مخطوطات مكتبة مراد ملا، بتركيا، تنزل تِباعا.
إذا كنتَ تقرأ لأحد العلماء الموصوفين بالتمكّن في فنّهم ووجدتَّ له كلاما يخالف ظاهره مبادئ القضايا التي لا تخفى على المبتدئين في هذا الفن - فلا يصح أن تسارع بالإنكار ، ولا أن تجازف بالاعتراض، لأنه ما دام أعرَض عن هذا الظاهر المعروف الذي لا يخفى على من له أدنى اشتغال فلابد أن ثمة شيئا وراء هذا الإعراض، وهذا يدعوك إلى التفكر والتأمل، وبمثل هذا تقوى لديك ملكة التحليل والنظر.
وهذا المعنى مستنبط من قصة سيدنا موسى وسيدنا الخضر عليهما السلام، وقد أومأ إليه الإمام الغزالي رحمه الله، قال:
" وقصة موسى والخضر عليهما السلام فيها تنبيه على هذه الدقيقة؛ فإنه لو خَرق السفينة أحدٌ من العوام لاستوجَب الاعتراض، وأما إذا خرَقها العالم الكامل فلا يصح الاعتراض عليه؛ فإن الكل يعرف وجوب حفظِ مال الأيتام، فالعالم أيضا يعلم هذا، ومع علمه خرَق السفينة، فلابد أنه يعرف وراء ذلك شيئا يكون هذا الفعل بالإضافة إلى ذلك الشيء فعلا غير منكر" انتهى.
بل الأمر فوق هذا بكثير، فإنه قد تقرَّر في علم المعاني أنَّ إجراءَ الكلام على مُقتَضى الظاهر لا يَتضمَّنُ من النُّكتةِ واللطيفة ما يَتضمَّنه الإجراء على خلاف المُقتَضى.