#سلسلة_الخلفاء_الراشدين [الـحــ17ــلـقـة]
💫اجتماع المحكمين في دومة الجندل:
جاء شهر رمضان سنة (37هـ), فأرسل عليُّ بن أبي طالب إلى دومة الجندل 400 فارس, معهم أبو موسى الأشعري, وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما, وأمَّر عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ على الصلاة. وأرسل معاوية 400 فارس إلى أرض دُومَة الجندل، معهم عمرو بن العاص ، وكان معهم من رءوس الناس عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما، والمغيرة بن شعبة ، وكان معهم أيضًا عبد الله بن عمر بن الخطّاب ، ولم يكن مع معاوية في القتال، ولكنه كان ممن اعتزل الفتنة، وإن كان يرى أن عليًّا على الحقِّ, وإنما كان حينئذٍ في الشام، فجاء مع الوفد الذي أرسله معاوية للتحكيم. وقد تمَّ اختيار دُومَة الجندل للتحكيم؛ لأنها تقع في مسافة متوسِّطة بين الكوفة، والشام فهي على بُعْد تسع مراحل من كلٍّ منهما.
وتجمَّع المسلمون على اتِّفاق خلاصته أنهم سيلتقون تارة أخرى في العام المقبل بدُومَة الجندل, وحتى هذا العام يظلُّ لكل من عليٍّ ومعاوية رضي الله عنهما ما تحت أيديهم من بلاد المسلمين، إلا أن الخوارج -عليهم من الله ما يستحقُّونه-لم يَرُقْهم هذا الأمر, ولم يرضَوْا بالتحكيم, بل اشتدَّ أمرهم وخطرهم أكثر, وبلغ بهم الأمر لدرجة تكفير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب , واستباحة دمه، هو وكل مَن رضي بالتحكيم.
جمَّع الخوارج قواهم في مكان يُسمَّى النهروان, وقرَّروا الخروج إلى المدائن في شمال شرق الكوفة, لكنهم غيَّروا وجهتهم لقوَّة المدائن ومَنْعَتِها واتَّجهوا إلى مكان آخر قريب من الكوفة، وبدءوا يعيثون في الأرض فسادًا فيقطعون الطرق, ويقتلون المسلمين بحجة أن من رضي بالتحكيم فهو كافر مرتدٌّ يجب قتله، وقتلوا عبد الله بن خباب بن الأرتِّ, وقتلوا زوجته مع أنها كانت حاملاً.
💫موقعة النهروان:
فلما زاد فُحشهم وكثرت جرائمهم قرَّر عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه، أن يقاتلهم, فخرج لهم بجيش كبير, ولكنه قبل أن يدخل معهم في قتال أراد أن يجنِّب المسلمين شرَّ القتال بعد ما حدث في موقعتي الجمل وصفِّين, التي قُتِلَ فيهما أعداد كبيرة من المسلمين, فأرسل إليهم مَن يدعوهم للعودة إلى طاعة أميرهم, يحكم بينهم فيَقْتُل مَنْ قَتَل أحدًا من المسلمين, ويعفو عن مَنْ لم يقتل، ولكنهم لم يرتدعوا, ولم يتراجعوا, بل أصرُّوا على موقفهم, وكان عددهم لا يتجاوز أربعة آلاف رجل, وبدأ القتال بين الفريقين, وثبتوا ثباتًا عجيبًا حتى قُتل منهم ستمائة, وجُرح أربعمائة, وبعد انتهاء المعركة سريعًا, سلَّم علي بن أبي طالب الأربعمائة إلى ذويهم ليداووهم, وردَّ أسلابهم, وأعطاهم فرصة أخرى للتوبة, وسُمِّيت هذه المعركة معركة النهروان (38هـ).
أما في الشام فكان الوضع مختلفًا,؛ فجيش معاوية يطيعه تمامًا, ولم يكن هناك أي حالة خروج عليه , كأن هذا ابتلاء من الله تعالى لعلي بن أبي طالب .
💫استشهاد علي رضي الله عنه،
لم يكفَّ الخوارج الخروج على عليٍّ وقتاله, بل تآمروا على قتله أيضًا!! فاجتمع ثلاثة منهم على مؤامرة قتل الثلاثة الذين قاموا بالتحكيم, وهم (عليٌّ، وعمرو، ومعاوية رضي الله عنهم), وكان هؤلاء الثلاثة هم: عبد الرحمن بن ملجم الكندي, والبرك بن عبد الله التميمي, وعمرو بن بكر التميمي, وتواعد ثلاثتهم على يوم واحد هو يوم السابع عشر من شهر رمضان لتنفيذ مخطَّطهم، وانتظر عبد الرحمن بن ملجم فجر اليوم الموعود (17 من رمضان سنة 40هـ) حتى خرج عليُّ بن أبي طالب من بيته لصلاة الفجر, وأخذ يمرُّ على الناس يوقظهم للصلاة, وكان لا يصطحب معه حُرَّاسًا, حتى اقترب من المسجد فضربه شبيب بن نجدة ضربة وقع منها على الأرض, لكنه لم يمُتْ منها, فأمسك به ابن ملجم, وضربه بالسيف المسموم على رأسه, فسالت الدماء على لحيته، ومات شهيدًا ، في حين فشل الآخرون في قتل معاوية وعمرو بن العاص.
💫الحسن خليفة للمسلمين:
لما استُشهد عليُّ بن أبي طالب اجتمع أهل العراق، وبايعوا الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما؛ ليكون خليفةً للمسلمين، فكان ورعًا تقيًّا عالمًا مجاهدًا، حيث جاء قيس بن سعد بن عبادة -وكان تحت إمرته على أَذْرَبِيجَان أربعون ألف مقاتل كلهم قد بايع عليًّا على الموت قبل استشهاده- فجاء يقول للحسن : امددْ يدك نُبَايِعْك. فلم يردَّ عليه الحسن، ولم يرضَ بهذا الأمر، ولم يكن يريده؛ لأنه يعلم أن وراءه الدماء الكثيرة، ولكن مع إصرار قيس بن سعد بن عبادة قَبِل البيعة (17 من رمضان سنة 40هـ)، وهو يوم واستشهاد علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
أمَّا أهل الشام فبعد استشهاد عليِّ بن أبي طالب لم يجدوا بديلاً لخلافة المسلمين غير معاوية بن أبي سفيان ، فبويع بالخلافة من قِبَل أهل الشام، وأصبح للمسلمين -ولأول مرَّة- خليفتان؛ أحدهما في الشام، والآخر في العراق، وهذا لا يستقيم شرعًا، ولا يصحُّ في الإسلام، بل ينبغي أن يكون للمسلمين خليفة واحد، يسمع له الجميع ويطيع.
يتبع...
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55