قناة

مكتبة فهارس و كتب في اللغة العربية

مكتبة فهارس و كتب في اللغة العربية
9.0k
عددالاعضاء
620
Links
55,270
Files
11
Videos
2,691
Photo
وصف القناة
. تابعة لسلسلة قنوات مكتبة ١١:١١ الثقافية 📚👇 https://t.me/L_alnader2 للإبلاغ عن محتوى مخالف 👇 بوت القناة @alnader412_bot
‏"وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي"
"وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ"

إشارة إلى نحو ما قال بعض الحكماء :
"إن الله تعالى إذا أحب عبداً
تفقده كما يتفقد الصديق صديقه" ❤

.
غريب القرآن للأصفهاني
مكتبة فهارس و كتب في اللغة العربية
هَذِهِ القَنَاةُ مُخَصَّصَةٌ للفهارس وَالرَّسَائِلُ وَالكُتُبُ لِلُغَةٍ العَرَبِيَّةُ فِي العِرَاقِ وَالعَالَمُ العَرَبِيُّ تُعِينُ الطَّالِبَ فِي بَحْثِهِ عَنْ المَوْضُوعَاتِ وَكَذَلِكَ بَعْضُ المَرَاجِعِ وَالمَصَادِرِ....
https://t.me/MmfalconandSsadifalcon
المدارس اللسانية العربية:
1- المدرسة البيانية مع الجاحظ
2- مدرسة النظم مع الجرجاني
3- المدرسة الشمولية مع السكاكي
4- المدرسة الارتقائية مع ابن خلدون

إن علماء العرب، مثل الجاحظ والجرجاني والسكاكي وابن خلدون هم الذين أسّسوا المدارس اللسانية العربية، وبإمكاننا أن نتحدث عنهم في هذا الحديث بداية من المدرسة البيانية مع الجاحظ ثم مدرسة النظم مع الجرجاني ثم المدرسة الشمولية مع السكاكي لنصل إلى المدرسة الارتقائية مع ابن خلدون.
1- المدرسة البيانية مع الجاحظ
كان من الأصح أن نقول المدرسة البيانية -التبيينية- حتى نلتزم بعبارة الجاحظ وبفكره كما كانا في عنوان كتابه المشهور «البيان والتبيين»، لأن إتباع التبيين للبيان الذي كان بالإمكان الاستغناء عنه في العنوان طلبا للاختصار دفع بالجاحظ إلى تجشم المسالك الوعرة لاستيعاب مدارك الكلام في جميع مضانها، لأن البيان إن كان يعبر بالخصوص عن هذه الظاهرة اللسانية الإنسانية التي تمثل الأمانة التي عرضها الله على السماوات والأرض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان لأنه كان ظلوما جهولا، وهي بالتالي ظاهرة غيبية بالدرجة الأولى، فإن التبيين موضوع من الجاحظ لوصف العلاقات اللسانية التي تجري في عالم الشهادة وتجمع بين المتكلم والمخاطب وتنقل البيان إلى بلاغة، والكلام إلى رسالة مع ما تتضمنه الرسالة من إلقاء وتلقي ورموز ومعاقد وحال ومقال ومقام كما تشرحه اليوم اللسانيات الحديثة.
والتأمل في حقيقة الكلام وفي كيفية إنشائه وتطويره وعلاقته بالإنسان منذ بدء الخليقة إلى أن صار بلاغة في سياسة الكون والكلام. كل هذا ضمنها في كتابيه «البيان والتبيين» و«الحيوان»، وقد اعتمد في ذلك على ما جاء في القرآن خاصة مما جعله أول ممثل للمدارس الكلامية المستمدة من القرآن الكريم.
بدأ الجاحظ بتلخيص أنواع الدلالات في خمسة لا تزيد ولا تنقص، هي: اللفظ ثم الإشارة ثم العقد ثم الخط ثم النصبة. وسر هذا التصنيف لا يزال لغزا، لكن يبدو أنه قائم على النظرة الارتقائية التي تتلخص في عبارة «العالم الصغير سليل العالم الكبير» الشهيرة عنده حيث ينحدر اللفظ من الإشارة، والإشارة من العقد، والعقد من الخط، والخط من النصبة.

2- مدرسة النظم مع الجرجاني
النظم كما تصوره الجرجاني يعني كيفية تركيب الكلام انطلاقا من الجملة البسيطة ليصل إلى نظم القرآن في تراكيبه الصوتية والدلالية والنحوية والبلاغية والأسلوبية والغيبية الإعجازية. والنظم باختصار يعني تأليف الحروف والكلمات والجمل تأليفا خاصا يسمح للمتكلم والسامع أن يرتقيا بفضل بديع التركيب إلى مدارك الإعجاز في المعاني علما بأن المعاني تملأ الكون وتعمر الفضاء واختيار تركيب من التراكيب في النص كاختيار مسلك من المسالك في البر والبحر قد يؤدي بالسالك يعني المتكلم إما إلى الوصول إلى الغاية التي يقصدها في بر النجاة أو إلى الضلال والهلاك، والنظم كالبناء والنسج يتم في معاقد النسب والشبكة، فمعاقد النسب تبرم الخيوط التي تذهب طولا، ومعاقد الشبكة تبرم الخيوط التي تذهب عرضا، فإذا نسجت خيوط الطول في خيوط العرض حصل النظم.
3- المدرسة الشمولية مع السكاكي
كتاب السكاكي «مفتاح العلوم في البلاغة»، كان له تأثير كبير على الأجيال التالية، فصارت آراؤه مرجعا للدارسين جعلته أكبر مدرسة لسانية في العربية، ولا يعرف الدارسون مدرسة مماثلة لها من حيث الاتساع والشمول في الثقافات الأخرى.
وقد صنف السكاكي العلوم اللسانية في شكل شجرة أصلها ثابت في قواعد اللغة وفروعها في السماء تشمل جميع أنواع الكلام.
والتطور يشمل أولا فرعين: النحو والصرف، ثم يرتقي النحو والصرف إلى درجة البلاغة، فيخلف علم المعاني «النحو» وعلم البيان «الصرف»، ويخلف مقتضى الحال في البلاغة مقتضى الوضع في النحو بإدراج المنطق والاستدلال في العملية عملية التحويل كما يدرج مع مقتضى الحال مقتضى المقام ومقتضى المقال، ويرتقي من البلاغة إلى علوم الأسلوب في مستوى علم البديع، فيخلف البيان المحسنات اللفظية والمعاني المحسنات المعنوية، ولا يعرف العلماء عندنا حتى الآن أن انتقال السكاكي من البيان إلى المعانـي ليس شيئا آخر سوى انتقال من علم البلاغة إلى علم الأسلوب الذي أصبح علما قائما بذاته اليوم، وجعل الكثير من الأدباء واللسانيين لا يميزون بين الطائف الدقيقة في البلاغة والأسلوب، وجعلهم يعدون الوجوه البديعية زبدا رابيا يذهب جفاء ولا ينفع الناس. وقد ساهم بعض أصحاب البديع بتصنعهم وتكلفهم في تأكيد هذا الانطباع، وبعد البديع يرتقي الكلام إلى مرتبة الشعر مع العروض والقافية. فالعروض يخلف التراكيب النحوية والمعنوية، والقافية تخلف البيان، وعند اكتمال هذه الطبقات كلها ينتقل إلى الأدبية. ومفهوم الأدب يجمع بين القول والعمل يعني بين التربية [التأديب] والقول الحسن، وليس فوق الأدب إلاّ الإعجاز القرآنـي الذي ينقل القول والفعل الحسن إلى مدارك الغيب حيث يلتقي صواب القول بصواب العمل.
وهكذا يطمح السكاكي في مفتاحه إلى ا
لنفاذ إلى جميع العلوم اللسانية والغيبية.
4- المدرسة الارتقائية مع ابن خلدون
إن النظرية الارتقائية مبنية على طبقات خمس متراصفة يعبر عنها ابن خلدون بالأطوار، ويقصد بالطور الفترة الزمنية التي ينتقل فيها الكائن لسانيا كان أو إنسانيا أو حيوانيا من صورته الأولى إلى صورة أخرى كما أن لو كان حقيقة أخرى وليست تطورا داخليا لحقيقة واحدة تنتقل من طور إلى طور حتى تنتهي إلى غايتها.
والطور عند ابن خلدون هو الحال عند البلاغيين، وقد أخذوه عن المتصوفة ووظفها ابن خلدون لبناء نظرية التحصيل وهي تنص على أن المعنى ينشأ أول ما ينشأ عن الفعل، فإذا تكرر الفعل صار صفة، وإذا تكررت الصفة صارت حالا (أعني صفة غير ثابتة)، وإذا تكررت الحال صارت ملكة (أي مقاما كما يقول المتصوفة)
والنظام الخماسي هذا يجري في تسلسل مطرد من أسفل إلى أعلى صعودا، ومن أعلى إلى أسفل نزولا في صورة هرمية أو في شكل شجرة أصلها ضيق وهو واسع، وفرعها واسع وهو ضيق دقيق، هذه الشجرة هي المنوال الذي رصت فيه جميع المعاني التي تعمر الكون كلمات كانت أم أشخاصا وأشياء.
وهي أعيان متفرقة، إذا جمعت ونظمت شكلت أكوانا متراصفة في منوال عمراني واحد، إذا ركبت في الأفعال كانت عمرانا فعليا، وإذا ركبت في أفكار وألفاظ لسانية كانت عمرانا فكريا وكلاميا. والذوات التي في آخر كل أفق من العوالم مستعدة لأن تنقلب إلى الذوات التي تجاورها من الأسفل والأعلى استعدادا طبيعيا كما في العناصر الجسمانية البسيطة وكما في النخل والكرم من آخر أفق النبات مع الحلزون والصدف من أفق الحيوان، وكما في القردة التي استجمع فيها الكيس والإدراك مع الإنسان صاحب الفكر والروية. وهذا لا يعني أكثر مما يعنيه مبدأ «العالم الصغير سليل العالم الكبير» الذي بنى عليه الجاحظ نظريته.
وهذا التطور الارتقاؤي إذا طبقناه على الكلام كان الارتقاء كالتالى،ففي الأسفل نجد الدلالات التي لا تتحدد أبعادها إلاّ إذا أدرجت في شبكة نحوية، والشبكة النحوية لا تظهر قيمتها الكلامية إلاّ إذا أدرجت في الطبقة التي فوقها طبقة البلاغة. والبلاغة التي هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال ترتقي إلى طبقة الأسلوب التي تجمع العبارة البلاغية وتضيف إليها البديع أي إبداعات المتكلم، لأن الأسلوب هو العلامات الدالة على شخص المتكلم أو الصانع للعمران.
وكيفية صنع التراكيب الكلامية ككيفية صنع التراكيب العمرانية تخضع للذكاء والحذق، ولذلك فكر ابن خلدون في الجمع بين التراكيب العمرانية والتراكيب اللسانية في علم واحد للتراكيب سماه فقه التراكيب. ففقه التراكيب هو كل شيء في نظرية ابن خلدون. والتراكيب الارتقائية هي وحدها التي تمكن من الارتقاء إلى مدارك الأعجاز في القرآن الكريم بحيث يمكن القول أن التراكيب المعنوية تبدأ عند العناصر العليا المؤلفة لنظم القرآن الذي لا تدركه إلاّ خواص النفوس.
وهذه التراكيب أوسع من أن يحاط بها في قواعد معينة وهي التي يجب تعليمها للناشئة بالجمع فيها بين التراكيب اللسانية والتراكيب العملية كما تجري بالفعل في الواقع اليومي الميداني وفي العلاقات بين الأشخاص في الأحوال والمقامات التي يعيشون فيها، وهي خلاصة منوال ابن خلدون.
وفقه التراكيب يتلخص في نظر ابن خلدون في مفهوم الأسلوب، وهو أسمى ما توصل إليه التفكير الخلدوني في لسانيته الارتقائية.
الجهود الدلالية عند ابن جني: (320هـ-392هـ)

من خلال كتابه "الخصائص":

في القرن الرابع الهجري، ينهض ابن جني عالماً لغوياً، قدم دراسات كانت ولازالت لها فاعليتها في الثقافة اللغوية، والنشاط الفكري، إنْ على المستوى النظري المنهجي أو على المستوى الإجرائي التطبيقي. ولذلك يعد ابن جني من أعظم العلماء الذين قدموا نموذجاً مشرقاً لمباحث اللغة في التراث العربي المعرفي، فبدت اللغة العربية في "خصائصه" لغة لا تدانيها لغة لما اشتملت عليه من سمات حسن تصريف الكلام، والإبانة عن المعاني بأحسن وجوه الأداء، كما فتح أبواباً بديعة في العربية لا عهد للناس بها قبله كوضعه لأصول الاشتقاق بأقسامه، ومناسبة الألفاظ للمعاني([1]) ومنها "تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني"، كما ناقش ابن جني مسألة نشأة اللغة التي كانت تشغل مكاناً مهماً في البحوث اللغوية آنذاك، وأوضح بتعليل منطقي أن اللغة أكثرها مجاز صار في حكم الحقيقة، وما يبرز قدرة ابن جني على رصد الظواهر اللغوية وتحليلها بمنطق علمي، هو ما قدمه حول التفريع الدلالي للفعل في "خصائصه". وفيما يلي سنعرض لبعض تلك المسائل عرضاً نحاول من خلاله إبراز جهود ابن جني في ميدان "الدلالة".
أ-اللفظ والمعنى:

تناول ابن جني في كتابه الخصائص عرض ثلاث علائق متصلة هي: العلاقة بين اللفظ والمعنى، والعلاقة بين اللفظ واللفظ، ثم العلاقة بين الحروف ببعضها. وأفرد لذلك أبواباً من ذلك "باب في تلاقي المعاني على اختلاف الأصول والمباني" حيث عرض فيه لاشتراك الأسماء في المعنى الواحد ورده لوجود تقارب دلالي بين تلك الأسماء، يقول في مستهل هذا الباب: "هذا فصل من العربية حسن كثير المنفعة، قوي الدلالة على شرف هذه اللغة، وذلك أن تجد للمعنى الواحد أسماء كثيرة، فتبحث عن أصل كل اسم منها فتجده مفضي المعنى إلى معنى صاحبه "وفي ذلك إشارة إلى وقوع الترادف في اللغة الذي كان ينكره بعض علماء اللغة في عصر ابن جني ومنهم أستاذه أبو علي الفارسي. وما اشتهر به صاحب الخصائص هو إبراز لظاهرة لغوية تتمثل في تقارب الدلالات لتقارب حروف الألفاظ، وهو ما سماه "تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني" سجل فيه أن مخارج حروف اللفظ التي تقترب من مخارج حروف لفظ آخر، هما متقاربان دلالياً لتقاربهما فنولوجياً وتلك خاصية من خصائص اللغة العربية. وهذه الملاحظة تنم عن دقة وعمق رؤية ابن جني لنظام اللغة ففي شرحه للفظ "أزا" الوارد ذكره في قوله تعالى: "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً"([2]) يقول ابن جني في قوله تعالى: "تأزهم أزاً": أي تزعجهم وتقلقهم، فهذا في معنى تهزهم هزاً والهمزة أخت الهاء، فتقارب اللفظان لتقارب المعنيين، وكأنهم خصوا هذا المعنى بالهمزة لأنها أقوى من الهاء، وهذا المعنى أعظم في النفوس من الهز، لأنك قد تهز مالا بال له، كالجذع وساق الشجرة، ونحو ذلك"([3]). كما قدم ابن جني تطبيقات أخرى مست ألفاظاً وجد بين حروفها اشتراكاً في الصفات الفنولوجية، فأفضى ذلك إلى تقاربها في الدلالة من ذلك المقابلة بين فعل (ج ع د) والفعل (ش ح ط). يقول ابن جني: "فالجيم أخت الشين والعين أخت الحاء والدال أخت الطاء". كما كان يرى أن هناك مناسبة طبيعية بين الصيغة المعجمية ودلالتها، وذلك فيما يخص أصوات الطبيعة. وهي مسألة لم تكن محل خلاف بين العلماء في عصره، إلا أن ابن جني قدم تعليلاً بديعاً، للخليل بن أحمد ولسيبويه، يفسر العلاقة الطبيعية بين الصوت ودلالته، فيقول الخليل: "كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة ومداً فقالوا: صر وتوهموا في صوت البازي تقطيعاً فقالوا: صرصر". ويقول سيبويه في المصادر التي جاءت على وزن فعلان أنها تأتي للاضطراب والحركة نحو القفزان والغليان، والغثيان فقابلوا بتوالي حركات المثال توالي حركات الأفعال"([4]). وهذا ما أدرجه ابن جني في باب "إمساس الألفاظ أشباه المعاني"، إذ التأليف الصوري للفظ يرسم القيمة الدلالية للمعنى الذي يقابله، وإن كان ذلك صعباً تطبيقه على كل عناصر النظام اللغوي إلا أن ذلك يبقى طرحاً جريئاً من قبل ابن جني له قيمته العلمية وسبقه المعرفي في عصره، وهي محاولات كانت تنتظر من يعطيها طابع النظرية الشاملة بعد ابن جني، ولكن وجد أتباع لم يكملوا ما بدأه أبو الفتح ابن جني وإنما انتحلوا بحوثه ونسبوها إلى أنفسهم كابن سيده صاحب كتاب "المحكم" المتوفى سنة 458هـ([5]). وقد قام ابن جني بذات الصنيع في باب الاشتقاق، خاصة في تلك التقلبات المورفولوجية الستة التي تنتج عن الصيغة المعجمية الثلاثية، إلا أنه بعد أن ربط تلك الصيغ دلالياً بالصيغة الأم، وجد صيغاً مهملة لا واقع لغوي لها، وكان في بعض الأحيان يلحق الأمثلة قسراً بالقاعدة وتلك ملاحظة أخذه عنها علماء اللغة، بل إن ابن جني نفسه قد أقر بصعوبة المسلك في إجراء التقلبات الستة وربطها بدلالة الأصل الثلاثي فقال: "وهذا أعوص مذهباً، وأحزن مضطرباً وذلك أنا عقدنا تقاليب الكلام الستة على القوة والشدة…"([6]) إن علاقة الرمز اللغوي بدلالته لا يمكن –كما قرر ا
لدرس اللساني الحديث- أن تكون قسرية ولا طبيعية، لأن ذلك سيبقى النظام اللغوي في حالة من الجمود ولكن القول بالعلاقة الاعتباطية أو الكيفية (arbitraire) بين اللفظ ودلالته، يعطي للغة، المرونة اللازمة خلال التغيّر الذي يطرأ على البنية اللغوية من جراء الأحداث الناجمة عن الاستعمال اللغوي وعن تطور بعض المدلولات، ما كان التغير ليحصل لو لم تكن الإشارة بالحقيقة "كيفية" أي اعتباطية"([7]).

ب-التفريع الدلالي للفعل: يعقد ابن جني تفريعاً دلالياً للفعل يضبط سماته الذاتية والانتقائية، فأبرز معايير تنتظم وفقها العلامة اللسانية الدالة، وقد خصّ ابن جني الفعل وكان يسميه اللفظ. بهذا التوزيع لكونه "يعد القطب الرئيسي في العملية الإبلاغية إذ أنه النواة الدافعة للحركة المتجددة المتوخاة من الأحداث المحققة في الواقع اللغوي، ولذلك فإن الأفعال كما قال آدم سميث (A.smith) نطفة اللغات([8]). فالفعل يحمل دلالة بنيته المورفولوجية، كما يقدم لنا سمات الفاعل ومكوناته الأساسية، إضافة إلى الدلالة الزمانية التي تعين على تحديد قيمة الدلالة العامة للصيغة المعجمية. يقسم ابن جني الدلالة إلى ثلاثة أقسام: الدلالة اللفظية والدلالة الصناعية والدلالة المعنوية، ويفاضل بينها جاعلاً الدلالة اللفظية على رأس الدلالات الثلاثة ثم تليها الدلالة الصناعية فالمعنوية. يقول ابن جني: "فمنه جميع الأفعال، ففي كل واحد منها الأدلة الثلاثة. ألا ترى إلى قام و(دلالة لفظه على مصدره) ودلالة بنائه على زمانه، ودلالة معناه على فاعله فهذه ثلاث دلائل من لفظه وصيغته ومعناه"([9])ويمكن توضيح ذلك بالرسم التالي:

الدلالة اللفظية (المعنى).

الدلالة التفريعية للفعل الدلالة الصناعية (الزمن).

الدلالة المعنوية (الفاعل).

1-الدلالة اللفظية: وهي الدلالة المعجمية ودلالة البنية المورفولوجية على الحدث، وقد عدّها ابن جني على رأس الدلالات الثلاثة لأنها "دلالة أساسية تعد جوهر المادة اللّغوية المشترك في كل ما يستعمل من اشتقاقاتها وأبنيتها الصرفية"([10]) ففعل "قعد" مثلاً يدل بصيغته المعجمية على حدث خاص ذي دلالة معينة وهو المصدر "القعود"، وإنه متعلق بفاعل تعلقاً معنوياً، ومنه اشتقت صيغ أخرى لها ارتباط بالدلالة الأساسية للفعل منها: مقعد –متقاعد- قاعدة وما إلى ذلك من الصيغ. وما يجدر ذكره أن قيمة الدلالة الأساسية للصيغة الصرفية، تعتبر المركز الذي يستقطب كل الدلالات المتفرعة عنه، بحيث تدْخل في علائق وظيفية مختلفة وتبقى مشدودة إلى الدلالة اللفظية للفعل.

2-الدلالة الصناعية: وهي دلالة بنية (اللفظ) المورفولوجية على الزمن، وهي تلي الدلالة اللفظية لأن اللفظ يحمل صورة الحدث الدلالي المستغرق لحيز زماني يقول ابن جني "وإنما كانت الدلالة الصناعية أقوى من المعنوية من قبل إنها وإن لم تكن لفظاً فإنها صورة يحملها اللفظ، ويخرج عليها ويستقر على المثال المعتزم بها، فلما كانت كذلك لحقت بحكمه وجرت مجرى اللفظ المنطوق به فدخلا بذلك في باب المعلوم بالمشاهدة"([11]). فكانت الدلالة الصناعية مع أنها دلالة غير لفظية وإنما يستلزمها اللفظ في حكم الدلالة اللفظية، التي هي صورة تلازم الفعل، فأين كان هو مشاهداً معلوماً كان الزمن المقترن به معلوماً بالمشاهدة أيضاً، من مسموع اللفظ، وينظر ابن جني في هذا المجال إلى المصدر على أنه مجال مفتوح على الأزمنة الثلاثة فيقول: "وكذلك الضرب والقتل: نفس اللفظ يفيد الحدث فيهما، ونفس الصيغة تفيد فيهما صلاحهما للأزمنة الثلاثة على ما نقوله في المصادر"([12]).

3-الدلالة المعنوية: إن الفعل يحدّد سمات فاعله الذاتية والانتقائية، الأساسية والعرضية، وذلك من جهة دلالته، ويعرف ذلك بطريق الاستدلال، فيتحدد جنس الفاعل، وعدده، وحاله، ليس من الصيغة الفونولوجية للفعل بل من مؤشرات خارجة عن الفعل. ففعل (قعد) يدل على حادث مقترن بزمن ماض، وقد يتعرض مجاله الزمني إلى الاتّساع ليشمل زمن الحاضر أو المضارع المستقبل في سياق لغوي يحمل خصائص تركيبية ودلالية ومقامية معينة، أما دلالته على (الفاعل) فهي دلالة إلزام، يقول ابن جني "ألا تراك حين تسمع (ضَرَب) قد عرفت حدثه وزمانه، ثم تنظر فيما بعد، فتقول: هذا فعل ولابدّ له من فاعل، فليث شعري من هو؟ وماهو؟ فتبحث حينئذ إلى أن تعلم الفاعل من هو وما حاله، من موضع آخر لا من وضع مسموع ضرب، ألا ترى أنه يصلح أن يكون فاعله كلّ مذكر يصحّ منه الفعل مجملاً غير مفصّل"([13]). إن السمات المعنوية التي رصدها ابن جني في هذا المقام يمكن على ضوئها وضع نسق تفريعي لفئة (الفاعل) تخصّ كل فعل من اللسان العربي وتوضيحه كالآتي:

فعل يلزم فاعل مكوناته الذاتية والانتقائية



مكوناته الذاتية والانتقالية

ويورد ابن جني تفريعاً دلالياً لصيغ مختلفة من الألفاظ (الأفعال)، يحدّد على ضوئها سمات عامّة تخصّ الفعل وصاحبه فيقول: "وكذلك (قطّع) و(كسّر)، فنفس اللفظ ها هنا يفيد معنى الحدث، وصورته تفيد شيئين: أحدهما الماضي، والآخر تكثير الفعل، كما أن (
الثالث: النظرية التحليلية –ص72.

([17]) الخصائص ج2، ص442.

([18]) المصدر السابق، ج2، ص442.

([19]) المصدر السابق، ج2، ص443.

([20]) انظر المصدر نفسه، ج2 من، ص442 إلى ص458.

([21]) المصدر نفسه، ج1، ص66.

([22]) المصدر نفسه، ج2، ص488: انظر التعليل الذي قدمه للتركيب (قام زيد) على اعتباره تعبيراً مجازياً.

([23]) سورة البقرة الآية: 31.

([24]) الخصائص ج1، ص40-41.

([25]) الخصائص، ج1، ص46.

([26]) غلوة السحر: الغاية في سباق الخيل، يريد أنه يدنو من غاية السحر.

([27]) المصدر السابق، ج1، ص47.

([28]) المصدر نفسه، ج1، ص47، وانظر باب في اللغة: أفي باب واحد وضعت أم تلاحق تابع منها بفارط –ج2- ص28-29-30.
ضارب) يفيد بلفظه الحدث، وببنائه الماضي، وكون الفعل من اثنين، وبمعناه أنّ له فاعلاً فتلك أربعة معان…"([14])فالتفريع الدلالي الإضافي الذي يكمل به ابن جني تفريعه الأول يمكن توضيحه كالتالي:

إن هذه السمات الدلالية للفعل وما ينضوي تحتها من سمات فرعية محدّدة، هي في جورها سمات مميزة للفعل (كسّر)، الذي له توارد خاص في سياق معيّن، ويستلزم فاعلاً يحمل مكونات تمييزية جوهرية وعرضية، فضلاً عمّا يوحيه (الفعل) فيما يخص (المفعول به)، وذلك بحسب قواعد الوقوع أو الرصف التي تتحكم في بنية التركيب الصحيح، حيث يستدعي الفعل، فاعلاً معيّناً، ومفعولاً معيّناً أيضاً

إن جملة التفريعات التي أوردها ابن جني للركن الفعلي تؤكد على أهمية (الفعل) في الموروث اللساني إذ غدا حقلاً ألسنياً يغطي مفاهيم مختلفة، تخصّ كلّ متعلقاته، التي يحدّد معها توارداً سياقياً صحيحاً، ويمكن أن يتخذ ذلك كتصنيف مهم في حصر السمات الدلالية وضبطها ضبطاً محكماً لتغتدي فيصلاً فارزاً للمداخل المعجمية، وهي المداخل التي تكتسب مجالها الدلالي من خلال توافقها، أو عدم توافقها مع السمة المميزة([15]) وإنّ تلك الأنماط التي عقدها ابن جني مع كل بنية مورفولوجية لا تختلف كبير اختلاف، مع تلك السمات المميزة المعتمدة في الدرس الدلالي الحديث([16]). حيث تلعب الملامح المشتركة بين وحدات السياق اللغوي دوراً مهمّاً في تأمين التوارد الصحيح.

ج-الحقيقة والمجاز: في مبحث الحقيقة والمجاز يعقد ابن جني بابين أولهما في:

الفرق بين الحقيقة والمجاز، وثانيهما في: أن المجاز إذا كثر لحق بالحقيقة.

في الباب الأوّل تناول أبو الفتح بن جني تعريف الحقيقة والمجاز على أساس الوضع الأوّل الذي يحدّد الاستعمال الأصلي للصيغة، أمّا دواعي انتقال اللفظ من دلالته الحقيقية إلى دلالة المجاز فقد حصرها ابن جني في ثلاث: الاتساع والتوكيد والتشبيه. فانتقاء هذه الدواعي يبقي اللفظ على دلالته الحقيقية، يعرّف ابن جني الحقيقة والمجاز فيقول: "الحقيقة: ما أقرّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة. والمجاز: ما كان ضدّ ذلك"([17]). ثم يحدد دواعي التجوز فيقول: "وإنما يقع المجاز ويعدل إليه عن الحقيقة لمعان ثلاثة، وهي: الاتساع والتوكيد والتشبيه، فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة البتة"([18]). فالمجاز في أصله هو إضافة معنى جديد إلى المعنى القديم (الحقيقة)، وفي ذلك توكيد للمعنى وتشبيه المعنيين الأوّل بالثاني.

أمّا الاتساع فلأن في لائحة الملامح الحقيقية للدال يُضاف ملمح جديد على سبيل المجاز، يقرّر ابن جني بتطبيق إجرائي فيقول"…وكذلك قول الله سبحانه: (وأدخلناه في رحمتنا) هذا هو مجاز، وفيه الأوصاف الثلاثة، أمّا السعة فلأنه كأنه زاد في أسماء الجهات والمحالّ اسماً هو الرحمة، وأمّا التشبيه فلأنه شبّه الرحمة - وإن لم يصح دخولها –بما يجوز دخوله فلذلك وضعها موضعه. وأمّا التوكيد فلأنه أخبر عن العرض بما يخبر به عن الجوهر. وهذا تعال بالعرض، وتفخيم منه إذ صيّر إلى حيز ما يشاهد ويلمس ويعاين"([19]). وإنّ تحقق هذه المعاني مرتبط بوجود قرينة صارفة من إتيان المعنى الحقيقي لفظية في المجاز اللغوي وعقلية في المجاز المرسل.

أمّا في الباب الثاني فبعد طول معاينة للغة، يرى ابن جني أنّ أكثر كلام العرب إنّما هو مجاز وذلك ناتج عن كثرة دوران اللفظ على الألسنة، بدلالته المجازية اكتسب سمة الدلالة الحقيقية، وإنّ تلك التراكيب اللغوية التي تخالها ذات دلالة حقيقية هي في الأصل ذات دلالة مجازية محققة لتلك المعاني الثلاثة التي ذكرنا، ويسوق ابن جني في سبيل أمثلة كثيرة، يقول: "إعلم أن أكثر اللغة مع تأملّه مجاز لا حقيقة، وذلك عامّة الأفعال، نحو قام زيد، وقعد عمرو (….) وجاء الصيف، وانهزم الشتاء…"([20]) ويلمس ابن جني البحث في الزمن الطويل الغابر، عن الأصل الذي وظّفت لسببه الكلمة وهو محاولة الجمع بين التكوين اللغوي للكلمة ودلالتها المتداولة آنياً، ففي بحثه عن أصل فعل (ع ق ر) ودلالته على الصوت في قولنا: (رفع عقيرته) يقول ابن جني: "أنّ رجلاً قطعت إحدى رجليه فرفعها، ووضعها على الأخرى ثم صرخ بأعلى صوته فقال الناس (رفع عقيرته)([21]). فكان الأصل في استعمال (ع ق ر) للدلالة على الصوت المرتفع كالصراخ ولكن خفيت أسباب التسمية لبعدها الزمني فأضحت تدل على من رفع رجله دلالة حقيقية مع أنها في أصل وضعها كانت تدل على الصوت. فحصل نقل لدلالة اللفظ من مجال إلى مجال، انتقلت عبره المجازات إلى الاستعمال العادي الحقيقي. ويلجأ ابن جني إلى تقديم العلل المنطقية الفلسفية([22]) على صحة ما ذهب إليه. وإن كنّا نرى أن رؤيته هذه في علاقة الدلالة بالحقيقة والمجاز أن فيها بعض التعسف لأنه إذا قلنا أن أكثر اللغة مجاز وحاولنا أن نردّ كل صيغة إلى دلالتها الأصلية لألفينا صيغاً قد تعرّضت لحركة نقل متتالية فنردّها إلى أصل هو بذاته مجاز، ولظللنا نتبع الأصول فلا نعثر إلاّ على الفروع. وهذا حقيقة ماهو سمة في اللغة التي من مميزاتها المرونة والتغيير
ورفض كل قاعدة تريد أن تبقيها متحجرة جامدة.

5-نشأة اللغة: يناقش ابن جني قضية نشأة اللغة التي نجد لها حضوراً مكثّفاً في مؤلفات الأقدمين ولعلّ ذلك راجع إلى ارتباط هذه القضية بمشكلة كانت نقطة خلاف كبيرة بين العلماء، بل تعدّ سبب الاصطدام الذي حصل بين السياسي والديني ونعني بها مشكلة "خلق القرآن" يعرض ابن جني لآراء علماء عصره في مسألة نشأة اللغة فيصرح في باب القول على أصل اللغة أنها إلهام أم اصطلاح: "هذا موضع محوج إلى فصل تأمّل، غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة إنما هو تواضع واصطلاح لا وحي وتوقيف. إلا أن أبا علي رحمه الله –قال لي يوماً: هي من عند الله، واحتج بقوله سبحانه: "وعلّم آدم الأسماء كلها"([23]) وهذا لا يتناول موضع الخلاف. وذلك أنّه قد يجوز أن يكون تأويله: أقدر آدم على أن واضع عليها، وهذا المعنى من عند الله سبحانه لا محالة"([24]). وبهذا التعليق الأخير على قول أبي علي الفارسي يكون ابن جني قد أفصح عن مذهبه فكان أميل إلى القول بعرفية الدلالة اللغوية مقدّماً تأويلاً للآية الكريمة السابقة الذكر. يكاد يجمع عليه أغلب العلماء الذين قالوا بالاصطلاح، يعني، أن الإنسان قد ركّبت فيه استعدادات فطرية، وقواعد ذهنية بها يستطيع أن يسمّي الأشياء، ويضع نظاماً علامياً مطرداً مع كل الأشياء الجديدة على غرار وضعه للرموز التي تخصّ نظام المرور أو تلك المستعملة في نظام الملاحة البحرية (الإشارات الضوئية) فهذا كلّه من باب التواضع والتوفيق، والحقيقة أن ابن جني لا يكاد يستقّر على رأي حيث ذكر مذهب الذين قالوا بطبيعية اللغة، المستلهمة من أصوات الطبيعة، واستحسنه وقبله. يقول في ذلك: "وذهب بعضهم (أي بعض العلماء) إلى أن أصل اللغات كلها إنّما هو من الأصوات المسموعات كدويّ الريح، وحنين الرعد، وخرير الماء. وشحيح الحمار، ونعيق الغراب وصهيل الفرس وتريب الظبي، ونحو ذلك، ثم وُلدت اللغات عن ذلك بينما بعد. وهذا عندي وجه صالح، ومذهب متقبل"([25]). ولكن ابن جني ما يلبث أن يقوي في نفسه شعور يجذبه إلى الاعتقاد بكون اللغة توقيفاً من عند الله تعالى، وذلك ظاهر من تناسق أجزائها وموافقتها لكل حال ومقام، ثمّ ما اجتمع لديه من أقوال العلماء من أساتذته من أنّ اللغة وحي وإلهام من عند الله. كل ذلك دفع ابن جني إلى ترجيح المذهب القائل بتوقيفية اللغة يقول في ذلك: "إنّني إذا ما تأملت حال هذه اللغة الشريفة، الكريمة اللطيفة، وجدت فيها من الحكمة والدقة والإرهاف والرقّة ما يملك عليّ جانب الفكر، حتى يكاد يطمح به أمام غلوة([26])السحر، فمن ذلك ما نبّه عليه أصحابنا –رحمهم الله-، ومنه ما حذوته على أمثلتهم، فعرفت بتتابعه وانقياده وبعد مراميه وأماده صحّة ما وفّقوا لتقديمه منه"([27]).

وخلاصة موقف ابن جني من نشأة اللغة أنه وقف موقفاً وسطاً فقال بالإلهام والاصطلاح معاً، يوضّح ذلك ما ختم به هذا الباب حيث افترض أن يكون الله تعالى قد خلق قبلنا أقواماً كانت لهم القدرة التي مكنتهم على الاصطلاح والتواضع في تسمية الأشياء، يقول أبو الفتح موضحاً موقفه ومعبّراً في ذات الوقت عن حيرته بين القول بعرفية اللغة أو القول بالإلهام: "فأقف بين تين الخلتين (الإلهام والعرف) حسيراً، وأكاثرهما فأنكفئ مكثوراً وإن خطر خاطر فيما بعد، يعلّق الكف بإحدى الجهتين ويكفها (أو يفكها) عن صاحبتها قلنا به"([28]). وما يجدر ملاحظته هو أن موضوع نشأة اللغة كان من ضمن المواضيع التي أسهب البحث فيه علماء اللغة المحدثون، وجدّوا في تقديم العلل الراجحة لذلك، تهدف إلى تأسيس رؤية موضوعية تأخذ الظواهر اللغوية النموذجية (القرآن الكريم –الأحاديث الشريفة –كلام العرب الفصيح) كمعطى لوضع معايير مطردة تتناول اللغة في بعدها الشامل وفي جميع مستوياتها المعجمية والتركيبية، وإنّ ذلك من شأنه أن ينقل البحث في أصل اللغة –الذي عدّه بعض اللغويين بحثا ميتافيزيقياً –إلى البحث في آلياتها التي تشرف على ضبط الدلالات المختلفة، خاصة إذا علمنا أن الدلالة قد ولجت كل مجالات المعرفة والثقافة في العصر الحديث بل وكل ميادين الحياة.

([1]) الخصائص، ج1، ص27-28. كان لأستاذه أبي علي الفارسي تقسيمات في الاشتقاق ولكن ليست كتقسيماته خاصة في الاشتقاق الكبير،انظر كذلك ج2- ص133.

([2]) سورة مريم، الآية 83.

([3]) الخصائص، ج2، ص146.

([4]) المصدر السابق،ج2، ص152 وانظر الكتاب لسيبويه، ج4، ص14.

([5]) المصدر نفسه –ج1- ص29 (كلام المحقق محمد علي النجار).

([6]) المصدر نفسه –ج2- ص134-135.

([7]) د.ميشال زكريا، الألسنية (علم اللغة الحديث) –ص183.

([8]) المكون الدلالي للفعل في اللسان العربي–ص33.

([9]) الخصائص –ج3-ص98.

([10]) د.فايز الداية علم الدلالة العربي، ص20.

([11]) الخصائص –ج3 ، ص98.

([12]) المصدر السابق، ج3، ص101.

([13]) المصدر نفسه، ج3، ص89-99.

([14]) الخصائص، ص101.

([15]) الأستاذ أحمد حسّاني، المكون الدلالي للفعل في اللسان العربي –32.

([16]) انظر الباب الأول من البحث –الفصل