💡 إحياء ليلة النصف من شعبان وصيام يومها💡
ذهب جمهور الفقهاء من المذاهب الأربعة المتبوعة إلى استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان؛ لحديث (يطلع الله عز وجل إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين: مشاحن، وقاتل نفس) رواه الإمام أحمد في "المسند" (11/217) من حديث عبدالله بن عمرو بسند صحيح بشواهده كما قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة، ورواه أيضا الطبراني في "المعجم" بسند صحيح عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعا، ولكنه قال: (إلا لمشرك أو مشاحن) قال الهيثمي: رجاله ثقات.
ودلالة الحديث ظاهرة على أن لهذه الليلة مزية فضل ورحمة ومغفرة، فمن تعرض لهذا الفضل بالصلاة والذكر والدعاء رُجي أن ينال من تلك النفحات المباركة، كما أن قيام الليل عبادة مستحبة في كل الليالي، ومنها هذه الليلة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتاب "الأم": "أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي [منها ليلة النصف من شعبان]". وما حكاه هو القيام والدعاء والذكر.
ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "لهذه الليلة [يعني النصف من شعبان] فضل، يقع فيها مغفرة مخصوصة واستجابة مخصوصة" "الفتاوى الفقهية الكبرى".
وقال ابن نجيم من الحنفية: "ومن المندوبات إحياء ليالي العشر من رمضان، وليلتي العيدين، وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان، كما وردت به الأحاديث" "البحر الرائق".
وجاء في "التاج والإكليل" (3/319) من كتب المالكية: "رُغِّب في قيام تلك الليلة" [يعني منتصف شعبان] .
وهو مذهب الحنابلة أيضا، كما في "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي، وقال ابن تيمية: "وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار، ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا" .
ولكن ننبه هنا إلى حكمين مهمين نص عليهما العلماء:
أولا: استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة إنما يكون فرادى، وليس جماعة، لا في المسجد ولا في غير المسجد، فهو القيام الفردي بين العبد وربه. ولذلك نص على كراهة إحيائها جماعة الفقهاء من المذاهب الأربعة.
ثانيا: لا يجوز تخصيص هيئة خاصة للصلاة ليلة النصف من شعبان، مثلما اشتهر عند بعض الناس باسم "الصلاة الألفية"، وهي مائة ركعة يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة الإخلاص عشر مرات، فهذه الصلاة أيضا غير مشروعة، وأنكرها العلماء، ولا يجوز نسبتها إلى الدين، وإنما يصلي المسلم وحده ما تيسر له، ويحرص على كثرة الدعاء وسؤال الله الحاجات.
قال النووي: "الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحتان، ولا يغتر بذكرهما في كتاب قوت القلوب وإحياء علوم الدين، ولا بالحديث المذكور فيهما فإن كل ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في استحبابهما؛ فإنه غالط في ذلك" المجموع شرح المهذب (4/56).
💡صيام يوم النصف من شعبان:
لا خلاف بين الفقهاء في مشروعية صيام يوم النصف من شعبان، إلا أن بعض الفقهاء لم تثبت عندهم الأحاديث التي تحث على صيامه، فجوزوا صيامه بنية أخرى عندهم هي:
- صومه بنية أنه يوم من أيام شهر شعبان.
- صومه بنية أنه من الأيام البيض.
- صومه بنية الاثنين والخميس.
- صومه لمن له عادة كصيام يوم وفطر يوم.
والراجح:
مشروعية صيامه أيضا بنية أنه يوم النصف من شعبان؛ لورود أحاديث فيه، والحديث وإن كان ضعيفا فإنه يعمل به في فضائل الأعمال، وثبوت إحياء ليلة النصف من شعبان كاف في إثبات مشروعية صيام نهارها، إذ لا معنى للقول بأن هذه الليلة مباركة طيبة، وإحياؤها مشروع، فإذا جئنا إلى نهارها منعنا من صيامه.
فلا للتفرقة بين الليلة ونهارها، وبين مشروعية قيام ليلها ومنع صيام نهارها، فهما واحد، ولما كانت العبادة في الليلة مشروعة فالعبادة في نهارها مشروعة أيضا.
💡منقول عن دائرة الإفتاء الأردنية💡
http://www.aliftaa.jo/Question.aspx?QuestionId=2922