( مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا )
أي أنّ المسلمين ظنّوا أن اليهود - لعِزّتهم وقوّتهم - لا يحتاجون إلى أن يخرجوا من ديارهم.
( وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ) .
قالوا : كانت حصونهم منيعة ، فظنوا أنها تمنعهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الآية تشريف عظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنها تدل على أن معاملتهم مع رسول الله هي بعينها نفس المعاملة مع الله.
فإن قيل : ما الفرق بين قولك : ظنوا أن حصونهم تمنعهم أو مانعتُهم وبين النظمِ الذي جاءت عليه الآية ؟!
فالجواب كما قال العلماء أنّ في تقديم الخبر على المبتدأ دليلا على فرطِ وثوقهم بحصانتها ومنعِها إياهم ، وفي تصيير ضميرهم اسما وإسناد الجملة إليه دليل على اعتقادهم في أنفسهم أنهم في عزة ومنَعة لا يُبالون بأحد يَطمع في منازعتهم.
وهذا مثل ما يقولونه الآن وقبل الآن، من نحو قولهم نحن الجيش الذي لا يُقهر، وكلامهم القديم عن خط بارليف وأنه المقبرة لمن يقترب منه، وكلامهم عن القبة الحديدية الآن وأنها كذا وكذا، وأنهم أقوى استخبارات في العالَم وأقوى جهاز أمني في الدنيا، وهكذا وهكذا مما يروّجونه كثيرا جدا عن قوتهم المبالغ فيها.
ثم كانت العاقبة : ( فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب "
نحتاج كثيرا في هذه الظروف إلى أن نقرأ كثيرا الآيات القرآنية المتعلقة باليهود وبني إسرائيل وأخلاقهم، ففي أعقابها تجد البشرى من الله تعالى للمؤمنين الصابرين، لا سيما حين يُمعن العدو في الكبر والغرور والاستهانة بالله تعالى وحزبه وأوليائه، وما أشبَه الليلةَ بالبارحة، والعَصا من العُصَيّة، ولا تلد الحَيّة إلا حَيّة، والله متم نوره ولو كره الكافرون.