٥. صعوبة تشخيص الأعلم.
قال دام ظله:
الانصاف صعوبة الاطلاع على الأعلمية بوجه معتبر شرعاً، خصوصاً مع كثرة المجتهدين وتباعد أماكنهم وعدم ظهور أثر علمي لكثير منهم ليتسنى تمييز حاله، ولا سيما مع عدم الداعي لكثير ممن يمتلك قابلية التمييز للتصدي لذلك، لما فيه من الكلفة الزائدة وتحمل المسؤولية العظيمة بالشهادة.
وأما من هو متصل به من تلامذته ونحوهم فهم ـ بعد فرض حسن الظن بهم والثقة بتورعهم ـ كثيراً ما ينصهرون به، أو بمدرسته العلمية، بنحو لا تبتني شهاداتهم له على اختباره مع غيره بوجه كافٍ، بل على الإعجاب به حتى يعتقدون تفوقه وإن لم يختبروا غيره، أو على إلفة مطالبه العلمية والتنفر من مطالب غيره، لبعدها عن أذواقهم المكتسبة منه أو من غيره. ومن هنا نرى تضارب الشهادات كثيراً.
وليس عمل عامة الناس في عصورنا مبنياً على الالتفات لهذه النكات والتحفظ على الميزان الشرعي، بل على الغفلة أو التسامح، فكثيراً ما يعتمدون في تعيين المرجع على غير أهل الخبرة ممن لهم اتصال به من أهل العلم أو ممن يتزيى بزيهم، كما تتدخل أمور جانبية كالشهرة والعواطف وغيرها في تصرفهم كثيراً.
__________________________
المحكم في أصول الفقه ٦ / ٤٣٣.
#فقه #أصول