في يومٍ من الأيامِ..
وفي إحدى الليالي..
كنتُ أسيرُ صافي البالِ..
ِ في شوارع إحدى البلدانِ..
تعثرتُ بشيءٍ أفقدني توازني
وزلزل أركاني
فجثوتُ على ركبتاي إزاء اختلالي
قمتُ أنفضُ غبارَ سروالي
الذي عاثَ عليه الزمانُ وكأنه مدهوسٌ
بقطارٍ أو اثنانِ
قلتُ في نفسي هل وصل زفتُ حظي الى
لحظاتِ سروري فتنقلبُ الى لحظاتِ مرارِ
فطنتُ إلى الذي أقلق افكاري ومرَّغ بنطالي
دنوتُ منه وحملته بين كفايِّ..
عجباً إنه ابريق شايٍ بالِ !!
نفختُ عليه نفخةً فتطاير الغبارمن أمامي
وأضفتُ اليه من يدي مسحةً ..
فاهتز الإبريق هزةً هزت كل أركاني
فرميتهُ رميةً كادت أن تجعل منه نصفانِ
سرعانَ ماتصاعد منه دخاناً طغى في كل مكانِ
وبزغَ منهُ عفريتٌ وكأنهُ كابوسٌ في احد أحلامي
فوثبتُ فزعاً وصرختُ صرخةً كصُراخِ الوِلدان
وجريتُ مسرعاً وكأن القيامة أُعلنت الآن وفي الحالِ
أوقفني بصوتهِ الرعدي قائلاً ماخطبكَ يابنَ الحلالِ
التفتُ إليه وساقاي تهتزانِ كسيقانِ الغزلانِ
قلتُ جفلاً :ماهو الا ارتباكٌ بلقائي الأول لماردٍ جبارِ
فأخذ يحومُ حولي مقهقاً بصوتٍ صداحٍ عالِ
قال: بماأنك محرري فهاتِ ماعندكَ من الأماني
تساءلت قائلاً هل أنت ماردٌ حقيقيٌ ام أنك شيطانٌ من الجانِ ؟!
أجاب : تمنى أمنيةً وسترى مني عجائب الزمانِ
فكرتُ هنيهةً حتى أستعيدَ بعض الإطمئنانِ
ثم وجهتُ نظري إليه قائلاً:
قد سرى طاعونُ الحروبِ في أوطاني
وقد أضنى أهله ألمً ولوعةً وانكسارِ
هل لكَ أن تستعيد له بعض من الأمن والإستقرار!؟
ردَ ساخراً : لاسبيل لي بتحقيق ماعجز عنه مدّعو السلامِ
تمنى غيرها وسوف تشهدُ مالم تره الأجيالِ
قلتُ هل لك أن تفكَ قيوداً كُبلت ظُلماٌ بتهمةِ الطغيانِ
قالَ معاذَ الله أن ألجَ سجناً اوحبساً فيه قضبانِ
قلتُ أعد لي أخي الذي نحرته أيدي الإجرامِ
ردَ غاضباً ويحك !كيف تجرؤ على نطقِ هذا الكلامِ
ألا تعلم أن ربي وربك وحدهُ من يعيدُ الروح للجثمانِ
قلتُ ساخطاً قبحك الله من ماردٍ أخرقٍ جبانِ
قسماً سأعيدكَ الى فانوسك حتى يكونَ سُكناكَ الى أبدِ الزمانِ
ارتعدَ الماردُ وجحظتْ منه المقلتانِ
وتوسلَ قائلاً رويدك ياحبيبي ونور العينانِ
اطلب وتمنى ماشئت من لحومٍ وأشربةٍ وأعسالِ
واذا عفوتَ أحضرتُ لك مارغبتَ من المالِ
تمنى واطلبْ ماتشتهي وسأكونُ لك طوع البنانِ
رفعتُ يدي مقاطعاً مخيّبُ الآمالِ
قلتُ تلك الملذاتِ ستفنى يوماً حتى لوكانت بحجم الجبالِ
لكنَّ نفسي الآن ترنو الى وقفِ الحرب والقتالِ
وروحي تشتاق لعيشِ يومٍ هادىءٍ وخالٍ من سفك دماءٍ وقتلِ أطفالِ
وجسدي يهفوُ لليلةٍ ينامُ فيها مرتاح البالِ
قال الماردُ آسفاً: ليس بيدي إلا نقلكَ الى مكانٍ من الحروبِ خالِ
تناولتُ الإبريق بيدي وفتحتُ غطائهُ..
فهبت منهُ ريحاً التفتْ حول المارد اللهفانِ
وأخذتْ بسحبه كسرابٍ بدأ بالتواري
لوحتُ له بيدي مودعاً بنظراتِ همٍ وخذلانِ
احتوى الإبريق دخانه فغطيتهُ بإحكامِ
وانتهتْ حكايةُ الماردِ ....وبقيت الحروب
دائرةً دون ختامِ
-
بقلم زمرد