قناة

مكتبة علم النفس

مكتبة علم النفس
52.4k
عددالاعضاء
63
Links
12,276
Files
2
Videos
200
Photo
وصف القناة
《مكتبة علم النفس & كتب وأبحاث ومقاييس ورسائل ماجستير ودكتوراه》 المكتبة تحتوي على أكثر من لغة للتواصل - معي (محمد) @dan_mh مخزن الكتب @ketab_nnn دراسات في الشخصية @psychoanalysis_2021 الفيلسوف الجديد @newphilosopher كتب صوتية @audiobooking1
وقد جعل التحليل النفسي من «اللاشعور» أساسًا لتفسير الظواهر النفسية، وقد يتبادر إلى الذهن أن اللاشعور مكوَّن من كل ما هو «منسي» من عقل الإنسان، والواقع غير ذلك؛ فهنالك نوعان من النسيان: الأول نسيان سطحي ينصبُّ على أشياء يُمكن استعادتها بسهولة؛ كالآبار التي تُحفر بجوار مجرى النهر مباشرةً فنَحصُل على الماء منها بلا كبير عناء. وهناك نسيان عميق لا نَصِل إلى عمقه إلا باستخدام وسائل خاصة، وببذْلِ مجهود شاق.

ولكي نُدرك العلاقة بين هذين النوعين من النسيان، وبينهما وبين الشعور، نأخذ لحظةً معيَّنة في حياة أي شخص؛ ففي هذه اللحظة يكون الشخص «شاعرًا» بأفكار ورغبات وإحساسات … إلخ شعورًا عقليًّا. ولكن هذه لا تمثِّل كل محتويات٢ عقله؛ فهناك محتويات أخرى ليست في شعوره، ولكنه يستطيع أن يستدعيها إلى الشعور بمجهود قليل أو كثير؛ مثال ذلك: أسماء أصدقائه وأقاربه وأرقام «تليفوناتهم»، وما صرفه من النقود بالأمس، وما يحفظه من شعر أو نثر، وغير ذلك من حوادث الحياة اليومية، وهذه المحتويات التي يستطيع الشخص أن يُبرزها إلى شعوره أو «يَذكرها» بمجهود عادي قلَّ أو كَثُر تكوِّن طبقة من العقل تحت الشعور مباشرةً، ومنها يَستمد الشعور محتوياته العادية. وتبادُل المحتويات والأفكار والرغبات … إلخ بين الشعور و«تحت الشعور»٣ سهل هين، وهو من لوازم حياتنا اليومية، فعندما أكتب خطابًا يكون موضوع الخطاب في شعوري بينما أسعار الحاجيات تحت الشعور، وبالعكس عندما أبدأ في حساب مصروفي اليومي يَنحدر موضوع الخطاب إلى ما تحت الشعور، بينما تَبرز أسعار الحاجيات إلى الشعور.

4
ولكن ليس هذا كل شيء؛ إذ إنَّ هنالك، علاوة على الطبقتين السالفتين من طبقات العقل، طبقة «اللاشعور»، وهي طبقة عميقة غاية العُمق، خفية عن الشخص غاية الخفاء، وهي زاخرة بالمُحتويات العقلية من أفكار ورغبات وجميعها تتَدافع وتُلحُّ لكي تبرز إلى الشعور، ولكنها لا تستطيع ذلك إلا إذا دخل عليها تغيير أساسي، كما أنَّ صاحبها لا يستطيع أن يَذكرها ويُبرزها إلى شعوره بأي مجهود عادي يبذله، وهي بالرغم من هذا كله ذاتُ أثر كبير جدًّا في توجيه سلوكه وتكييف شخصيته، فهذه الرغبات المَخفية تستطيع من مكمنها أن تؤثر في تصرفاته آثارًا ربما لا تستطيعها رغباته الواضحة التي يشعر بها ويعرفها. أما كيف تكوَّنت هذه الطبقة العميقة من العقل، وكيف خفيَت على صاحبها، وكيف تؤثِّر في سلوكه وشخصيته كلَّ هذا الأثر، فهو ما سنتكلم عنه فيما يلي من الفصول.

وقد وُلِدت فكرة التحليل النفسي ونشأت في محيط العلاج الطبي النفسي، وقد اشتهر في هذا العلاج «شاركوه»٤ في أواخر القرن الماضي في فرنسا، وتلميذه «جانيه»،٥ وقد وصَل الاثنان في علاجهما لبعض حالات الهستريا إلى أنَّ المرض يرجع في أصله إلى «ذكريات» وحوادث قديمة، وأن أعراض المرض تَشتقُّ صورتها من هذه الحوادث، ولذلك فإنها تتخذ صورًا خاصة، وأنَّ المعالج يمكنه بمراقبة هذه الصور أن يكشف «المعنى» النفسي الذي يكمن وراءها، والذي هو ذو علاقة وثيقة بالحوادث النفسية السابق ذكرها. وبعبارة أخرى فإنه يستطيع أن يترجم الأعراض الحاضرة في ضوء الحوادث الماضية؛ فمثلًا قد تجد مريضًا مصابًا بشلل هستيري في اليد، فيكون لظهور هذا العَرَض معنًى معين؛ فاليد عضو قد يُستخدم في الاعتداء، والمريض قد يكون راغبًا بدون علمه (أي لا شعوريًّا) في الاعتداء على شخص عزيز عليه، فتكون نتيجة هذا الموقف المُتناقض أن تشلَّ يده، وفي هذه الفكرة نجد البذرة الأولى لمذهب التحليل النفسي.

5
أما الخطوة التي تُعتبر مبدأً حقيقيًّا لهذا العلم، فقد أتت عن طريق «بروير»،٦ وهو طبيب من فينَّا درس على «شاركوه»، ففي حوالي سنة ١٨٨٠ لاحَظَ أثناء علاجه لحالة من حالات الهستريا أن أعراض المرض، كما سبق أن بيَّنا، لها معانٍ معيَّنة؛ فهي تشير إلى حوادث قديمة مدفونة، ولكنه اكتشف أيضًا أنه إذا نوَّم المريض تنويمًا مغناطيسيًّا أمكنه عن طريق الإيحاء المناسب أن يُعيد إلى ذاكرته ما سبق أن فقدته من هذه الحوادث و«الذكريات».
وقد لاحظ أن حالة المريض كانت تتحسَّن كثيرًا بعد هذا التذكُّر، وكان يتماثل للشفاء، وكان هذا الكشْف الأخير أهم كشوفه، وهو يُعتبر البدء الحقيقي لتاريخ مذهب التحليل النفسي، وقد استمر «بروير» في استخدام طريقته في العلاج حتى انضمَّ إليه «سيجمند فرويد»،٧ وهو طبيب نفساني آخر درس على «شاركوه» أيضًا بعض الوقت في باريس، ثم عاد إلى فينَّا وعمل مع «بروير»، وقد حمل هذا الأخير على نشْر نتائج كشوفه، فظهر بحث مشترك لهما في سنة ١٨٩٣، وفي سنة ١٨٩٥ ظهر أول كتاب في تاريخ التحليل النفسي باسم «دراسات في الهستريا».
وقد استقلَّ «فرويد» بعد ذلك بالعمل، وظلَّ طوال أربعين سنة أو أكثر يجمع نتائج دراسته وعلاجه وينشرها في كُتب، ويلقيها في محاضرات، وجمع حوله نفرًا من التلاميذ انتشر عن طريقهم مذهبه في التحليل النفسي في ممالك مختلفة، أهمها ألمانيا وإنجلترا وأمريكا، وقد صدر عن «فرويد» وتلاميذه مئات المؤلَّفات والنشرات والمجلات، ومن تلاميذه من أبدعَ نظريات جديدة في علم النفس يمكن أن تُعتبَر مشتقَّة من التحليل النفسي، ولكنها انحرفت عن بعض أُسسِه انحرافًا كان كافيًا لأن يَجعل منها مدارس جديدة قائمة بذاتها، منها مدرسة «يونج»٨

6
صاحب علم النفس التحليلي، ومنها مدرسة «أدلر»٩ صاحب علم النفس الفردي، وقد جعَل «فرويد» من اللاشعور أساسًا للتفسير النفساني. ويتميَّز اللاشعور عن الشعور بميزات عدة، فهو لا شخصي١٠ أي أنه لا يَحمل طابع الذاتية الذي يحمله الشعور، فأنا إذ أتكلم عن رغبتي في تناول الطعام إنما أشعر بأن الرغبة مُنبعثة عن ذاتي؛ فالشعور ذاتيٌّ، ولكن اللاشعور خلافه في ذلك، فعندما نتحدث عن آثاره إنما نتحدث عن شيء غريب عنا، فنقول: إنَّ «شيئًا» جعلني أهفو أو جعلني أُخطئ، ولعل في نسبة ألوان من السلوك الغريب للإنسان إلى الشياطين ومن إليهم من الكائنات الخارجية ما يؤكد هذا المعنى.
واللاشعور غير خُلقي١١ بمعنى أن ما يَصدر عنه لا تُحدِّده أية قوانين خُلقية ولا اجتماعية من أي نوع، فعالم الخُلق والاجتماع لا ينفذ إلى غياهب اللاشعور، ولا نستطيع أن نقول إنَّ اللاشعور ضد الخُلق؛ لأن ذلك يتضمن أن هناك قيمة خُلقية ولو معكوسة. ولكن الواقع أن اللاشعور منفصل عن عالم الخُلق انفصالًا تامًّا.
وهو يُغفل أوجه الخلاف بين الأشياء ولا يغفل أوجه التشابه، ومن هنا أتت خاصية الرمز١٢ فهو يَرمز للشيء بما يُشبهه ولو شبهًا عارضًا، مُغفِلًا ما قد يكون بينهما من أوجه الخلاف؛ فقد يكون الاتفاق في اللون بين شيئين سببًا في الاستجابة لهما كما لو كانا شيئًا واحدًا بالرغم من بُعد الشُّقة بينهما، فالظلام والرجل الأسود قد يستجيب لهما اللاشعور استجابةً واحدة.

7
وأخيرًا فإن اللاشعور لا يُدرك الفواصل الزمنية، ويرى أن الماضي والحاضر شيء واحد، ولعلَّ خير مثال لذلك ما يحدث في الأحلام من استعادة الماضي كما لو كان حاضرًا.

واللاشعور هو المخبأ الذي نُلقي فيه بكل ما يزعجنا ويروعنا من رغبات وأفكار، ونقفل الباب دون هذه الرغبات والأفكار ونُحكم الإقفال، ثم نقيم العوائق والسدود الإضافية حتى نأمن تسرُّبها إلى ذاكرتنا، فتُصبح نسيًا منسيًّا. ولكن هذه الرغبات والأفكار هي رغباتنا نحن وأفكارنا نحن، هي إذًا وثيقة الصلة بحياتنا النفسية، ولا بد أننا نمر في حياتنا اليومية مرارًا بما يُشبهها، وهذه الحوادث المشابهة تجد صدًى عميقًا في نفوسنا، وفوق ذلك فإن هذه الرغبات والأفكار لا تقع في مخبئها قانعة، وإنما تتصايح وتُلحُّ وتثور، وتُحاول أن تصل من مجاهل النسيان إلى نور الذاكرة. ولكن أصواتها لا تصل إلينا في الغالب، وإذا وصلت فإننا نتجاهَلُها ونتعامى عنها، فنسمعها كما لو كانت آتية من الخارج أو نراها كما لو كانت غريبة عنا، ونتمادى في هذا التجاهل والتعامي ما وسعنا التمادي.

وقبل أن نختم هذا الباب يجب أن نُنبِّه القارئ إلى أن هذا التقسيم الطوبوغرافي للعقل إلى شعور وتحت شعور ولا شعور ليس إلا تقسيمًا وظيفيًّا، يُشبه تقسيمه إلى تذكُّر وتفكير وانفعال في حياتنا الشعورية، فكما أن التذكر خاصة من خصائص العقل فكذلك النسيان، وكما أن التذكُّر له شروطه وأنواعه فكذلك النسيان، وكما أننا نفسِّر التذكُّر على أساس قابلية العقل للتأثُّر واختزانه لهذه الآثار فيه، فكذلك نفسر النسيان العادي على أساس قابلية العقل لاستبعاد الآثار المختزنة واسترجاعها تحت شروط خاصة، فكذلك نفسِّر النسيان التام «بالتحديد الذي أوردناه» على أساس قابلية جديدة للعقل لنوع من الاختزان البعيد الغور بُعدًا يجعل هذا المخزون بعيدًا عن متناول الشعور، بل يُقيم العقبات في سبيل ظهوره، ومع ذلك فالدلائل تدلُّ على أنه موجود لم يُعدم بتاتًا.

8
هذه هي النظرة العلمية للاشعور؛ فهو كالشعور مجرد وسط يقوم بصفات ووظائف «نفسية» معيَّنة.


▪ المصادر

١ انظر كتاب الجيولوجيا للدكتور حسن صادق، ص٩٦.
٢ Contents.
٣ Pre-Conscious.
٤ J. M. Charcot.
٥ P. Janet.
٦ Joseph Breuer.
٧ Sigmund Freud.
٨ C. G. Jung.
٩ Alfred Adier.
١٠ Impersonal.
١١ Amoral.
١٢ Symbolism.


▪ (9) إنتهى.

t.me/Psychologybookss
t.me/newphilosopher
t.me/philosophybookss
▪ اللاشعور: ماهو؟ وكيف؟
▪ عدد الصفحات: 7 ص
@Psychologybookss ❤️
"تنبت العقد النفسية من صدمة عاطفية. ثم ينسى الإنسان سبب الصدمة ولكن العقدة تظل حية في نفسه... وكثيراً من الصدمات ما يكون لها أثر شديد فتؤدي إلى كوارث نفسية والتفسير لهذه الكوارث أن العقل عجز عن تحمل عبئها الثقيل فإنهار تحت الضغط العنيف وضاع. فكل عقل له حد ومقدرة على تحمل الصدمات فإذا زاد الحد تحطمت هذه المقدرة"

▪ الدكتور سيجموند فرويد - كتاب "الكبت تحليل نفسي"
@Psychologybookss
تحليل نفسي في التعلق والحب :-

"لو جاز لك أن تقع في حب أمرأة ثم لا تبادلك حباً بحب أو أنها ضنت عليك فإن شغفك سيزداد لها، وبقدر حرمانك منها سيزداد تعلقك بها، فإذا وجدت أن مرت بك في حياتك امرأة تشبهها في الوجه فستحب هذه الجديدة لأنه يبعث إليك بذكريات المحبوبة الأصلية، فإذا مرت بك امرأة ثالثة تشبهما في تكوين الجسم فستحبها أيضاً لأن فيها شبه من الأولى أيضاً. وإذا مرت بك رابعة تشبه الأولى في الحديث والفكر فستغرم بها .... وهكذا كلما مرت بك امرأة بها ولو قليل من أوجه الشبه بصديقتك الأولى تنال منك القبول. في الواقع أنت لم تحب هؤلاء النساء وإنما أنت تحب امرأة واحدة وهي الأولى التي سلبتك القلب، وما هؤلاء النساء مجتمعات إلا عبارة عن امرأة واحدة بمثابة بديل لحبيبتك الأصلية".

▪ الدكتور سيجموند فرويد كتاب "الكبت -تحليل نفسي"

@Psychologybookss
t.me/ketab_nnn

أكبر مكتبة ألكترونية للكتب والروايات العربية والأجنبية