*خطبتان لعيد الأضحى المبارك،1443*

#قمنا بجعل الخطبة طويلة قليلا وذلك لاختلاف أحوال الناس لذلك إذا رأى الخطيب أنها طويلة فليقم بحذف فقرات منها لكي تكون مناسبة للحاضرين.
الخطبة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ
الله أكبر ما كبر حاج ولبّى ،الله أكبر ما طاف حاج على البيت وسعى ، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسُبحان الله بُكرةً وأصيلاً
الحمد لله الذي سهل لعباده طرق الطاعة ولم يُعَسِّر، وتابع لهم مواسم الخيرات ويسَّر، له الحمد على نعمه التي لا تُعَدُّ ولا تحصر، عدد من حج البيت واعتمر، وأضعاف ذلك وأكثر، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ما خفق نجم وظهر.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يحويه قطر، ولا يدركه نظر، الذي خلق فقدر، وملك فقهر، وبطن وظهر، وعلم وخبر، وكل شيء عنده مقدر. وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه البشيرُ المنذرُ، الطاهرُ المطهرُ، صاحبُ الوجه الأنور، والجبينِ الأزهر، والحوض والمنبر، الذي بلغ الرسالة وما قصر، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله البررة الغُرر.
وبعد عــــباد اللــــه :
اتقوا الله تعالى حق التقوى وراقبوه بالسر والنجوى وامتثلوا أوامره في الشدة والرخاء ، وآمنوا برسالة نبيه المصطفى . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أيها المسلمون : هنيئا لكم يوم عيدكم هذا عيد الأضحى المبارك ، هذا يوم فرح وسرور, فالسنة إظهار الفرح ، وإدخاله على الغير ،واجتناب المعاصي والشكر لله فبالشكر تدوم النعم ،وبالكفران تزول النعم، فأحسنوا إلى أنفسكم، ووسعوا على أولادكم وأزواجكم.
- عـــباد الله : إن هذا العيد من شعائر الإسلام العظيمة ، و سنن الدين القويمة ، شرع الله فيه هذه الصلاة لنجتمع بقلوبنا و أجسادنا ، و نتعاطف و نتراحم و نتسامح و نتصافح ،و تظهر الأخوة الإسلامية على حقيقتها ، وشرع فيه الأضحية لنوسع فيها على العيال ،و ندخل الفرح على النساء و الأطفال ،ونتصدق منها على الفقراء والسُّؤَّال ،وبهذا يشترك المسلمون كلهم في هذا اليوم في السرور، و يتقارب الأغنياء و الفقراء بالرحمة ، و تتواصل أرواحهم و أجسادهم بالأخوة و المحبة ، و يتذكرون جميعا ما أتى به الدين الحنيف من خير و معروف و إحسان ،
ها نحن ـ أيها الأحبة الكرام ـ
نجتمع في هذا اليوم يوم العيد، نجتمع في هذا المكان المبارك إخوة متحابين، لا فضل لأحد فينا على أخيه إلا بالتقوى والعمل الصالح..
وإن من حكم العيد ومنافعه العظمى : التواصل بين المسلمين، والتزاور ، وتقارب القلوب، وارتفاع الوحشة، وانطفاء نار الأحقاد والضغائن ، فالعيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب، وإزالة الشوائب عن النفوس، وتنقية الخواطر مما علق بها من بغضاء أو شحناء ، فلنغتنم هذه الفرصة ولتجدد المحبة ، وتحل المسامحة والعفو محل العتب والهجران مع جميع الأقارب والأصدقاء والجيران ، وكما ذكر سبحانه أن المتقين من عباده ، هم الذين أعدت لهم جنات النعيم ، عرضها السموات والأرض وذكر من صفاتهم : {الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ } ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كظم غيضا وهو قادر أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره في أي جوار شاء).
أيها المسلمون: لقد اهتم الإسلام بالنظام للمجتمع المسلم، فدعا إلى التنظيم الجماعي لتعارف الناس بعضهم ببعض وجعله مبيناً على الإيمان بالله ، يقول الله تعالى :(( إنما المؤمنون إخوة )) ، وجعله مبنياً على التراحم والتعاون بين المسلمين : ( مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) ، وبناه على التعاون بين المسلمين قال تعالى : (( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ))، وليعرف المسلم حقوق إخوانه المسلمين والتعرف على الشعوب والقبائل للتعارف لا للتفاخر والتناكر .
أيــها المسلمـــون :
إن الإسلام دين رحمة وتسامح ونبذ للشدة والعنف بجميع صوره ، فالرحمة من صفات نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم (( وما أرسلناك إلى رحمة للعالمين ))، وظهرت آثار هذه الرحمة في أحكام هذه الشريعة وتعاليمها في العبادات والمعاملات والأخلاق ودعا إلى الرفق واللين ، وأن الرفق ما وضع في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه . فدعا إلى رحمة الأبوين ورحمة الصغار والأيتام والأرامل