قناة

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )

الدُّرّ النَّثِير( كُنَّاشة سامي معوض )
11.3k
عددالاعضاء
233
Links
291
Files
88
Videos
901
Photo
وصف القناة
علم القراءات هو المجال الرحب والمرتع الخصب الذي تتجلى فيه النواحي التطبيقية لدارس النحو؛ بما يظهر فيها من مذاهب النحاة ولهجات العرب، وفي هذا العلم تتثبَّت في ذهن الدارس أمثلة الكثير والقليل والنادر والشاذ، ويتعرّف إلى حدودها الدقيقة، وفيه تبِين للمنصف عنايةُ النحويين الشديدة بالقرآن الكريم وتشبُّثهم الواضح به، لا كما يزعم الزاعمون من تنكُّبهم عن طريقه.
[ فصلٌ في التداخل بين المنطق والعربيّة ]

لِيكن في عِلمك أن عِلم العربية - مع كونه بالذات لإصلاح اللسان - لم يَخْلُ من المعاني التي ترتاض بها الأذهان، حتى لقد تناوَلَ عِلمَ المنطق، فكان له فيه النصيبُ الوافر، يَعرِف ذلك مَن له خِبرةٌ بالعِلْمَينِ.

انظر مثلا في الاستعارة التصريحية، كقولك: رأيت أسدًا يرمي، تجدها قياسا من الشكل الأول، حُذِفَت كُبراه والنتيجةُ، لوضوحها.

وبيانه: أن المشبَّه المَطْوِيّ كــ( زيد) مثلا، هو المُتحدَّث عنه بأنه أسَد، وكلُّ أسد شجاع، فــ( زيد ) شجاع بهذا الدليل، وبهذا تفهم قول البيانيين إن المجاز أبلَغ؛ لأنه كدعوى الشيء ببيِّنةٍ، إشارة إلى ما ذكرناه.

وانظر أيضا إلى الكناية، فإنها تنقسم عندهم إلى:

- ما يُطلَب بها المفرد، وهذا من باب المُعَرِّفات لطلبِ التصوُّر، فإذا قلتَ: رأيت حَيًّا عريضَ الأظفار مستويَ القامة، فهو تصوير للإنسان بهذا الرسم، وهذا أحدُ قِسْمَيِ المنطق.

- وإلى ما يُطلَب بها النِّسبة، وهذا قياسٌ كالأول، فإذا قلتَ مثلا: فلان كثيرُ الرماد، فهو استدلال، أي: وكلُّ الكثير الرماد كريم أو مِضياف، وهذا واضح، ولهذا أيضا قالوا: الكناية أبلغ من التصريح.

فالمنطق مُودَعٌ في كلام العرب، ولا يضرُّ كونُ كثيرٍ من لغة العرب خِطابيات وإقناعيّات؛ لأن المنطق صادقٌ بالصناعات الخمس، ومَن تَتبَّع الاستدلالات الشِّعرية وجَد أمرا كثيرا، فاعرِف ذلك، وإنما ذلك لأن المنطق مركوز في الفِطَر، فلا يختصُّ به الحكماء وإن كانوا تنبَّهوا فيه لبعضِ ما لم ينتبه إليه غيرهم من الكيفيات والشرائط، وهذا بخلاف العِلم المتعلق باللسان فهو مختصّ، إذ لكلِّ قومٍ لسانٌ ليس لغيرهم، كما قال تعالى:" واختلافُ ألسنتكم وألوانكم ".

فعلوم العربية مخصوصة بالعرب، غير أنه يجب أن يُعلَم أن هذا إنما هو فيما يرجع إلى ألفاظهم الموضوعة لمعانيها وتراكيبهم المخصوصة، أمَّا ما يرجع إلى الأغراض المُؤدَّاة فهي مُشترَكة؛ فقد بَلَوْنا لغةَ العَجم، ولا سيما لغةُ البربر التي نُتْقِنُها، فوجَدناها مشتملةً على جميع ما في لغة العرب من المقاصد والمعاني، وما فيها من تقديمٍ وتأخيرٍ وذِكرٍ وحَذفٍ وإيجازٍ وإطنابٍ وإطلاقٍ وحَصرٍ وحقيقةٍ ومجازٍ وكنايةٍ وتعريضٍ، وغير ذلك، حتى إنه لا يكاد يُوجَد بين اللغتين فرقٌ إلا في مجرّد العبارات.

ولكنَّ العربية خُصَّتْ بالفصاحة والسلاسة وبعض الأساليب الحِسَان.

وما ذكرناه بَيِّنٌ لا خفاء فيه عند مَن له أدنى شعور؛ لأن مقاصد العقلاء مُتّفِقة أو متقارِبة، عَربيِّهم وعَجميِّهم.

الإمام العظيم أبو عليّ اليوسي تــ1102هــ
وهذا كلُّه مبنيّ على أن السفوسطائية قومٌ لهم نِحلة ومذهب، وقد قال قوم بعدمِ وجود هذا المذهب أصلا، لأن السفسطة مشتقة من " سوفاسطا"، ومعناه عِلم الغَلط والحِكمة المُمَوَّهة، فــ (سُوف) اسمٌ للعِلم، و (اسطى) للغَلط والتلبيس، ولا يمكن أن يكون في العالم قومٌ ينتحلون هذا المذهب، بل كل غالطٍ سفوسطائيٌّ في موضعِ غَلَطِه.

أبو عليّ اليوسي تــ١١٠٢هـ
طبعة جديدة من الكشاف، أسأل الله أن تكون مغنية ووافية بالمقصود:
محاولة إعذار المُسِيئين للجَناب النبوي الشريف بالرسوم الساخرة بأنَّ المشكلة عند المسلمين أنفسهم وأنهم السبب في ذلك، لأنهم لم يتخلَّقوا بأخلاق الدين وفرَّطوا في مبادئه وأحكامه حتى صارت صورة الإسلام ونبيّ الإسلام صلى الله عليه وسلم مشوهةً في أذهان الأوربيين - محاولة بائسة، وانخذالٌ بغيض، وقولٌ أحمق بارد، لا نصيب له من الاحترام فضلا عن الصحة.

وما قاله بعض علماء المسلمين في إعذارِ مَن وصلَت إليهم الدعوة على غير حقيقتها - يكتنفه شروط وضوابط لا تتحقق في حالة فرنسا، أسهلها أن يكون هؤلاء القوم نائِين عن المسلمين غير مختلِطين بهم، وهذا غير متحقق هنا؛ فهنالك ملايين من المسلمين الفرنسيين المقيمين بينهم سواء كانت أصولهم فرنسية أو لا، كما أن الجالية الإسلامية والمراكز هناك أيضا، ومهما كانت أخطاؤهم ومهما قيل من الملاحظات عليهم فإنهم متحقّقون بالإسلام وقائمون بكثير من وظائفه.

وسعيُ الحكومة الفرنسية إلى التضييق والتنكيل بكل مَن يُظهر شيئا من مظاهر الإسلام دليل على أن هذه العداوة سبيلها العِناد لا الجهل، هذا فضلا عن كون هذا الرسام مثقّفا ومتعلّما فليس أمّيا ليصحّ في حقه هذا الاحتمال، وفي فرنسا كثير من معاهد العلوم والدراسات الشرقية التي تُدرَس فيها اللغة العربية وعلوم الشريعة كما هي في ثقافة المسلمين، فكيف بعد هذا كله يقومون مقام مَن لم تبلغه الدعوة أو جاءته على غير حقيقتها!.
يتردَّدُ في بعض الحواشي ذِكرُ الإضافة البيانيّة، وإضافةِ البيان، أو الإضافة التي للبيان، فما الفرقُ بينهما؟!.

*************************

الإضافة البيانية هي التي يكون بين المضاف والمضاف إليه فيها عموم وخصوص وجهي.

وإضافة البيان هي التي يكون بين المضاف والمضاف إليه فيها عموم وخصوص مطلق.

فمثلا: عندما تقول: هذا خاتمُ فضّةٍ، وهذا قلمُ رصاصٍ، فهذه إضافة بيانية؛ لأن بين المضاف والمضاف إليه عموما وخصوصا وجهيا؛ فيصدُقانِ على الخاتم المصنوع من الفضة، وينفردُ كلٌّ منهما عن الآخر، كأن تجد خاتما من حديد مثلا، وأن تجد الفضة على شكل آخر غير الخاتم، فالإضافة هنا بيانية.
ثم تقول مثلا: هذا شجرُ أراكٍ، أو عودُ أراكٍ، فهذه إضافةُ البيان؛ لأن بين المضاف والمضاف إليه عموما وخصوصا مطلقا، لأن الشجرَ يمكن أن يُتّخذَ منه الأراك، ويمكن أن يُتّخذَ منه أشياء أخرى غير الأراك، في حين أن الأراك لا يكون إلا من الشجر، فالإضافة للبيان.

وبعض العلماء لا يفرقون بين الإضافتين، والذي عليه المحققون ما ذكرتُه، والله أعلم.
فائدة:

البحث عن وجود هذه الكليات الثلاث في الخارج( العقلي والطبيعي والمنطقي ) خارج عن هذه الصناعة، أي المنطق، وتحقيق وجودها يُطلب من العِلم الطبيعي.

نقَله العطار عن السيد الشريف.
الحقُّ منعُ اشتراكِ النُّطق بين الإنسان والمَلَك والجنّ والبَبَّغاء، لأن المراد بالنُّطق ما يجري على الجَنان لا ما يجري على اللسان، وليس للمَلَك والجنِّ جَنان، ولا يجري على جَنان الببغاء شيء، فإنَّ الجَنان هو اللحم الصَّنَوْبَرِيّ، وهو إنما يكون في المادّيات دون المُجرَّدات.

عن العلامة العطّار، بتصرف.
علوم الإسلام قائمة على الرواية، لا يختص بذلك علم الحديث، وإن كان التحرِّي والتدقيق والضبط فيه أشدّ وأعظم من غيره من بقية العلوم، ومما أُثِر عن الأسلاف:" الرواية من العشرين والدراية من الأربعين" لأن سنّ النشأة وشرخ الشباب تكون فيه الذاكرة أخصَب والحافظة أوعَب، والأربعون سن النضج التام والعقل الكامل، فهو بالتأمُّل والإنتاج أولى.

والرواية حاضرة في شتى معارف هذه الأمة، يأخذها الواحد عن الواحد، شفاها أو كتابة، تلقينا وتعليما أو خطًّا وتأليفا، ففي علوم العربية رواية، وفي دواوين الأشعار رواية، وفي كتب الفقه والتفسير رواية، وفي القرآن والحديث من باب أولى. بل حتى العلوم العقلية من المنطق والفلسفة والكلام لا تخلو من الرواية، حتى إنه شُهِر عنهم أن لهذه العلوم أسرارا تُحفَظ بالنقل الشفهي للمتأهّل لها الحافظ لقوانينها ولا ينبغي أن تُبذَل لعامة الناس في الكتب، وأنهم لولا الاضطرار لَما أّلفوا الكتب وسطَّروا الدفاتر، ورُويت كتب ابن سينا والفارابي بالسند، وأُخِذت فيها العهود واشتُرطِت فيها الشروط، فإذا كان هو الحال في أبعد العلوم عن النقل فما الظنُّ بغيرها!

فلا أعجَب بعد هذا كله ممن يظن انقطاع نقلِ الحديث عند الإمام البخاري ويطلب النسخة الأصلية منه، مع أن القدرة على الإسناد في غيره أسهل وأهون سبيلا! وآخر ما يمكن أن تُرمى به هذه الأمة هو الطعن بوثاقة علومها واستحكام أصول معارفها، وربك يخلق ما يشاء ويختار.
من وسائل إتقان مسائل العلم أن يكون معها الدارس شُجاعا ورجلا ، فيعامل نفسه بنقيض هواها وقصدِها، فكلما استعصى عليه شيء من فروع العلم فلا ينبغي أن يهرب منه ويؤجّله ويزورّ كلما وقعَت عينه عليه، فهذا ليس من الرجوليّة في العلم، بل يكرّر ويُرغِم نفسه على المطالعة ويضرب لها زمنا طويلا يعتكف فيه على إتقان هذه المسائل، فيقول مثلا: سأظل أسبوعا أو شهرا لا أقرأ في أي شيء آخر غير هذه المسائل، ويدوم على ذلك بحيث لا يقرأ في صباحه ومسائه غيرها، فإنها بعد زمن يسير تلِين وتسهل وتسلس، فإن إلْف الشيء يَجلِب الأُنس به، والهرب منه يُرسّخ صعوبته وكراهيته في النفس حتى يُخيَّل إليه أنه مما لا يُفهم، وكلما طالت مدة البُعد ازداد الأمر صعوبة، ولو لم يكن لهذا الإرغام فائدة سوى بذل الوسع لَكفى ؛ فإن أقصى الجهد يمنع اللوم ويبلغ بالنفس حدّ الإعذار.