?رأيت رجالا يضربون نساءهم?
#قصة #شعر #لطائف
وددت لو نبحر في تراثانا العريق و أدبنا الفريد .. فاتقيت بالقاضي شريح و الشعبي
? عليك بنساء بني تميم ! ؟
قال شريح القاضي للشعبي : عليك بنساء بني تميم فاني رأيت لهن عقولا ، فقال الشعبي :وما رأيت من عقولهن ؟ قال : مررت بدورهن فاذا فتاة كأحسن مارأيت من الفتيات . فخطبتها
وحدد موعد الزفاف . فلو رأيتني ياشعبي وقد أقبلت نساؤهم يزففنها حتى اذا ما ادخلت علي قالت : إن من السنة اذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم فيصلي ركعتين فيسأل الله من خيرها ويعوذ به من شرها ، فصليت وسلمت . فاذا هي من خلفي تصلي لصلاتي ، فلما خلا البيت دنوت منها ، ومددت يدي الى ناحيتها ، فقالت : لاتعجل يا أبا أمية !
ثم قالت : الحمدلله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد واله ، اني امرأة غريبة لاعلم لي بأخلاقك فبين لي ماتحب فاتيه وما تكره فأزجر عنه .. وقالت : انه قد كان لك في قومك منكح ولي في قومي مثل ذلك ، لكن اذا قضى الله أمرا كان ، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به ( امساك بمعروف أو تسريح باحسان ) أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك .
قال : فأحوجتني والله يا شعبي الى الخطبة في ذلك الموضع فقلت : الحمدلله أحمده وأستعينه ، وأصلي على النبي واله وأسلم وبعد ، فانك قد قلت كلاما ان تثبتي عليه يكن ذلك حظك ، وان تدعيه يكن حجة عليك ، أحب كذا ، وأكره كذا ، ونحن جميع فلا تفرقي ، ومارأيت من حسنة فانشريها ومارأيت من سيئة فاستريها .
فقالت : كيف محبتك لزيارة الأهل ؟ قلت : ما أحب أن يملني أصهاري ، فقالت : فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك اذن لهم ، ومن تكرهه أكرهه ؟ قلت : بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء .
قال : ومكثت معي يا شعبي حولا لا أرى الا ما أحب ، فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء ، فاذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار .
فلما جلست أقبلت العجوز فقالت : السلام عليك أبا أمية . قلت : وعليك السلام ، من أنت ؟
قالت : أنا فلانة ختنك ، قلت : قربك الله ، قالت : كيف رأيت زوجتك ؟ قلت : خير زوجة ، قالت : أبا أمية ، ان المرأة لاتكون أسوأ منها في حالتين : اذا ولدت غلاما ، أو حظيت عند زوجها ، فان رابك ريب فعليك بالسوط ، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة .
قلت : أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب ، وروضت فأحسنت الرياضة .
وزينب ليست ممن يستحقون الضرب . ثم قلت :
رأيت رجالا يضربون نساءهم ................. فشلت يميني يوم أضرب زينبا
أأضربها من غير ذنب أتت به .................. فما العدل مني ضرب من ليس أذنبا ؟
فزينب شمس والنساء كواكب ............... اذا برزت لم تبد منهن كوكبا
منقول و أرجو أن يرزقنا الله رجالا كشريح القاضي و أن نكون زوجات كزوجته

محمد أحمد الحساني
قال القاضي شريح بن الحارث بن قيس الكندي، وقد رأى في عصره قبل نحو ألف عام رجالا من قومه يضربون النساء، فأزعجه ذلك التصرف الذي لا يدل على كمال الرجولة، فهتف يومها قائلا:
رأيت رجالا يضربون نساءهم فشلت يميني حين أضرب زينبا
أي أنه لم يستنكر ضرب رجال قومه نساءهم فحسب بل دعا على نفسه بالشلل لو أنه فعل مثلهم وضرب زوجه المصونة والدرة المكنونة زينب، فأعطى بذلك انطباعا نبيلا عن وجود رجال ذوي أخلاق كريمة لا يؤدبون نساءهم بالضرب والركل، مقابل من يفعلون ذلك بكل نذالة وخسة!
ولكن هتاف القاضي شريح الذي تردد صداه عبر عدة قرون طويلة، لم يجد من يسمعه ويأخذ به بين كثير من أبناء الأمة المسلمة التي دعاها دينها إلى الرفق بالمرأة والإحسان إليها والاهتمام بإعدادها للحياة حتى لاحظ عدم عنايتهم بالمرأة شاعر معاصر فاتهم الأمة بعدم إحسان تربيتها وأن ذلك كان وراء تأخر الأمة فقال:
من لي بتربية النساء
فإنها في الشرق علة ذلك الإخفاق
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
وعلى الرغم من نيل المرأة بعض الاهتمام الرسمي والشعبي متمثلا في العناية بتعليمها أسوة بأخيها الرجل، إلا أن النظرة إليها لم تتبدل كثيرا في العديد من المجتمعات الشرقية مما أدى إلى نشوء العنف ضدها لأن بعض الذكور ما زالوا يطالبونها بالطاعة العمياء وأنه ليس من حقها فتح حوار معهم حتى في ما يخصها من أمور، فإن فعلت كانت لطمة تنتظرها جزاء لها وردعا لأمثالها!
فإن فزع صغارها وصاحوا برعب أمي.. أمي نالهم من الضرب والأذى ما نالها وأكثر حتى هرع المجتمع وتنادى إلى وجوب حماية الأسرة من طفل وامرأة من البغي والعنف الذي وصل إلى حد إزهاق الأرواح البريئة. ولو أن القاضي شريح بلغه ما يجري من جرائم ضد النساء لعدل بيته الآنف ليصبح هكذا
رأيت رجالا يقتلون نساءهم فيا لهم من مجرمين عتاة!؟
?@ArabicLiterature