(أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فتح لأوليائه طريق الوسائل، وأجرى على أيديهم الكريمة أنواع الفضائل، فمن اقتدى بهم انتصر واهتدى، ومن حاد عن طريقهم انتكس وتردى، ومن تمسك بأذيالهم أفلح وأدرك، ومن قابلهم بالإعتراض انقطع وهلك.
أحمده حمد من علم أن لا ملجأ منه إلا إليه، وأشكره شكر من تحقق أن خيري الدنيا والآخرة بيديه، وأستعينه استعانة من لا يعول في الأمور إلا عليه، وأصلي على سيدنا محمد وعلى آله وأسلم عليه وعلى آله عدد خلق الله الكريم وأفضاله.
واعلم وفقك الله أن جميع ما قيدت إنما هو قطرات من بحر زخار لا قعر له ولا ساحل، تلاطمت أمواجه فتطايرت علينا منها قطرات نفعنا الله بها، فتلك القطرات هي التي لو قيدتها لزادت على مائتي كراس.
وأما العلوم التي في صدر الشيخ رضي الله عنه فلا يحصيها إلا ربه تعالى الذي خصه بها، والله تعالى يوفقنا لما يحبه ويرضاه ويسعدنا بحسن قضاه.
فأقول وبالله تعالى أستعين وإياه أسأل، ومنه أستمد، وإليه أرغب، وبه أستكفي، فهو حسبي ولا أزيد: إن هذا المجموع المبارك المقصود منه هو جمع بعض ما سمعناه من شيخنا رضي الله عنه؛ ولا بد أن نقدم على ذلك مقدمة تتعلق بشمائل هذا الشيخ الكريم، وكيف كانت بداية أمره وكيف كان فتحه، ومن لقنه الذكر والشيوخ الذين لقيهم في الظاهر وفي الباطن وغير ذلك مما ينجر إليه الكلام