كان الوردي عالماً إجتماعياً فذاً لم يال جهداً في دراسة مجتمعه ووضع إصبع النقد على جروحه، وظل طوال عمره الذي تجاوز الثمانين عاماً مخلصاً لهدفه العظيم ساعياً للإرتقاء بمجتمعه إلى مراقي المجتمعات الحضارية المتقدمة… فكان يحاول أن يغير (الرافدين) إلى (الراين) أو (السين).
وأن يحول مواطن (الهور) أو (كرمة بني سعيد) أو (عرب مشعان) أو (جمجمال) إلى مواطن (الكونكورد) أو (الشانزليزيه) أو (الأوبرا) أو (هوليود) أو (بروكسل) أو (لاهاي) أو (لوزان)… أو يحول (باب المعظم) حيث جامعة بغداد إلى (سان ميشيل) حيث جامعة السوربون…
إن أهمية هذا الكتاب – وما سيليه – تأتي أولاً من كونه أضطم على محاضرات كتبها الوردي بعد بلوغه الثمانين من عمره، وثانياً لأنه ادخرها عند (فرعونه) تاركاً له حق تعزيزها بمعلوماته الدقيقة التي استمدها من معايشته الطويلة له في حله وترحاله.