قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
لا يكفي في إبطال قولٍ مَّا نِسبتُه إلى بعض الفِرق المخالِفة لأهل الحق، كأن يقال مثلا: هذا من معتقدات الفلاسفة، أو هذا من تأثير أهل اليونان، ونحو ذلك؛ فإن من الحق ما هو مشترك بين الطوائف جميعا، يتطابقون عليه في بعض الأحيان، أو تُصيبه واحدة منها - في آحاد المسائل - على وَفق ما قرره الله ورسوله.

والصواب هو عَرض هذه الأقوال على ميزان الشريعة ومقررات أهل العقول السليمة، فما وافقها كان حقا، وإن لا فلا.

ولهذا قال الإمام الغزالي - رحمه الله- : فإن قيل: كيف ارتضيتُم لأنفسكم موافقةَ المبتدعة في هذه المسألة؟!

قلنا: استهجان قضايا الأدلة - بسبب قَبول بعض المبتدعة لها، واعتقاده إياها- مِن دأب ذوي الخَور والجُبن؛ فإنا قد عرَفْنا بالدليل حُدوث العالَم وافتقاره إلى مُحدِث، وصِدق الرسول وتأييده بالمعجزة، وهو -أيضًا- مذهب المعتزلة والروافض والكرامية، ولا سبيل إلى اجتناب الحق؛ ترفُّعًا مِن خِسَّة الشُّرَكاء.
" والغالب أنَّ كُلّ مَن بَعُدَت بَلدتُه يكون أكثر اجتهادا وتحصيلا، وأنّ مَن عاش مُتقشِّفا هو الذي يُحصِّل ويَسُود، فكأنَّ الرفاهية تُرقِد القريحة على وِساد الكسل، وتُقعِد صاحبَها عن الكَدِّ والعَمل، كما أن الغالب على أولاد العلماء المشهورين عدمُ النجاح؛ لتكاسلهم اتِّكالًا على شُهرة آبائهم".

- الخطط التوفيقية-
قال الله تعالى مُسلِّيًا لنفس حبيبه - صلى الله عليه وسلم- " إنا كفيناك المستهزءين، الذين يجعلون مع الله إلها آخر، فسوف يعلمون".

ومن المُلاحَظ أن النظم القرآني في مَعرِض تصدِّيه لهؤلاء المستهزءين لم يحكِ مقالتهم في الإساءة إليه- عليه السلام- بأن يقول مثلا: المستهزءين الذين قالوا فيك كذا وكذا، وإنما وصفَهم بأنهم الذين يجعلون مع الله إلها آخر، مع أن المقام للردّ على إساءتهم للذات المحمدية.

وفي هذا الانتقال من عظيم الإيناس له - عليه السلام-، ومن جميل التسلية والتخفيف عن قلبه الشريف ما يبلغ حدا عظيما، وأمدًا قصيًّا، وما ينبئ عن غاية عظيمة من كرامة هذا النبي - صلى الله عليه وسلم- على ربّه.

فكأنه يقول له: لا تحزن؛ فإن جُرمهم لم يقف عند الإساءة إليك والجُرأة على حُرمتك، بل إنهم اجترأوا أيضا على الإشراك بي وعدم الاعتراف لي بالوحدانية ولا إفرادي بالعبادة، فكما أساءوا إليك أشركوا بي، ولا شك أن في هذا تهوينا كبيرا على نفسه - صلى الله عليه وسلم- إزاء إذايتهم له.

ونظير هذا - والله أعلم- قوله تعالى " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة " فعبّر عن الشرك بالله والكفر به بالإيذاء؛ ليشاكل صنيعهم في حق رسوله صلى الله عليه وسلم، مع أن الله لا يَصل إليه من طغيانهم شيء.

والله أعلم.
كُلُّ مُعَاجَلٍ يَسْأَلُ الْإِنْظَارَ، وَكُلُّ مُؤَجَّلٍ يَتَعَلَّلُ بالتّسويف.

أمير المؤمنين عليّ - عليه السلام-.
من فوائد العلامة غرس الدين الخليلي ت1057 هـ رحمه الله تعالى:

انظر ما أحلى قولَ النحاة: الجمع يردُّ الأشياء إلى أصولها؛ فهو إشارة إلى التبرِّي من الحول والقوة وإلى شهود الأشياء بالله، والفناء فيه عنها، وهذا يردُّك إلى حقيقة نفسك، فتعرف ضعفها الذاتي.

وكذلك قولهم: التصغير يردُّ الأشياء إلى أصولها؛ فالتصغير كناية عن التواضع الحقيقي، وهو الفناء الكلي، والرجوع إلى العدم الأصلي.

فرحم الله امرءا وعى ما وعى.
" الحكايات عن العلماء أحَبُّ إليَّ مِن كثيرٍ من الفقه لأنها آداب القوم"

الإمام أبو حنيفة رحمه الله.
#صدر حديثا/
من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم : الزُّبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وهو عمّ النبي صلى الله عليه وسلم، وشقيق والده عبد الله، وكانوا ثلاثة أشِقّاء: الزبير هذا، وعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب.

وأمُّهم هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب.

وقد كان الزبير من وُجَهاء قريش وأشرافها وأجوادها وسادتها، وإليه وإلى أخيه أبي طالب كانت الرفادة والسقاية بعد أبيهما عبد المطلب.

وكان الزبير شديد الحب لابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يُرقِّص النبيّ صلى الله عليه وسلم في طفولته، ويقول له:
محمد بن عبدم
عِشتَ بعيشٍ أنعَم
في عِزّ فَرْع أَسْنَم

حكى ابن أبي الحديد عنه في شرح نهج البلاغة أنه كان سيدا عظيما ذا فكرٍ ونظَر، قيل له مَرّة: قد مات فلان - رجل من قريش كان ظلوما غشوما - فقال: بأيِّ عقوبةٍ مات ؟ قالوا: مات حتف أنفه، فقال : لئن كان ما قلتموه حقا فإن للناس معادا ودارا غير هذه يُؤخَذ فيها للمظلوم من الظالم.
ولعل هذا من آثار الحنفية السمحة والفطرة السليمة التي ورثها عن أبيه عبد المطلب.
كان الزبير يُكنّى بأبي الطاهر، وأنجَب أبناء، منهم : عبد الله، وأم الحكم، وقد أسلما.

أما عبد الله فأسلم عام الفتح، وحَكَى المُبرِّدُ في "الْكَامِل" أنّ عبد الله بن الزُّبير أتى رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم فكساه حُلّة، وأقعَده إلى جَنْبه، وقال: "إِنَّه ابْنُ أُمِّي؛ وكان أبوه بي بَرًّا".

يعني بابن أمه أن جدتهما واحدة.

وأما أم الحكم فقد أسلمت وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث.
وكانت صفية بنت عبد المطلب ( أم الزبير بن العوام ) سمَّت ابنها الزبير بن العوام على اسمه، وكانت شديدة الحب له، وقد رَثَتْه بقولها بعد وفاته:

بَكِّي زُبيرَ الخيرِ إذ ماتَ إن
كنتِ على ذي كرمٍ باكِيَةْ
لو لفظَتْه الأرضُ ما لُمتُها
أو أصبحَتْ خاشعةً عارية
قد كان في نفسي أن اترك الــــ
موتى ولا أُتْبِعهم قافيَه
فلم أُطِق صبراً على رُزئه
وجَدتُّه أقربَ إخوانِيَهْ
لو لم أقل من فيّ قولاً لهُ
لَقَضَّتِ العَبرة أضلاعِيَهْ
فهو الشآمي واليمانيُّ إذا
ما خضَّروا، ذو الشفرةِ الدامِيهْ

وكان الزبير فصيحا لَسِنا بليغا شاعرا، ومن شعره قوله :

يَا لَيْتَ شِعْرِيْ إِذَا مَا حُمَّتِي وَقَعَتْ
ماذا تقول ابنتي في النَّوحِ تَنْعاني
تَنْعِي أبًا كان مَعْروف الدِّفاع عن الــ
ـمَوْلَى المضافِ وَفَكَّاكَاً عَن العَاني
وَنِعْمَ صَاحِبُ عانٍ كانَ رَافِده
إذا تَضَجَّع عنه العاجزُ الواني

وورَد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " شهدتُ حلفَ المُطَيِّبين وأنا غلامٌ معَ عمومتي ، فما أحبُّ أنَّ لي حُمْرَ النَّعَمِ وأني أَنكُثُه".

وحِلف المُطيِّبين دعا إليه الزبير بن عبد المطلب وعبد الله بن جَذعان، وتدور بنوده وقواعده على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فاجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جذعان، وغمَسوا أيديهم في الطِّيب، وتحالَفوا، وتصافَقوا بأيمانهم، ولذلك سموا : " المطيِّبين " وسَمَّوا هذا الحِلف حِلفَ الفُضول، تشبيها له بحِلف كان بمكة من قبل، قام به رجال من جُرهم، يقال لهم: الفضل بن الحارث، والفُضَيل بن وَداعة، والفُضَيل بن فُضَالة.
توفي الزبير بن عبد المطلب قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن عاش سيدا شريفا، ونبيلا ماجدا.
قال الله تعالى: " أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ".

قال الزمخشري رحمه الله: وجُعل إسماعيل -وهو عَمُّ يعقوب- من جُملة آبائه؛ لأن العمَّ أبٌ، والخالة أمٌّ؛ لانخراطِهما في سِلكٍ واحد، وهو الأُخُوَّة، لا تَفَاوُتَ بينهما، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عمُّ الرجلِ صِنوُ أبيه" أي: لا تفاوُتَ بينهما، كما لا تفاوت بين صِنوَيِ النخلة.

وقال - عليه الصلاة والسلام- في العبَّاس : "هذا بقيّةُ آبائي" وقال: "رُدُّوا عليَّ أبي، فإني أخشى أن تَفعلَ به قريشٌ ما فَعَلتْ ثقيفٌ بعروةَ بنِ مسعود".

قال الطيبي: بَعَثَ صلى الله عليه وسلم عمَّه العباسَ إلى مكة عام الفتح ليدعوَهم إلى الله تعالى، فلمَّا أبْطَأ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رُدُّوا عليَّ أَبِي " وفي رواية أخرى أنه قال: لعلهم يَصنعون به ما صَنَعتْ ثقيف بعروةَ بن مسعود، دعاهم إلى الله فقتَلُوه، والله إذن لا أستبقي منهم أحدا، ثم جاء العباسُ، ففرِحَ به رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
تنبيهٌ في أهمية علم المعاني والبيان لإدراك أسرار القرآن الكريم، وفي منزلة تفسير " الكشاف" عند ذوي التحقيق:

قال جار الله العلامة الزمخشري رحمه الله تعالى:

" وَمَا أُتِيَ الزَّالُّونَ ( أي المُخْطِئون في تفسير القرآن ) إِلَّا مِنْ قِلَّةِ عِنَايَتِهِمْ بِالْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّ في عِدَادِ الْعُلُومِ الدَّقِيقَةِ عِلْمًا لَوْ قَدَّرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ لَمَا خَفي عَلَيْهِمْ أَنَّ الْعُلُومَ كُلَّهَا مُفْتَقِرَةٌ إِلَيْهِ، وَعِيَالٌ عَلَيْهِ، إِذْ لَا يَحلُّ عُقَدَهَا الْمُوَرَّبَةَ (أي الصعبة العسيرة) وَلَا يَفُكُّ قُيُودَهَا الْمُكْرِبَةَ إِلَّا هُوَ، وَكَمْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ التَّنْزِيلِ وَحَدِيثٍ مِنْ أَحَادِيثِ الرَّسُولِ، قَدْ ضِيمَ وَسِيمَ الْخَسْفَ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْغَثَّةِ، وَالْوُجُوهِ الرَّثَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ تَأَوَّلَ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ في عِيرٍ وَلَا نَفيرٍ، وَلَا يَعْرِفُ قَبِيلًا مِنْهُ مِنْ دَبِيرٍ".

قال الطِيبي: ويقال أيضا إنَّ كتابه هذا ( يعني الكَشّاف) ممّا ضِيمَ وَسِيمَ الخَسْفَ؛ حيث أُجْرِيَ على ظواهره، ولم يُفَتَّشْ عن مكنون ضمائره، وأنَّ مَن تَصَدَّى له ليس له نصيبٌ وافٍ ولا حَظٌّ وافرٌ من هذين العِلمَينِ، حتى احتَجَبَتْ عنه مُسْتَتِراتُ دقائقه، وعَمَتْ عليه مُستودَعَاتُ حقائقه.