ملحظ مهم حول موضوع النسوية، للدكتور المسيري رحمه الله:
النسوية توجه يقوم على ذات المرجعية الفكرية والمناهج النظرية التي تقوم عليها التوجهات الداعمة والمنظرة لـ"حق" الإجهاض و "حق" الشــذوذ و "حق" التحرر من كل الأطر القيمية الدينية والمجتمعية.
تعود تلك المرجعية في الأساس إلى نظرة مفارقة للكون والحياة ترتكز على "الأنا" والليبرالية والفردانية الشخصية ، وهي تتنزع المرأة من النظر إلى نفسها وتعريف وجودها وفق هويتها العقدية ودورها الحياتي والديني ضمن مجتمع تشاركي تعاوني متراحم متحابب ومتوزع الاختصاصات والمهام والأدوار يشد بعضه بعضا ويعمل أفراده بحركة جمعية نحو غاية واحدة، وتقذف بها في آتون مفهوم مغاير تماما لتعيد النظر إلى ذاتها وتعريف نفسها على أنها "أنثى" أولا وأخيرا بداية ونهاية في مقابل الآخر المنافس (الذكر) ، فتقوم كل الحياة في عقلها على منافسة متوحشة مع الآخر (الذكر) لإثبات المساواة والندية أمامه إن لم يمكن قهره والتفوق عليه، وعوض أن تعرّف نفسها أمًّا وأختا وبنتا وزوجة (ادوار مجتمعية) وأمَةً مسلمة تعبد الله وتطيع رسوله وتبتغي رضاه وتخوض امتحانات هذه الحياة مستعينة بالإيمان لتفوز بالنجاة والحياة الحقيقة الأخروية (هوية عقدية) صارت تعرف نفسها بأنها "أنثى" وحسب ؛ "أنثى" يدور كل الكون حولها وتتقدم رغباتها ومراداتها كل ما سواها لتنتزع ما تريد بأنيابها غلابا في هذه الحياة وهذه الحياة فقط دون التفات إلى الآخرة ولتقف على قدم الندية والتناطح مع الآخر (الذكر) عوض أن تقف معه على قدم التعاون والمشاركة والتكامل.
هما نظرتان مختلفتان تماما نحو الحياة والذات والإنسان ولا يمكن أن يجتمعا؛ ومن يتصور وجود نسوية منضبطة بالشرع الإسلامي ومنسجمة مع أسسه وأحكامه هو كمن يتصور وجود شـــذوذ جنسي إسلامي منسجم مع أسس الإسلام وأحكامه لأن كلا من الحركة النسوية وحركة حقوق الشـــــواذ تقومان على ذات المرجعية الفكرية وتعتمدان ذات المناهج والمناورات، ببساطة لا يجتمع الانضباط بأسس الدين وأحكام الشرع مع الانخراط في أي من هذه التوجهات حتى يدخل الجمل في سم الخياط.
تعليق للدكتور هاني حسين.