#سلسلة_الدولة_الأموية
{الـحــ5ــلـقـة}
💫اتساع رقعة الدولة الإسلامية:
لقد امتدت الفتوحات الإسلامية على يد الأمويين إلى آفاق لم يعرفها عصر الراشدين، حيث شملت دولة الإسلام ما بين الصين شرقًا وبلاد الأندلس وجنوبي فرنسا غربًا. وطرقت أبواب القسطنطينية، وضيَّقت عليها الخناق، وحاصرتها ثلاث مرات، وتحول بحر الروم إلى بحيرة إسلامية، ونشرت أعلام الإسلام في القارات الثلاث المعروفات آنذاك آسيا وإفريقيا وأوروبا، ودخلت أعداد غفيرة من البشر بذلك في دين الله، وأصبحت لغة العرب في أوج قوتها وثرائها، وأضحت لسانًا لكثير من سكان هذه البلاد، وتحققت ألوان فذة من البطولة والتضحية، وطلب الشهادة في سبيل الله خلَّفت ذكرياتٍ مجيدة، ظلت غذاء ومددًا على امتداد التاريخ وتوالي الأجيال حتى اليوم، ولا تزال مسامع الدنيا تعي أسماء مثل المهلب بن أبي صفرة، ويزيد بن المهلب، وقتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم الثقفي، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، ومسلمة بن عبد الملك، وغيرهم.
💫عصر العلماء و الفقهاء:
زخر العصر الأموي بكثير من العلماء على امتداده الزماني والمكاني، يأتي في طليعتهم جيل الصحابة الذين عاصروا هذه الدولة، وتركوا آثارًا واضحة على الحياة السياسية والاجتماعية فيها، وجيل التابعين الذين أخذوا عنهم، وورثوا منهم، ونشروا علومهم وتراثهم.
ونلاحظ أن أبرز الخلفاء الأمويين كانوا من العلماء، بل من كبارهم وسادتهم مثل: معاوية بن أبي سفيان الصحابي الجليل كاتب الوحي، ومن لا يُنكَر علمه وحِلمُه، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.
وكان كثير ممن يحوط هؤلاء الخلفاء من العلماء والفقهاء الذين لم يقتصر دورهم على تعليم العلم وتدريسه، بل مارسوا السياسة، وعرفوا طرقها، فقلَّل ذلك من شهرتهم في مجال الفقه والدرس، وإن ظَلَّ بعضهم يحتفظ بمكانته في ذلك الميدان، ومن هؤلاء العلماء بعض الصحابة الذين كانوا قريبين من معاوية أثناء حكمه، مثل:
حبيب بن مسلمة الفهري، والنعمان بن بشير الأنصاري، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، وفضالة بن عبيد الأنصاري
وغيرهم رضوان الله عليهم، كما كان من القريبين من معاوية بعض أبناء الصحابة الأعلام مثل: الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم جميعًا.
💫الاختلافات تدل على حيوية المجتمع ومرونته:
وكما كانت تأثيرات العلماء ومعارضتهم الأمويين أحيانًا أو قربهم منهم أحيانًا أخرى، دليلاً على حيوية هذه الجماعة وتأثيرها الكبير في المجتمع الإسلامي، فقد كان التصاقها بالجماهير وتعلق الناس بها وتجاوبهم معها دليلاً آخر على أن المجتمع الإسلامي في العصر الأموي لم يكن على ما يصوره بعض المؤرخين لهوًا وعبثًا، فإنه لما توفي طاوس اليمني بمكة، وصلَّى عليه هشام بن عبد الملك، لم يتهيأ إخراج جنازته لكثرة الناس حتى وجَّه أمير مكة بالحرس، ولقد كان عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي يضع سرير طاوس على كاهله، وقد سقطت قلنسوة كانت على رأسه، ومُزِّق رداؤه من خلفه.
وقد بذل الأمويون جهودًا كبيرة من أجل الحفاظ على نصاعة العقيدة الإسلامية وبساطتها وصحتها دون تحريف أو مغالاة، غير أن اختلاط العرب بغيرهم من شعوب البلاد المفتوحة صاحبة العقائد المختلفة، والأديان المتعددة، والتصورات الدينية المتباينة كان لا بد أن يترك أثرًا سلبيًّا على التصور الصحيح للإسلام عند بعض أبنائه، كما أننا نتوقع منذ البداية أن هذه الحضارات المهزومة والأمم المدحورة، وإن فاتها النصر في ساحات القتال، لن تعدم وسيلة ما للدس والكيد والتآمر، ومحاولة تخريب عقائد المسلمين والتشويش عليها.
💫نهضة علمية ومعرفية:
أثبتت الدراسات الحديثة أن المسلمين في العصر الأموي عرفوا الكتابة، وتأليف الكتب وتصنيف العلوم، بل إنهم اهتموا بالترجمة إلى لغتهم، والتفتوا إلى معارف الآخرين ينهلون منها.
كما أثبتت هذه الدراسات أن بني أمية كان لهم نصيب كبير في تشجيع ذلك ورعايته، وضربوا بسهم وافر في النهضة الثقافية والمعرفية للأمة الإسلامية، وأن هذه النهضة لم تكن قاصرة على رواية الشعر أو حفظ الأمثال أو معرفة القرآن والحديث فقط، بل امتدت لتشمل جوانب شتى من العلوم النظرية والطبيعية على السواء.
فقد شهد عصر القوة في الدولة الأموية نهضة كبيرة في التفسير وعلوم القرآن والفقه والعقيدة وعلم الكلام، وتألَّق فيه نجم عديد من العلماء الذين ظلَّ المسلمون بعد ذلك يأخذون من علومهم، ويستشهدون بأقوالهم واجتهاداتهم، أمثال ابن عباس وتلاميذه كسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وشريح بن الحارث الكندي القاضي، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي الذي تولى الكتابة لعبد الملك بن مروان وكان مقربًا منه،
وإبراهيم النخعي، ومكحول بن أبي مسلم الدمشقي، وغيرهم كثير.
يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55
{الـحــ5ــلـقـة}
💫اتساع رقعة الدولة الإسلامية:
لقد امتدت الفتوحات الإسلامية على يد الأمويين إلى آفاق لم يعرفها عصر الراشدين، حيث شملت دولة الإسلام ما بين الصين شرقًا وبلاد الأندلس وجنوبي فرنسا غربًا. وطرقت أبواب القسطنطينية، وضيَّقت عليها الخناق، وحاصرتها ثلاث مرات، وتحول بحر الروم إلى بحيرة إسلامية، ونشرت أعلام الإسلام في القارات الثلاث المعروفات آنذاك آسيا وإفريقيا وأوروبا، ودخلت أعداد غفيرة من البشر بذلك في دين الله، وأصبحت لغة العرب في أوج قوتها وثرائها، وأضحت لسانًا لكثير من سكان هذه البلاد، وتحققت ألوان فذة من البطولة والتضحية، وطلب الشهادة في سبيل الله خلَّفت ذكرياتٍ مجيدة، ظلت غذاء ومددًا على امتداد التاريخ وتوالي الأجيال حتى اليوم، ولا تزال مسامع الدنيا تعي أسماء مثل المهلب بن أبي صفرة، ويزيد بن المهلب، وقتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم الثقفي، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، ومسلمة بن عبد الملك، وغيرهم.
💫عصر العلماء و الفقهاء:
زخر العصر الأموي بكثير من العلماء على امتداده الزماني والمكاني، يأتي في طليعتهم جيل الصحابة الذين عاصروا هذه الدولة، وتركوا آثارًا واضحة على الحياة السياسية والاجتماعية فيها، وجيل التابعين الذين أخذوا عنهم، وورثوا منهم، ونشروا علومهم وتراثهم.
ونلاحظ أن أبرز الخلفاء الأمويين كانوا من العلماء، بل من كبارهم وسادتهم مثل: معاوية بن أبي سفيان الصحابي الجليل كاتب الوحي، ومن لا يُنكَر علمه وحِلمُه، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.
وكان كثير ممن يحوط هؤلاء الخلفاء من العلماء والفقهاء الذين لم يقتصر دورهم على تعليم العلم وتدريسه، بل مارسوا السياسة، وعرفوا طرقها، فقلَّل ذلك من شهرتهم في مجال الفقه والدرس، وإن ظَلَّ بعضهم يحتفظ بمكانته في ذلك الميدان، ومن هؤلاء العلماء بعض الصحابة الذين كانوا قريبين من معاوية أثناء حكمه، مثل:
حبيب بن مسلمة الفهري، والنعمان بن بشير الأنصاري، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، وفضالة بن عبيد الأنصاري
وغيرهم رضوان الله عليهم، كما كان من القريبين من معاوية بعض أبناء الصحابة الأعلام مثل: الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم جميعًا.
💫الاختلافات تدل على حيوية المجتمع ومرونته:
وكما كانت تأثيرات العلماء ومعارضتهم الأمويين أحيانًا أو قربهم منهم أحيانًا أخرى، دليلاً على حيوية هذه الجماعة وتأثيرها الكبير في المجتمع الإسلامي، فقد كان التصاقها بالجماهير وتعلق الناس بها وتجاوبهم معها دليلاً آخر على أن المجتمع الإسلامي في العصر الأموي لم يكن على ما يصوره بعض المؤرخين لهوًا وعبثًا، فإنه لما توفي طاوس اليمني بمكة، وصلَّى عليه هشام بن عبد الملك، لم يتهيأ إخراج جنازته لكثرة الناس حتى وجَّه أمير مكة بالحرس، ولقد كان عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي يضع سرير طاوس على كاهله، وقد سقطت قلنسوة كانت على رأسه، ومُزِّق رداؤه من خلفه.
وقد بذل الأمويون جهودًا كبيرة من أجل الحفاظ على نصاعة العقيدة الإسلامية وبساطتها وصحتها دون تحريف أو مغالاة، غير أن اختلاط العرب بغيرهم من شعوب البلاد المفتوحة صاحبة العقائد المختلفة، والأديان المتعددة، والتصورات الدينية المتباينة كان لا بد أن يترك أثرًا سلبيًّا على التصور الصحيح للإسلام عند بعض أبنائه، كما أننا نتوقع منذ البداية أن هذه الحضارات المهزومة والأمم المدحورة، وإن فاتها النصر في ساحات القتال، لن تعدم وسيلة ما للدس والكيد والتآمر، ومحاولة تخريب عقائد المسلمين والتشويش عليها.
💫نهضة علمية ومعرفية:
أثبتت الدراسات الحديثة أن المسلمين في العصر الأموي عرفوا الكتابة، وتأليف الكتب وتصنيف العلوم، بل إنهم اهتموا بالترجمة إلى لغتهم، والتفتوا إلى معارف الآخرين ينهلون منها.
كما أثبتت هذه الدراسات أن بني أمية كان لهم نصيب كبير في تشجيع ذلك ورعايته، وضربوا بسهم وافر في النهضة الثقافية والمعرفية للأمة الإسلامية، وأن هذه النهضة لم تكن قاصرة على رواية الشعر أو حفظ الأمثال أو معرفة القرآن والحديث فقط، بل امتدت لتشمل جوانب شتى من العلوم النظرية والطبيعية على السواء.
فقد شهد عصر القوة في الدولة الأموية نهضة كبيرة في التفسير وعلوم القرآن والفقه والعقيدة وعلم الكلام، وتألَّق فيه نجم عديد من العلماء الذين ظلَّ المسلمون بعد ذلك يأخذون من علومهم، ويستشهدون بأقوالهم واجتهاداتهم، أمثال ابن عباس وتلاميذه كسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وشريح بن الحارث الكندي القاضي، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي الذي تولى الكتابة لعبد الملك بن مروان وكان مقربًا منه،
وإبراهيم النخعي، ومكحول بن أبي مسلم الدمشقي، وغيرهم كثير.
يتبع.....
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55