لا يجيد صلاح إلا اللعب، هذه حقيقةٌ جليّة، مسلمٌ بها، تمامًا كالطالب الذي كان في فصل كلٍّ منا، حريف في الكرة، أو متفوق في الدراسة، مميز جدا، لكنه لا يصلح لغير ذلك، إن حدثته في شأنٍ عامٍ قال لك "وأنا مالي"، وإن قصدته في قضيةٍ قال: "نفسي نفسي". ربما صلاح كان هذا الطفل العبقري بامتياز، عبقري اللعب، الحريف للغاية، الذكية أقدامه، لكنه يملك كمًّا عجيبًا من الحماقة في هكذا أمور.
..
ملكك بريطانيا، التي توجت رأسها -حرفيًّا- حقيقةً ومجازًا، بسرقات جيوشها من شعوبنا المقهورة، وبلادنا المنهوبة، وكانت عجوزًا دنيئة على عرش المملكة المتحدة، التي عاشت عمرها شاهدةً على عصور من الاستعمار لأراضينا العزيزة، واستشهد المصريون والكثير من العرب والمسلمين ببنادق جنودها الذين يحلفون باسمها، وقضى الكثيرون من آباء وأجداد أجدادنا على يد عصاباتها في التل الكبير ودنشواي وغيرها.
..
ألم يكن الأولى "بالملك المصري" أن ينشر رسالة غاضبة من استعراض احتلال مصر في محفل وداع الملكة، بدلًا من تعزيتها، وهو يعيش في ليفربول، المدينة التي تملك تاريخًا أسود، لكنها تكنّ لهذه المرأة كرهًا شديدًا؟ ألا يقف الملك "المصري" موقفًا "غير جبان" ولو لمرةٍ واحدة؟ الناس لا يحبون صلاح لشخصه، الجميع يحب لعبه، وقصة صعوده، وتفانيه في التدريب، والاجتهاد في كتابة تاريخه، وكان بإمكانه أن يجعلهم يحبون "محمدًا" نفسه، بشحمه ولحمه، لكنه اختار ربما، أو وجّهه وكيل أعماله، للطريق الدنيا.
..
صلاح لاعب عظيم، هذه حقيقة، وهو ليس أكثر من مجرد لاعب، وهذه حقيقة أخرى. ورحم الله شهداءنا المصريين الذين رووا بلادنا بدمائهم الزكية، مقاومين ضد أحقر استعمار في تاريخ البلاد.
- يوسف الدموكي