Forwarded From وهم النسوية.
Forwarded From شوارد الأفكار
_دخل الشيخ عوامة على شيخه العلامة عبد الفتاح أبو غدة مرة، فأدخله على العادة غرفة الضيافة، يقول:
فرأيت المقاعد كلها مفروشة بالكتب مفتوحة عليها، لا أجد واحدًا منها أجلس عليه، فابتسمت وقلت: خيرًا إن شاء الله!

فقال الشيخ عبد الفتاح: كلمة تعبت فيها منذ ثلاثة أشهر وأنا أبحث عنها، وهي: أن المؤلف اللكنوي -رحمه الله- يذكر عن الإمام الشافعي -رضي الله عنه- أنه يعمل بالإخالة، وهي مكتوبة في الكتاب بالإحالة (الحاء)، فبحثت عنها كثيرًا، وسألت عنها فلانًا وفلانًا من مشايخنا، فلم أهتد إلى صوابها، والآن وقفت على مراده وانكشف والحمد الله؛ فأنا أفتح هذه الكتب والمصادر لأنقل منها، فقد تبين لي أخيرًا أنها الإخالة بالخاء المعجمة لا الإحالة، من خال يخال إذا ظن وحسب، وهو مسلك من مسالك التعرف على العلة في باب القياس من كتاب أصول الفقه.

_رحمه الله ورضي عنه، وجزاه خيرًا من محقق يتأخر في إثبات نقطة ثلاثة شهور في صلب الكتاب حتى يتيقنها، واليوم يصدر كتاب ضخم في أقل من ثلاثة شهور، يمر المحقق على الصفحات مروره على الإعلانات، لا يعرف ما يقرأ ولا ما يكتب..! ويستعين بضعاف الناس ليعملوا عنه ولا يراجع ما يثبتون! وكأننا في سباق مع الزمن لإخراج أسوأ نسخة للكتاب!

أما كوارث الكتب الملقاة في المطابع وتصحيفاتها وسوء تعليقاتها فمما لا يعد ولا يحصى..
التحقيق أمانة وأداؤها لا يكون إلا بالصبر وطول النفس وحسن التعلم، ومن لم يستطع شيئًا يدعه، ومن عجز أن يكون كالشيخ عبد الفتاح إفادة في التعليقات وتثبتًا في النقطة والحرف، وإحسانًا للكاتب والكتاب، فلا أقل من أن ينقل نص الكتاب صحيحًا كما هو .. أما ما نراه مع كل ما لدينا من أدوات خادمة، فهو أسوأ مما في عصر الوراقين!

#منهجيات
#منهجيات


📌 الانتخاب المنهجي


لو أردنا قراءة الآثار الكاملة لمؤلفات الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله في "درس علمي" سينقضي عمرا طويلا ولم نصل لنهاية هذه الكتب، فما بالك لو أدخلنا فتح الباري، وزاد المعاد، وتفسير القرطبي، ومقدمة ابن خلدون، وفتح المغيث للسخاوي .. الخ
نعم أن يقرأها الباحث بنفسه كاملة فهذا مطلوب وضروري في التأسيس العلمي ويدخل في "جرد المطولات" التي نبهنا على أهميتها مرارا .. لكن كلامنا الآن عن قراءة المطولات في "درس علمي".

👈🏻 ما المقصود بالانتخاب ؟ أي الانتقاء .
نأخذ كتاباً وليكن " زاد المعاد " مثلاً : فأنتخب منه أي أنتقي النفائس الموجودة فيه، كالمسائل التي لا توجد عند غيره . من الممكن أن تشكل منتخباتي من الكتاب 10% أو أكثر بقليل، لكنها هي عيون هذا الكتاب وأجود وأروع ما فيه.

على هذا الأساس قامت فكرة الانتخاب عند المحدثين، كانوا يقدمون أبرز أقرانهم، يقولون له : انظر في كتب فلان من المحدثين وانتخب فوائد حديثه، ويعنون بالفوائد الحديثية الاقتصار على انتقاء الأحاديث الغالب على الظن أنها لا توجد عند غيره من العلماء، أو تكون موجودة إلا أنها نادرة ..
وهو ما فعله أبو طاهر السلفي في انتقائه لكتاب الإرشاد للخليلي ، فالمحفوظ بين أيدينا هو انتقاء أبي طاهر لأبرز الغرر والفوائد للإرشاد وليس الكتاب الأصل كما يوهم عنوان المطبوع للأسف.

ومن غرام المحدثين بمنهجية ( الانتخاب )، وتيسيرا لسبل العلم لطلبة الحديث ولعموم الطلبة، عمل جمع من العلماء على فكرة ( كتب الزوائد )، فلا يلزم أن تقرأ الطبراني كاملاً، بل اقرأ ما عند الطبراني مما ليس في بقية الكتب الستة، ولا يلزم أن تقرأ مسند الإمام أحمد كاملاً بل إقرأ ماعند الإمام أحمد وليس في الكتب الستة، وممن تميز في هذا الهيثمي. فمثلا أخذ زوائد صحيح ابن حبان على الصحيحين وأودعها كتاب "موارد الظمآن" ..
وكذلك فعل في كتب كثيرة أخرى.

ففكرة " الزوائد " في حقيقتها استمرار لفكرة الانتخاب أو مقاربة لها لكن بمعيارية محددة منضبطة، وكلاهما يهدفان إلى (اختصار الزمن) في منهجية طلب العلم، وتوفير أكبر مادة علمية ميسرة للطلبة في وقت قصير ..

وأميل الآن بقوة إلى ضرورة أن يعمل بمنهجية القراءة بطريقة المنتخبات في (الدروس العلمية) تحديدا، كالعلل لابن أبي حاتم، والعلل للدارقطني، وتهذيب التهذيب، وميزان الاعتدال للذهبي، وغير ذلك من الكتب، فهي ضرورية والقراءة فيها مهمة، لكن قراءتها كاملةً على أحد المشايخ تستهلك وقتا، وقد لا يحصل الطالب على المنفعة الكبيرة إلا بعد مدة طويلة، فلو قرئت المطولات وهذه الكتب الكبيرة بفلسفة الانتخاب الحديثي؛ لأحدثت طفرة علمية في ( دروس المساجد ) وغيرها .


✨ مقتطف من دروس " فقه التعليل " لشيخنا د. خالد الدريس ١٤٣٨هـ



🔸🔹🔸🔹🔸🔹🔸🔹🔸🔹

قناة أ.د خالد بن منصور الدريس (علمية - فكرية - إثرائية ) على التليجرام👇