مراجعة لرواية #جوستين

Nassira khamlichi


في نظري
"جوستين" أو "محنة الفضيلة"
تتألف الرواية من 197 صفحة (ترجمة محمد عيد ابراهيم) لصاحبها الماركيز دو ساد ( دونات ألونسو فرانسوا)
هذه الرواية إن صح أن أقول رواية، لأنني بعد أن قرأت عن حياة الماركيز المنحرفة و الاباحية، خلصت إلى أنها سرد لما كان يفعله هو.فهو المريض و المعاق نفسيا و فكريا. غير أنه استعار شخوصا رمزيين ليضرب عصفورين بحجر! أجل، فالعصفور الأول _و أعتذر للعصفور لأنني استعمله في سياق بشع_ يتمثل في ترويجه لرؤيته الفلسفية للشر باعتباره الأساس، للأخلاق و المشاعر باعتبارها أمورا طارئة نكتسبها بحكم العادة، و هي مجرد أمور نسبية بمثابة حجر عثرة في طريق سعادتنا! للجريمة التي تمنحنا سعادة حقيقية! أجل يا أصدقاء و لا تستغربوا فما ستقرأونه بين طيات هذا الكتاب يفوق بشاعة ما أقوله.
و لن أنسى نظرته الحقيرة للمرأة باعتبارها حيوانا أليفا وجد لإشباع رغبات الرجل و يجب التخلص منها بعد أدائها الواجب !
و الفضيلة! ذاك الدرب المزين بالأسواق و ضروب الألم و القهر و الذل و الهوان! ذاك الشيء الذي لا جدوى له و الذي ولد من مبدأ فاسد!
و العصفور الثاني و هو المسبب الرئيسي لجعل هذه الرواية ممنوعة لمدة طويلة، و هو النظرة المريضة و المنحرفة و المقيتة للذة و المتعة ، أجل تلك اللذة المتوحشة التي يصل إليها الشخوص بطرائق بشعة تجمد الدم في العروق! أو ما يطلق عليه " السادية". حتى أنه يقول على لسان أحد شخوصا بما معناه أن اللذة و المتعة التي يحصل عليها من صراخ و آلام ضحاياه تعادل اللذة التي يحصل عليها من خلال المعاشرة الجنسية!
لن أعطي ملخصا لأحداث الرواية لكني سأذكر شيئا أغضبني في البداية و هو سذاجة البطلة التي كانت تعيد نفس الخطأ و تسعى برجليها نحو عذابها و لا تتعلم من خطئها، حتى أنني أحسست في موضع ما أنها مازوشية لأنها أحبت من عذبها يوما، لكنني بعد تفكير وجدت أن غضبي بلا مبرر، فما هي إلا ورقة في يد الماركيز المجنون.
إلا أن ما استلطفته في الرواية ككل هو تشبث جوستين بعفتها رغم تعرضها للاغتصاب.
هذه الرواية تتطلب قلبا قويا و ليبتعد عنها أصحاب النفوس المرهفة، ستثير فيك مشاعر كريهة ستتمنى لو لم تختبرها. ستصاب بألم حاد في الرأس و القلب ربما!
و لكن من ناحية أخرى هي تجربة مفيدة لأنها تتحرش بعقلك و تدفعك لإعادة التفكير في أمور عديدة، و ربما تجعل إيمانك بأمور معينة أقوى أو ستكشف لك عن هشاشته و ضعفه و بالتالي سيكون عليك الاختيار من جديد أي الطرق ستسلك خاصة فيما يخص وجود الله و عن خيريته أو شره.
ملاحظة بسيطة: اول ما وقعت عيني على هذه الرواية شعرت بإحساس غريب و انا أتطلع لصورة غلافها، كان هناك منبه داخلي يحاول تجنيبي هذه التجربة و لكن رغم ذلك قرأتها!