هذه المشكلة تدعى بمفارقة السعادة. من غير المحتمل أن تملك الأنشطة التي تزيد البهجة بشكل مباشر مردودًا كبيرًا. لقد أدرك نيتشه هذه المشكلة وتكلم فيها عندما قال أن البهجة ترافق الإنسان لكنها ثابتة لا تتحرك معه. من يحب جمع الطوابع لا يفعل ذلك لأنه يجعله سعيدًا، ولكن لأنه يجد المتعة في ذلك. فالسعادة أثر جانبي هنا. وفي الحقيقة، لا يٌسر من عانى لسنوات طوال في صنع تحفةٍ ما بسبب هذه التحفة بذاتها، بل إنه يجد المتعة عندما يرى الجمال الذي خلقه بعد تلك المعاناة.
بالتأكيد هناك فكرة معاكسة لفكرة نيتشه. لقد أدان المفكر البريطاني الكبير برتراند راسل نيتشه في كتابه الرائع “تاريخ الفلسفة الغربية”. من بين انتقاداته الرئيسية لنيتشه ما رآه وحشيًا وانفتاحًا على المعاناة عنده. قارن راسل أفكار نيتشه بأفكار بوذا الحنون متخيلًا نيتشه وهو يصرخ قولًا:
“لماذا نمضي نحو التباكي لكون الناس التافهين يعانون؟ أو، في هذا الصدد لأن الرجال العظماء يعانون؟ يعاني الناس التافهون بشكل تافه ويعاني الرجال العظماء بشكل عظيم، فلا ينبغي لهم الأسف على الآلام العظيمة لأنهم نبلاء. مُثُلك العليا هي فكرة سلبية بحتة، وغياب المعاناة يمكن تحقيقه إذا لم تكن موجودًا. من جهة أخرى أنا أملك مثل عليا إيجابية. فأنا معجب بألكيبادس والإمبراطور فريدريك الثاني ونابليون. في سبيل هؤلاء الرجال, أي بؤس ممكن يستحق العناء؟”.
يقارن راسل أفكار بوذا مقابل هذا النص. ويدعي أن أي مراقب محايد سينحاز إليه دائمًا. رأى راسل، الذي كانت تفسيراته لفلسفة نيتشه أقل من أن تعتبر دقيقة -حيث عانى من ضعف الترجمات التي عمل عليها- رأى أن فلسفته تشكل نقطة انطلاق للفاشية وتصب تركيزها على الألم.
لذا إذا كنت تقدر شيئًا ما أكثر من الحصول على السعادة، ما مدى استعداك لتلقي المعاناة حتى تحصل عليه؟ يرى نيتشه أنك ستتخلى عن كل شيء مقابل حصولك على قيمة عليا. البعض الآخر لا يوافق هذا الطرح. فهل أنت قادر على السعي وراء السعادة ونيلها؟ أم أن نيتشه محق في أنه يجب عليك التركيز على شيء آخر، على المعنى حتى تأمل نيل الرضا لاحقًا؟
2
@Nietzsche1