العينة والبيانات في البحوث النوعية:
كثير من الباحثين وبالذات طلاب الدراسات العليا يحتارون في اختيار العدد الملائم والمناسب من المشاركين (العينة) في رسائلهم العلمية والتي تجيب على تساؤلاتهم البحثية والسبب في ذلك انه لا توجد معادلة او طريقة تعطي الرقم الصحيح كما في البحوث الكمية حيث ان الباحث قبل البدء بجمع البيانات يكون لدية تصور مسبق حول حجم العينة وهذا عن طريق جدول مورقان او المعادلة الحسابية لذالك. اذا الحصول على حجم عينة جيد في البحوث النوعية فيه نوع من الصعوبة والتحدي.
بمراجعة الكتب والأبحاث نجد فيه قصور تجاه تحديد حجم العينة المناسب للبحوث النوعية واغلب الحديث يكون عن نقطة الإشباع او تشبع البيانات بالمعلومات والمعارف التي يحتاجها الباحث وهذا التشبع يحدث بتكرار موضوعات مهمة في كل مقابلة يجريها الباحث.
لكن السؤال المهم كيف يعرف الباحث ان البيانات التي حصل عليها تكفي للإجابة على أسئلة بحثه؟
ليعلم الباحث ان التعمق في الوصول للمعلومات والبيانات النوعية أهم بكثير من عدد المشاركين أنفسهم. فمثلا عشر مقابلات غنيه بالمعلومات والبيانات افضل بكثير من ثلاثين مقابلة خالية من المعلومات والبيانات اذا مهم جدا الوصول الى نقطة التشبع في كل مقابلة قبل كل شئ.
الباحث المتمكن والمطلع والذي لدية قدرة عالية ومهارة في استخلاص المعلومات واستنتاجها قادر على تحديد ماإذا كانت البيانات التي بحوزته هي غنيه ومشبعة بالمعلومات والمعارف ام لا ، من خلال الانغماس بها والاطلاع عليها وتفحصها بشكل كبير ودقيق وعن قرب.
دائما يجب أن يتعامل الباحث مع كل جزء من البيانات بشكل متساوي وبنفس الأهمية في مراحل تشكيل الرموز الأولية حيث أن هذا الاهتمام غالبا هو الطريق الموصل للإشباع.
بعض الأحيان تظهر للباحث معلومات جديدة وغير مرتبطة بالأسئلة البحثية ويقوم بتجاهلها وهذا خطاء حيث أن هذه المعلومات قد تكون أهم وبكثير من الأسئلة البحثية بحد ذاتها لذالك يجب أن يتعامل معها الباحث بشكل طبيعي و أن يذكرها لأنها غالبا تعطي البحث قوة ومصداقية وهذا التغاضي قد يكون سببه استخدام المنهج التحليلي الإستنباطي والذي من خلاله يشكل الباحث موضوعات مسبقة مرتبطة بالأسئلة البحثية.
يرى البعض أن استخدام المنهج الإستقرائي التحليلي هو خيار اخر كي يصل الباحث الى نقطة الإشباع وكذالك استخدام النظرية المجذرة والتى تعتمد في التحليل على أسئلة المقابلات..
من ناحية أخرى يقترح البعض أن يقوم الباحث النوعي بتحليل كل مقابلة يجريها قبل عمل المقابلة التي تليها الى ان يصل الى درجة الإشباع بحيث لاتظهر معلومات وبيانات جديدة في المقابلات وبذالك يكتفي الباحث لكن هذا فعليا يصعب تطبيقة على ارض الواقع وبالذات لطلاب الدراسات العليا لأنهم ملزمون بوقت محدد وكذالك مدة زمنية معينة وماسبق ذكره قد يستغرق سنوات من المقابلات والتحليل حتى يصل الباحث الى نقطة الإشباع.
على مستوى الدراسات نجد التالي:
ميسون(2010) تتبعت متوسط العينة التي استخدمها طلاب الدكتوراه في ابحاثهم النوعية حيث وجدت أن المتوسط كان 30 مشارك تختلف باختلاف المنهجيات المستخدمة.
حتى ثلاثين مقابلة متعمقة تعتبر عدد كبير جدا على طلاب الدراسات العليا وبالذات انهم مرتبطين بمدة زمنية محددة.
قست واخرون (2006) وجد ان نقطة التشبع تكون بعد المقابلة 12 على ان لا تقل مدة كل مقابلة عن 60 دقيقة كما ان اغلب الموضوعات تظهر وتتضح للباحث بعد المقابلة 6.
كما ذكرت سابقا لا يستطيع الباحث الجزم بالوصول الى نقطة الإشباع مالم يحلل مسبقا وهذا مستحيل لطلاب الدراسات العليا كما ذكرت.
وعلى العكس يرى مورس وآخرون(2014) أن معظم طلاب الدراسات العليا يختارون العينة في البحوث النوعية لأسباب عملية وليست متعلقة بالإشباع...حيث يرتبط مصطلح الإشباع بالنظرية المجذرة والتي لاتستخدم في بعض مجالات البحوث النوعية....
لملتقى البحث العلمي
ابراهيم العبوش