المقطع السابق يتضمن بيان صور الإقعاء في الجلوس في الصلاة، وهي التي وردت في درس الأسبوع الماضي في ذكر مكروهات الصلاة، وهي كما يلي :
١_ أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه، وهذا التفسير منقول عن الإمام أحمد رحمه الله، ونسبه أبو عبيد في غريب الحديث (٢١٠/١) إلى أهل الحديث.
٢_أن ينصب فخذيه وساقيه ويجلس على إليتيه،. وهذه هي التي ذكرها أبو عبيد عن العرب، ونقلها الموفق في المغني (٢٠٦/٢) والشارح (٥٩٢/٣) وصاحب المبدع (٩/٤) وذكرها البهوتي في الكشاف (٤٠٩/٢) وشرح المنتهى(٤٢١/٢).
[فما ورد في الروض من كون الموفق في المغني اقتصر على الصفة الأولى ليس بدقيق]
٣_ أن ينصب قدميه ويجلس على إليتيه، وهذه الصورة ذكرها بعض فقهاء الحنابلة كالمجد في المحرر (١٤١/١)، والسامري في المستوعب (١٨٠/١)، والفتوحي في المنتهى (٦١/١) ومرعي في الغاية (١٧٧/١)، وقد ذكر البهوتي في الروض أنها الصفة الواردة عند العرب، ولعل هذا سبق قلم منه، وأظنه تبع في ذلك ابن عبدالهادي في جمع الجوامع فيما نقله عنه العنقري في حاشيته (٤٢٧/١) أنه عزاه لأبي عبيد، والحقيقة أن المشهورة عند العرب هي الصفة الثانية المذكورة آنفا
٤_ أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه، وهذه ذكرها بعض الحنابلة كالمجد في المحرر(١٤١/١)، والسامري في المستوعب (١٨٠/١)،
وذكر الخلوتي في حاشية المنتهى (٣١٢/٢) أن ظاهر عبارة الفتوحي في المنتهى تدل على أنه لو نصب قدميه وجلس على عقبيه أنه لا يكون مكروها، وختمها بقوله (وهل هو كذلك؟)
ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله تفسير الإقعاء بها في رواية حرب (ص٤٤٣)، والمنقول في رواية إسحاق بن منصور الكوسج يحتمل الصفتين الأولى والرابعة (٥٧٢/٢)
و المشهور في مذهب الحنابلة كراهة الإقعاء [الإنصاف٥٩٢/٣].
وقد ورد عن الإمام أحمد رحمه الله رواية أخرى باستحبابه كما في المقنع والإنصاف (٥٩٢/٣) والفروع (٢٧٥/٢) ، وقد نص في رواية مهنا كما في طبقات الحنابلة (٤٣٧/٢) على كون العبادلة ورد عنهم الإقعاء، وورد في صحيح مسلم عن ابن عباس وصف الإقعاء بأنه هو السنة ، وأورد حرب في مسائله عن ابن عمر في صفة الإقعاء أنه يقعي على أطراف قدميه جميعا بين السجدتين(ص٤٤٣) ومن أصول أحمد رحمه الله الأخذ بقول الصحابي ، والظاهر أن ما ذكر أن عن الإمام أحمد رحمه الله رواية أخرى في استحباب الإقعاء فالمقصود به على الصفة الأولى أو الأخيرة، وليست شاملة لكل الصفات.
ومما يدل على عدم شمول رواية الاستحباب لكل الصفات : أن الصفة الثانية وهي المشهورة عن العرب قال عنها الموفق (٢٠٦/٢) : ( لا أعلم أحدا قال باستحباب هذه الصفة)، وكذا النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم ذكر أنها مكروهة بالاتفاق (٢١٥/٤)
وقد ذكر البهوتي رحمه الله في الروض الصورة الأولى والثالثة فقط.
والله أعلم وأحكم
كتبه / عبدالله بن عبدالرحمن الميمان
ليلة الجمعة ١٤٤٣/٥/١٣