صدر خلال هذا السبوع العدد 99 من مجلة المناهل (أبريل- ماي- يونيو 2020)، التابعة لوزارة الثقافة المغربية، وهي المجلة التي اختفت منذ سنوات من الأكشاك قبل أن تعود في حلة جديدة وبطاقم تحرير جديد منذ العدد 98.
ويتناول العدد الجديد من هذه المجلة (عدد 99) ملف المنجز في حقل الدراسات التاريخية المغربية، وقد أشرف على تنسيقه وإعداد مواده الأستاذ خالد بن الصغير والباحث خالد طحطح، ويتناول هذا الملف “إطلالة عامة ومقتضبة على ما تحقق إنجازه في حقل الدارسات التاريخية المغربية، بإسهام ثلة من الباحثين في حقل الدراسات التاريخية والاجتماعية والأدبية، ينتمون إلى أجيال مختلفة، إلى جانب مقالات متنوعة، وقراءات في دراسات حديثة الصدور.
لم تكتف مواضيع الملف بإطلالة على المنجز بل حضرت الرؤية النقدية والتساؤلات “بشأن التوجهات البحثية المستقبلية أمام استمرارية هشاشة بنيات التأطير وافتقار الجامعات لهياكل بحثية فاعلة، حيث غدت هذه الأخيرة تكرس جهودها للتدريس ولا تهتم إلا لماما بالبحث العلمي، فضلا عن تعثر فرق التكوين والتأطير والمراقبة، ولذلك كان من اللازم إخضاع هذه التجربة الحديثة للنقد والمراجعة، حيث أنجزت تقارير سابقة عن حصيلة البحث التاريخي بالمغرب على مستوى المواضيع والمضامين والخصائص، بإسهام عدد من الأساتذة الجامعيين. وكان الهدف منها تقييم صيرورة البحث والوقوف عند المنجزات والثغرات”.
وباستحضار الخلاصات والتوصيات، التي انتهت إليها التقارير السابقة، وبالخصوص التقرير العام الذي أنجز سنة 2009م حول “أوضاع العلوم الإنسانية والاجتماعية بالمغرب” بإشراف محمد الشرقاوي، حيث قدم الأستاذ عبد الأحد السبتي تقريرا عن حصيلة اتجاهات البحث التاريخي وخصوصياته.
واستكمالا لهذا الاتجاه في الرصد، ارتأى المشرفان على مواد العدد في هذا الملف “مقاربة حصيلة البحث التاريخي المغربي من خلال إجراء قراءة في الإنتاج التاريخي منذ نشأة الجامعة المغربية وإلى اليوم للوقوف عن كثب على ما تم إنجازه وتحقيقه على مستوى القضايا المطروحة والمجالات”، والهدف “تنوير الأوساط الثقافية المغربية والعربية غير المتخصصة في البحث التاريخي وتمكينها من الاطلاع على بعض الجوانب المهمة من الممارسة العملية في حقل التاريخ المغربي”.
في هذا العدد الخاص من مجلة المناهل يقف القارئ المغربي على وضعية ما تحقق في الدراسات التاريخية المغربية، ففيما يتعلق بالدراسات المرتبطة بالتاريخ القديم تناول الباحث هشام الركيك في دراسته الواقع والمأمول من البحث الأركيولوجي بالمغرب.
وفي نفس السياق المرتبط بالماضي السحيق يقدم الباحث سمير آيت أومغار التاريخ البيئي باعتباره مدخلا لدراسة التفاعل بين المجتمعات الانسانية منذ القديم وإلى اليوم. بالنسبة للتاريخ العلائقي وتاريخ الآخر تناول مقال الباحث محمد مزيان رصيد الأبحاث المنجزة حول علاقات المغرب الدولية (مع أوروبا، الولايات المتحدة الأمريكية، العثمانيين، افريقيا).
أما مساهمة الباحث أحمد الشكري فتركز على تقديم حصيلة الدراسات الإفريقية بالمغرب، وتبيان خصوصيات التجربة المغربية في حقل الدراسات التاريخية الافريقية تحديدا. ويستكمل مقال الانتاجات التاريخية حول الغرب الصحراوي للباحث عبد الحميد فائز الرؤية من خلال محاورته لبعض المقاربات والإشكالات والمفاهيم الإجرائية والزوايا المنهجية المعتمدة في هذه الأبحاث والدراسات العابرة للحدود الجغرافية والتخصصات الحقلية. وفي الارتباط بتاريخ الآخر باعتباره مرآه عاكسة للإخفاقات الذاتية ووسيلة للمراجعة والنقد وإعادة البناء وقف الباحث يحيى بولحية في مقاله اليابان بعيون مغربية على تمثل هذه التجربة.
أما في مجال التاريخ الديني، فألقت ورقة الباحث ربيع راشدي الأضواء على حصيلة البحث في التاريخ الديني المغربي.
واستكملت دراسة الباحث عمر لمبغيبشي هذا الجانب من خلال تناول تاريخ الأقليات الدينية في المغرب وركز بالخصوص على المنجز في تاريخ الأقلية الدينية اليهودية المغربية.
ومن المجالات التي لقيت اهتماما كبيرا في الآونة الأخيرة من طرف عدد من الدارسين والمؤسسات البحثية والتي استحضرها الملف أيضا، نجد الدراسات المهتمة بتاريخ الأندلس، وفي هذا الصدد تلقي مقالة الباحث عبد السلام الجعماطي الموسومة بالدراسات الأندلسية بالمغرب حصية وآفاق الضوء على أسباب تأخر ظهور المدرسة التاريخية الأندلسية بالمغرب، وكيف انتقل الشغف بالأندلس وتراثها وثقافتها إلى صميم انشغالات المؤرخين المغاربة.
وارتباطا بنفس الحقل التاريخي تستكمل دراسة الباحث محمد رضا بودشار الحصيلة من خلال التركيز على دراسات الأندلسيين المتأخرين (الموريسكيين) بالمغرب.
يتجه الاهتمام اليوم في المغرب إلى حقول جديدة، منها تاريخ الزمن الحاضر، بالرغم من العوائق التي تواجهه، وقد توقفت دراسة الباحث الطيب بياض على إشكالية الصحافة والتا