مقتطفات من حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (١)

اسمه: علي بن أبي طالب "عبد مناف" بن عبدالمطلب "شيبة الحمد"
أبوه: أبو طالب "عبد مناف" بن عبد المطلب بن هاشم
أمه: فاطمة بنت أسد بن هاشم. فهو يلتقي مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آلهه مِنْ قِبَل الأب في عبد المطلب، ومن قِبَل الأم في هاشم، وهي أوَّلُ هاشمية وَلَدَت لهاشميّ.
وكانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام، وهي أول امرأة بايعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله لما دعا النساء إلى البيعة، وهاجرت إلى المدينة، وتوفيت بها، وكَفَّنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله بقميصه، واضطجع في لحدها، وقال: " أما قميصي فأمان لها يوم القيامة، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع اللّه ذلك عليها ".
مولده: ولد الإمام علي عليه السلام في الكعبة؛ لأنه لما جاء أمه الطَّلْقُ واشتد بها، لجأت إليها اعتصاما ببركتها، فولدته عليه السلام فيها, قال في الإفادة: "ذكر أصحاب التاريخ أنَّه عليه السلام ولد في اليوم السابع من أيلول، وأنشدني إسماعيل بن عباد أبو القاسم إسماعيل بن عباد نفع اللّه بصالح عمله في هذا المعنى لنفسه:
يا مُغْفِل التاريخ من جهله .... وليس معلومٌ كمجهولِ
إنَّ علي بن أبي طالب .... مَوْلِدُهُ سابعُ أيلولِ"

صفته عليه السلام
قال أبو إسحاق السبيعي: أدخلني أبي المسجد يوم الجمعة، فرفعني حتى رأيت علياً شيخ أصلع، ناتي الجبهة، عريض ما بين المنكبين، له لحية قد ملأت صدره، في عينه اطْرِغَاش ـ قال داود بن عبد الجبار راوي الخَبَر عن أبي إسحاق: يعني لِيْناً في العين ـ، فقلت لأبي: من هذا يا أبه؟ فقال: علي بن أبي طالب، ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله، وخَتَن رسول اللّه، وأخو رسول اللّه، وأمير المؤمنين.

يتبع .......

#شبكة_الثقلين_الثقافية
مقتطفات من حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (٢)

أولاده عليه السلام:
الحسن، والحسين صلوات اللّه عليهما، والمُحَسِّن دَرَجَ صغيراً، وزينب الكبرى وأم كلثوم الكبرى، أمهم فاطمة ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليهم أجمعين.
وجميع أولاده من فاطمة وغيرها 20 ابناً و22 بنتاً.
والعقب لخمسة من أبنائه، وهم: الحسن، والحسين عليهما السلام، ومحمد بن الحنفية، والعباس، وعمر.

نشأته: نشأ عليه السلام في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه لما اشتدت الأزمة في قريش وأصابها القحط ذهب النبي وعميه العباس وحمزة إلى أبي طالب ليخففا عنه من مؤنة العيال، ويعينانه على كفالة ابنائه، فقال لهم خذوا من شئتم ودعوا لي عقيلا وخذوا من شئتم، وكان شديد الحب لعقيل، فأخذ العباس طالبا وحمزة جعفرا وأختص رسول الله بعلي وقال لهم قد اخترت من اختاره الله لي عليكم عليا فكان علي في حجر رسول الله منذ كان عمره ست سنين فكان تحت عنايته وموضع رحمته، وكان الإمام علي يذكر في كلامه ويصف تلك المرحلة، ويقول مخاطبا لمنكري تلك الفضيلة :"ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﺘﻢ ﻣﻮﺿﻌﻲ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺑﺎﻟﻘﺮاﺑﺔ اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻭاﻟﻤﻨﺰﻟﺔ اﻟﺨﺼﻴﺼﺔ ﻭﺿﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺠﺮﻩ ﻭﺃﻧﺎ ﻭﻟﺪ، ﻳﻀﻤﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﺪﺭﻩ، ﻭﻳﻜﻨﻔﻨﻲ ﻓﻲ ﻓﺮاﺷﻪ، ﻭﻳﻤﺴﻨﻲ ﺟﺴﺪﻩ، ﻭﻳﺸﻤﻨﻲ ﻋﺮﻓﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻳﻤﻀﻎ اﻟﺸﻲء ﺛﻢ ﻳﻠﻘﻤﻨﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﻭﺟﺪ ﻟﻲ ﻛﺬﺑﺔ ﻓﻲ ﻗﻮﻝ، ﻭﻻ ﺧﻄﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ، ﻭﻟﻘﺪ ﻗﺮﻥ اﻟﻠﻪ ﺑﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺃﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻄﻴﻤﺎ ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﻼﺋﻜﺘﻪ، ﻳﺴﻠﻚ ﺑﻪ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻤﻜﺎﺭﻡ، ﻭﻣﺤﺎﺳﻦ ﺃﺧﻼﻕ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ، ﻭﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺒﻌﻪ اﺗﺒﺎﻉ اﻟﻔﺼﻴﻞ ﺃﺛﺮ ﺃﻣﻪ، ﻳﺮﻓﻊ ﻟﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﺧﻼﻗﻪ ﻋﻠﻤﺎ، ﻭﻳﺄﻣﺮﻧﻲ ﺑﺎﻻﻗﺘﺪاء ﺑﻪ، ﻭﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﺎﻭﺭ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺑﺤﺮاء ﻓﺄﺭاﻩ ﻭﻻ ﻳﺮاﻩ ﻏﻴﺮﻱ، ﻭﻟﻢ ﻳﺠﻤﻊ ﺑﻴﺖ ﻭاﺣﺪ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﻓﻲ اﻹﺳﻼﻡ ﻏﻴﺮ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺧﺪﻳﺠﺔ ﻭﺃﻧﺎ ﺛﺎﻟﺜﻬﻤﺎ، ﺃﺭﻯ ﻧﻮﺭ اﻟﻮﺣﻲ ﻭاﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺃﺷﻢ ﺭﻳﺢ اﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﺭﻧﺔ اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺣﻴﻦ ﻧﺰﻝ اﻟﻮﺣﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻓﻘﻠﺖ ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻫﺬﻩ اﻟﺮﻧﺔ، ﻓﻘﺎﻝ ﻫﺬا اﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻗﺪ ﺃﻳﺲ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﺇﻧﻚ ﺗﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﺃﺳﻤﻊ ﻭﺗﺮﻯ ﻣﺎ ﺃﺭﻯ ﺇﻻ ﺃﻧﻚ ﻟﺴﺖ ﺑﻨﺒﻲ، ﻭﻟﻜﻨﻚ ﻟﻮﺯﻳﺮ ﻭﺇﻧﻚ ﻟﻌﻠﻰ ﺧﻴﺮ".

يتبع .......

#شبكة_الثقلين_الثقافية
مقتطفات من حياة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (٣)

اسلامه: كان علي بن أبي طالب أول من أسلم؛ لأنه أسلم يوم الثلاثاء ثاني مبعث النبي صلى اللّه عليه وعلى آله، وعمره: 12 سنة وقيل: 13, وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((علي أول الناس إسلاماً، وأقرب الناس رحماً، وأفقه الناس في دين الله، وأضربهم بالسيف، وهو وصيي وخليفتي من بعدي، يصول بيدي، ويضرب بسيفي، وينطق بلساني، ويقضي بحكمي؛ لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا كافر منافق؛ وهو علم الهدى)).
وَزَوَّجَه صلى اللّه عليه وعلى آله فاطمة صلوات اللّه عليهما في آخر صفر سنة الثانية من الهجرة، وبنى بها بعد بدر بأربعة أشهر، وكان خطبها أبو بكر وعمر، فقال لهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله: " أنتظر القضاء".

بيعته عليه السلام
بويع له عليه السلام بالخلافة يوم الجمعة بعد العصر بالمدينة المنورة في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله، في 18 ذي الحجة سنة 35هـ وهو اليوم الذي قُتِلَ فيه عثمان، ولكثرة المبايعين امتدت البيعة يوم السبت، وروي أن البيعة امتدت ثلاثة أيام، وأن ابتداء البيعة كان في حائطٍ لبني مازن، وقد كان خرج إلى هناك هارباً مما كان يُلْتمَس منه من البيعة، ثم جاؤوا إلى المسجد فبايعوا هناك البيعة العامة.
وأول من بايعه: طلحة، ثم الزبير، ثم من حضر من المهاجرين والأنصار والعرب والعجم، وقد كان يأخذ البيعة على النَّاس: عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التَّيِّهان

مدة خلافته عليه السلام
كانت البيعة ـ كما ذكرنا ـ يوم الجمعة في 18 ذي الحجة سنة 35هـ، وضُرِبَ ليلة الجمعة 19 رمضان سنة40هـ.
توفي بعد ثلاثة أيام أي ليلة 21 رمضان، فكانت هذه الخلافة 4 سنين و9 أشهر وأياما.

يتبع .......

#شبكة_الثقلين_الثقافية
الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام (١)
إمام العلماء – وعالم الأئمة

نسبه الشريف
هو الإمام الحجة المجدد للدين، ومولى المؤمنات والمؤمنين، أبو الحسنين: مجد الدين بن محمد بن منصور بن أحمد بن عبدالله بن يحيى بن الحسن بن يحيى بن عبدالله بن علي بن صلاح بن علي بن الحسين بن الإمام الهادي إلى الحق عز الدين بن الحسن بن الإمام علي بن المؤيد بن جبريل بن المؤيد بن أحمد بن الأمير شمس الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبدالله بن محمد بن المختار القاسم بن الإمام الناصر أحمد بن الإمام الأعظم الهادي إلى الحق الأقوم يحيى بن الحسين الحافظ بن نجم آل الرسول الإمام العظيم القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم الشِّبْه بن الإمام المثنى الحسن بن سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسن السبط بن أمير المؤمنين، وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليهم السلام.
فوالده، هو السيد العلامة شيبة الحمد، عز آل محمد ورئيسهم، العابد الزاهد، المبتلى الصابر: محمد بن منصور المؤيدي؛ كان في الغاية القصوى من العلم والزهد والورع والتمسك بمذهب العترة الطاهرة، وكان من خيرة أصحاب المهدي محمد بن القاسم الحوثي عليه السلام.
وأمه هي الشريفة التقية الطاهرة: أمة الله بنت الإمام المهدي لدين الله محمد بن القاسم الحسيني الحوثي.
فهو بحق كما قال أحد العلماء: نسب أنور من فلق الصباح وأبهر من الشمس على البطاح، نسبٌ طابت أعراقه، وزكت أثماره وأوراقه، فرع دوحة بسقت في أرض الفِخَار، ونور شجرة متوقدة لذوي الأبصار.

مولده عليه السلام
ولد الإمام مجد الدين عليه السلام في يوم السبت 26 شعبان سنة 1332هـ، بالرضمة من جبل برط، دار هجرة والده الأولى، وذلك بعد أن انتقل إليها والده من هجرة ضحيان صعدة، مع من ارتحل من العلماء الأعلام إلى مقام الإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي، لاستقرار الإمام هناك، وقيامه بواجب الدعوة، ونشر العلم الشريف.

#شبكة_الثقلين_الثقافية
الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام (2)
إمام العلماء – وعالم الأئمة

صفاته الخَلْقِيَّة والخُلُقِيَّة
أما صفاته الخَلْقية: فكان الإمام مجد الدين عليه السلام طويل القامة إلى الاعتدال أقرب، بين النحافة والسِّمَن، أقنى الأنف، أبلج الوجه، أزج العينين، تام اللحية مع خفة في العارضين، لا عاهة به أبدا، صحيح الأطراف، سليم الحواس، كان يعتريه مرض في أذنيه لا يخل بسمعه أبدا.
فكان عليه السلام تام الخَلْق وسويه، جميل المنظر، حسن الصورة والملامح، مهيب الطلعة، متهلل الغرة، وضاح المحيا، تلمع أساريره، وتبرق برق العارض المتهلل.
وأما صفاته الخُلُقيَّة: فقد كان حسن الأخلاق، لطيف الشمائل، من ذوي العقول الثاقبة، والأحلام الراجحة، والأفهام النيرة، والأذهان الصافية، لَم يُرَ أكمل منه عقلاً، ولا أنفذ بصيرة، ولا أصح تمييزاً، ولا أبعد مدارك، وكان صافي الذهن، حديد الفؤاد، سريع الفهم، صادق الفراسة لا يكاد يخطي، مؤيداً مسدداً، يعتريه بعض الغضب حين يسمع أو يرى أحداً يتعدى حدود الله، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
قد آتاه الله غرر المكارم وحجولها، ومحاسن الأخلاق وفضائلها، فهو متواضع النفس جداً، خافض الجناح، سهل الأخلاق، سلس الطباع، لين الجانب، حليم الطبع، رحب الصدر، وقور النفس.
وهو الطود لا تقلقه العواصف، والبحر لا تكدره الدلاء، وإن له حلماً أثبت من ثبير، ولا يحل حبوته الطيش، ولا يستفزه نَزَق، ولا يستخفه غضب، ولا يروع حلمه رائع.

نشأته الكريمة
نشأ الإمام مجد الدين عليه السلام على طريقة أسلافه الأكرمين، وآبائه الطاهرين، وهي طريقة التقوى واليقين، فنشأ على الزهادة والعبادة والعفة، مقتبساً من نور والده الوقاد، وعلم آبائه الأجواد، فاتسم بسيماهم، وتحلى بآدابهم؛ حتى كأنه كوكب دري يوقد من شجرة النبوة المباركة.
فلم يكن مترفاً ولا مشغولاً بالرفاهية، ولا مائلاً إلى الحياة الدنيوية، ولم يكن مع ذلك فقيراً فقراً مدقعاً تزدريه به الأراذل، ولا ثرياً ثراءَ مبطراً كأبناء الدنيا، يقنع من الزاد بما يقيم صلبه، غير شره ولا نهم.
وإذا كان والد الإمام مجد الدين عليه السلام هو العالم الربانين، محمد بن منصور المؤيدي، ووالدته السيدة الشريفة أمة الله بنت الإمام الأعظم محمد بن القاسم، فلا عجب ولا جرم أن ينشأ مولانا عليه السلام، وهو في هذا البيت الطاهر، والبيئة المباركة، على منهاج السداد، وطريقة الرشاد، حتى انتهى إلى ذروة الكمال، وحاز محاسن الخلال، ومحامد الخصال، لم ينشغل في حال صباه باللعب، ولم يَمِل إلى اللهو والطرب، وقد أقسم بالله لبعض من كان معه أنه لم يكن يعرف أن الأولاد الذين كانوا في سنة يلعبون حتى عاد به والده إلى صعد، فرأى من الشباك الأولاد وهم يلعبون، وذلك أن والده كان مهتماً بتربيته أيما اهتمام، وكان مع والده لا يكاد يفارقه، فظن عليه السلام أن كل الأولاد كذلك، كلَّاً مع أبيه.
وكان والده قد خصص له وقتاً- ولعله يوم الجمعة- لتعليمه الرمي، حتى كان عليه السلام في الرمي في الغاية القصوى، لا يكاد يخطئ هدفه أبدا.

#شبكة_الثقلين_الثقافية
الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام (٤)
إمام العلماء – وعالم الأئمة

حياته العلمية
أقبل الإمام مجد الدين عليه السلام إلى العلم بشغف خالص، ورغبة نادرة، فعكف عليه، وألبَّ به، حتى كان آية من آيات الله تعالى في قوة الحافظة، وشدة العزيمة، في تحقيق العلوم، والاحاطة بمنطوقها والمفهوم.
وكان عليه السلام ذا همة نافذة، وعزيمة صلبة، أحرز من العلوم الشرعية، والمعارف الإلهية، الكثير الطيب، والغزير الصيب، في وقت يسير، وعمر قصير، فحفظ متن مرقاة الوصول في علم الأصول للإمام القاسم بن محمد عليهما السلام، وهو في السابعة من عمره.
وأخذ يبحث عن نسخة كتاب الشافي للإمام الأعظم عبدالله بن حمزة عليهما السلام، ولَمَّا يبلغ بعد، وبعد أن ظفر به بدأ يبحث عمن ينسخه له، مع أن الشافي يعد من أكبر الكتب وأوسعها وأغزرها فوائداً وعلماً.

مشائخه عليه السلام
قرأ الإمام مجد الدين عليه السلام على عدد من المشائخ، أولهم وأشهرهم والده عليهما السلام، فقرأ عليه في جميع الفنون، في: النحو، والصرف، المعاني، والبيان، والبديعن والمنطق، واللغة، والأصولين، والتفسير، والحديث، والفقهن والفرائض، ومعرفة رجال الرواية، والتأريخ، والسير، وغيرها.
ومن مشائخه أيضاً: شيخ المشائخ، والعلم الشامخ، الحسن بن الحسين بن محمد، وكذلك السيد العلامة المجتهد عبدالله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي، والعلامة المجتهد الأكبر محمد بن إبراهيم حورية المؤيدي، والسيد العلامة الخطير، والزاهد الكبير، والمجتهد الشهير يحيى بن صلاح ستين، رضوان الله عليهم اجمعين.

#شبكة_الثقلين_الثقافية
الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام (٥)
إمام العلماء – وعالم الأئمة

مشائخه عليه السلام
قرأ الإمام مجد الدين عليه السلام على عدد من المشائخ، أولهم وأشهرهم والده محمد بن منصور المؤيدي، فقرأ عليه في جميع الفنون، في: النحو، والصرف، المعاني، والبيان، والبديع، والمنطق، واللغة، والأصولين، والتفسير، والحديث، والفقه، والفرائض، ومعرفة رجال الرواية، والتأريخ، والسير، وغيرها.
ومن مشائخه أيضاً: شيخ المشائخ، والعلم الشامخ، الحسن بن الحسين بن محمد الحوثي، وكذلك السيد العلامة المجتهد عبدالله بن الإمام الهادي الحسن بن يحيى القاسمي، والعلامة المجتهد الأكبر محمد بن إبراهيم حورية المؤيدي، والسيد العلامة الخطير، والزاهد الكبير، والمجتهد الشهير يحيى بن صلاح ستين، رضوان الله عليهم اجمعين.

أولاده وذريته
رزق الله المولى مجد الدين عليه السلام النسل الطاهر، والذرية المباركة، من الذكور والإناث، فالذكور هم: الحسن، والحسين، وعلي، وإبراهيم، وإسماعيل، وكلهم علماء أفاضل.

علمه الموسوعي
وأما علمه عليه السلام فهو كما قال تلميذه السيد العلامة الحسن الفيشي رحمة الله تغشاه بأنه: "الشمس في رابعة النهار، والقضية المسلمة التي لا يتسرب إليها إنكار".
فقد بلغ عليه السلام في العلم شأواً ومرتبة عليَّةً، ومنزلة سنية، فبرع في العلوم كلها، من منطوقها والمفهوم، والأصول والفروع، حتى ملك قيادها، فلم يبقَ فنٌّ من الفنون إلا وطار في أرجائه، وسبح في أثنائه، وهو السباق في كل واحد منها، فصار بذلك إمام العلوم، ورئيس الفنون، وهو بحق كما قيل في الإمام المهدي أبي عبدالله الداعي عليه السلام: ((لو مادت الدنيا لشيء لمادت لعلم أبي عبدالله ابن الداعي)).
وهكذا كان الإمام مجد الدين عليه السلام عالماً متبحراً موسوعياً، فسرعان ما انتشر صيته، واشتهر أمره، فشد إليه العلماء رحالهم، وأخذوا عنه علومهم، وقصده أهل التحقيق والتدقيق في مختلف العلوم، للاقتباس من نوره، والاهتداء بهديه، وكاتبه العلماء والفقهاء، وشاعره الفصحاء والبلغاء، وراسله الفضلاء والنبلاء.
قال السيد العلامة الحسين الأدول حفظه الله:" ولقد كان كبار علماء عصرنا يعجبون من قوة تحقيقه، وشدة تدقيقه، ولم يكن في الدنيا في زمانه سلام الله تعالى عليه من كان أشد تحقيقاً وتدقيقاً في العلوم منه، ولا عجب من أمر الله يؤتي فضله من يشاء، ولذرية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المزية على عدوهم، والفضل على من سواهم... وكان آية من آيات الله تعالى في سرعة البديهة، والجواب الحاضر، لا يكاد المناقش أو الخصم ينتهي من كلامه إلا وقد أعد له مولانا الإمام الدليل، وركب له الحجة، لم يتلعثم مرة في مذاكرة، أو يضطرب في محاورة، وتماماً كما قال المحدث الجليل، والحافظ الكبير، ولي آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الثقة أبو خالد الواسطي رحمة الله تعالى عليه ورضوانه: ((ما رأيت هاشمياً قطُّ مثل زيد بن علي عليهما السلام، ولا أفصح، ولا أعلم، ولا أروع، ولا أبلغ في قول، ولا أعرف باختلاف الناس، ولا اشد حالاً، ولا أقوم بحجة، فلذلك اخترت صحبته على جميع الناس))
وكما قال أبو حنيفة رحمة الله عليه ورضوانه: ((شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله فما رأيت في زمانه أفقه منه، ولا أعلم، ولا أسرع منه جواباً، ولا أبين قولاً، لقد كان منقطع القرين))".

#شبكة_الثقلين_الثقافية
الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام (٦)
إمام العلماء – وعالم الأئمة

همته العلمية
فرغ الإمام مجد الدين عليه السلام أوقاته في طلب العلم وتعليمه، واستفرغ أيامه في نشر منطوقه ومفهومه، لا يفتر ولا تعتريه السآمة، باحثاً محققاً مرشداً موعظاً، فلا يترك القراءة والمطالعة، والبحث والمراجعة، والتدريس والمذاكرة، أصبح العلم ونشره غايته الأسمى، وشغله الشاغل، وغذاءه الروحي، وقد أقسم بعض طلبته أنه ما دخل على الإمام مجد الدين عليه السلام حتى في الأوقات الخاصة، إلا وهو بين الكتب يطالعها، يحقق ويقرأ، يعلق ويصحح، أو يبحث في مكتبته العامرة.
ومما يدل على عظيم همته، أنه أقسم أنه لو وضع في أفخر قصر، وجهز بأكمل التجهيزات، وليس فيه كتب، إلا كان عنده أسوأ مكان وأضيقه، ولو وضع في سجن ضيق، وفيه كتب لكان عنده من أحسن الأماكن.
وهكذا لم يكن الإمام مجد الدين عليه السلام ليترك ولو لحظة واحدة من عمره إلا ويشغلها بالعلم، فلم يكن يترك عليه السلام القراءة في مجلس، ولا فوق سيارة، ولا في سفر، ولا في حضر.
ولقد كان عليه السلام يتفقد طلبته وأولاده وأحفاده، لينظر ما الذي يفعلونه، فإن وجدهم في مراجعة دروسهم وتحصيلها وحفظها دعا لهم، ثم يذهب، وإن وجدهم في غير ذلك، قال لهم على جهة الاستنكار: الوقت من خزف؟! ثم يجلس معهم، ويفتحون دروساً علمية، كل ذلك حرص منه على أن لا تضيع أوقاتهم بما لا يعود عليهم بالنفع.
وقد روى عنه أحد تلاميذه وهو السيد العلامة الحسين الأدول، فقال: "بل رأيت ما هو أشد من ذلك وأغرب، عندما دخل مستشفى الملك خالد بنجران، قرروا له عملية (الفتق)، وهو يعاني من هذا المرض منذ وقت طويل، أدخلوه إلى غرفة العمليات، ولم يرض بالتخدير العام، بل بالتخدير الموضعي، وبعد أن أجريت له العملية بنجاح تام، والحمد لله تعالى، وكان أولاده الكرام علي، وإبراهيم، وإسماعيل، أصلح الله تعالى أحوالهم، عند باب غرفة العمليات، فحضرتُ بعدها بقليل، وقد أخرجوه من غرفة العمليات، فسمعته يقول لأولاده ما معناه: ادعوا أبا عبدالله لنقرأ، فوالله لولا أنه هو لما صدقت ذلك".
وقد كان عليه السلام يَرْبط شَعْرَه بحبل مربوط في السقف، حتى إذا ما هوى رأسه للنوم من شدة النوم وغلبته؛ شد الحبلُ رأسَه فيزيد من انتباهه.
ولله القائل:
وإذا كانت النفوس كبارا ... تعبت في مرادها الأجسام

#شبكة_الثقلين_الثقافية
الإمام مجد الدين المؤيدي عليه السلام (٧)
إمام العلماء – وعالم الأئمة

مؤلفاته عليه السلام
للمولى مجد الدين عليه السلام التصانيف الرائقة، والكتب والرسائل الفائقة، التي تمتاز بسهولة أساليبها، وسلاسة عباراتها، وقوة حجتها، وسطوع براهينها، كما له الردود المفحمة، والجوابات المسددة، التي ملئت بأسارير العلم، وينابيع الحكم، فقد آتاه الله تعالى المقدرة الفائقة في حسن التأليف، وبراعة التصنيف، وحسن الإيراد والإصدار، والأسلوب الجذاب في انتقاء العبارات، واختيار الكلمات.
"وتمتاز مؤلفاته عليه السلام بالأساليب الرائعة، والطرائق النافعة، والألفاظ المهذبة الفصيحة، والعبارات الملقحة المليحة، والسبك المحكم، والكلام المنظم، وفصاحة اللسان، وحلاوة المنطق والبرهان، ما يقضي بأنه السابق في هذا الميدان، والمجلي في حلبة البرهان، ومن أراد أن يعلم هذا ما عليه إلا تسريح نظره في مؤلفاته وكتبه عليه السلام". ]ترجمته للعلامة الحسين الأدول[.
فمن مؤلفاته عليه السلام:
- كتاب التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية في الدعوات الهاشمية(وهي قصيدة ذكر فيها أئمة أهل البيت(ع)، ثم شرحها).
- لوامع الأنوار.
- كتاب مجمع الفوائد، والذي يحتوي على العديد من الرسائل المهمة.
- كتاب الحج والعمرة.
- كتاب النسيم العلوي والروض المحمدي في سيرة السيد الإمام محمد بن منصور المؤيدي.
- كتاب البلاغ الناهي عن الغناء وآلات الملاهي.
- كتاب عيون المختار.
- كتاب الجواب الكافي, المسمى عيون الفنون.
- كتاب الجامعة المهمة في أسانيد الأئمة.
وغيرها الكثير من التصانيف والمؤلفات والردود.

وفاته عليه السلام
توفي الإمام الحجة مجد الدين المؤيدي عليه السلام في 6 رمضان، مغرب يوم الثلاثاء عام 1428هـ، الموافق 18 سبتمبر عام 2007م، عن عمر 96 سنة.
وقد كان حضور تشييع جنازته مهيباً؛ فقد توافد الناس من داخل اليمن وخارجها؛ إذ ذاع صيته، وانتشرت كراماته عليه السلام، وأقيمت الصلاة عليه ثلاث مرات، أولاً في جامع جده الإمام الهادي يحيى بن الحسين عليه السلام، ثم المرة الثانية في مقبرة صعدة عند والده، ثم في المرة الثالثة في مدينة ضحيان حيث نقل جثمانه إليها ووري في مسجده الذي أصبح جامعة تدرس العلوم الشرعية، ومأوى يفد إليها طلبة العلم من جميع النواحي.
فسلام الله على إمام زماننا، وحجة عصرنا مجد الدين بن محمد بن منصور المؤيدي.

#شبكة_الثقلين_الثقافية
[ اﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻟﻠﻤﻴﻞ ﻋﻦ اﻟﻌﺘﺮﺓ]

قال الإمام مجدالدين المؤيدي سلام الله عليه:
ﻭﺃﺻﻞ ﻛﻞ ﺿﻼﻟﺔ ﻭﻓﺘﻨﺔ، ﻭﻣﻨﺒﻊ ﻛﻞ ﻓﺮﻗﺔ ﻭﻣﺤﻨﺔ، ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ ﻭاﻷﻣﻢ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، اﺗﺒﺎﻉ اﻷﻫﻮاء، ﻭاﻹﺧﻼﺩ ﺇﻟﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻣﺤﺒﺔ اﻟﺘﺮﺃﺱ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﻴﺎء، ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻘﻢ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻠﻤﻠﻮﻙ اﻟﻌﺎﺗﻴﺔ، ﻭاﻟﺠﺒﺎﺑﺮﺓ اﻟﻄﺎﻏﻴﺔ، ﺇﻻ ﺑﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﺃﻧﺒﻴﺎء اﻟﻠﻪ ﻭﻛﺘﺒﻪ، ﻭﻣﺒﺎﻳﻨﺔ ﺃﻭﻟﻴﺎﺋﻪ ﻭﺃﻫﻞ ﺩﻳﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺼﻪ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺭﺳﻠﻪ.
ﻭﻟﻢ ﺗﺘﻢ ﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﺴﻮء اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭاﻟﺘﻘﺮﺏ ﻟﺪﻳﻬﻢ، ﻭﻧﻴﻞ ﺣﻄﺎﻡ ﺩﻧﻴﺎﻫﻢ، ﺇﻻ ﺑﺘﻘﺮﻳﺮ ﻣﺎﻫﻢ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺗﺄﻳﻴﺪ ﻣﺎ ﻣﺎﻟﻮا ﺇﻟﻴﻪ.
ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻢ ﻛﻞ ﺫﻱ ﻋﻠﻢ، ﻭﻓﻬﻢ ﻛﻞ ﺫﻱ ﻓﻬﻢ، ﻣﺎﺟﺮﻯ ﻷﻫﻞ ﺑﻴﺖ اﻟﻨﺒﻮﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻷﻣﺔ، ﻭﻣﺎﻓﻌﻠﻪ ﻣﻠﻮﻙ اﻟﺪﻭﻟﺘﻴﻦ اﻟﻄﺎﻏﻴﺘﻴﻦ ﻣﻊ اﻟﻌﺘﺮﺓ اﻟﻤﻄﻬﺮﺓ، ﻭﻣﺎ ﺳﺎﻋﺪﻫﻢ ﺑﻪ ﻋﻠﻤﺎء اﻟﺴﻮء، ﻭﻓﻘﻬﺎء اﻟﻀﻼﻝ، ﻣﻦ اﺗﺒﺎﻉ ﺃﻫﻮاﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ، ﻭﺭﻓﺾ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﻧﺒﻴﻬﻢ، ﻭﻃﺮﺡ ﻣﺎﻳﺪﻳﻨﻮﻥ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺭﺑﻬﻢ؛ ﺣﺘﻰ ﻏﻴﺮﻭا ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺩﻳﻦ اﻟﻠﻪ، ﻭاﻓﺘﺮﻭا ﻋﻠﻰ اﻟﻠﻪ، ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ؛ ﻟﺘﺮﻭﻳﺞ ﻣﺎﻳﻬﻮﻭﻧﻪ ﻣﻦ اﻟﺼﺪ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻭاﻷﻗﻮاﻝ؛ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻌﺎﺭﺿﺔ ﻟﻵﻝ، ﻭﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻤﺎ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺷﺄﻧﻬﻢ ﺫﻭ اﻟﺠﻼﻝ.
ﻭﻗﺪ ﻗﺼﺪ ﻣﻠﻮﻙ اﻟﺴﻔﻴﺎﻧﻴﺔ، ﻭاﻟﻤﺮﻭاﻧﻴﺔ، ﻭاﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ، اﺳﺘﺌﺼﺎﻝ اﻟﺴﻼﻟﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ، ﻭﺇﺑﺎﺩﺓ اﻟﺬﺭﻳﺔ اﻟﻌﻠﻮﻳﺔ، ﻭﺇﺯاﻟﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﻭﺟﻪ اﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﺑﺎﻟﻜﻠﻴﺔ، ﻭﺃﺑﻠﻐﻮا ﻣﺠﻬﻮﺩﻫﻢ ﻓﻲ ﻃﻢ ﻣﻨﺎﺭﻫﻢ، ﻭﻃﻤﺲ ﺃﻧﻮاﺭﻫﻢ، ﻓﺄﺑﻰ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﺫﻟﻚ، ﻭﻏﻠﺒﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﻫﻨﺎﻟﻚ؛ ﻛﻴﻒ ﻭﻫﻢ ﻗﺮﻧﺎء اﻟﻜﺘﺎﺏ، ﻭاﻟﺤﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻭﻱ اﻷﻟﺒﺎﺏ، ﻭاﻟﺴﻔﻴﻨﺔ اﻟﻤﻨﺠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺬاﺏ، ﻭاﻟﺜﻘﻞ اﻷﺻﻐﺮ، اﻟﺬﻳﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ اﻟﺮﺳﻮﻝ ﻣﻊ اﻟﺜﻘﻞ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ، ﻭﻟﻦ ﻳﻔﺘﺮﻗﺎ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ اﻟﻌﺮﺽ؟!؛ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻄﻔﺌﻮا ﻧﻮﺭ اﻟﻠﻪ ﺑﺄﻓﻮاﻫﻬﻢ، ﻭﻳﺄﺑﻰ اﻟﻠﻪ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﺘﻢ ﻧﻮﺭﻩ ﻭﻟﻮ ﻛﺮﻩ اﻟﻜﺎﻓﺮﻭﻥ.
ﻭﺗﻬﺎﻓﺖ ﻓﻲ ﺃﺛﺮ اﻟﻤﻠﻮﻙ اﻟﺠﺒﺎﺭﻳﻦ، ﻭاﻟﻌﻠﻤﺎء اﻟﻤﻀﻠﻴﻦ، اﻟﺬﻳﻦ ﺣﺬﺭ ﻋﻨﻬﻢ ﺳﻴﺪ اﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، اﻷﺗﺒﺎﻉ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻡ، ﻭاﻟﻬﻤﺞ اﻟﺮﻋﺎﻉ ﻣﻦ اﻟﻄﻐﺎﻡ، ﺃﺗﺒﺎﻉ ﻛﻞ ﻧﺎﻋﻖ، ﻭﺳﻴﻘﺔ ﻛﻞ ﺳﺎﺋﻖ، ﻭﺭﻛﻀﻮا ﻓﻲ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ اﻟﺪﻭﻝ، ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻬﻢ اﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: {ﺇﻥ ﻫﻢ ﺇﻻ ﻛﺎﻷﻧﻌﺎﻡ ﺑﻞ ﻫﻢ ﺃﺿﻞ } [ اﻟﻔﺮﻗﺎﻥ:44]، ﻭﻫﻢ اﻟﺠﻢ اﻟﻐﻔﻴﺮ، ﻭاﻟﺠﻤﻊ اﻟﻜﺜﻴﺮ، ﻭﺇﻥ ﺗﻄﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﻳﻀﻠﻮﻙ ﻋﻦ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ، ﻭﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ اﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﻮ ﺣﺮﺻﺖ ﺑﻤﺆﻣﻨﻴﻦ؛ ﻓﻌﻈﻤﺖ اﻟﻔﺘﻨﺔ، ﻭاﺷﺘﺪﺕ اﻟﻤﺤﻨﺔ، ﻭﺗﻤﺖ اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻤﻨﻬﻲ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺏ اﻟﻤﺒﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ اﻟﺮﺳﻮﻝ اﻷﻣﻴﻦ.
ﻭﺣﺠﺞ اﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭاﺿﺤﺔ اﻟﻤﻨﻬﺎﺝ، ﺑﻴﻨﺔ اﻟﻔﺠﺎﺝ، ﻭﺩﻳﻨﻪ ﻗﻮﻳﻢ، ﻭﺻﺮاﻃﻪ ﻣﺴﺘﻘﻴﻢ؛ ﻟﻴﻬﻠﻚ ﻣﻦ ﻫﻠﻚ ﻋﻦ ﺑﻴﻨﺔ ﻭﻳﺤﻴﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﻲ ﻋﻦ ﺑﻴﻨﺔ ﻭﺇﻥ اﻟﻠﻪ ﻟﺴﻤﻴﻊ ﻋﻠﻴﻢ.
ﻭﻫﺬا ﻣﻊ ﻣﺎﺗﻘﺪﻡ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎﺧﺎﻟﻔﻮا ﻓﻴﻪ ﺃﻫﻞ ﺑﻴﺖ ﻧﺒﻴﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ، ﻭﺇﻟﻴﻚ اﻟﻨﻈﺮ ﺃﻳﻬﺎ اﻟﻤﻄﻠﻊ اﻟﻤﺘﺒﻊ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺭﺑﻪ، ﻭﺳﻨﺔ ﻧﺒﻴﻪ ـ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ، ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﺤﻖ ﻏﻴﺮ ﺣﺎﺋﺪ، ﻭﻻ ﻟﻀﺮﻭﺭﻱ اﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﻭاﻟﻤﻨﻘﻮﻝ ﺑﺠﺎﺣﺪ، ﻟﺘﻨﻈﺮ ﺃﻱ اﻟﻔﺮﻳﻘﻴﻦ ﺃﻫﺪﻯ ﺳﺒﻴﻼ، ﻭﺃﻱ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﻴﻦ ﺃﻗﻮﻡ ﻗﻴﻼ، ﻭﺃﺑﻴﻦ ﺩﻟﻴﻼ.
ﻭاﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﺨﻄﺎﺏ ﺃﺭﺑﺎﺏ اﻟﻨﻈﺮ ﻭاﻻﻋﺘﺒﺎﺭ، ﻣﻦ ﺫﻭﻱ اﻷﺑﺼﺎﺭ؛ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺃﻭﻟﻮ اﻷﻟﺒﺎﺏ.
ﻓﺄﻣﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﻰ ﺑﺼﺎﺋﺮﻫﻢ اﻟﻬﻮﻯ، ﻭﺃﻋﺸﻰ ﺃﺑﺼﺎﺭﻫﻢ اﻟﺮﺩﻯ، ﻣﻦ ﻃﺎﺋﻔﺘﻲ اﻟﻤﺘﻤﺮﺩﻳﻦ ﻭاﻟﻤﻘﻠﺪﻳﻦ، اﻟﺬﻳﻦ ﺃﻟﻔﻮا ﺁﺑﺎﺋﻬﻢ ﺿﺎﻟﻴﻦ؛ ﻓﻠﻴﺴﻮا ﺑﻤﻘﺼﻮﺩﻳﻦ؛ ﺇﻧﻚ ﻻﺗﺴﻤﻊ اﻟﻤﻮﺗﻰ ﻭﻻﺗﺴﻤﻊ اﻟﺼﻢ اﻟﺪﻋﺎء ﺇﺫا ﻭﻟﻮا ﻣﺪﺑﺮﻳﻦ، ﻭﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺑﻬﺎﺩﻱ اﻟﻌﻤﻲ ﻋﻦ ﺿﻼﻟﺘﻬﻢ ﺇﻥ ﺗﺴﻤﻊ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺂﻳﺎﺗﻨﺎ ﻓﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ.

المصدر/
[لوامع الأنوار ج1/ص228]

#شبكة_الثقلين_الثقافية