8- (بائعة السجائر)

ثيابها الممزقة قد حافظت عليهم بملئ الوجع وهي تعد بسنواتها السبع ..
حتى وأن أجادت خياطتهم مراراً
فالخيط قد سُلب منه الحياة ولم يقاوم ..
هي وحدها من بقيت صامدة على ذلك الرصيف اللعين ..
وتسكع المارة الذين يجيبون الطرقات ذهابا وأيابا في منتصفِ الليلِ ..
وهي تحتضن تلك السلة التي تحمل أعواد ثقاب وسجائر ..
في كل مرة كانت ترتبهم قبل نومها وتجلس صباحا لتعيد ترتيبهم من جديد ..
تتمتم طيشهم بصمتٍ ودموعٍ حارقةٍ ..
تسند عمودها الفقري بكلتا يديها كي تعين نفسها للوقوف ..
وتقطن عند زجاج محل ذلك البائع البائس
ليأتي بملئ الجشع ويدفعها بوحشيةٍ..
ويرمي بسنين عمرها على ذاتِ الرصيفِ
لتقوم هي و تنكث الغبار عن عيونِ ذلك المغفل ..
تلملم ما سقط من حيائهِ ..متجهه نحو مكانها الأول
حيث الخيبة الأولى ..

#زمن _الصالحي