الأستاذ العلامة محمد فرج أبو مجدالدين:
1/ تطور الفكر السياسي الزيدي..
كَان الأخ الأُسْتاذ الكاتب احمد الكاتب في تواصل سابق معي قد أرسل لي قائلا:
السلام عليكم..
ما رأيك بهذا الحديث عن تطور الفكر السياسي الزيدي سلبيا:
https://www.youtube.com/watch?v=-r7eMjampLghttps://www.youtube.com/watch?v=jCwh3zcg2Hcوتفضل بإرسال رابطين لمقطعي فيديو سجل فيهما انطباعاته حول ذلك..
فكان مني هذا التعليق القاصر على ما احتوته مقاطع الفيديو التي تفضل بإرسال روابطهما إلي:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
حياكم الله سيدي الكريم..
سأرسل بملاحظاتي على ماتفضلتم به تباعا..
1 - أ- حديثكم عن الجارودية التي قلتم إنها غلبت على الزيدية ذات التوجه المعتدل العام، الذي لا يقول بحصر الإمامة بعد علي والحسنين سلام الله عليهم في ذريتهما يستدعي بعض التساؤلات التي هي في واقعها إجابات تنفي ذلك التصور:
متى اسس ابو الجارود تلك الفرقة المسماة جارودية؟
ماهي مصادر تلك النسبة لابي الجارود؟
ومن تابع أبا الجارود من مشاهير سلف الزيدية؟
وماهي المصنفات التي وضعها ابو الجارود شارحا فيها مذاهبه التي انفرد واستقل بها عن الإمام زيد عليه السلام خلال تلك الفترة؟.. أو نقلها ورواها بعض تلامذته؟
أم أن هذه الفرقة التي صادرت الزيدية، وغيبت كل توجهاتها ومذاهبها التي وَصَفْتَهَا بالمعتدلة ليس لها مرجع يُعْتَمد عن مؤسسها؟!
فإن قدرنا فُقدان عينها فأين نجد الاقتباس منها، والرواية عنها في مصنفات الجارودية بعده؟
وإن كان الحال أنه لا مصنفات له معروفة تشرح مذهبه الذي استقل به عن زيدية إمامِهِ زيد عليه السلام، ولا لتلامذته وأتباعه المتصلين به، ولا توجد أي نقولات أو روايات عنه تعرف بما استقل به وذهب إليه في مصنفات من أسميتها بالجارودية في المراحل اللاحقة..
والحال أن مصادر ما نُسِب له هي كتب الملل والنحل التي صنفها سلف الإثناعشرية كالنوبختي، أو المنتسبين منهم لأهل السنة كالملطي، والشهرستاني، أو المعتزلة ومن نقل أو روى عنهم فهل يجوز اعتبار ذلك مصدرا موثوقا ننسف به تاريخا من الثَّوْرات، والنصوص، والوقائع التي سَطَّرَها رجالات البيت النبوي سلام الله عليهم خلال القرون الثلاثة الأولى بدمائهم وأقلامهم، ونقلها تلامذتهم وبما لا شك فيه ولا ارتياب؟!
أضيف:
في كتب الزيدية الروائية رواية جيدة عن ابي الجارود، لكنها ليست رواية مذهب الرجل بقدر ماهي رواية مذاهب أئمة آل البيت سلام الله عليهم كالإمام الباقر، والإمام زيد..
ولم ترو الزيدية تلك المذاهب عن أئمة الآل من طريق أبي الجارود رحمه الله فقط، ولكنها روت عن قدماء الأئمة من طرق أخرى غير طريق أبي الجارود..
ب - ما نُقِل مما زُعِم مذهبا لأبي الجارود رحمه الله في كتب الملل والنحل تلك ماهي مصادره؟
ومن يرويه عن أبي الجارود من معاصريه، أو لنقل من هم رواته المتصلة أسانيدهم إلى من روى عن أبي الجارود ذلك؟
دعك عن تناقضات القوم فيما نسبوه للرجل..
بل مانسب إليه مما لا خلاف بين الزيدية على عدم جوازه كزعم الذهبي في ميزان الاعتدال وجود بعض من يقول بالرجعة والمتعة من الجارودية!
والواقع أن القوم -وأعني بهم مصنفي كتب الملل والنحل من المذاهب التي تقف على النقيض من أبي الجارود رحمه الله في اتِّبَاعِه وانتهاجه وسلوكه مسلك أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين هم أئمته- تَتَبَّعوا من ناصر الإمام زيد بن علي عليه السلام فوسموا أبا الجارود بالخروج عن مذهبه والاستقلال ببعض ماخالف فيه إمامَهُ ليستقيم لهم تكذيبه بعد ذلك، والإفتراء عليه..
ثم وصموا الرواة عن الإمام زيد عليه السلام بالجارودية كما صنعوا مع أبي خالد الواسطي، وفضيل الرسان وغيرهم لذات السبب..
ج - لا يمكن الوثوق بما نسب لأبي الجارود رحمه الله لتأخر تلك المزاعم عن زمن أبي الجارود، وانقطاعها إذ لا أسانيد معروفة لها، وانعدام أي أثر لها في كتب الزيدية التي يزعمونها جارودية..
ثُمَّ:
لأن تلك الدعاوى مصدرها كتب الملل والنحل التي هدف أصحابها إلى التوسع في تفريع المذاهب وصولا للعدد 73 تَصديْقَاً للخبر المُختلق في ذلك..
ولما يلمسه المُطالع لمضامين غالبها من تعصب وجرأة في نسبة الأقوال لمخالفيهم على وجه التشنيع، ومن ذلك:
سلخ الزيدية عن الانتساب لأعلام آل البيت عليهم السلام الذين لا خلاف بين المسلمين على فضلهم، ووجوب الاقتداء بهم، والاستنان بأقوالهم وأفعالهم والتي منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والثورة على الحكام الظلمة المتسلطين، ونسبتهم لأبي الجارود زياد ابن المنذر الخارفي الهمداني رحمه الله باعتباره مَحَلّاً ممكنا لتشنيعهم وتشويههم وطعنهم، ولعل من المفيد هنا أن ننقل لكم ما قاله ابو الحسن محمد بن أحمد الملطي الشافعي تـ377هـ في كتابه التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، عن الجارودية: (الجارودية: وهم بين الغالية، والتناسخية، لا يفصحون بالغلو، ويقولون إن الله عز وجل نور، وأرواح الأئمة والأنبياء منه متولدة، وينحون نحو التناسخ…