كتب تامر الجبالي
نشرت هذه الصورة من أسبوع تقريبا متسائلا عن مراد الناسخ من كتابتها
وتفاعل الإخوة والإخوات جزاهم الله خيرا في بيان معنى كلمة كبيكج، وسبب كتابتها، ولم يقصروا في وضع روابط ونقول أرجو أن يكون انتفع بها من يحتاجها
لكن سؤالي كان عن سياق الكتابة فالكاتب يقول (يا حفيظ يا كبيكج يا الله)
فلا يقال هذا نبات بلابلا بلا ..
نعم هو نبات، لكن ليس الأمر هكذا فالباحث في مراجعة مستمرة لمعلوماته، خاصة المعلومات الهشة التي لا يوجد اتفاق حولها، والبحث فيها مفتوح
هناك حقيقة ثابتة وهي أن كَبيكَج نبات بري له خصائص طبية معروفة من أيام اليونان، وموجود في كتب الطب من عهد أبي بكر الرازي ت313هـ، ثم ابن سينا ومن بعدهما، وفي كتب مفردات الأدوية.. وغالبا هذه هي التسمية الفارسية له ودرج العرب على استخدامها، مع تسميات أخرى ربما بلغت العشرين
طيب ما علاقة هذا بقولنا يا كبيكج؟ أنت إذا أصابك مغص تشرب النعناع ولا تناديه! هذا إذا افترضنا استخدام الكبيكج للحماية من الحشرات
ثم بقية التفسيرات على هذه الشاكلة، لا تسلم، بل هي مجرد آراء شخصية لا يقوم عليها برهان قوي، أو شاهد تاريخي قاطع، لكنها اشتهرت من كثرة الترديد من غير فحص
فبعضهم يقول مثلا هذا اسم ملك أو من أسماء الله تعالى في اللغة السريانية. طيب اللغة السريانية موجودة نسألها، ستقول لنا وفق أحد الأساقفة الذين أتقنوا العربية والفارسية والسريانية أن تلك الكلمة غير موجودة في السريانية.. هكذا بكل بساطة نقوم بهدم أسطورة لنفتح بابا جديدا للبحث (شايفك وأنت متفاجئ يا اللي كنت بتقول: سرياني يا عمو 😎)
وأزيدكم من الشعر بيت، هناك تفسير لأحد المستشرقين في ورقة بحثية نشرت عام (1871) يعني من 150 سنة، يقول إن كبيكج بمعنى الله، وذلك لأن (يا كبيكج) في حساب الجمل تساوي (66) ولفظ الجلالة الله في حساب الجمل يساوي (66) وهذا التفسير لم أقف على من نقله ممن كتبوا في ذلك، مع وجاهته عند من يؤمنون بالحروف
يا إخواني الكرام الباحث ليس وظيفته النقل خاصة في المسائل التي يريد أن يتخصص فيها ويتقنها، فلن ينفعه النقل المجرد ولا القراءة المجردة من غير مقارنة ونقد واستشكال
واستشكالي الرئيس حول هذه المسألة كيف تحولت هذه الممارسة العلمية للحفاظ على الكتاب إلى خرافة؟ أو بالأحرى ما هي اللحظة التاريخية التي حدث فيها هذا التحول؟ وما هي ملابسات ذلك؟
ويبدو أن هذا التحول حدث في وقت مبكر لأن هناك نصوص من القرن السابع الهجري تشير إلى أن مجرد كتابة هذه الكلمة أول الكتاب وآخره تحفظ الكتاب من الأرَضة
أنا مستمر في البحث عن جواب ذلك، وأقف يوميا على أشياء جديدة، ومن أنفس ما وقفت عليه بحث لأربعة باحثين في جامعة أصفهان حول مدى جدوى استخدام عشبة الكبيكج في الحفاظ على الورق من البكتيريا، وقد قاموا بتجربة عملية على عينة من الورق القديم، وهي تعريض الورق لأشهر خمسة أنواع من البكتيريا التي تصيب الورق بعد معالجة الأوراق بمستخلص نبات الكبيكج وكانت النتيجة مذهلة، فقد وجدوا أن الأوراق المعالجة بهذا النبات محمية من البكتريا بنسبة تتخطى 99.5% ومع بعض أنواع البكتيريا 99.89%
هذه هي رحلة التعلم استمتعوا بها ولا تتعجلوا النتائج أو النشر
#المخطوطات_العربية#علم_المخطوطات#تقاليد_النساخة_العربية