ولكي نُدرك العلاقة بين هذين النوعين من النسيان، وبينهما وبين الشعور، نأخذ لحظةً معيَّنة في حياة أي شخص؛ ففي هذه اللحظة يكون الشخص «شاعرًا» بأفكار ورغبات وإحساسات … إلخ شعورًا عقليًّا. ولكن هذه لا تمثِّل كل محتويات٢ عقله؛ فهناك محتويات أخرى ليست في شعوره، ولكنه يستطيع أن يستدعيها إلى الشعور بمجهود قليل أو كثير؛ مثال ذلك: أسماء أصدقائه وأقاربه وأرقام «تليفوناتهم»، وما صرفه من النقود بالأمس، وما يحفظه من شعر أو نثر، وغير ذلك من حوادث الحياة اليومية، وهذه المحتويات التي يستطيع الشخص أن يُبرزها إلى شعوره أو «يَذكرها» بمجهود عادي قلَّ أو كَثُر تكوِّن طبقة من العقل تحت الشعور مباشرةً، ومنها يَستمد الشعور محتوياته العادية. وتبادُل المحتويات والأفكار والرغبات … إلخ بين الشعور و«تحت الشعور»٣ سهل هين، وهو من لوازم حياتنا اليومية، فعندما أكتب خطابًا يكون موضوع الخطاب في شعوري بينما أسعار الحاجيات تحت الشعور، وبالعكس عندما أبدأ في حساب مصروفي اليومي يَنحدر موضوع الخطاب إلى ما تحت الشعور، بينما تَبرز أسعار الحاجيات إلى الشعور.
4