✍الشهيد آية الله السید محمد باقر الصدر في بیان العلامة السید عبدالستار الحسني (رحمة الله عليهما)
«لا اُذيعُ سرّاً إذا ما قَرَّرتُ بِكُلِ ثقةٍ واطمئنانٍ أنَّ سَيِّدنا الإمام الشَّهيد أبا جعفرٍ الباقرَ أسْبَغَ المولى تبارَكَ وَتعالى عليه شآبِيبَ رَحْمَتِهِ وَهَوامِعَ بَرَكَاتِهِ، هُوَ ـ على اصطلاح العصرِيّين ـ ظاهِرَةٌ فَرِيدةٌ قدْ يَعِزُّ أنْ تَمْقُلَ لَهُ الأنْظارُ نَظِيراً في كُلِّ ما أَسْبَغَ عَلَيْهِ الْواهِبُ المُنْعِمُ تَبَارَكَ وَتَعالى، مِنْ الْمَواهِبِ اللَّدُنّيَّةِ، وَأَخْلَصَ لَهُ مِنَ الآلاء التي يَخْتَصُّ بِها مَنْ يَشاءُ،
وَمِن أَظْهَرِ مَصادِيقِها في مسيرةِ سَيِّدنا الإمام الصدر، هُوَ ذلِكَ النُّبوغُ المُبَكِّرُ، والْفِكْرُ الأَصِيلُ المُتَميِّز بِعَطائِهِ الثَرِّ، و(الْعَقْلِيَّةُ الرّياضيةُ) الْفَذَّةُ، وَالْعَبْقَريَّةُ الْعَجِيبةُ اللّافِتةُ لأَفْكَار أساطين الفِكْرِ وَرُمُوزِ الْمـَناهِجِ المَعْرِفيةِ منْ أعلامِ الشَّرْقِ والْغَرْبِ على اختلافِ مِلَلِهِم وَنِحَلِهِم.
وَإنَّ مِنْ حَقِّ هذا الرَّجُلِ العظِيمِ على ذَوي الأقلامِ مِمَّن يَأنَسُونَ بِإنْفُسِهِم المُكْنَةَ وَسَعَةَ الْذَرْعِ وَطُولَ الْبَاعِ في خَوْضِ ما يَتّصِلُ بِالجوانِبِ التي امْتَازَ بِها أن يَنْهَدَ جَماعةٌ مِنْهُم مُجْمَعٌ على كِفَايَتهِم( ) وكمالِ تَطَلُّعهم وَاضطلاعهم بما هُمْ في صَدَدِ الْخَوْضِ فيه، لِدِراسة جَوانِبِ الفَذاذة وَمفاصِلِ الْعَبْقَرية في آثار هذا المُفكِّر الإسلامي الكبير، كُلٌّ بِحَسْبِ تَخَصُّصِهِ،
وَلَو قُدِّرَ لأبي جعفرٍ أن يَمْتَدَّ به العُمُرُ لَأغْنَى الْدِراساتِ الفِقْهِيةَ والاُصُوليةَ والْعَقائِدِيةَ والْفَلْسَفيةَ وسائِرَ العُلوم الإسلامية والإنسانية بأرْوَعِ مَا رَعَفَتْ بِهِ يَراعَةُ عالمٍ، طُلعةِ نحريرٍ، وَأثرى ما أنتَجَتهُ بَراعَةُ مُفَكِرٍ أوْحَدِيٍّ على مَدى العُصور.
وَكأنَّ السيّد المرتضى عَلَمَ الهُدى الموسويَّ عناهُ عندما قال في رثاءِ أخيه العالم الشاعر الأديب الشريف الرَّضيَّ(359 – 406هـ)( ) قسيم سيدنا الصدر في السُّؤدُد والشرف:
لله عُمْرُكَ مِنْ قصيرٍ طاهِرٍ
وَلَرُبَّ عُمْرٍ طالَ بالأدْنَاسِ
وجملةُ القولِ: إنَّ ما خَلَّفهُ الإمام الشهيدُ مِنْ آثارٍ ومآثِرَ، سَواءٌ أكانت في الحوزاتِ العلمية أمْ في الجامِعاتِ الأكاديميَّةِ أمْ في المُجْتَمَعاتِ الإسلاميّة، لَهُوَ كالغيْثِ، أيْنَمَا وَقَعَ نَفَعَ كما قالت العَرَبُ في أمْثالِها».
فائدة
وَقَالَ سَمَاحَةُ السَّيِّدِ عَبدُ السَتَّارِ الحَسَنيّ ( رحمَه الله تَعَالَى) الذي أَعتَقِدُه أَنَّ الشَّريف الرضي الذي عَاشَ سَبْعَاً وَأَرْبَعِينَ سَنة، مَاتَ مَسمُومَاً مِنْ قِبَلِ الأُسرَةِ الحَاكِمةِ يَومَئِذٍ لَا مِيتَةً طَبيعية.
وَمِنْ طَرِيفِ الْمُوَافَقَات أَنَّ الشَّريف الرضي كَان يَدخُل فِي سِجِلَّ العَبَاقِرِةِ دُخُولاً أَوَّلِيّاً في مَعَايير أَهْلِ عَصرِه – في الأقل – وَسَيِّدنا الإمام الصدر يجتَمَعُ مَعَهُ بِالنَّسَبِ الشَّرِيفِ في مُوسَى أَبِي سِبْحَة بِن إِبْرَاهِيمَ الْمُرتَضَى بن الإمام مُوسَى الكَاظِم (عَلَيهِ السَلام) ، وَقَد عَاشَ سَبعَاً وَأَربَعينَ سَنة كَمَا عَاشَ السَّيِّدُ مُحمَّد بَاقِرِ الصدر قريباً مِنْ ذَلِكَ.
📎(من كتاب ذكريات وخواطر ؛ رحلتي مع الإمام الشهيد م
حمد باقر الصدر،