قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
العلوم - كما ذَكر غير واحد من العلماء - ليس فيها عِلمٌ ضارّ، أو عديمُ المنفعة، بل هي نافعة كلها من حيث هي، سواء كانت المنفعة الحاصلة منها منفعة دينية متعلّقةً بأمر الآخرة، أو منفعة دنيوية متعلقة بأمر المعاش، أو منفعةَ تحصيلِ الكمال الإنساني.

والأوهام الداخلة على بعض الناس في اعتقادهم ضررَ بعض العلوم أو عدمَ نفعها لها أسباب كثيرة، وكل هذه الأسباب ترجع إلى عدم اعتبار الشروط المأخوذة في العلم والعلماء.

فبعضُ الناس يريد مثلا من الفقيه، أو المتكلم، أو النحوي أن يُوجِد حلولا لمشاكل الاقتصاد، أو أن يخترع لِقاحًا لبعض الأمراض، ثم يستدلّ بعجزِ الفقيه، والمتكلم، والنحوي عن ذلك، على فساد علمه، وعلى ضررِه وعدم منفعته، وأنه سببُ تأخُّرِ الأمة، ونحو ذلك من الكلام المكرور، مع أنَّ من المقرّر عادةً وعُرفا وواقعًا أنّ كل علم من العلوم له حدٌّ لا يُجاوزه، وناموس لا يتعدّاه، ووظيفةٌ مُعيّنة لا يتخطّاها، على أن علم الطب نفسه مثلا لا يعالج كل الأمراض قاطبة، وكم مرّ على البشرية من أنواع الأوبئة والأمراض التي أهلكَتِ الزرعَ والضرعَ، وقتلَتْ من البشر ما لا يحصيهم إلا الله، ثم انتهَت ورفعَها الله تعالى، ولم يَصلِ الأطباء لعلاجٍ لها، بل هذا الوباء الذي تعاني منه البشرية الآن لم يصلِ المتخصصون إلى علاج له، في الوقت الذي كان يُظَنّ فيه أن العلوم التجريبية وصَلَت إلى أقصى المدى من التقدم والعبقرية.

فثبَت إذن أن من وجوه الغلَط في الحكم على بعض العلوم بقلة المنفعة: أن يُظَنّ بها فوق غايتها.

- ومن وجوه الغَلط أيضا : أن يُظَنّ بالعلم فوق مرتبته في الشَّرف، كالفقيه الذي يعتقد أن علم الفقه هو أشرف العلوم على الإطلاق، مع أن علم التوحيد فوقه في الشرف، بل هو أصل العلوم، وهو العلم الأعلى، كما قرَّره الغزالي في المستصفى.

- ومن هذه الأسباب أيضا أن المتعلم يقصد بالعلم غير غايته، كمن يتعلّم العلوم الشرعية واللغوية، أو العلوم التجريبية، بغرضِ الجاه والمنصب، فإن حَصل له مقصوده استخدَم العلم في غير غرضه الموضوع له، وكان لعنةً ووبالا عليه، وإن لم يحصل له قصده تذمَّر وتغضَّب، وادّعى عدم منفعة ما تعلمه من العلوم، والحق أن العلوم ليس الغرض منها الاكتساب وتحصيل الجاه، بل تكميل النفس الإنسانية بالاطلاع على الحقائق، وتهذيب الأخلاق.

وبِتَلَبُّسِ الكثيرين بهذه الأوهام تَظهر الحاجة المعرفية الضرورية إلى ما يُسمّيه التراثيّون : " المبادئ العشرة " ولكي يَسلَم المرء من الدخول في هذه المسالك المُضِلّة للأفهام لابد له من أن يتعرّف على تلك المبادئ العشرة لكل علم يريد أن يتعلمه، حتى يتعرف على غايته، وغرضه، ومنتهى شرفه، وغير ذلك، فيشرع فيه على بصيرة، ولا يكون كالمجنون الذي يريد أن يَسمع بعينيه، ويُبصِر بأذنيه.
ظلَّ الأزهر الشريف عقودا طويلة وأزمنة مديدة هو الم
تذكير.
Forwarded From أبو علي الداغستاني
جواب العلامة الشيخ محمود شكري الآلوسي الحفيد عن أسئلة الحافظ الإمام السيوطي التي وضعها في حروف المعجم، وأسماها الآلوسي: " الجواب عما استبهم من الأسئلة المتعلقة بحروف المعجم "
سيدي الشيخ عبد الحميد التركماني، حفظه الله.
فرحتُ كثيرا اليوم بمصادفتي هذا الكتاب المبارك بهذا الإصدار الجديد، وقد كنتُ عازما على تصويره من طبعته القديمة المبذولة على الإنترنت، ولكنْ شاء الله وله الحمد أنْ يُظفرني به بهذه الحُلة القشيبة.

والأستاذ الشيخ العَلَّامة السُّوري / محمد طه الدرة - رحمه الله - من خِيرة علماء اللغة والنحو في عصرنا الحاضر ، ومؤلفاته الحسنة المباركة خيرُ شاهد على إتقانه وإجادته ، وهو يَتَوَخَّى فيها الدِّقَّة - غالبا - مع حُسن العرض وجمالِ الطّرح ووضوح الأسلوب ، مِن شَرْحِ المعلقات إلى شَرح شواهد مغني اللبيب إلى إعراب القرآن الكريم وتفسيرِه إلى غير ذلك من المؤلفات الممتعة الشائقة ، وإني لأعجبُ من غَفْلة كثيرٍ من إخواني طلبةِ العلم عن كُتُب هذا الشيخ المبارك ، وأزدادُ عَجبًا من عَدم وجود رسالة علمية حتى الآن تدور حول جهود هذا العالم الفاضل في علوم اللغة ومنهجه في الإعراب وطريقته في التوجيه.
من كلامه المأثور عنه :" يا بُني من لم يعرف النحو لا يُوثَقُ بعلمِه، وإياك ولحن الفقهاء ".
رحمه الله ورضي عنه وأسكنه فسيح جناته.
هههههههه
ينبغي لطالب العلم أنْ لا يكره شيئا من العلوم وأن لا يعادي شيئا من الفنون، وأن لا يحمله عدم الاشتغال بالفن على تزهيد غيره فيه، فإن العلم كل العلم نافع، حتى علم السِّحر له منفعة مذكورة في موضعها، وفرّقوا بين تعلمه وبين تعاطيه والمحرم هو الثاني لا الأول، بل ذهب بعضهم إلى أنه فرض كفاية، لأن به يُعرَف الفرق بين المعجزة والشعوذة، فالعلم كل العلم هو في نفسه صفة الكمال وغذاء الروح وتمام العقل.

فلا يصح للطالب أن يجعل بينه وبين شيء منها حاجزا نفسيا، وأن يكون منصفا فلا يدعوه عدم فهم الفن على ذمه والتنقيص منه.

ومع الأسف: بعضُ المُعلِّمين يُحقِّر في نفوس طُلَّابه ما لا يَشتغِل بتدريسه أو ما لا يحسنه من العلوم، وغرَضُه من هذا أن يَصرِف وجوهَ الطلاب إليه هو دون غيره، وهو من أمراض النفس الدقيقة القديمة، وقد تفطَّن له الإمام الغزالي رحمه الله، ونبَّه إليه فقال:

" المتكفِّل ببعضِ العلوم ينبغي أن لا يُقبِّح في نفس المتعلم العلومَ التي وراءه، كمُعلِّم اللغة إذ عادته تقبيحُ علم الفقه، ومُعلِّم الفقه عادته تقبيح علم الحديث والتفسير، وأن ذلك نقلٌ محضٌ وسماع، وهو شأن العجائز ولا نظر للعقل فيه، ومُعلّم الكلام يُنفِّر عن الفقه، ويقول ذلك فروع وهو كلام في حَيض النسوان، فأين ذلك من الكلام في صفة الرحمن ؟ فهذه أخلاق مذمومة للمُعلِّمين، ينبغي أن تُجتنَب، بل المتكفّل بعلمٍ واحد ينبغي أن يُوسِّع على المتعلم طريقَ التعلم في غيره، وإن كان مُتكفّلاً بعلوم فينبغي أن يُراعِي التدريجَ في ترقيةِ المتعلم من رتبة إلى رتبة".

ومن أسباب مَحبّتي الشديدة للإمام الطوفي الحنبلي رحمه الله: تجرُّده، وتَحرّيه للإنصاف، وسلامته من مثل هذه الآفات، وآية ذلك: أن الطوفي معلوم عنه عدم معرفته بعلم المنطق، وهذا ليس استنتاجا ولا استنباطا، بل هو نفسه يُصرِّح بهذا، حتى إنه لمَّا اختَصر روضةَ الناظر لابن قدامة أسقَط منه المقدمة المنطقية، لأنه ليس من أهل هذا الفن، ومع ذلك لم تَحمِله تلك الحالة على ازدراء علم المنطق أو ذمِّه والتشنيع على أهله كما يفعله غيره من الفقهاء، بل على العكس من ذلك تماما، نراه يجعل المنطق من العلوم الشرعية التي يتوقَّف عليها الاجتهاد، وانظر إلى هذا النص من كلامه، وتأمَّل واعجَب، يقول :

" إن بعض فضلاء الأصوليين صَرَّح، وبعضُهم عَرَّضَ بأن المنطق علم شرعي، وهو كالعربية في أنه من موادّ أصول الفقه، لأن الأحكام الشرعية لابد من تَصوُّرها والتصديق بها إثباتا أو نفيا، والعِلم المُرصَد لبيان أحكام التصور والتصديق هو المنطق، فوجَب أن يكون علما شرعيا، إذ المراد بالعلم الشرعي: ما صدر عن الشارع، أو توقَّف عليه العِلمُ الصادر عن الشارع، توقُّفَ وجود كعلم الكلام، أو توقُّفَ كمال كعلم العربية والمنطق".

ثم قال - وهذا هو الشاهد - :" واعلَم أني قرَّرتُ هذا البحث مع علمي بأن أكثر الفقهاء يَكرهونه؛ لِمَا تقرَّر عندهم من النُّفرة عن المنطق، ومع أني - عَلِمَ الله - لا أعرِفُ المنطق، وإنما هو شيء قاد إليه الدليل، ثم إنَّ لهم فيه سلفًا فاضلا، كالغزالي، والرازي، والسيف الآمدي، وابن الحاجب، وشُرّاح كتابه من بعده، كل هؤلاء عارفون بالمنطق، فلا وجه لنُفرتِهم عنه وإنكارهم له".
بمثل هذه الأمثلة يتبين للقارئ منفعة علم العروض وأهميته عند تحقيق النصوص.
المحقق هنا انخدع بما وجده في المخطوط فأثبَتَه وجعل ما في المطبوع في الهامش، مع أن ما في الهامش هو الصواب قطعا، فكان ينبغي أن يكون في الصلب:

فالصحيح:

ومن الكرامة للمشفّع أنها

في كل بطنٍ جاءها وَلَدانِ.

والقصيدة من بحر الكامل.