وانطلقت عشرات الطَّلقات النَّارية من الطَّرفين كليهما إِيذاناً ببدء المعركة. وقام السُّلطان عبد الملك برد الهجوم الأوَّل منطلقاً كالسَّهم شاهراً سيفه يمهِّد الطَّريق لجنوده إِلى صفوف النَّصارى، وغالبه المرض الَّذي سايره من مراكش، ودخل خيمته وما هي إلا دقائق حتّى فاضت روحه في ساحة الفدا، لقد رفض أن يتخلَّف عن المعركة قائلاً: ومتى كان المرض يثني المسلمين عن الجهاد في سبيل الله.
..... ....... .......
لمحبين التاريخ اشترك بالقناة عبر تطبيق تليجرم او متصفح ويب عبر الرابط التالي👇
https://telegram.me/gghopff55
....... ......... .........

وقاد أحمد المنصور مقدِّمة الجيش، وصدم مؤخرة الجيش البرتغالي، وأُوقدت النَّار في برود النَّصارى، وصدم المسلمون رماتهم، فتهالك قسمٌ منهم صرعى، وولَّى الباقون الأدبار قاصدين قنطرة نهر وادي المخازن، وأصبحت تلك القنطرة أثراً بعد عين، نسفها المسلمون بأمر سلطانهم، فارتموا بالنَّهر، فغرق من غرق، وأُسر من أُسر، وقُتل من قُتل، وصُرع سبستيان وألوف مِنْ حوله، ووقع المتوكِّل رمز الخيانة غريقاً في نهر وادي المخازن. واستمرَّت المعركة أربع ساعات وثلث السَّاعة، وكتب الله فيها النَّصر للإِسلام والمسلمين.

💫أسباب نصر وادي المخازن:

القيادة الحكيمة الَّتي تمثَّلت في زعامة عبد الملك المعتصم بالله، وأخيه أبي العبَّاس، ولحاجبه المنصور، وظهور مجموعة من القادة المحنَّكين من أمثال أبي علي القوري، والحسن العلج، ومحمَّد أبي طيبة، وعلي بن موسى؛ الَّذي كان عاملاً على العرائش.

التفاف الشَّعب المسلم المغربيُّ حول قيادته بسبب أبي المحاسن يوسف الفاسي، والَّذي استطاع أن يبعث روح الجهاد في القوى الشَّعبية.

رغبة المسلمين في الذَّود عن دينهم، وعقيدتهم، وأعراضهم، والعمل على تضميد الجراح بسبب سقوط غرناطة، وضياع الأندلس، والانتقام من النَّصارى الَّذين عذَّبوا المسلمين المهاجرين، والَّذين تحت حكمهم في الأندلس.

اشتراك خبراء من العثمانيِّين تميَّزوا بالمهارة في الرَّمي بالمدفعية، وشارك كذلك مجموعةٌ من الأندلسيِّين تميَّزوا بالرَّمي، والتَّصويب بدقَّةٍ ممّا جعل المدفعيَّة المغربيَّة تتفوَّق على المدفعية البرتغاليَّة النَّصرانيَّة.

القدوة، والأسوة المثاليَّة الَّتي ضربها للنَّاس كلٌّ من عبد الملك، وأخيه أحمد المنصور، حيث شاركا بالفعل في القتال، فكان حالهما له أثرٌ أشدُّ في أتباعهم من قولهم.

تفوُّق القوَّات المغربيَّة بالخيل، حيث استطاع الفرسان أن يستثمروا النَّصر، ويطوِّقوا النَّصارى المنهزمين، ومنعتهم خيلُ المسلمين الخفيفة الحركة من أيِّ فرصةٍ للفرار.

استبداد سبستيان بالرَّأي، وعدم الأخذ بمشورة مستشاريه وكبار رجال دولته ممَّا جعل القلوب تتنافر.

وعي الشَّعب المغربيِّ المسلم بخطورة الغزو النَّصراني البرتغاليِّ، واقتناعه بأنَّه جهادٌ في سبيل الله ضدَّ غزوٍ صليبيٍّ حاقدٍ.

دعاء وتضرُّع المسلمين لله بإِنزال النَّصر عليهم، وخذل، وهزيمة أعدائهم، وغير ذلك من الأسباب.

💫نتائج المعركة:

أصبح سلطان المغرب بعد عبد الملك أحمد المنصور بالله الملقَّب بالذَّهبي، وبويع بعد الفراغ من القتال بميدان المعركة، وذلك يوم الاثنين 30 جمادى الآخرة سنة ستٍّ وثمانين وتسعمئة للهجرة.

وصلت أنباء الانتصار بواسطة رسل السُّلطان أحمد الذَّهبي إِلى مقرِّ السلطنة العثمانيَّة، وفي زمن السُّلطان مراد خان الثَّالث، وإِلى سائر ممالك الإِسلام المجاورة للمغرب، وغيرها، وحلَّ السُّرور بالمسلمين، وعمَّ السَّعد في ديارهم، ووردت الرَّسائل من سائر الأقطار مهنِّئين ومباركين للشَّعب المغربيِّ نصرهم العظيم.

ارتفع نجم الدَّولة السَّعدية في آفاق العالم، وأصبحت دول أوربة تخطب ودَّها، واضطرَّ ملك البرتغال الجديد، وملك إسبانيا أن يرسلوا وفوداً محمَّلةً بالهدايا الثَّمينة. ثمَّ قَدِمَتْ رسل السُّلطان العثماني مهنِّئةً، ومباركة، ومعهم هداياهم الثَّمينة، وبعدها رسل ملك فرنسا، وأصبحت الوفود (تصبح، وتمسي على أعتاب تلك القصور).

سقط نجم نصارى البرتغال في بحار المغرب، واضطربت دولتهم، وضعفت شوكتهم، وتهاوت قوَّتهم.

مات في تلك المعركة ثلاثة ملوكٍ، صليبيٌّ حاقدٌ «سبستيان» ملك البرتغال، وملكٌ مخلوعٌ خائنٌ «محمَّد المتوكِّل» ومجاهدٌ شهيدٌ «عبد الملك المعتصم بالله».

سارع البرتغاليُّون النَّصارى بفكاك أسراهم، ودفعوا أموالاً طائلةً للدَّولة السَّعديَّة.

سادت فترة هدوءٍ، ورخاءٍ، وبناءٍ، وازدهارٍ في العلوم، والفنون، والصِّناعات في بلاد المغرب.

حدث تحوُّلٌ جذريٌّ في التَّفكير، والتَّخطيط على مستوى أوربة، حيث رأوا أهميَّة الغزو الفكري لبلاد المسلمين؛ لأنَّ سياسة الحديد والنَّار تحطَّمت أمام إِرادة الشُّعوب الإِسلاميَّة في المشرق والمغرب.
ِ..........ِِِ..............
قناة📚من عمق التاريخ الإسلامي📚
https://telegram.me/gghopff55