قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
Forwarded From أحمد عبد الحميد
المصريون عريقون في العبث بالتاريخ في إنتاج المسلسلات، وهذا ظهر في كثير من الأعمال التي أدوها، مثل فيلم «الهجرة»، و«وا إسلاماه»، و«صلاح الدين»، وما قدموه عن المماليك، وما قدموه من مسلسلات عن ابن ماجة وعمر بن عبد العزيز وغيره، وإن كانت أحسن حظًّا من الأوائل.
وذلك أنهم يطغون بالحبكات الدرامية التي لا بد من المسلسل منها، على النص التاريخي الثابت في الكتب التي تناولت الشخصية التي يريدون تقديمها.
والجانب الخطير في ذلك كله هو عدم استكناه سمت اللغة في العصر الذي يرومون أن يجعلوه حقبة تساير هذه الشخصية، فيظهرونها بشكل مضحك ومزرٍ جدًّ، بعيد كل البعد عن لغة هذا العصر.
فقد ينطلي عليَّ التاريخ إذا غلفته بلغة تناسب أسلوب العصر الذي كانت الشخصية موجودة فيه، ولكن تطلب مني أن أحترمك وأحترم عملك وأنت تقدمه بلغة شوارعنا وعاميتنا؟!

إن نظرة عجلى على رباعية وليد سيف التي كتبها وأدارها في مسلسلاته: صقر قريش، وربيع قرطبة، ملوك الطوائف، وأخيرًا مسلسل عمر = تجد الجهد الأكبر في الكتابة والتأليف ظاهرًا في العمل الفني.

ولقد كنت أرجع في كثير من الأحيان إلى كثير من النصوص التاريخية التي تناولت الشخصية الممثلة، فأجدها مقاربة جدًّا لها، بل تكون مماثلة في بعض الأحيان ومطابقة لما في المسلسل.
والذي تصرف فيه وأضافه من الحبكات الدرامية جعله بأسلوب يكاد يقارن اللغة التي كانت سائرة آنذاك، بل يقتبس الناس منها لحسنها وما تشتمل عليه من حكمة مكتوبة بلسان أديب.

ولقد رأيت لقاء ضم بعض الممثلين من هذا العمل، فوجدت أحدهم قرأ كل كلمة كُتبت عن هذه الشخصية، ودرس صفاته وأسلوب شخصيته حتى كان هو هو.

فإذا كنت مقدمًا على كتابة شيء يخص الأعمال التاريخية للشخصيات المؤثرة الكبيرة، فلتكن مثقفًا أولًا، ثم كن أديبًا يعرف مراتب الكلام، ويدرك فرق الأساليب واللغة في عصورها المختلفة، وتطوراتها التي آلت إليها، ثم ينتبه إلى اللغة التي يسكنها في نصه.

الخلاصة أن العبث والاستسهال والحياة الفاشلة التي جعلت شريعتها العجلة وعدم الإتقان وعدم التفاني في الجد لكل شيء = هو الذي أدى بنا إلى ما ترون من هذا الفساد.

وإن هذا ليهون إذا كانت الشخصية مجرد تاريخ لا يمس شيئًا من أمور الدين ولا رجلًا له اتصال مباشر بتقرير أحكام الشريعة والفقه فيها، ولكن الأمر صار لعبًا بكل شيء لا حدود ولا أدب ولا أخلاق تحكم العبث الذي نحياه.
(4)

"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".

فإن قلت: لمَ قيل: "تلك أمانيُّهم"، وقولهم: لن يدخل الجنة أمنيةٌ واحدة؟

قلت: فيه وجهان:

الأول: أنه أشار بها إلى الأماني المذكورة، وهي: أمنيتهم أن لا يُنزَّل على المؤمنين خيرٌ من ربهم، وأمنيتهم أن يَردُّوهم كفارا، وأمنيتهم أن لا يدخل الجنةَ غيرُهم، أي: تلك الأماني الباطلة أمانيُّهم.

والثاني: أو أن المراد: أمثال تلك الأمنية أمانيُّهم، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، يريد أن أمانيهم جميعا في البطلان مثل أمنيتهم هذه.

- الزمخشري رحمه الله، بتصرف-
(5)

" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ":

كلامٌ فصيح:

أولا: لِما فيه من الغرابة، وهو أن القِصاص قتلٌ وتفويتٌ للحياة، وقد جُعل مكانا وظرفا للحياة.

وثانيا: لِما فيه أيضا من إصابة محزّ البلاغة، بتعريف القصاص وتنكير الحياة، لأن المعنى: ولكم في هذا الجنس من الحكم الذي هو القصاص حياة عظيمة، وذلك أنهم كانوا يَقتلون بالواحد الجماعةَ، وكم قتل مُهلهِلٌ بأخيه كُليب ! حتى كاد يُفني بكر بن وائل، وكان يُقتل بالمقتول غيرُ قاتله فتثور الفتنة ويقع بينهم التناحر.

فلما جاء الإسلام بشرعِ القصاص كانت فيه حياة أيُّ حياة، أو نوعٌ من الحياة، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل؛ لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل؛ لأنه إذا همَّ بالقتل فعَلِم أنه يُقتصّ منه فارتدَع سلِم صاحبُه من القتل، وسَلِم هو من القَود، فكان القصاص سببَ حياة نفسين.

وقرأ أبو الجوزاء : (ولكم في القَصَص حياة) أي فيما قُصَّ عليكم من حُكم القتل

- وقيل القَصص -: القرآن، أي: (ولكم في القرآن حياةٌ للقلوب) كقوله تعالى:" روحا من أمرنا " "ويحيا من حي عن بينة".

- الزمخشري رحمه الله-
من مناقب الإمام الشافعي:
_____

الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن الشافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن المطلب بن عبد مناف.

يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده عبد مناف بن قصي.

وكان جده السائب بن عبيد صحابيا، وكان قد أُسِر يوم بدر، ورآه النبي صلى الله عليه وسلم في الأسر هو وعمَّه العباس بن عبد المطلب، فنظَر للسائب وقال: " هذا أخي، وأنا أخوه".

والمطلب بن عبد مناف هذا هو أخو هاشم - جد النبي صلى الله عليه وسلم-.

وورد في كتب التاريخ والأخبار أن هاشم بن عبد مناف تزوَّج امرأة من بني النجار بالمدينة، فولدت له ( شيبة الحمد ) الذي هو عبد المطلب بن هاشم.

ثم توفّي هاشم، ودُفن بأرض فلسطين ( في غزة تحديدا ) وبقِيَ شيبة الحمد مع أمه.

فلما شبّ وترعرع خرج إليه عمّه المطلب بن عبد مناف، فأخذه من أمه ورجع به إلى مكة، وقد أردَفه خلفه على راحلته، فظنّ أهل مكة أنه عبدٌ اشتراه، فلهذا صاروا يقولون له : عبد المطلب، فعرّفهم المطلب أنه ابن أخيه، لكن غلب عليه الاسم الذي نادوه به.

وقد ربّاه المطلب وتعهّده وقام بأمره.

فالمطّلب- إذن- جد الإمام الشافعي كان ناصرا لهاشم أخيه، ومُربّيا لولده عبد المطلب، وبلغت هذه التربية إلى حيث اشتهر بكونه عبد المطلب، ولا شك أنه حق عظيم ودرجة عالية.

قال الإمام الرازي:" ثم إن الله تعالى صيَّر الشافعيَّ ناصرا لدين محمد صلى الله عليه وسلم وذابًّا عنه؛ ولذلك لقَّبوا الشافعيّ في بغداد: ناصر الحديث، حتى تكون نسبة الأولاد إلى الأولاد كنسبة الأجداد إلى الأجداد".

يعني كما أن جده المطلب بن عبد مناف نصر أخاه برعايته لولده وتربيته إياه فكذلك قام الشافعيّ بأمر دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، نصرا وتأييدا ونشرا.

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري : " إنَّما بَنُو المُطَّلِبِ وبَنُو هَاشِمٍ شَيءٌ واحِدٌ ".

قال الإمام الرازي :"ثم إن الناس اختلفوا في تفسير " آل محمد " صلى الله عليه وسلم، فمنهم من فسَّره بالنَسَب، ومنهم من فسَّره بكل من كان على دِينه وشرعه، وعلى التقديرين: فالشافعيّ من آل محمد صلى الله عليه وسلم، فكان داخلا في قولنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، ولمَّا كان هو من آل محمد صلى الله عليه وسلم وجَبَتِ الصلاة عليه من جُملة الآل".
"ولقد كنتُ أسمع - وأنا صغير - بعض مشايخي الشافعية يحكي:

"أن كل مَن بعد الشافعي للشافعي عليه منة إلا البيهقي فله منة على الشافعي"

حتى كبرتُ وعرفتُ ما وصلت إليه من قدر الشافعي والبيهقي، فعرفت - مع معرفتي بعظمة البيهقي - أن منة الشافعي على البيهقي، وأن البيهقي إنما مشى في نور الشافعي المقتفي نورَ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولا يُظن بالبيهقي أنه قصد غير ذلك"

........

الشيخ الإمام تقي الدين السبكي رضي الله عنه.

والكلمة التي سمعها من مشايخه أصلها لإمام الحرمين كما هو معلوم.

وللشيخ الإمام كلام مهم في أن معرفتنا بقدر السلف الكرام إنما هو على قدر معرفتنا لا على قدرهم رضي الله عنهم.

د / سامح غريب
بلغَت المؤلفات في مناقب الإمام الشافعي - رضي الله تعالى عنه- أكثر من ثمانين كتابا، أحصاها الأستاذ خليل إبراهيم ملا خاطر، في مقدمة تحقيقه لكتاب" مناقب الشافعي" لابن الأثير.
على غير عادة مشايخ الحنفية ألَّف الزمخشري- رحمه الله- كتابا في مَناقب الإمام الشافعي- رضي الله تعالى عنه - ومَباهج ألفاظه ومحاسن عباراته، سمّاه:" شفاء العِيّ من كلام الشافعيّ" وهذا فصلٌ في رُجحان عقل الزمخشري وقوة ديانته وتحرّيه للإنصاف؛ إذ لم يسلك مسلك الاعتساف في الكلام على هذا الإمام العظيم كما فعله بعض مُتعصّبة المذهب، غفر الله لهم.
قسما بالله احنا عايشين في مسخرة:
(6)

قال الله تعالى" تلك حدود الله فلا تعتدوها" وقال في آية أخرى:" تلك حدود الله فلا تقربوها".

معنى " لا تعتدوها" والله أعلم، أي: تقِفون عندها ولا تتجاوزوها إلى غيرها.

ومعنى " لا تقربوها" أي: ابتعدوا عنها.

فكأن بين اللفظين تعارُضًا في الظاهر.

قال العلامة جار الله الزمخشري رحمه الله:

فإن قلتَ: كيف قيل:" فلا تقربوها" مع قوله: "فلا تعتدوها"؟.

قلتُ: من كان في طاعة الله والعمل بشرائعه فهو مُتصرِّف في حيِّز الحق، فنُهي أن يتعداه؛ لأن مَن تعدَّاه وقَع في حيِّز الباطل، ثم بُولغ في ذلك؛ فنُهِي أن يقرَب الحد الذي هو الحاجز بين حيِّزَيِ الحق والباطل لئلا يُداني الباطل، وأن يكون في الواسطة متباعدا عن الطرف، فضلا عن أن يتخطاه، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل ملِك حمى، وحمى الله محارمه، فمن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه" فالرتْع حول الحمى وقُربان حيِّزه واحد.
في بعض الأحيان يدعو الإنسان ربه؛ ليحقق له مقصودا معيّنا، ويلحّ في ذلك، ويبالغ فيه، ويظن أن حياته كلها متوقفة على حصول هذا الشيء.

وقد يستجيب الله له بالفعل، ويتحقق مطلوبه، وبعد وقتٍ غير طويل يكتشف أن هذا الأمر ليس في مصلحته، وأنه أصابه بسببه تعبٌ كثير، وأن عدمَه كان خيرا له من حصوله، وأن الزمان لو رجَع به لم يكن ليدعو اللهَ به.

لأجل هذا المعنى نجد الأدب العظيم في دعاء سيدنا نوح عليه السلام: " ربّ، إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به عِلم، وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ".

جاء هذا بعد قول الله تعالى له" فلا تسألني ما ليس لك به علم" وإذا كان مِثل هذا التوجيه الشريف في حقّ رسولٍ من أُولي العزم فنحن به أولَى؛ فإنك تُعيّن الشيء ولا تدري على التحقيق أفيه الخيرُ أم الشر!.

فلا أحسَنَ من تفويض الأمور كلها إلى الله عز وجل، وسؤاله التوفيق والهُدى والرشاد وصلاح الدنيا والدين، على نحو إجمالي، وإنابته- سبحانه- في التدبير عنك والاختيار لك، والتجرُّد من كلّ حولٍ وقوة، وقد كان من دعاء بعض السلف:" اللهم دبِّر لي؛ فإني لا أُحسن التدبير، واختر لي؛ فإني لا أُحسن الاختيار".