هل الأشاعرة من أهل السنة عند السفاريني؟
---
ليُعلم أن هذا المنشور ليس لبيان موقف الحنابلة من الأشعرية، فالأشاعرة قطعًا ليسوا من أهل السنة عند أئمة الحنابلة في جميع طبقاتهم إلا في الأزمنة المتأخرة التي سيطر فيها الأشاعرة سيطرة كاملة على الدولة والقضاء، فلا عبرة بكلام المتأخرين الذين لا نعرف على القطع سبب مخالفتهم لمن قبلهم من أئمة الحنابلة في موقفهم من الأشاعرة وإن كان يمكننا التخمين على سبيل الظن.
إذن فالمنشور عن موقف السفاريني ونصه الذي يتناقله #الحنابلة_الجدد وبعض مبتدعة الأشعرية والذي فيه: (أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية وإمامهم أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي).
ثم إن هؤلاء الذين يحتفون بهذا النص يتركون كلام السفاريني القاطع بعده بصفيحات بأن الأشاعرة والماتريدية لا يعدون من الفرقة الناجية المذكورة في حديث الفرق.
وأنا في هذا المنشور سأذكر كلام السفاريني، ثم كلام شيخين حنبليين أحدهما ينكر كون الأشاعرة من أهل السنة، والثاني ينكر على السفاريني عدم اعتباره الأشاعرة من أهل السنة، وعن ثالث موافق للثاني.
أولًا: قال السفاريني: ( قال بعض العلماء: هم، يعني الفرقة الناجية: أهل الحديث يعني الأثرية، والأشعرية والماتريدية).
ثم يقول السفاريني بعدها مباشرة: (قلت: لفظ الحديث يعني قوله: (إلا فرقة واحدة) ينافي التعدد ولذا قلتُ:
وليس هذا النص جزمًا يعتبر** في فرقة إلا على أهل الأثر).
ثم قال في شرح البيت: (أي لا يطبق ويصدق إلا على فرقة من الثلاث وسبعين فرقة إلا على أهل على فرقة أهل الأثر وما عداهم من سائر الفرق قد حكموا العقول وخالفوا المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والواجب أن يتلقى بالقبول، فأنى يصدُق عليهم الخبر، أو يطبق عليهم الأثر).
وواضح جدًا تعقب السفاريني لقول من قال: إن الفرقة الناجية ثلاثة طوائف، وأنه لا يرتضي هذا القول.
ثانيًا: كيف فهم الحنابلة كلام السفاريني المذكور؟
وهنا أنقل عن شيخين بل ثلاثة فهمهم لكلام السفاريني.
1- القدومي في كتابه المنهج الأحمد في درء المثالب التى تُنمى لمذهب الإمام أحمد ذكر في ص 43،44 كلام السفاريني الذي نقله عن بعضهم بأن الفرقة الناجية ثلاثة، ثم إن القدومي لم ينقل رد السفاريني وتعقبه على هذا القول، لكنه أجاب على كلام السفاريني وتعقبه دون ذكره بجواب ضعيف مهترئ وليس هو المقصود من المنشور والكتاب في مجمله ضعيف.
2- اللبدي الحنبلي الذي علق على كتاب القدومي قال في الحاشية عن جواب القدومي: (وما أجاب به سديد وجيه يجب المصير إليه وخلافه لا يعول عليه وإن جزم به المحقق السفاريني في منظومته فقال: (وليس هذا النص جزمًا يعتبر** في فرقة إلا على أهل الأثر).
أقول: وما رآه سديدًا فليس بسديد بل هو ضعيف لا يعول عليه، وما ذكره أئمة وفحول الحنابلة من قبله هو المعول عليه.
وأنت ترى من هذين النقلين أنهما يستدركان على السفاريني عدم إدخاله الأشعرية والماتريدية في الفرقة الناجية، فلو كانتا داخلتين عند السفاريني في أهل السنة لما تعقباه بذلك.
3- ابن بدران الحنبلي، وموقفه موافق للقدومي واللبدي في الفهم بأن السفاريني لم يدخل الأشعرية والماتريدية في الفرقة الناحية، وإن كان يخالفهما في رأيهما بأنهما من أهل السنة، فالأشعرية والماتريدية عند ابن بدران ليستا من أهل السنة.
ذكر كلامًا ثم قال: ( وقد كرر هذا المعنى-أي السفاريني- في كتابه وأشار إلى مقصده تارة تصريحًا، ومرة تلويحًا، بأن المحق إنما هو فرقة واحدة وهي الأثرية، وأن ما عداها داخل تحت بقية الفرق. ومنه يعلم أنه لا تنافي بين شرحه ونظمه، وأن مدعي انقسام الفرقة الناجية إلى ثلاث ليس مما يقول به ولا يرتضيه ولا يحوم حوله، كما علمت ذلك من قوله: إن لفظ الحديث ينافي التعدد). العقود الياقوتية ص52.
والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
#الحنابلة
---
ليُعلم أن هذا المنشور ليس لبيان موقف الحنابلة من الأشعرية، فالأشاعرة قطعًا ليسوا من أهل السنة عند أئمة الحنابلة في جميع طبقاتهم إلا في الأزمنة المتأخرة التي سيطر فيها الأشاعرة سيطرة كاملة على الدولة والقضاء، فلا عبرة بكلام المتأخرين الذين لا نعرف على القطع سبب مخالفتهم لمن قبلهم من أئمة الحنابلة في موقفهم من الأشاعرة وإن كان يمكننا التخمين على سبيل الظن.
إذن فالمنشور عن موقف السفاريني ونصه الذي يتناقله #الحنابلة_الجدد وبعض مبتدعة الأشعرية والذي فيه: (أهل السنة والجماعة ثلاث فرق: الأثرية وإمامهم أحمد بن حنبل رضي الله عنه، والأشعرية وإمامهم أبو الحسن الأشعري رحمه الله والماتريدية وإمامهم أبو منصور الماتريدي).
ثم إن هؤلاء الذين يحتفون بهذا النص يتركون كلام السفاريني القاطع بعده بصفيحات بأن الأشاعرة والماتريدية لا يعدون من الفرقة الناجية المذكورة في حديث الفرق.
وأنا في هذا المنشور سأذكر كلام السفاريني، ثم كلام شيخين حنبليين أحدهما ينكر كون الأشاعرة من أهل السنة، والثاني ينكر على السفاريني عدم اعتباره الأشاعرة من أهل السنة، وعن ثالث موافق للثاني.
أولًا: قال السفاريني: ( قال بعض العلماء: هم، يعني الفرقة الناجية: أهل الحديث يعني الأثرية، والأشعرية والماتريدية).
ثم يقول السفاريني بعدها مباشرة: (قلت: لفظ الحديث يعني قوله: (إلا فرقة واحدة) ينافي التعدد ولذا قلتُ:
وليس هذا النص جزمًا يعتبر** في فرقة إلا على أهل الأثر).
ثم قال في شرح البيت: (أي لا يطبق ويصدق إلا على فرقة من الثلاث وسبعين فرقة إلا على أهل على فرقة أهل الأثر وما عداهم من سائر الفرق قد حكموا العقول وخالفوا المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والواجب أن يتلقى بالقبول، فأنى يصدُق عليهم الخبر، أو يطبق عليهم الأثر).
وواضح جدًا تعقب السفاريني لقول من قال: إن الفرقة الناجية ثلاثة طوائف، وأنه لا يرتضي هذا القول.
ثانيًا: كيف فهم الحنابلة كلام السفاريني المذكور؟
وهنا أنقل عن شيخين بل ثلاثة فهمهم لكلام السفاريني.
1- القدومي في كتابه المنهج الأحمد في درء المثالب التى تُنمى لمذهب الإمام أحمد ذكر في ص 43،44 كلام السفاريني الذي نقله عن بعضهم بأن الفرقة الناجية ثلاثة، ثم إن القدومي لم ينقل رد السفاريني وتعقبه على هذا القول، لكنه أجاب على كلام السفاريني وتعقبه دون ذكره بجواب ضعيف مهترئ وليس هو المقصود من المنشور والكتاب في مجمله ضعيف.
2- اللبدي الحنبلي الذي علق على كتاب القدومي قال في الحاشية عن جواب القدومي: (وما أجاب به سديد وجيه يجب المصير إليه وخلافه لا يعول عليه وإن جزم به المحقق السفاريني في منظومته فقال: (وليس هذا النص جزمًا يعتبر** في فرقة إلا على أهل الأثر).
أقول: وما رآه سديدًا فليس بسديد بل هو ضعيف لا يعول عليه، وما ذكره أئمة وفحول الحنابلة من قبله هو المعول عليه.
وأنت ترى من هذين النقلين أنهما يستدركان على السفاريني عدم إدخاله الأشعرية والماتريدية في الفرقة الناجية، فلو كانتا داخلتين عند السفاريني في أهل السنة لما تعقباه بذلك.
3- ابن بدران الحنبلي، وموقفه موافق للقدومي واللبدي في الفهم بأن السفاريني لم يدخل الأشعرية والماتريدية في الفرقة الناحية، وإن كان يخالفهما في رأيهما بأنهما من أهل السنة، فالأشعرية والماتريدية عند ابن بدران ليستا من أهل السنة.
ذكر كلامًا ثم قال: ( وقد كرر هذا المعنى-أي السفاريني- في كتابه وأشار إلى مقصده تارة تصريحًا، ومرة تلويحًا، بأن المحق إنما هو فرقة واحدة وهي الأثرية، وأن ما عداها داخل تحت بقية الفرق. ومنه يعلم أنه لا تنافي بين شرحه ونظمه، وأن مدعي انقسام الفرقة الناجية إلى ثلاث ليس مما يقول به ولا يرتضيه ولا يحوم حوله، كما علمت ذلك من قوله: إن لفظ الحديث ينافي التعدد). العقود الياقوتية ص52.
والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
#الحنابلة