قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
الأهمُّ من «الدكتوراه» = وَصاةُ «أبو موسى»

في اليوم التالي لمناقشتي رسالة العالِمية (الدكتوراه) هاتفَنِي نِعْمةُ الله عليَّ وعلى طُلَّاب العلم؛ شيخ البلاغيين فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى، وفور رؤيتي اسمَ أستاذنا وصورتَه على واجهة الهاتف سارعت إلى قلمي ودفتري؛ فكانت منه هذه الوَصاةُ:
«أهنئك على مناقشة الدكتوراه، وأدعو الله أن يبارك فيك ويوفقك إلى كل خير، وأقول لك ما هو أهم من كل شيء؛ أقول لك وأنت عزيزٌ عليَّ: الآن بداية طلب العلم، احذر أن تكون الدكتوراه نهاية المرحلة. الآن أصبحتَ حُرًّا، كنت تكتب بإشرافِ مُشْرفٍ، والآن تكتب بإشراف عقلك وفكرك وتوجُّهك.
إن الذي يُكلِّمك سِنُّه خمسٌ وثمانون سنة، ويكتب وهو نائمٌ على ظَهْره؛ فما دام قلمك في يدك لا تَضَعْه إلا حين يُسْقِطه منك الأجل، فإن فعلتَ ذلك أفدتَ وكنتَ جيدًا.
احذر أن تُشْغَل بنفسك فتهتمَّ بما يُقال عنك، وعليك أن تبتغي وجه الله، وخدمةُ العلم وطلاب العلم هي وجه الله. هذه وصيتي لك».


صديقي الدكتور ياسين عطية.
في ترجمة أبي القاسم ابن الإفْلِيلي، شارحِ ديوان المتنبي، وهو مِن أحسن شروحه، والمتوفَّى سنة ٤٤١هــ : كان عالما بالنحو واللغة، فاق أهل زمانه في اللسان العربي وغريب اللغة والشِّعر، وكان غَيورا على ما يَحْمِلُ من ذلك الفن، كثير الحَسَد فيه، راكبًا رأسَه في الخطأ البَيِّن، يُجادل عنه ولا يَصْرِفه عنه صارف. 🙂
أصولُ البَزْدَوِيِّ المسمَّى : (كنزُ الوصول إلى معرفة الأصول)، للإمام فخرِ الإسلامِ أبي العُسر عليِّ بن محمدٍ البَزْدَوِيِّ الحنفيِّ، المتوفى سنة482هـ
ومعه: تخريجُ أحاديثِ أصول البزدوي، للإمام العلامة قاسم بن قُطْلُوبُغا الحنفي، المتوفى سنة 879هـ
الرابط
http://www.almeshkat.net/books/archive/books/usool-bzdwi-bkdash.pdf
منقول عن الأستاذ محمد علي الأشعري
المشهور بين علماء أهل السنة في تصانيفهم ومحاوراتهم أن المعتزلة يُنكرون عذاب القبر، ومُنكرًا ونكيرا، المَلَكينِ السائلَينِ للميّت في قبره ....
والذي ذَكره القاضي عبد الجبار في طبقات المعتزلة إنكارُ هذا النقل عنهم، قال: وإنما أنكرَه أوّلا ضرار بن عمرو، وكان من أصحاب واصل، فظن الناس أن المعتزلة أنكَروه، وإنما المعتزلة رجلان؛ أحدهما: يُجوّز ذلك كما وردَت به الأخبار، والثاني: وهم أكثر شيوخنا، يقطعون بذلك لظهور الأخبار، وإنما ينكرون قول طائفة من الجهلة إنهم يُعذَّبون وهم موتى لا حياة فيهم.

[ الطوفي ]

وفي الحقيقة موقف المعتزلة من النقل، أعني النقل بصفة عامّة من حيث كونه أحد مصادر المعرفة، ما زال يحتاج إلى دراسات وأبحاث تكشف وجه الحقيقة عن مسالك مدارس الاعتزال فيه.
المؤاخَذة إنما تكون على أفعال الجوارح التي بها يكون الظلم والاعتداء وهضم الحقوق، وأمّا الأفعال الباطنة من الحب أو البغض أو الكراهية فلا يقع فيها تكليف إلا في حق الخاصة من عباد الله ممن وردَت فيهم النصوص بوجوب محبتهم.
علماء الشريعة يُقسّمون طبقاتِ المجتهدين إلى أقسامٍ كثيرة، وليس الاجتهاد عندهم محصورا في المجتهد المطلق، وهذا أمر بدهي معروف لكل المشتغلين بالعلم، ورتبةُ الاجتهاد بكل مستوياتها وأقسامها لها شروط خاصّة، ولا ينبغي أن تكون الرغبةُ في إثباتِ مرونة الشريعة حاملةً لنا على مَنحِ هذه الرُّتَب لغير مستحقّيها، فإننا في زمن نحتاجُ فيه إلى ضبطِ الناس بالشرع، وربطِهم بالمستقرِّ الثابت المعمول به في المذاهب الأربعة، قُبالةَ هذا التجريف والتحريف الحَداثي الذي يُلبّس على الناس بوجود أمثال اجتهاداتهِ تلك داخل الإطار السُّنّي المَذاهبي.
" إني وضعتُ هذا الكتابَ لأمرٍ عظيم؛ فإنَّي تَخيَّلتُ انحلالَ الشريعة وانقراضَ حَمَلتها، ورغبةَ الناس عن طَلبِها، وإضرابَ الخلق عن الاهتمام بها، وعَايَنْتُ في عَهدي الأئمةَ ينقرضون ولا يُخْلَفون، والمُتَّسِمون بالطلب يَرْضَون بالاستطراف، ويَقْنَعُون بالإطراف، وغايةُ مطلبهم مسائلُ خلافية، يَتباهون بها، أو فصولٌ مُلفَّقة وكَلِمٌ مُزَيَّفة في المواعظ يَستعطِفون بها قلوبَ العوام والهمجِ الطّغام، فعلمتُ أن الأمر لو تمادَى على هذا الوجه لانقرضَ علماء الشريعة على قُربٍ وكَثَب، ولا يَخلُفهم إلا التصانيفُ والكُتب، ثم لا يَستقِلُّ بكتب الشريعة على كثرتها واختلافها مُستقِلٌّ بالمطالعة من غير مراجعةٍ مع مُرشد، وسؤالٍ عن عالم مُسدَّد، فجمعتُ هذه الفصول، وأمّلتُ أن يَشيع منها نُسَخ في الأقطار، ولو عثر عليها بنو الزمان لأوشك أن يفهموها لأنها قواطع، ثم ارتجيتُ أن يتخذوها مَعاذهم؛ فيحيطوا بما عليهم من التكاليف في زمانهم، ويتحفَّظونه لصغر حجمه، واتِّساق نظمه، فهذا ما قصدتُّ، فإنْ تحقَّق ظني فهو الفوز الأكبر، وإلا فالخيرَ أردتُّ، والله المستعان".

[ إمام الحرمين ]

وفي هذا النص الجليل فوائد كثيرة ، منها مثلا :

1 - أن علماء الشريعة المتحقِّقين بها هم أركانها، ودعائمها القوية، وبوجودهم يَحفظ الله هذا الدين، وبانعدامهم يشيع الفساد والاختلال في حياة المسلمين، ويوشك أن يعمّهم الله بعذاب، بل قيل في تفسير قوله تعالى:" أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ": إنه موت العلماء.

2 - اجتماع الناس على الرغبة عن العلم الشرعي، وتعلُّمِه، وطلبه، لا سيما الضروريات، وواجبات الأوقات، ومُتعيِّناتها - علامةٌ أيضا على فساد الزمن، ويجب أن يبعث على الخوف من المصير.

3 - على العالم أن يكون مُطَّلِعا على الأمور التي تمسُّ واقع المسلمين ومَعاشهم، ويسعى جهده إلى إيجاد الحلول للنوازل الطارئة، والمشاكل المعاصرة العارضة، ولا يحصُر نفسه في مجموعةٍ من الكتب القديمة التي لا يتجاوزها، ولا يعرف ما استُحدِثَ من المسائل بعدها، وهذه للأسف مشكلة كبيرة يقع فيها بعض العلماء حفظهم الله، تجده متضلعا في حل الشروح والحواشي القديمة؛ فإذا ما جاءت إليه مسألة من مسائل المعاملات المعاصرة مثلا ظهر منه ضعف شديد في التخريج والفتوى.

4 - كتب الفقه لا تُغني المتفقّه، بل لابد معها من أستاذٍ عارفٍ بأسرارها، بصيرٍ بدقائقها، خبيرٍ بأشباه مسائلها، ونظائر فروعها.

5 - للعالم أن يَمدَح كتبه، ويَذكر محاسنها، وفضائلها، وميزاتها للناس؛ كي يُقبِلوا عليها، لا سيما إذا قلَّ نظيرها، وهذا لا ينافي الإخلاص.
إن مثال المُتنازِعين في المسائل غير القطعية كشاعِرَينِ استفرَغا وُسْعهَما في مدحِ ملِكٍ عظيم، لكن قصَّر أحدهما وبرز الآخر، فكلاهما يستحق الجائزة، للقاعدة الإسلامية العظيمة التي ينبني عليها معظم أعمال القلوب والجوارح، وهي قوله عليه السلام: " إنما الأعمال بالنيات" وقوله : " مَن سأل الله الشهادة خالصا من قلبه بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" وقوله: " إن بالمدينة قوما ما قطعتُم واديًا إلا كانوا معكم، حبسَهم العُذر" فكل هذا وأمثاله قصور عن الكمال، أكمَله الله بالنية، فكذلك المخالِف في هذه المسائل، غايتُه أن يُقصّر عن إدراك الصواب في نفس الأمر، لكنه يَلحق رتبةَ المجتهدين بالنية الصالحة، فهو كمن مات على فراشه ناويًا الجهاد.

ومن الحُجَج أيضا في الاعتذار لهؤلاء المخالفين: ما ثبَت في السنة من أن رجلا كان قبلكم قال لأولاده: إذا مِتُّ فأحرِقوني، ثم اذرُوني في الهواء، لعلي أُعجِز اللهَ، فإنه إن يَقدِر علي عذَّبني عذابا لا يُعذّبه أحدا، فلما مات الرجل فعَلُوا ذلك، فأعاده الله ثم أوقَفه بين يديه، فقال: ما حمَلك على ما صنعتَ ! قال: مخافتُك يا رب، قال: فإني قد غفرتُ لك.

فهذا الرجل قد أنكَر القدرة بالكلية، فعَذَرَهُ الله لجهلِه، ورحِمَه بإيمانه، ومن تأوَّل هذا الحديث على غير ما ذكرناه من جهلِ الرجل بقدرة الله فقد خالَف ظاهر السنة، وإذا ثبَت غفرانُ الله تعالى لمن أنكر قدرته جهلا فغفرانُه لمن أنكَر أثرا من آثار قدرته جهلا أو لتعارُضِ الأدلة أولَى، وإذا ثبَت أن الشاعِرَين المذكورين يستحقَّانِ الجائزة فالتفاوُت بين المقصّر والمُبرّز يظهر في أن الممدوح له أن يُفضّل أحدهما على الآخر بحسب ما بينهما من الفضيلة، فكذلك هؤلاء المختلفون في هذه المسائل، يكون المخطئ سالما، أو يتفاوتون في الثواب بحسب تفاوتهم في إدراك الصواب.

ولا يلزم على هذا خطأ اليهود والنصارى مع أنهم مجتهدون فينبغي أن يُعذَروا، لوجهين :

الأول: لأن القرآن صَرَّح بأنهم معاندون مُراغِمون مُتّبعون لأهوائهم.

والثاني: أن الذي نازعوا فيه قطعي، لا مما نحن فيه.

[ الطوفي ]

وهو تحرير جميل مُقنِع، وأجد له في نفسي قَبولا وارتياحا، نسأل الله أن يوفقنا لِما فيه مرضاته.
من أعجب ما قرأتُه في ترجمة الإمام الطوفي الحنبلي أنه كان سريع التصنيف، مع الإتقان والإجادة، حتى إنه كان يؤلِّف الكتاب في شهر، بل أغلب كُتبه كان ينتهي منها في هذه المدة، وربما انتهى من الكتاب في أسبوع، وكتابه :" الإشارات الإلهية في المباحث الأصولية" هو من أكبر كتبه، وقد طُبع محقَّقا في ثلاثة مجلدات، وقد انتهى منه في أربعين يوما، ويكاد يكون هذا الأمر من الكرامة والعناية الإلهية، فإنه لا يكاد يتحقق إلا لأفراد الخاصة من أهل الرسوخ في العلم، وسبحان الذي يزيد في الخَلق ما يشاء.