لو سأل سائل: بعيدًا عن الإجابات التنظيرية المكررة: بماذا ينفع علمُ الكلامِ الإنسانَ في حياته اليومية الواقعية؟
فما الجواب؟
-هو من العلوم الدينية بل رئيسها إذ يقرر فيه العقائد المكتسبة من الأدلة الشرعية مع إثباتها على الغير بالحجج العقلية ودفع شبه المخالفين لها، فيثاب الإنسان على طلبه كما يثاب على طلب بقية العلوم الدينية.
وموضوع هذا العلم عند الأقدمين وبعض المتأخرين الذات الإلهية، وشرف العلم بشرف موضوعه، وأعظم شيء في الوجود الله جل جلاله، فيبحث في هذا العلم عن وجوده وصفاته وأفعاله.
إن الشبهات العلمية والفلسفية اليوم تتخطف كثيرًا من أبناء المسلمين، وتبعدهم عن عقيدتهم ودينهم، سواء بإبعادهم على المستوى المعرفي العقدي كأن يلحد أو يصبح لا أدريا أو على المستوى السلوكي الخلقي لا يفرق في أفعاله بين حلال وحرام.
ولذلك فإنّ أي ممارسة علمية معرفية نقدية لردّ مثل هذه الشبهات الفلسفية والعلمية الطبيعية الإلحادية التي تمسُّ واقع شبابنا العقدي داخلة في مسمى علم الكلام؛ لسعيها في تكريس العقيدة الإسلامية وزرعها في قلوب الأبناء والشباب ورد ما يزلزلها ويمنع رسوخها في قلوبهم.
علماؤنا بالأمس واجهوا الفلسفة اليونانية والتي كانت تحمل في طياتها كثيرًا من الأمور التي تزلزل عقائد المسلمين، كقدم العالم واستحالة خرق الأفلاك واستحالة إعادة المعدوم بعينه واستحالة علم الله بالجزئيات، فكتبوا في ردها ومقاومتها وإن تضمن ذلك وقوع بعض الأخطاء الشنيعة منهم أو التسليم لهذا الوافد في بعض مقدماته وتقريراته التي يلزم عنها لوازم مخالفة للشرع، ولكن وقفوا وحصل منهم ممانعة.
اليوم نحن بحاجة إلى استثمار الكلام القديم والتزود به مع الاستفادة من معطيات العلم التجريبي لمواجهة مهددات العقائد الدينية، إننا بحاجة ماسة إلى معرفة القديم من الكلام مع تجديده؛ ليعالج كثيرا من المشاكل الفلسفية والعلمية الطبيعية.
لديهم شبهات في الأحياء كنظرية التطور، لديهم شبهات ناشئة عن ميكانيكا الكم، لديهم شبهات ناشئة عن فلسفة العلم الطبيعي التجريبي، لديهم شبهات أركيولوجية وتاريخية، لديهم شبهات متعلقة بتصورنا عن الإله، لديهم شبهات أكثر من قبل عن الإرادة الحرة ومسؤولية الإنسان لديهم ولديهم...
كل هذه الشبهات تهدد عقائدنا في الله والأنبياء واليوم الآخر، والتصدي لها داخل في علم الكلام.
إلا أن التجديد في هذا العلم لم يزل في مراحله الأولى، وأكثر نشاطنا فيه إنما نعتمد على كتابات الخلقويين من النصارى وأرباب التصميم الذكي.
سؤالك إجابته تحتاج محاضرة، يمكننا فيها تقديم المفهوم الصحيح لعلم الكلام ومجالاته وأهدافه وسبل تجديده وتطويره مع بيان المناهج المستعملة في ذلك، وكذلك الموقف من القديم من حيث التقويم والبناء والنقد.
هذا باختصار