تابعت وهي تضحك:
- لكن مجيء (دينا) خلصك من ذلك الشخص للأبد
ضحكت (شيماء) بدورها وهي تقول:
- لم تري نظراته لي..كان يظن أنني سأصاب بالجنون عندما أراه مع أخرى
- إنه يثأر لكرامته لا أكثر..دعك منه فهو شخص تافه
وأخيرا شعرت (شيماء) بالسلام والراحة من ملاحقة (مصطفى) لها،وبدأ مزاجها يتحسن..رغم أنها كانت تراه بعض الأحيان وهو يتعمد الظهور أمامها مع (دينا) ..
ومر الوقت وبدأ فصل الصيف ليخبرها (إيفان) أنه قد قرر قضاء أسبوع في مصر كما أخبرها من قبل..
- هذا جيد
كانت تتحدث والسعادة تغمرها،فقال:
" لكني لن آتي للقاهرة "
تغيرت ملامحها وقالت:
- لماذا؟
" لأنني سأذهب إلى الغردقة.. "
امتقع وجهها وتذكرت ما حدث معها في آخر مرة مرة ذهبت إلى هناك..
" ما بك؟ هل هناك شيء ما؟ "
هزت رأسها وقالت وهي تحاول رسم البهجة على وجهها مرة أخرى:
- لا شيء..
ثم تابعت:
- أنا سأذهب إلى هناك أيضا مع عائلتي فلدي إجازة سنوية لمدة أسبوع
" متى؟ "
- في منتصف يوليو
" إذن أخبريني في أي يوم لأرتب حجز طائرتي "
نظرت له غير مصدقة..سيرتب أموره لأجلها؟! ..تسارعت ضربات قلبها وسرت رجفة لذيذة في جسدها جعلتها تبتسم وقد احمرت وجنتاها قليلا..
* * *
- كنت أعرف أنكِ لن تأتي هذه المرة أيضا
قالت (حنان) :
- بإمكاني الذهاب لكن ليس إلى الأماكن التي تذهبين إليها
تركت (شيماء) الثياب التي ترتبها في الحقيبة ووضعت يديها على خصرها وهي تقول وقد ضيقت عينيها:
- ماذا تعنين بكلامك هذا؟
ضحكت (حنان) وقالت:
- أعني الأماكن الصاخبة التي تحبينها
نظرت لها (شيماء) في شك فقالت (حنان) وهي لا تزال تضحك:
- لا تسيئي الظن بي
رمتها (شيماء) بقميص لها وتابعت ترتيب حقيبتها..
وفي الموعد المحدد سافرت مع أمها وخالها وزوجته وخالتها وزوجها وأبنائهم جميعا..وبعد أن استقروا في بيتهم في الغردقة كانت (شيماء) تنتظر مكالمة (إيفان) الذي أعطته رقم هاتفها من قبل كي يكلمها فور أن يصل..لكنه لم يتصل حتى اقترب المساء فشعرت بالقلق..
وقبيل منتصف الليل رن هاتفها وهي تجلس في شرفة البيت مع العائلة فنظرت إلى شاشته لتجد رقما غير مسجل..
اضطرب قلبها ودخلت إلى البيت ثم ردت..
" لقد وصلت إلى الغردقة منذ ساعة تقريبا "
كان صوته يكفيها لتشعر بالاطمئنان..
- حمدا لله على سلامتك
" كنت أريد أن أراك اليوم لكن الوقت قد تأخر "
ساد بينهما صمت لبعض الوقت،قطعته (شيماء) قائلة:
- إذن أراك غدا صباحا
ووصفت له أحد المقاهي ليلتقيا عندها..
وقفت أمام المقهى تفرك يديها كعادتها عندما ترتبك وهي تنظر يمينا وشمالا تنتظر قدومه..وأخيرا ظهر على أول الشارع،فغزت ابتسامة شفتيها وراحت تلوح له كي يراها..
- انتظرتِ طويلا؟
كان يمد يده لها فصافحته وهي تقول:
- لا..لقد جئت في موعدك تماما
كانت تتأمله عبر عدسات نظاراتها الشمسية وهي تشعر أنها تراه لأول مرة،خاصة عينيه..كانت تشعر أنها تنظر إلى البحر من خلالهما..
انتبهت من شرودها وقالت أخيرا:
- تعال معي كي أعرفك بعائلتي
وصلا إلى الفيل