كتاب سيبوبة صرح مفرد في تراثنا العربي، لا يعادله في شأنه أي كتاب آخر. فهو على قول السيرافي:" لم يسبقه إلى مثله أحد قبله، و لم يلحق به من جاء بعده". لقد شاد سيبوبة بنيان النحو العربي، بفكره عبقري، و اطلاع واسع، و استقراء شامل. و ما زال النحاة منذ اثني عشر قرنا عيالا عليه، يأكلون من مائدته، و يرجعون إلى ما خطه و رسمه فلا يأتون بجديد.
و قد شغل " الكتاب" علماء المسلمين في القرون الماضية، فشرحوه أو اختصروه، أو اعترضوا على بعض ما فيه، أو دافعوا عنه. و عني المستشرقون- قبل العرب المسلمون- بطبعه و تحقيق نصه. فقد ظهرت أول طبعة منه في باريس بعناية المستشرق ديرنبورغ عام 1881م. ثم توالدت طباعته في الهند و مصر. لكن هذه الطبعات " المشرقية" لم تبلغ حد الإتقان، فطبعتها مصر البولاقية و الهارونية هما، في الأساس، عالة على طبعة ديرنبورغ، مع قليل من التصحيح و التحسين ففي سبيل التمهيد لطبعة جديدة متقنة، لكتاب سيبوبة، رأيت أن أخص بحثي بأصوله المخطوطة المعروفة في العالم، التي ينبغي الرجوع إليها، و ذلك مما أتيح لي الاطلاع عليه أثناء تطوافي بين مكتبات العالم، أو ما أحطت به علماء من زملائي و أردفت ذلك بملاحظاتي على طبعة " الكتاب" الأخيرة.
المخطوطات
إن المخطوطات المعروفة في كتاب سيبوبة هي على ثلاثة أقسام:
1- مخطوطات معروفة استخدمت في طبعات الكتاب المختلفة.
2- مخطوطات ذكرها بروكلمن.
3- مخطوطات جديدة لم يذكرها بروكلمن و لم يرجع إليها في تحقيق النص.
القسم الأول
إن أول طبعة لكتاب سيبوبة و هي طبعة المستشرق درنبورغ التي صدرت في باريس عام 1881و 1889م كانت تعتمد على المخطوطات التالية:
1- مخطوطة باريس، رقم 1155، ليس عليها تاريخ النسخ، و رجح ديرنبورغ أنها ترجع إلى منتصف القرن الثامن الهجري.
2- نسخة المتحف الأسيوي في بطرسبرغ رقم 403. تاريخ نسخها سنة 1138هـ.
3- نسخة المكتبة الإمبراطورية العامة في بطرسبرغ، رقم 161. لم يذكر تاريخ نسخها.
4- نسخة المكتبة فينا رقمها 769، فيها الثلث الأخير من الكتاب. لم يذكر تاريخ نسخها.
5- نسخة دار الكتب المصرية 139 نحو قال: ربما رجع خطها إلى القرن الثالث. الجزء الأول فقط.
6- نسخة دار الكتب المصرية. رقم 140 نحو. و هي حديثة.
7- نسخة دار الكتب المصرية. رقم 141 نحو، سنة 1139 هـ.
8- نسخة الإسكوريال الثانية، كتبت بخط مغربي . لا تاريخ نسخها.
9- مخطوطة اعتمد عليها ناشر الطبعة من الكتاب للأستاذ لبشير الدين أحمد. و قد صرت في كلكته سنة 1887م. يقول الأستاذ هارون:لها أصل المستقبل لم يعرف. قلت: لعله اعتمد على إحدى مخطوطات الهند.
10- مخطوطات اعتمد عليها ناشر الطبعة الثالثة من " الكتاب" أعلى طبعة البولاق الصادرة سنة 1316-1318 هـ( 1898-1900م)، لعلها مخطوطات دار الكتب المصرية. لكن هذه الطبعة اتخذت طبعة ديرنبورغ أصلا لها.
11- و الطبعة الأخيرة الرابعة هي تحقيق العالم الأستاذ عبد السلام هارون. اتخذت أصلا لها المخطوطة 65 نحو م، الموجودة بدار الكتب. و صفها الأستاذ هارون فقال:" مجهولة الكاتب و التاريخ". و لم يحدج تاريخ كتابتها على وجه التقريب، بالأستاذ إلى خطها أو ورقتها، و لا ذكر المزايا التي دفعته إلى اتخاذها أصلا.
و بعد أن مضى في التحقيق ظهر له أن المخطوطة رقم 141 نحو الموجودة بدار الكتب أصح من أصله الأول. فاعتمد عليها. و هذا يدل على أنه لم يدرس المخطوطات الموجودة قبل البدء بالتحقيق.
و المخطوطة رقم 141 هي التي اعتمد عليها ديرنبورغ. و قد كتبت سنة 1139 هـ. فهي مخطوطة حديثة نسبيا.
12- ورجع الأستاذ هارون أيضا إلى مخطوطة بدار الكتب رقمها 12 محو ش، و هي حديثة جدا، كتبت سنة 1305 هـ.
و كذلك رجع إلى المخطوطات التي انتفع بها من قبله المستشرق ديرنبورغ. أي: المخطوطة 139م نحو. التي قال عنها الأستاذ هارون:" الانتفاع بهذه النسخة جد عسير، و لا تصلح لغير الاستئناس، و أنها أوراق متناثرة، بخطوط مختلفة، بعضها أحدث من بعض، فيها كثير من القفزات.. (مقدمة هارون، ص 55،56).
و المخطوطة 140 نحو، و هي نسخة حديثة أيضا.
القسم الثاني
ما ذكره بروكلمن من المخطوطات ( الأصل 1 ص100- المذيل الأول ص160،495).
1- نسخة في الموصل رقم252.
2- نسخة في المشهد.
3- نسخة في باتنة ( الهند) رقم 1596.
القسم الثالث
ما عرفناه من المخطوطات و لم يذكره بروكلمن.
1- مخطوطة كتاهية ( مكتبة كتاهية – وحيد باشا) بتركيا، رقم 1484 من أول الكتاب إلى الجزء الثاني.
في آخر الجزء الأول:" نجر الجزء الأول من كتاب سيبوبة، وهو عشر الكتاب بخط عبد الله بن عيسى بن عبد الله المرادي الأندلسي، المتوطن بدمشق فرغ من كتابه في ربيع الآخر سنة أربع و ثمانين و خمسمائة (584هـ).
و هي في 170 و رقة.
2- مخطوطة كوبرولي، استانبول ، رقم 1500، من القرن السابع الهجري، و هي رواية الرباحي. و على أطرافها هوامش ثمينة جدا. و هي في 467 ورقة.
3- مخطوطة مراد ملا، رقم 1717، بخط مغربي مشكول. قوبلت و صححت. كتبها عبد الرحمن