اعتقد المخالفون في توحيد الألوهية الذين جوزوا دعاء الأولياء في قبورهم: أن شرك الأولين لم يكن في الألوهية وإنما هو في توحيد الربوبية. فالمشركون - على قولهم - الذين ذكرهم الله في القرآن وذمهم بدعاء الأصنام إنما كانوا يشركون في الربوبية وليس في الألوهية، فاستغاثتهم بأصنامهم لأنهم يعتقدون ربوبيتها.
والجواب عن هذه الشبهة:
أولاً: أن أكثر شرك الأولين من الأمم قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم كان في الألوهية وليس في الربوبية، وإن كان قد وقع منهم الشرك في الربوبية كمن قال إن الملائكة بنات الله أو من قال من نصارى العرب أن عيسى ابن الله، وكذلك من نسب من العرب لأصنامهم شيئًا من خصائص الربوبية. لكن الإقرار بالربوبية كان سائدًا بينهم، وكان الشرك الأكثر فيهم هو في الألوهية.
ثانيًا: أن أول شرك في الأمة كان في قوم نوح وكان في الألوهية ولم يكن في الربوبية، وهكذا أكثر الشرك في الأمم من بعد.
ثالثًا: إخبار الله سبحانه في كتابه بأن دعوة الأنبياء كانت في توحيد العبادة مما يدل على أنّ شرك الأولين كان في العبادة، كما قال سبحانه ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ).
رابعًا: أن نسبة شرك الأولين إلى الربوبية فقط لا يبرر الشرك في الألوهية، فالآيات التي نزلت في تحريم دعاء غير الله أو صرف العبادة لغير الله كافية وافية بالحكم على هذا الفعل بأنه شرك ولو لم يعتقد في المدعو الربوبية.