الغلو ، والإرتفاع .. ليس شتيمةً ، أو منقصة
.......
وحسبُكمُ أنّ الغلاةَ إذا دُعُوا
إلى الحقّ ؛ لبُّوا طائعينَ وكبّروا
وأنّ ذوي التقصير لا يرجعون عن
عمائهُمُ حتى على الجهل يُحشروا
( الخصيبي : شرح ديوان الخصيبي للشيخ إبراهيم عبد اللطيف مرهج : 467 )
...
عن الغُلوِّ فديتُ القائلينَ بهِ
ولعنةُ الله تُخزي مَن يُقصّرُنا
( الخصيي : شرح ديوان الخصيبي للشيخ إبراهيم عبد اللطيف مرهج : 151 – 152 )
....
وحسبُكَ اللهُ يا نجلَ الخصيبي لقد
فاضتْ بحارك بالعِلم الذي خزنا
وحسب مَن كنتَ تغذيهِ وتُرضعهُ
ثديَ الغلوّ إلى مولاك سيّدنا
ويشرحُها الشيخ مرهج :
أي إنّ اللهَ حسبُكَ يابن الخصيب ، وحسب مَن غذّيتَهُ دُرّ الغلوّ بمعرفة مولاك الذي أرشدَكَ وهداك
( الخصيبي : شرح ديوان الخصيبي للشيخ إبراهيم عبد اللطيف مرهج : 149 – 150 / سلسلة التراث العَلوي ج 12 المناظرات والردود ج 02 : 10 نقلاً عن الشيخ حاتم الجديلي حاكياً عن الشيخ الخصيبي )
....
يقول الشيخ أبو صبح الديلمي ( مِن أعلام الطائفة النصيريّة - العَلويّة في القرن الخامس للهجرة ) بعد أن يذكر توفيقه لاتّباع الطريقة الخصيبيّة ، وكيف كان للشيخ الخصيبي الإسهام الأكبر في إيضاح ونشر العقيدة التوحيديّة ، يقول معقِّباً :
فنفعَ بذلك ( أي الشيخ الخصيبي ) أهلَ الغُلوِّ والإرتفاع ..
( هداية المسترشد وسراج المُوحِّد لأبي صبح الديلمي : 169 – 170 سلسلة التراث العَلوي ج 08 مجموعة الأحاديث العَلويّة )
كما نجدُ الشيخ الديلمي بذات كتابه سالف الذِّكر ، في الصفحة : 260 وبعد أن يذكر بعض الأبيات مِن قصيدة أبي محمد طلحة بن عبيد الله العوني الشهيرة ( وهي التي عارَضها رأس باش الديلمي بقصيدته العظيمة عقيدة الديانة ) :
حجرٌ عليَّ أن أُوالي حيدرا
إلاّ بقولي بالتوالي والبرا
مِمّن عليهِ ظالماً تأمّرا
ومَن غلا في حُبّهِ وقصّرا
فيعترضُ المؤلِّفُ قائلاُ :
ألا ترى ، أيّها الأخ ، وفّقكَ الله ، إلى هذا الناعق ، وكيف قد تبرّأَ مِن المُقصّر ، ومِن الغالي .. وبلا خلاف ؛ أنّنا نحنُ الغلاة ... والغالي ؛ الذي يقول بمعنويّة أمير النحل جلّ وعلا )
وفي هذين النّصّين اللذين نقلناهما مِن كتاب الشيخ الديلمي ، وضوحٌ لا لبس فيه ، على اعتبار الغُلو مدعاة للفخر ، لأنّه مِن مختصّات الطائفة الشعيبيّة التوحيديّة ، وهو لها إسمٌ تُعرَفُ بهِ ، وليس منقصةً كي ينزعج أبناء الطائفة حينما يُوصَفون به ..
ونجدُ ، أيضاً ، الشيخ أبي سعيد ميمون بن القاسم الطبراني (ت 426 هـ ) يقولُ في معرض ردّه على إسماعيل بن خلاّد ، وزيد الحاسب [ إسحاقيّة ] اللذين ذكرا له ذمّ الإمام جعفر الصادق ( ت 148 هـ ) للغلاة في أحد النصوص المرويّة عنه ، فيدفعُ الطبراني ذلك بقوله بأنّ الإمام الصادق قال ذلك وذمّ الغلاة تقيّةً لا أكثر ، ولمْ يذمّهم على سبيل الحقيقة .. ( وهذا يعني – فيما يعني – بأنّ الطبراني لا يعتقد ذمّ الغلو والغلاة )
( كتاب الجواهر في معرفة العلي القادر لأبي سعيد ميمون بن القاسم الطبراني : 235 سلسلة التراث العلوي ج 03 رسائل الحكمة العلويّة ) ..
وينقلُ لنا الشيخ الثقة محمد بن علي الجلي ( ت 384 هـ ) رواية مهمّة عن كتاب ( المحمودين والمذمومين ) لمحمد بن عبد الله بن مهران الكرخي عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله [ الصادق ] أنّهُ قال :
الكافرُ فينا أهلَ البيت أحسنُ مِن المُقصِّر ، لأنّ الطائر ( الطيّار – نسخة ) يُقال لهُ : إنزلْ .. فينزل .. فكأنّي إلى يدَي سيّدي المولى أبي عبد الله وهو يومي بها إلى الأرض ، ينتهي إلى ما يُريد ( يريده – نسخة ) .. والمُقصِّر [ والكلام هنا للإمام ] يُقال له : إرقَ .. فلا يرقى .. فهو لا يأتي بخيرٍ أبدا ( والمقصِّر يقول : إنّني أرقى .. فهو لا يرقى ولا يأتي بخيرٍ أبدا – نسخة ) .. ويُعقّب الشيخ أبو محمد الحسن بن شعبة الحرّاني ( القرن الرابع الهجري ) على هذا النّص قائلاً :
( ما أحسن هذه الإشارة إلى محض التوحيد ، ومدْح الإرتفاع ، لأنّ قوله ( إنزلْ .. فينزل ) [ يعني ] يقولُ : قلْ فينا الظاهر ، بغير ما تعتقده ، فيفعل طاعةً له ، وتقيّة مِن عدوّه .. ويُقال للمُقصِّر : قل بالحق .. فلا يفعلْ )
( راجع حاوي الأسرار للشيخ الثقة محمد بن علي الجلي سلسلة التراث العَلوي ج 02 : 198 / حقائق أسرار الدين لأبي محمد الحسن بن شعبة الحرّاني سلسلة التراث العَلوي ج 04 : 165 )
كما نجد أنّ الشيخ الحسن بن حمزة الشيرازي البلانسي ، وهو مِن كبار علماء الطائفة النصيريّة – العَلويّة في القرن السابع الهجري ، يُسمّي أحد كُتبه بـ ( فرائد الفوائد العِلويّة في قواعد العقائد الغَلويّة ) .. ( راجع كتاب شرح كتاب التنبيه للحسن بن حمزة الشيرازي للعلاّمة الشيخ أحمد محمد حيدر سلسلة التراث العَلوي ج 10 : 14 وهامش رقم 5 مِن ذات الصفحة ) ..