خصوصيات شهر رجب الحرام
للعلامة الفقيه عبدالرحمن بن عبدالله عوض بكير رحمه الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أبي القاسم الأمين، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
شهر رجب، شهر من شهور السنة القمرية الإسلامية الهجرية، وهو شهر له خصوصياته في الجاهلية، وفي الإسلام.
ولما كانت التسمية قديمة، وقبل الإسلام، فإنها ترمز إلى تعظيم هذا الشهر تعظيماً جاهلياً، ولما كانت التسمية استمرت إلى العهد الإسلامي، وهي كذلك إلى اليوم، فإنها أيضاً ترمز إلى تعظيم هذا الشهر تعظيماً إسلامياً، أي إنها ترمز إلى تعظيمه التعظيم المستمر.
أما تعظيمه الجاهلي، أو تعظيمه في الجاهلية، فقد كان العرب يحرمون القتال، أو الاقتتال فيه، وهو موروث قديم، ومنذ عهدٍ بعيد، يعظم فيه هذا الشهر ويوقر، والكلمة ( رجب )، تدل على ذلك عربياً، فهي من الترجيب؛ بمعنى المهابة والتعظيم، وفي ذلك يقول أحد شعراء العرب:
- أحمدُ ربي فرَقاً وأرجُبُه- أي: أعظمه وأهابه.
ورجب، وهو من الأشهر الحرم المعروفة قديماً، يذكره الله سبحانه بين الأشهر التي يحرم فيها القتال عملاً دينياً، بعد تحريمه عرفاً جاهلياً، في قوله تبارك وتعالى في سورة التوبة:( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ........ )، وهذه الأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان ).
ويسمى شهر رجب: ( رجب الفرد )، ذلك لأنه منفرد عن الشهور الثلاثة الباقية، من الأربعة الحرم، التي تأتي تباعاً، إذ يأتي رجب بعدها بخمسة شهور، هي: صفر، وربيع الأول، وربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة.
وكما يسمى ( رجب الفرد )، يسمى أيضاً رجب مضر، وهو الذي عناه الحديث( رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان )، وإنما أضيف الشهر إلى مضر؛ لأنهم كانوا أشد تعظيماً له من غيرهم، فكأنهم اختصوا به، لما يقومون به من صيانة حرمته، وحفظ حقوقه، أما لماذا أكد رجب بأنه الذي بين جمادى وشعبان؟ وهل بين جمادى وشعبان رجب غير رجب المذكور؟ فالجواب:
أن بعض العرب كانوا يؤخرون تحريم القتال في رجب من شهر إلى شهر، على حساب النسيء الذي يحلونه عاماً، ويحرمونه عاماً، فقد يكون في عام موضوعاً، وقد يكون في آخر قبل ذلك أو بعده، حسب ظروف الحرب، ومعداتها اللازمة، على ما كانوا يسمونه حساب النسيء.
وفي شهر رجب كانت معجزة الإسراء والمعراج، وهي المعجزة الكبرى، التي اختص الله بها عبده ونبيه، محمداً عليه الصلاة والسلام، وأشار القرآن إلى الإسراء في قوله سبحانه: ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ).
كما أشار إلى المعراج في قوله من سورة النجم: ( ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى ).
وإن معجزة الإسراء لتذكرنا بعنف الذكرى، ولبعض الذكريات عنف، تذكرنا بفلسطين المغتصبة، والمسجد الأقصى المحترق، وبالنفوس المؤمنة هناك، وهي تتلظى في حميم الآلام النفسية، والتي تموت كل يوم مرات ومرات، في انتظار اليوم الذي يأتيها فيه فرج الله ونصره، وما ذلك على الله بعزيز.
وإنه لمن الواجب على كل مسلم ومسلمة، أن يبذل وسعه في سبيل نصرة المقدسات الإسلامية، وصيانتها من عبث العابثين، وفي مقدمة العابثين إسرائيل، وأمريكا، ومن لفَّ لفهما من أعداء الديانات السماوية، وما أحرانا بذلك في أيام ذكريات رجب الفرد، التي تحمل ذكرى الإسراء والمعراج.
جعل الله من أيامنا ما نتذكر به عبره وعظاته، إنه خير مسؤول، وأكرم مأمول.
أعدَّه للنشر: أحمد بن محمد بن عوض بكير.
٢٩ جمادى الآخرة ١٤٤٤
للعلامة الفقيه عبدالرحمن بن عبدالله عوض بكير رحمه الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أبي القاسم الأمين، سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
شهر رجب، شهر من شهور السنة القمرية الإسلامية الهجرية، وهو شهر له خصوصياته في الجاهلية، وفي الإسلام.
ولما كانت التسمية قديمة، وقبل الإسلام، فإنها ترمز إلى تعظيم هذا الشهر تعظيماً جاهلياً، ولما كانت التسمية استمرت إلى العهد الإسلامي، وهي كذلك إلى اليوم، فإنها أيضاً ترمز إلى تعظيم هذا الشهر تعظيماً إسلامياً، أي إنها ترمز إلى تعظيمه التعظيم المستمر.
أما تعظيمه الجاهلي، أو تعظيمه في الجاهلية، فقد كان العرب يحرمون القتال، أو الاقتتال فيه، وهو موروث قديم، ومنذ عهدٍ بعيد، يعظم فيه هذا الشهر ويوقر، والكلمة ( رجب )، تدل على ذلك عربياً، فهي من الترجيب؛ بمعنى المهابة والتعظيم، وفي ذلك يقول أحد شعراء العرب:
- أحمدُ ربي فرَقاً وأرجُبُه- أي: أعظمه وأهابه.
ورجب، وهو من الأشهر الحرم المعروفة قديماً، يذكره الله سبحانه بين الأشهر التي يحرم فيها القتال عملاً دينياً، بعد تحريمه عرفاً جاهلياً، في قوله تبارك وتعالى في سورة التوبة:( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ........ )، وهذه الأشهر الحرم هي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان ).
ويسمى شهر رجب: ( رجب الفرد )، ذلك لأنه منفرد عن الشهور الثلاثة الباقية، من الأربعة الحرم، التي تأتي تباعاً، إذ يأتي رجب بعدها بخمسة شهور، هي: صفر، وربيع الأول، وربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة.
وكما يسمى ( رجب الفرد )، يسمى أيضاً رجب مضر، وهو الذي عناه الحديث( رجب مضر الذي بين جمادى وشعبان )، وإنما أضيف الشهر إلى مضر؛ لأنهم كانوا أشد تعظيماً له من غيرهم، فكأنهم اختصوا به، لما يقومون به من صيانة حرمته، وحفظ حقوقه، أما لماذا أكد رجب بأنه الذي بين جمادى وشعبان؟ وهل بين جمادى وشعبان رجب غير رجب المذكور؟ فالجواب:
أن بعض العرب كانوا يؤخرون تحريم القتال في رجب من شهر إلى شهر، على حساب النسيء الذي يحلونه عاماً، ويحرمونه عاماً، فقد يكون في عام موضوعاً، وقد يكون في آخر قبل ذلك أو بعده، حسب ظروف الحرب، ومعداتها اللازمة، على ما كانوا يسمونه حساب النسيء.
وفي شهر رجب كانت معجزة الإسراء والمعراج، وهي المعجزة الكبرى، التي اختص الله بها عبده ونبيه، محمداً عليه الصلاة والسلام، وأشار القرآن إلى الإسراء في قوله سبحانه: ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ).
كما أشار إلى المعراج في قوله من سورة النجم: ( ثم دنا فتدلى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، ما كذب الفؤاد ما رأى، أفتمارونه على ما يرى، ولقد رآه نزلة أخرى، عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى، إذ يغشى السدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأى من آيات ربه الكبرى ).
وإن معجزة الإسراء لتذكرنا بعنف الذكرى، ولبعض الذكريات عنف، تذكرنا بفلسطين المغتصبة، والمسجد الأقصى المحترق، وبالنفوس المؤمنة هناك، وهي تتلظى في حميم الآلام النفسية، والتي تموت كل يوم مرات ومرات، في انتظار اليوم الذي يأتيها فيه فرج الله ونصره، وما ذلك على الله بعزيز.
وإنه لمن الواجب على كل مسلم ومسلمة، أن يبذل وسعه في سبيل نصرة المقدسات الإسلامية، وصيانتها من عبث العابثين، وفي مقدمة العابثين إسرائيل، وأمريكا، ومن لفَّ لفهما من أعداء الديانات السماوية، وما أحرانا بذلك في أيام ذكريات رجب الفرد، التي تحمل ذكرى الإسراء والمعراج.
جعل الله من أيامنا ما نتذكر به عبره وعظاته، إنه خير مسؤول، وأكرم مأمول.
أعدَّه للنشر: أحمد بن محمد بن عوض بكير.
٢٩ جمادى الآخرة ١٤٤٤