مسألة : هل لخلاف الأصوليين فى حكم الإحتجاج بالحديث المرسل أثر فى الفروع ؟ .
.
?? أولا : نذكر تعريف الحديث المرسل ، وأقوال العلماء فى حكم الإحتجاج به ، وبيان الراجح .
المرسل عند الأصوليين هو قول غير الصحابى : قال رسول الله كذا بإسقاط الواسطة بينه وبين النبى أو هو ، أو هو رواية التلميذ عن شيخ شيخه ، وهو بهذا الإطلاق يشمل المرسل والمنقطع والمعضل .( ينظر شرح الكوكب لابن النجار ) .
والمرسل عند المحدثين هو" قول التابعى : قال رسول الله كذا " . ( ينظر نزهة النظر لابن حجر ) .
.
وقد اختلف العلماء فى الإحتجاج بالحديث المرسل على عشرة أقوال ، يرجع حاصلها إلى ثلاثة أقوال :
? القول الأول : القبول مطلقا
وإليه ذهب أبو حنيفة ومالك وجمهور أصحابهما ، وأكثر المعتزلة ، وهو أحد الروايتين عن أحمد ، وقد حكاه النووى فى شرح صحيح مسلم عن أكثر الفقهاء .
? القول الثانى : الرد مطلقا
وإليه ذهب الإمام أحمد فى رواية عنه وهو قول أهل الظاهر والباقلانى ، واختاره الغزالى ، وهو مذهب جمهور المحدثين.
?القول الثالث : التفصيل
واختلف هؤلاء على ثلاثة أقوال :
? الأول : الفرق بين من لا يرسل إلا عن ثقة فيقبل مرسله ، وبين من عرف أنه يرسل عن الثقة والضعيف فلا يقبل مرسله .
وذهب إلى هذا يحيى القطان ، وعلى ابن المدينى وغيرهما .
?الثانى : إذا كان المرسل من أئمة الجرح والتعديل ، وجزم بما أرسله فيقبل ، وإلا فلا
وذهب إلى هذا جماعة من الأصوليين : منهم إمام الحرمين وابن الحاجب .
?الثالث : إذا كان المرسل من كبار التابعين ، ولم يرسل إلا عن عذر ، وأسنده غيره أو أرسله ، وشيوخهما مختلفين ، أو عضده عمل صحابى ، أو الأكثر ، أو قياس ، أو انتشار ، أو عمل العصر فإنه يقبل الحديث المرسل ، وإلا فلا .
وهذا هو التحقيق فى مذهب الشافعى وأكثر أتباعه .
.
والراجح فى هذه المسألة هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية فى شأن الإحتجاج بالمرسل وعدمه حيث يقول فى كتابه منهاج السنة :
" والمراسيل قد تنازع الناس فى قبولها وردها ، وأصح الأقوال ، أن منها المقبول ، ومنها المردود ، ومنها الموقوف ، فمن علم من حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة ، قبل مرسله ، ومن عرف أنه يرسل عن الثقة وغير الثقة ، كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله فهذا موقوف ، وما كان من المراسيل مخالفا لما رواه الثقات كان مردودا " ثم توسع رحمه الله فى بيان ذلك .
............
?? ثانيا : الجواب على أصل مسألتنا :
اختلفوا فى ثمرة هذه المسألة على قولين :
? القول الأول : هذا الخلاف فى حكم الإحتجاج بالحديث المرسل لا يترتب عليه أى ثمرة عملية .
وقد ألمح إلى هذا ابن عبدالبر فى التمهيد حيث يقول " ثم إنى تأملت كتب المناظرين والمختلفين من المتفقهين ، وأصحاب الأثر من أصحابنا وغيرهم ، فلم أر أحدا منهم يقنع من خصمه إذا احتج عليه بمرسل ، ولا يقبل منه فى ذلك خبرا مقطوعا ، كلهم عند تحصيل المناظرة ، يطالب خصمه بالإتصال فى الأخبار " .
? القول الثانى : أن الخلاف خلاف حقيقى يترتب عليه آثار فقهية فى الفروع ، وهذا هو الراجح ، فالناظر فى كتب الفقه يجد مسائل خلافية سببها اختلافهم فى الإحتجاج بالحديث المرسل ، ومن هذه المسائل :
?مسألة نقض الوضوء بالضحك فى الصلاة ، والجمهور على أن الضحك لا ينقض الوضوء ، خلافا للحنفية الذين قالوا بأن الضحك ينقض الوضوء ، مستدلين بما روى أبو العالية أن رسول الله كان يصلى ، فجاء ضرير فتردى فى بئر فضحك طوائف ، فأمر النبى الذين ضحكوا أن يعيدوا الوضوء والصلاة "
? مسألة نقض الوضوء بالدم والقئ ، وهذا قول الأحناف مستدلين بالحديث المرسل " من قلس أو قاء أو رعف فلينصرف فليتوضأ وليتم صلاته " ، لكن عند مالك والشافعى أن الدم والقئ لا ينقض الوضوء ، وردوا هذا الحديث ، لأنه مرسل لا يحتج به .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=2210022955903366&id=100006870492641