#أبحاث_تاريخية #حضرموت
#الأباضية #تاريخ_حضرموت
#محمدباذيب #أبحاث_باذيب
ذهب الإباضي في حضرموت
المؤلف: د. محمد أبوبكر باذيب
هذا فصل مستل من الجزء الأول من كتاب
(جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي)
الصادر عن دار الفتح للدراسات والنشر، الأردن
سنة 1430هـ - موافق 2009م
يقع في 74 صفحة
ج1: ص 98-170
تقرأ في هذا البحث:
هل يصح وصفُ الإباضية بأنهم خوارج؟
هذا السؤال يراود أذهان الكثيرين من الباحثين، لاسيما وأن كبار مشايخ المذهب الإباضي المعاصرين ومن قبلهم ينفون عن مذهبهم صفة الخارجية، وصنفوا كتباً في ذلك (1). فأقول على سبيل الإجمال: إن هذا الموضوع شديد الحساسية بالنسبة للإباضية أنفسهم، فجمهور المؤرِّخين قدامَى ومُحدَثين ـ من غير الإباضية ـ لا يعدّون الإباضية إلا فرقة خارجية، بل يصفُها البعض بأنها البقيةُ الباقية من فِرَق الخوارجِ التي اندثرت جميعها ولم يبق سواها، وظلوا ينظرون إليهم من هذه الزاوية.
وحاولَ الكثيرون من العلماء الإباضيين المعاصرين سلوك عدة سبل في دحض هذه النسبة التي يعدّونها تهمة لمذهَبهم، ولهم عباراتٌ كثيرة سطَّروها في أبحاثهم، منها قول العلامة إبراهيم أطفيش (ت 1385هـ) في رسالته «الفَرْقُ بين الإباضية والخوارج»: «الحقيقة التي لا مرية فيها: أن أهل النهروان لم يخرجوا عن علي قط! ولكنهم حين أبوا التحكيم وأصروا عليه جنح أبو الحسن إلى فريق التحكيم، فرأى منكرو التحكيم أن البيعة لم تكن في أعناقهم بل هم في حل منها، فاعتبروا التحكيم تنازلاً من الإمام أبي الحسن عن البيعة» (1)، ثم ذكر اختيارهم أتقى رجل يومئذ وهو ابن وهب الراسبي الأزدي، إلخ، قال: «فرأى علي بن أبي طالب أن البيعة حصلت لأزدي لا لقريشي، هذا هو السبب الوحيد لواقعة النهروان» (2).
ومنها قول الباحث الإباضي د. صالح الصوافي: «وتفرَّقَ هؤلاء الخارجون إلى فِرَقٍ عديدة، كان منها الأزارقة والصفرية والنجدات، وهؤلاء هم الذين أصبحوا يعرفون بالخوارج، ويعني وصفهم بذلك: أنهم خارجون عن الدين ومارقون، بما استحلوا من المحرمات، وما خالفوا فيه الأحكام الصحيحة للإسلام. أما الإباضية، وهم الذين عُرِفوا بجماعة المسلمين، أهلِ الحق والاستقامة، فهم لا يرون رأيَ هؤلاء الخوارج، بل يرونهم مارقين خارجين عن الدين، ورغم أنهم يوالون المحكمة الأولى ـ وعلى رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي ـ إلا أنهم لم يوافقوا الأزارقة ومن والاهم من بعدِه، بل تبرؤوا من مذهبهم» (1).
ويقول د. عمرو النامي معللاً نظرة غير الإباضية إليهم واتهامهم بالخارجية: «لقد كان من الصعب على غير الإباضية أن يُكَوِّنوا نظرة واضحة عن الحركة الإباضية وعن طبيعة علاقاتها بحركة الخوارج، ومردُّ ذلك إلى التكتم حول النشاطات والمخططات التي وجهت معظم النشاطات الإباضية الأولى، والسبب الآخر هو ـ كما ذكره ابن النديم ـ أن خوف الإباضية من الاضطهاد من قبل خصومهم جعلهم يسترون كتبهم»، إلخ.
إنه مهما تعلل الإباضية وتهربوا من مصطلح (الخوارج)، فلا يمكنهم إخفاء حقائق التاريخ، لأنهم مع رفضهم له، ونظرتهم إليه أنه صنيعةُ الأمويين، فهم لا يتحاشون أن ينتسبوا إلى (المحكِّمةَ الأولى)، بل يطنبون في مدحهم، ويفَاخرون بانتسابهم إلى عبد الله بن وهب الراسبيِّ، فهذا تناقض غريب منهم! إذ معنى انتمائهم إلى المحكِّمة الأولى وإلى ابن وهب: أنهم يربطون أنفسَهم تاريخياً وعقائدياً بأُسِّ أساس الخوارج! فمن هنا نعلم: أنه من الصعبِ عليهم أن ينفوا صفة الخارجية عنهم (1)، وفي هذا الصدد يقول الباحث د. أحمد جلي في بحثه الرائع عن فرقتي الخوارج والشيعة بعد كلام ممتع وتحليل جميل: «أرى أنه من الأفضل أن يقول الإباضية: إن حركةَ الخوارج كانت تضُم تياراتٍ متعددة، وأن سلفهم كانوا يمثلون تياراً معتدلاً داخل تلك الحركة. وعلينا أن لا نحمِّلَ هذا التيارَ تبِعةَ ما قام به الخوارجُ المتطرفون من أعمال، وأن لا نحاكم الإباضية المعاصرين بتاريخ حركة الخوارج بأسرها، بل يحكم عليهم كما يحكم على غيرهم من المسلمين بمقدار تمسكهم بالإسلام وقيمه، واتفاق مبادئهم مع ما جاء في الكتاب الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام» (2).
لتحميل بحث د. باذيب من رابط القناة
https://t.me/dr_Mohammad_Batheeb/229
لتحميل البحث من ارشيف على الرابط
https://archive.org/details/maasbatheeb_gmail_20190307_0543
#الأباضية #تاريخ_حضرموت
#محمدباذيب #أبحاث_باذيب
ذهب الإباضي في حضرموت
المؤلف: د. محمد أبوبكر باذيب
هذا فصل مستل من الجزء الأول من كتاب
(جهود فقهاء حضرموت في خدمة المذهب الشافعي)
الصادر عن دار الفتح للدراسات والنشر، الأردن
سنة 1430هـ - موافق 2009م
يقع في 74 صفحة
ج1: ص 98-170
تقرأ في هذا البحث:
هل يصح وصفُ الإباضية بأنهم خوارج؟
هذا السؤال يراود أذهان الكثيرين من الباحثين، لاسيما وأن كبار مشايخ المذهب الإباضي المعاصرين ومن قبلهم ينفون عن مذهبهم صفة الخارجية، وصنفوا كتباً في ذلك (1). فأقول على سبيل الإجمال: إن هذا الموضوع شديد الحساسية بالنسبة للإباضية أنفسهم، فجمهور المؤرِّخين قدامَى ومُحدَثين ـ من غير الإباضية ـ لا يعدّون الإباضية إلا فرقة خارجية، بل يصفُها البعض بأنها البقيةُ الباقية من فِرَق الخوارجِ التي اندثرت جميعها ولم يبق سواها، وظلوا ينظرون إليهم من هذه الزاوية.
وحاولَ الكثيرون من العلماء الإباضيين المعاصرين سلوك عدة سبل في دحض هذه النسبة التي يعدّونها تهمة لمذهَبهم، ولهم عباراتٌ كثيرة سطَّروها في أبحاثهم، منها قول العلامة إبراهيم أطفيش (ت 1385هـ) في رسالته «الفَرْقُ بين الإباضية والخوارج»: «الحقيقة التي لا مرية فيها: أن أهل النهروان لم يخرجوا عن علي قط! ولكنهم حين أبوا التحكيم وأصروا عليه جنح أبو الحسن إلى فريق التحكيم، فرأى منكرو التحكيم أن البيعة لم تكن في أعناقهم بل هم في حل منها، فاعتبروا التحكيم تنازلاً من الإمام أبي الحسن عن البيعة» (1)، ثم ذكر اختيارهم أتقى رجل يومئذ وهو ابن وهب الراسبي الأزدي، إلخ، قال: «فرأى علي بن أبي طالب أن البيعة حصلت لأزدي لا لقريشي، هذا هو السبب الوحيد لواقعة النهروان» (2).
ومنها قول الباحث الإباضي د. صالح الصوافي: «وتفرَّقَ هؤلاء الخارجون إلى فِرَقٍ عديدة، كان منها الأزارقة والصفرية والنجدات، وهؤلاء هم الذين أصبحوا يعرفون بالخوارج، ويعني وصفهم بذلك: أنهم خارجون عن الدين ومارقون، بما استحلوا من المحرمات، وما خالفوا فيه الأحكام الصحيحة للإسلام. أما الإباضية، وهم الذين عُرِفوا بجماعة المسلمين، أهلِ الحق والاستقامة، فهم لا يرون رأيَ هؤلاء الخوارج، بل يرونهم مارقين خارجين عن الدين، ورغم أنهم يوالون المحكمة الأولى ـ وعلى رأسهم عبد الله بن وهب الراسبي ـ إلا أنهم لم يوافقوا الأزارقة ومن والاهم من بعدِه، بل تبرؤوا من مذهبهم» (1).
ويقول د. عمرو النامي معللاً نظرة غير الإباضية إليهم واتهامهم بالخارجية: «لقد كان من الصعب على غير الإباضية أن يُكَوِّنوا نظرة واضحة عن الحركة الإباضية وعن طبيعة علاقاتها بحركة الخوارج، ومردُّ ذلك إلى التكتم حول النشاطات والمخططات التي وجهت معظم النشاطات الإباضية الأولى، والسبب الآخر هو ـ كما ذكره ابن النديم ـ أن خوف الإباضية من الاضطهاد من قبل خصومهم جعلهم يسترون كتبهم»، إلخ.
إنه مهما تعلل الإباضية وتهربوا من مصطلح (الخوارج)، فلا يمكنهم إخفاء حقائق التاريخ، لأنهم مع رفضهم له، ونظرتهم إليه أنه صنيعةُ الأمويين، فهم لا يتحاشون أن ينتسبوا إلى (المحكِّمةَ الأولى)، بل يطنبون في مدحهم، ويفَاخرون بانتسابهم إلى عبد الله بن وهب الراسبيِّ، فهذا تناقض غريب منهم! إذ معنى انتمائهم إلى المحكِّمة الأولى وإلى ابن وهب: أنهم يربطون أنفسَهم تاريخياً وعقائدياً بأُسِّ أساس الخوارج! فمن هنا نعلم: أنه من الصعبِ عليهم أن ينفوا صفة الخارجية عنهم (1)، وفي هذا الصدد يقول الباحث د. أحمد جلي في بحثه الرائع عن فرقتي الخوارج والشيعة بعد كلام ممتع وتحليل جميل: «أرى أنه من الأفضل أن يقول الإباضية: إن حركةَ الخوارج كانت تضُم تياراتٍ متعددة، وأن سلفهم كانوا يمثلون تياراً معتدلاً داخل تلك الحركة. وعلينا أن لا نحمِّلَ هذا التيارَ تبِعةَ ما قام به الخوارجُ المتطرفون من أعمال، وأن لا نحاكم الإباضية المعاصرين بتاريخ حركة الخوارج بأسرها، بل يحكم عليهم كما يحكم على غيرهم من المسلمين بمقدار تمسكهم بالإسلام وقيمه، واتفاق مبادئهم مع ما جاء في الكتاب الكريم وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام» (2).
لتحميل بحث د. باذيب من رابط القناة
https://t.me/dr_Mohammad_Batheeb/229
لتحميل البحث من ارشيف على الرابط
https://archive.org/details/maasbatheeb_gmail_20190307_0543